أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فاخر جاسم - ندوة عن نتائج مؤتمر لندن حول الدستور الذي نظمته لجنة دعم الديمقراطية في العراق















المزيد.....


ندوة عن نتائج مؤتمر لندن حول الدستور الذي نظمته لجنة دعم الديمقراطية في العراق


فاخر جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1302 - 2005 / 8 / 30 - 10:27
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ندوة عن نتائج مؤتمر لندن حول الدستور الذي نظمته لجنة دعم الديمقراطية في العراق
المنعقد في الفترة بين 28 ـ 31 تموز
بدعوة من لجنة من اجل دستور ديمقراطي في مدينة مالمو السويدية عقدت ندوة في 11/أب/ 2005، لشرح نتائج المؤتمر الذي اقامته لجنة دعم الديمقراطية في العراق ، شارك فيها د. إبراهيم إسماعيل والكاتب فاخر جاسم اللذان شاركا بأعمال المؤتمر. أدار الندوة د. حسن السوداني.
قدم استعراض لنتائج المؤتمر تم التطرق فيه إلى :
ـ شارك عدد كبير من الباحثين والأكاديميين والكتاب العراقيين من داخل وخارج العراق، قدموا العديد من الأبحاث ولمدة أربعة أيام ، تناولت مختلف الجوانب المتعلقة بالدستور.
اليوم الأول: خصص لموضوعة الفيدرالية:
ـ قدمت أربع مداخلات اثنتان منها سياسية ( د. فاروق رضاعة و القاضي زهير كاظم عبود) تم التركيز فيها على الجوانب السياسية للفيدرالية باعتبارها ثمرة لنضال الحركة التحررية الكردستانية خلال العقود الماضية وتعويضاً عن ما لحق بالشعب الكردي من إضطهاد، وإثنتان علميتان ( د. جبار قادر ود.هشام داود) ركزتا على حق تقرير المصير للشعوب والجوانب التاريخية والسياسية للشكل الفيدرالي للدولة ونماذج ذلك في العالم ومدى صلاحيته لحل المشكلة القومية في العراق، وقد تميزت مداخلة هشام داود بالعديد من التساؤلات حول مدى نجاح التطبيق الفيدرالي في العراق باعتبار النماذج العالمية شكلت نقطة نهاية لسلسلة من التغييرات الديمقراطية فيما ستشكل التجربة المنتظرة في العراق نقطة انطلاق للبناء الديمقراطي.
ـ لم تحد المناقشات عن جوهر المحاضرات، وقد واجهت تساؤلات هشام داود، وإعراب البعض عن مخاوف عدم ربط الفيدرالية بالديمقراطية واحتمالات التضحية بالأخيرة لتوهم تحقيق الأولى، مساحة كبيرة من النقاش. كما ركزت المناقشات على رفض الفيدرالية على أساس ديني أو طائفي وإلى أن وحدة الديمقراطيين العرب والكرد لا يمكن أن تقوم دون اتفاق مشترك يعتمد الفيدرالية لكردستان العراق كتعبير عن حق تقرير المصير وليس حلاً لمشاكل الإدارة في البلاد، ويعبئ الناس حول هذا الأمر الذي ألتبس عليهم، وتخفيف قلق المواطنين على وحدة البلاد جراء انتشار مشاريع الفيدراليات الطائفية والإدارية، في ظل غياب الدولة عن أداء دورها وشمول الخراب اقتصادها.
ـ أكدت ورقة العمل لهذا اليوم على ضرورة اعتماد الشكل الفيدرالي للدولة وعلى عدم وجود أية إمكانية لقيام الفيدرالية ونجاحها بدون قيام نظام ديمقراطي حقيقي في البلاد.

اليوم الثاني: خصص لمناقشة العلاقة بين الدين والدولة:
ـ قدم د. فالح عبد الجبار مداخلة تناول فيها بشكل علمي الوهم القائل بوجود نظرية حكم في الشريعة الإسلامية مستخلصاً بأن اعتمادها مصدراً للتشريع أو الإشارة ألي دين الدولة في الدستور لا يمثل سوى غطاء لاستبداد جديد، كما قدم أياد جمال الدين مداخلة تحدث فيها عن الجوهر الإنساني للإسلام والذي يسعى السياسيون لتشويهه خدمة للأيديولوجيات التي يعتمدونها ودعا إلى ليبرالية سياسية واقتصادية وإبعاد الدين عن الحكم والدولة والسياسة، وقدمت بشرى برتو مداخلة عن الاضطهاد التي ستتعرض له المرأة في حال تطبيق الشريعة الإسلامية ودعت إلي ضمان حقوقها بفصل الدين عن الدولة، وقدم د.جوزيف بهنام مداخلة حاول فيها إثبات عدم وجود أقلية كلدانية وبأن كل المسيحيين في العراق هم من أبناء الآشوريين مشيداً بالكنيسة ودورها التوحيدي، وأخيراً قدم الكاتب فاخر جاسم ـ مداخلة حول مفهوم العلمانية والعلاقة بينها وبين الدستور الديمقراطي.
ـ المناقشات كانت غنية وحيوية ودعت إلي فصل الدين عن الدولة أو تنظيم العلاقة بينهما، والابتعاد عن التطرف في تناول العلاقة بين الدين والدولة، وتجنب المواجهة الإيديولوجية بين أطراف الإسلام السياسي والديمقراطيين .

اليوم الثالث: خصص لمناقشة الدولة المدنية
ـ قدم غانم جواد مداخلة حول الحقوق المدنية في الدستور العراقي على ضوء اللائحة العالمية لحقوق الإٌنسان ومدى القدرة على تضمينها في الدستور العراقي المنشود، مقدماً معالجات إسلامية معاصرة، لهذه القضية. ثم قدم د.هاتف الجنابي مداخلة عن التنوع في الثقافة العراقية ومستحقاته في الدستور، أكد فيها على إن وحدة الثقافة العراقية والتنوع الذي يتضمنه هيكلها قد تيسر إبقاء العراق موحداً إن إعتمدت كأساس، وقدمت فينوس فائق مداخلة حول دور الثقافة في تضمين الدستور الحقوق الكاملة للمرأة العراقية، وقدم د.خالد يونس خالد مداخلة حول الحرية من وجهة نظر ليبرالية وأكد على ربط الحقوق بوحدة الوطن وبإقرار حق تقرير المصير للشعب الكردي، وقدم الباحث لطفي حاتم مداخلة عن المواطنة بين المساواة الشكلية وتفكك الدولة العراقية مؤكداً على اعتماد حقوق الإنسان / المواطن ومعاييرها الأممية أساساً في حماية الدولة لحقوق المواطن السياسية / الاجتماعية وتشريعها في نصوص دستورية، وعلى بناء الشكل الفيدرالي للدولة العراقية على أن يجري تحديد الصلاحيات / الواجبات بين المركز والأقاليم بصياغات دستورية غير قابلة للتفسيرات السياسية، وعلى بناء شكل الحكم على قاعدة برلمانية، وعلى فصل السلطات وتشكيل محكمة قضائية دستورية للفصل بين المنازعات الدستورية وعلى اعتبار الدين الإسلامي أحد مصادر التشريع ومكوناً من مكونات الثقافة العراقية، وقدم ياسين النصير مداخلة حول سبل صيانة الثقافة الوطنية العراقية وضمان حرية الإبداع والمبدع في الدستور حيث لا ديمقراطية بدون حرية التعبير والإنتاج الإبداعي، وقدم الكاتب إبراهيم أحمد مداخلة اتسمت بالكثير من التشاؤم حول مستقبل العملية السياسية في البلاد ناقش فيها طروحات الإسلام السياسي والطروحات الشوفينية القومية وتدخل المرجعيات الدينية، محملاً الطروحات الطائفية والشوفينية مسؤولية تدهور البلاد وما يهدد مستقبلها من مخاطر جدية. الكلمة كانت قطعة نثرية جميلة أثارت القلق المشروع على مستقبل البلاد، وقدم د. إبراهيم إسماعيل مداخلة حول مخاطر ضعف المشاركة الشعبية في إعداد الدستور وسبل معالجتها.
ـ تضمنت المناقشات التأكيد على إقامة دولة المؤسسات، دولة الضمانات، دولة الحريات وحقوق الإنسان، ونبهت إلي خطر الشمولية في الفكر والإدارة، وإلى إحترام دور الاقلية، وجرت مناقشات مهمة حول دور المرأة وحقوقها وعن الثقافة ودور المثقف. وتم إقتراح العديد من الطروحات المهمة التي تخدم العملية السياسية وتثبت دعائم النظام الفيدرالي القائم على أساس الديمقراطية التي تستمد روحها من الحرية ، و تبنى المؤتمرون العديد من المقترحات التي تدعوا إلى ضرورة صياغة دستور مدني ثابت يعتمد على الدين الإسلامي كمصدر من مصادر التشريع و ليس مصدرا وحيدا ، و أن يتم الإعتماد على مبادئ حقوق الإنسان الواردة في المواثيق و الإتفاقيات الدولية الخاصة بلائحة حقوق الإنسان.
ـ في المساء كانت هناك محاضرة للسيد أياد جمال الدين دافع فيها عن النظام العلماني باعتباره ضمان لحرية المؤسسة الدينية والمؤسسات الأخرى، وضمان لحرية الأحزاب والأفراد وهو نظام غير أيديولوجي لأنه لو تحول ألي الأيديولوجية لصار دينا مقابل بقية الأديان التي ستكفره»، مشيرا إلي إنه لا ينظر « للعلمانية كأيديولوجية بل كأسلوب لإدارة الدولة، أن تكون الحكومة غير مؤدلجة وغير ذات طابع فكري أو ديني أو عقائدي وإنما أداة لتسيير مصالح الشعب والبلد وحفظ الأمن الداخلي والخارجي. أما المهمات الأخرى المناطة بشكل تاريخي بالدولة، كالحفاظ على أخلاق المجتمع واستقرار الأسرة فيجب تحويلها ألي مؤسسات المجتمع المدني».
اليوم الرابع والأخير:خصص لدراسة الاقتصاد والموارد الطبيعية والبيئة ومفهوم ملكية الشعب للموارد الطبيعية، توزيع الثروات، النفط. الخصخصة، حماية المخزون النفطي، القطاع الخاص، تأثيرات التطور الاقتصادي على البيئة.
ـ قدم مجيد جعفر مداخلة تضمنت مجموعة من الإشكاليات حول التنظيم الاقتصادي للدولة الفيدرالية وكيفية حلها في العراق لاحقاً، وقدم كاظم حبيب مداخلة عن الواقع الاقتصادي الراهن والأسس الاقتصادية المنشودة للدستور العراقي الجديد، دعا فيها إلى تبني اقتصاد السوق المرتبط بضمان اجتماعي على الطريقة الاسكندنافية، وقدم كل من محمد علي زيني و طارق الخضيري ووثاب السعدي مداخلات عن مشكلة النفط العراقي، شدد فيها زيني على خسائر العراق من الفساد الإداري ومن اتفاقية الجعفري مع إيران لتبادل النفط الخام بالمكرر، وأوضح الخضيري مخاطر خصصة القطاع النفطي على مستقبل البلاد وربط السعدي سبب احتلال العراق بحاجة واشنطن للسيطرة على النفط كمادة وليس فقط على موارده المالية وذلك بعد زيادة اعتمادها على النفط المستورد من 20% سابقاً إلى 65% الآن.
ـ كان توجه الأغلبية مع اقتصاد السوق شرط ارتباطه بالضمان الاجتماعي وبالمحافظة على ملكية الدولة للثروات الوطنية. هناك من طالب بالليبرالية الاقتصادية. في المناقشات تم التركيز على سبل قيام سياسة نفطية وطنية في ظل الهيمنة الأمريكية ، وعلى معوقات قيام ضمان اجتماعي في ظل هذه الهيمنة، وعلى أهمية ربط الديمقراطية السياسية بالعدالة الاجتماعية.
بعد الاستعراض قدم د. إبراهيم إسماعيل ملخصاً للمداخلة التي قدمت في المؤتمر، أشار فيها إلى مهمة إعداد دستور دائم، تبوأت الموقع الأرأس في خطاب النخب السياسية العراقية، حيث كتبت المقالات للحديث عن دوره في تحويل البلاد إلى واحة للديمقراطية وحكم القانون، متسائلاً هل يمكن بدون مشاركة الملايين أن يسن دستور لدولة مدنية تضمن الحريات وحقوق الإنسان؟ وكيف يمكن لهؤلاء المسحوقين، المتأرجحين بين عبودية الخوف ومشاعر الثأر ورماد الخيبات، تبني دستور يعيد إليهم آدميتهم ولبلادهم مجدها الغابر؟!
وأكد إلى أن الإجابة على هذه التساؤلات متاحة، فعملية كتابة وإقرار أي دستور رغم أهميتها لا تتمتع بذات الصعوبة التي تتوفر عليها مهمة إشراك أوسع الجماهير في هذه العملية وتمكينها من تبن واع للدستور، وهي مهمة تكاد أن تكون فريضة غائبة في عراقنا، حيث تشير نتائج الدراسات واستطلاعات الرأي بصورة فاجعة ألي التناقض بين ما نطمح له من مشاركة شعبية واسعة في إعداد دستور ديمقراطي وإجهاض أية محاولات لقوننة الاستبداد، وبين سلبية الناس تجاه الفعل السياسي.
مشيراً إلى إن معالجة هذا الخلل الخطير يتطلب التعرف على أسبابه الكامنة والتي يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
1. غياب الأمن وتصاعد الأعمال الإرهابية التي إختطفت أرواح ما يزيد على 25 ألف مدني.!
2 . عزز إحتدام الاستقطاب الطائفي والقومي والتوجه نحو إعتماد الطائفية السياسية تشريعاً أو عرفاً، سلبية قطاعات واسعة لم تكن ترتضي ذلك سابقاً لكنها تستسلم له كل يوم بسبب مشاعر الخوف من المقدس إن عبرت عن رأيها بحرية أو جراء وهم إرتكاب الذنب إن خرجت على خيار قوميتها أو طائفتها ولم تساهم في التخلص من مظلوميتهما عبر الطائفية السياسية كما يشاع !!.
3 . المصاعب الكبيرة التي يعيشها المواطن العراقي والتي تشتد قسوتها كل يوم.
4 . العديد من الشروخ التي أصابت ثقة المواطن بالعملية الانتخابية نتيجة ما رافقها من ممارسات لا ديمقراطية.
5. فوضى الحياة الحزبية في البلاد والتكاثر الأميبي للحركات الشعبية ولمنظمات المجتمع المدني وسيادة اللاعقلانية لدى بعض النخب السياسية وتنقلها بين مواقف متضاربة، قد أضعف الثقة في المؤسسات السياسية.
6 . تكريس الهيمنة الأجنبية، يعزز بالضرورة سلبية الناس تجاه العملية الديمقراطية ويملأهم مرارة عدم وجود أفق واضح لنهاية احتلال معلن قوننت وجوده الأمم المتحدة، وإحتلالات أخرى مستترة.
7. شكل قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية نقلة نوعية في القوانين والأنظمة باتجاه إستعادة العراقيين لحقوقهم، لكن حملات التشويه التي تعرض لها وخرقه المتواصل وعدم التثقيف به ، قد أضعف كثيراً من دوره وسهل مساعي البعض لإلغاء القانون أو تهميشه.
8. التأثير السلبي الذي تركه إقحام المرجعيات الدينية في شؤون الدولة العراقية. ففي الوقت الذي يعد فيه تأثير هذه المرجعيات في الإطار العام مهماً ومطلوباً جداً، فأن تدخلها المباشر في التفاصيل السياسية اليومية وفي التنافس الحزبي أو العمل الحكومي، قد أضفى على بعض جوانب الصراع السياسي طابعاً طائفياً ومنح بعض التيارات السياسية قدسية وهمية، الأمر الذي أربك الوعي السياسي للمواطن وأضر بمكانة هذه المرجعيات!
في ختام المداخلة الباحث إلى جملة من التوجهات التي يبغي على القوى الديمقراطية القيام بها من اجل تنوير الناس وكسر سلبيتهم وتعبئتهم للدفاع عن الديمقراطيين أهمها:
أولاً. تعزيز وتقوية الوعي الوطني الديمقراطي لدى الناس، وثانياً، إن وحدة الديمقراطيين العرب والكرد لا يمكن أن تقوم دون إتفاق مشترك واضح يعتمد الفيدرالية لكردستان كتعبير عن حق الكرد في تقرير المصير وليس حلاً لمشاكل الإدارة في البلاد، ثالثاً، نشر المفاهيم العلمانية التي تقام عليها الدولة المدنية الحديثة والمتمثلة بمنع إنفراد معتقد ما بالسيطرة على الدولة وضمان حرية العقيدة وتحقيق المساواة بين المواطنين، رابعاً، يعد الدين كظاهرة تاريخية شديدة المرونة في تغيير أشكالها، أحد أركان العالم الروحي الذي يختاره الإنسان، ومكوناً مهما من مكونات ثقافة شعبنا. ولهذا فإن باستطاعته أن يؤدي وظائفاً اجتماعية وأن يكون أحد مراجع الباحثين عن العدالة والساعين لفضح الجوهر اللاإنساني لأية قوة شمولية تحاول إستخدامه لفرض اجندتها وإيقاع الديمقراطيين في أوار صراع أيديولوجي لا معنى له يرتكز ألي ثنائية الإسلام /العلمانية. خامساً. تبن مبرمج لقضية المرأة باعتبارها قضية ديمقراطية بامتياز عبر التصدي لأي نظرة ترى في المرأة إنساناً قاصراً والعمل على معالجة سلبية واستسلام الكثير من النساء للواقع وضعف استعدادهن لأسباب اجتماعية واقتصادية ودينية، لمواجهة أي تدهور يحصل في حقوقهن. لقد عززت الإحصاءات التي وردت في ثنايا المداخلة من مصداقية الاستنتاجات التي توصل إليها الباحث.

بعد ذلك قدم الكاتب فاخر جاسم، عرضاً موجزاً لمداخلته التي قدمها في المؤتمر، والتي تناول فيها العلاقة بين العلمانية والدستور الديمقراطي، مشيراً في البداية إلى ماهية العلمانية، باعتبارها حركة إجتماعية تهدف إلى إلغاء أن يكون الإنسان مجبراً على تنظيم أفكاره وأعماله وقف معايير تفرضها الكنيسة أو رجال الدين بإسم مشيئة الله! وهي مشتقة من العالم وليس العلم، وتهدف إلى محاربة طريقة التفكير الشمولي من خلال سن دستور علماني يطبق بطريقة ديمقراطية، فالدستور العلماني لا يفصل بين الدين والدولة، بشكل مطلق، وإنما ينظم العلاقة بينهما، مشيراً إلى أن تطبيق العلمانية في الدولة الحديثة الديمقراطية أدى إلى نتائج إيجابية منها:
ـ تحرير الدين من سيطرة الدولة أو تحكم رجال الدين.
ـ تحرر الأديان وحرية العبادة ومنع اضطهاد المؤمنين؛
ـ تمتع الأقليات الدينية بكامل حقوقها في الدول ذات الدستور العلماني، كالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي وفي الهند ذات الأغلبية الهندوسية وفي لبنان حيث تعدد الطوائف والأديان.
ثم قدم مقارنة بين الدولة والدين في الدولة المسيحية والدولة في التاريخ الإسلامي، مشيراً إلى أن الدولة المسيحية تميزت بسيطرة الدين على الدولة عن طريق تحكم طبقة الكهنة بشؤون الدولة، بينما الدولة في التاريخ الإسلامي، تميزت بسيطرة الدولة على الدين منذ إنتقال الخلافة الإسلامية من الشورى إلى الحكم الوراثي، الأسري والقبلي في بداية تكون الدولة الأموية.
وبخصوص العلاقة بين العلمانية والدستور الديمقراطي، أكد الكاتب إلى أن الهدف الأساسي للعلمانية رفض هيمنة فئة محددة على شؤون المجتمع والدولة وبالتالي فأنها ترفض أن تكون التعاليم الدينية هي المعيار الأخير أو الوحيد " لكل القضايا الروحية والزمنية على حد سواء". وبناءً على ذلك تدعو العلمانية إلى أن يقوم الدستور الديمقراطي على تعدد مصادر التشريع.
وعلى ضوء التحديد أعلاه، تعتبر الهيمنة مرفوضة من حيث المبدأ بغض النظر عن الشكل الذي تتخذه أو القوى التي تسعى إليها ـ سواء كانت فئة اجتماعية أو قومية أو حزب سياسي/ديني أو مجموعة من رجال الدين. والعلمانية بهذا المعنى، ترفض النظام الشمولي الذي يقوم على أيديولوجية واحدة.
وعن أهداف تشويه مفهوم العلمانية وإختزالها بمفهوم فصل الدين عن الدولة وربطها بالكفر الإلحاد وإتهامها بالانحلال المشوب بالكثير من الفوضى الأخلاقية، من قبل متطرفي الإسلام السياسي، يرى الكاتب، إلى أن السبب يعود إلى موقف سياسي انتقائي، يلغي الجوهر السياسي للعلمانية، ويهدف إلى تعزيز نفوذ هذه الأطراف بين أوساط المتدينين، عن طريق الخلط بين فكرها السياسي الذي يقوم على تفسيرها الخاص للدين والدين نفسه.
وعن موقف الديمقراطيين من الصراع الدائر الآن حول صياغة الدستور، يشير الكاتب إلى عدم وضوح موقف الكثير من المثقفين الديمقراطيين العلمانيين حول هذه القضية, ويرى أن ذلك يعود إلى أسباب عديدة، من أهمها:
1 ـ استمرار الالتباس حول معنى العلمانية ومصدر اشتقاقها من كلمة " العلم " أو "العالم ".
2 ـ الإنجرار وراء مواقف متطرفي الإسلام السياسي من العلمانية ومفهومها وخصائص نشوئها التاريخية وخاصة حصرها بفصل الدين عن الدولة وليست نظرة شاملة تتعلق بدور الإنسان في العالم وتأكيد استقلاله العقلي ومنع الوصايه عليه من أية قوى بشرية مهما كانت.
3 ـ اللجوء على القرآن والسنة لايجاد الحجج على صحة الموقف العلماني.
في الختام أشار الكاتب إلى إنه لا يمنع أن يكون الدستور علمانياً في ظل الإسلام واعتباره دين الدولة ، فالعلمانية بجوهرها لا تتعارض مع الإسلام ولا تدعو إلى الإلحاد، بل إنها تعارض الدولة الشمولية الدينية التي تقوم على تسييس الدين واعطاء رجال الدين دوراً متميزاً يسمح لهم بالتحكم بحياة الناس، مؤكداً على إمكانية إيجاد حلول وسط في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها المجتمع العراقي والتي تتطلب تكاتف الجميع، مستشهداً بما طرحه العلامة الراحل ، محمد مهدي شمس الدين حول هذه القضية والذي يقوم حسب رأيه على " فسح المجال للإيمان الديني ، ليس في هياكل السلطة ولا في هوية النظام ولا في مجال التشريع، وإنما من حيث الاعتراف بالإيمان الديني واحترام الأديان ".
في المناقشة طرحت العديد من الاستفسارات حول المؤتمر ونتائجه وكيف يمكن استثمار أبحاثه للتأثير على المناقشات الجارية الآن لصياغة دستور ديمقراطي، وتم تقديم العديد من المقترحات بهذا الشأن.

لجنة دعم دستور ديمقراطي في جنوب السويد



#فاخر_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والسياسة في الانتخابات العراقية
- الحوار الوطني الشامل ودوره في تفكيك حدة الاستقطاب السياسي وع ...
- قراءة في البرنامج الإنتخابي لقائمة إتحاد الشعب
- نحو آفاق جديدة للعمل المشترك بين المثقفين العراقيين وأقرانهم ...
- العراق موسم حصاد الأخطاء الأمريكية
- المثقفون العرب - وعقدة صدام
- ملامح الدولة والمجتمع في العراق في النصف الثاني من القرن الع ...
- طبيعة المرحلة الراهنة والمهام الآنية للحركة السياسية العراقي ...
- ملاحظات أولية حول إعداد الدستور العراقي
- بطاقات وفاء لصديقي النبراس باسم الصفار
- تاريخ العراق المعاصر عبر اليوم الأخير من حكم عبد الكريم قاسم
- المعارضة العراقية بين الدبابة الأمريكية والخيار الوطني


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فاخر جاسم - ندوة عن نتائج مؤتمر لندن حول الدستور الذي نظمته لجنة دعم الديمقراطية في العراق