|
منهجان مختلفان ,, العلم والدين ؟
شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3602 - 2012 / 1 / 9 - 18:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المشكلة الكبرى تأتى من محاولة تفسير الكتب المقدسة عن طريق العلم الحديث / الدكتور محمد أبو الغار / .. يؤكد جميع رجال الدين بأن النصوص الدينية لا تتعارض ولا تتقاطع مع العلم وأن تلك النصوص متطابقة فهناك الإعجاز العلمي في القرآن وإعجاز الكتاب المقدّس . هل هناك علاقة حقيقية مترابطة بين الدين والعلم أم أن هناك تناقضاً واضحاً بينهما ومن هذا المنطلق أي الاختلاف , لا يجوز الجمع بين المتناقضات .. هل يجوز أن نسلك نفس الطريق لكل من الدين والعلم ؟ ما هو الاختلاف بينهما وما هي نقاط الالتقاء ؟ بدايّة أتقدم بالشكر الجزيل إلى الأستاذ أحمد محمد صالح على مقاله – العلم والدين ... عندنا وعندهم – المنشور على موقع الحوار بالرابط أدناه : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=289529 رؤية جديدة ومقارنة أكثر من رائعة عن مفهوم العلم والدين ومن خلال اختيار الكاتب المحترم لما قدّمه البروفسور – أيالا فرانسيسكو جي - أستاذ علوم البيولوجي في جامعة كاليفورنيا من خلال مقاله – العلم والدين ,, صراع أم حوار والمنشور بتاريخ 26 – 3 – 2010 في الواشنطن بوست . فاز بجائزة – تمبلتون – في عام 2010 لدفاعه المستمر عن الاحترام المتبادل بين العلم والدين والفصل بينهما .. يقول : ( العلم والدين قد يدمر أحدهما الأخر إذا غزا الأول الثاني أو العكس ) .. الجديد في ما طرحه البروفسور ونقله الأستاذ أحمد محمد صالح ويختلف اختلافاً جذرياً عن ما نطرحه نحنُ ونكتب عنه ونتعرض لنقده هو التالي : العلم والدين لا يتعارض أحدهما مع الأخر ولا يمكن أن يكونا في تناقض ( ليس بسبب الإعجاز العلمي للكتب المقدّسة أو بسبب مصداقيتها ) ولكن بسبب أن لكل من العلم والدين مسائل مختلفة .. لنقرأ ما يقوله الدكتور يوسف القرضاوي ونلاحظ الفرق الشاسع في الفهم والتصور والرؤى بينه وبين البروفسور أيالا وكيف يكون الاتفاق بين العلم والدين من وجهة نظره : العلم والدين في حضارتنا يتعانقان ولا يتصارعان ، ويتفقان ولا يختلفان ؛ فالدين عندنا علم ، والعلم عندنا دين . ولهذا لم يقُم عندنا ما قام عند أمم أخرى - مثل الأمم الأوربية في عصورهم الوسطى - من صراع تأجَّجت ناره بين العلم والدين ، أو بين الفكر والعقيدة ، أو بين الشريعة والحِكمة . انتهى كلام القرضاوي .. هنا يتفق القرضاوي مع من سبقوه ممن قالوا ( يتفقان ولا يختلفان ) * أي الدين والعلم * وكذلك مع بعض معاصريه وخصوصاً أصحاب الإعجاز العلمي على سبيل المثال – زغلول النجار ومن هو على طريقته في محاولة تفسير النصوص الدينية على أنها تتفق ولا تختلف مع العلم .. رأي القرضاوي في الاتفاق وعدم الاختلاف يعود لسبب بسيط جداً ألاّ وهو إيمانه بالكتب المقدّسة ويحاول بكل جهده أن يُثبت ذلك بينما طريقة البروفسور أيالا هو اختلاف النسق بين العلم والدين ولأنهما مسائل مختلفة .. لا اعتقد بأن طريقة القرضاوي أو زغلول النجار أو غيرهما ومن يؤيدهما من العالم الإسلامي - المسيحي تتماشى مع المنهج العلمي والصحيح في مفهوم – العلم والدين – لماذا ؟ لأن النسق يختلف بين كل من العلم والدين ويتباين أحدهما عن الأخر وهناك بون شاسع بينهما .. البروفسور أيالا من أشد المعارضين لفكرة تشابك العلم والدين .. منهجان مختلفان : من خلال السعي لتوضيح العلاقة بين الدين والعلم يقول البروفسور والكاتب البريطاني - ضياء الدين سردار - في المنتدى الفكري للجزيرة : أنّ لكل من النسقين سياقه فالبراهين الدينية قائمة على سلطة النص المؤسس فضلاً عن الاهتمام بالأشخاص الذين ينقل عنهم النص الديني – جرحاً وتعديلاً – أما البراهين العلمية فتأتي من التجربة ,, فالدين والعلم يتفقان في السؤال عن الحقيقة ويختلفان في جميع الأجوبة فهذا إيمان وتسليم ( أي الدين ) وهناك شك وتجريب ( أي العلم ) .. انتهى . هذا يقودنا إلى أنّ الكتب السماوية والأديان ثابتة لا تتغير ، فكيف يمكن خلط العلم بالدين ؟ هذا هو الفرق بيننا وبينهم وما عندنا وما عندهم .. نكتب بطريقة تختلف عن ما يكتبوه ونتعامل مع تلك الكتابات بطريقة تختلف عن ما يتعاملون به ومتى ما استطعنا أن نصل لتلك الفروقات وإفهامها للعوام نكون قد قدّمنا شيئاً نافعاً ومفيداً لشعوبنا .. متى ما استطعنا أن نفهم الفرق واختلاف النسق بين العلم والدين نكون قد ساهمنا بوضعهما في المكان الصحيح ولا نحتاج للتباري من اجل تأييد ما نكتبه .. الدين مسائل روحية تتعلق بالعبادات والطمأنينة وتدعو للأخلاق – اختلفنا أم اتفقنا فهذا ليس موضوعنا .. لا تحتاج للشك والتجريب والمختبرات بل هي مسائل عقائدية نؤمن بها بالدليل الذي يقولون عنه أو بالوراثة .. بينما العلم يحتاج للتجربة وما يؤمن به اليوم قد يناقضه بعد عام بينما النص يبقى محافظاً على روحه لا يتغير ولا يتبدل .. إذن هناك تناقض واضح في النسق والمنهج ولا يجوز أن نتعامل مع النص الديني بنفس طريقة التعامل مع العلم .. لتقريب الفكرة أكثر حول الاختلاف بين الدين والعلم سوف نتناول نظرية داروين وذلك عن طريق تقرير نشرته قناة روسيا اليوم بعنوان – نظرية داروين بين العلم والدين : نظرية الخلق قضية لا تزال مثار بحث لدى عدد من العلماء في العالم وحتى عند بعض رجال الدين رغم حسم الكتب السماوية لهذه القضية . في بيروت عُقدت ندوة حول نظرية داروين عن النشوء والارتقاء حيث سُجل انقسام بشأنها بين رجال الدين وتشعبت الحوارات إلى البحث والمقارنة بين من يعتبر نظرية داروين حقيقة علمية وبين من يجد فيها تناقضاً بين العلم والدين .. نظرية النشوء والارتقاء التي أطلقها العالم الانكليزي داروين قبل ما يزيد عن150 عاماً لا تزال مثار جدل بين رجال الدين المسيحيين والمسلمين في العالم فبعد أن ناصبت الكنائس المسيحية العداء طويلاً لداروين بسبب هذه النظرية المتعارضة مع التفسير الانجيلي الحرفي للخلق اعتبرتها اليوم نهجاً علمياً صحيحاً بالنسبة لتطوّر الخلق .. على سبيل المثال من يقول بذلك هو القس حبيب بدر راعي الكنيسة الانجيلية الوطنية في بيروت : الجدل القائم منذ زمن انتهى وأنّ ما ورد في الكتاب المقدّس ( لا يتناقض ) مع نظرية نطوّر الخلق كما أنّ الكتاب المقدّس هو كتاب لاهوت وليس كتاباً يبحث عن الحقائق العلمية والجدل انتهى بالنسبة لنّا ( لازال الكلام للقس ) بنوع من الاتفاق . أولاً الكتاب المقدّس ليس كتاب علوم بالمعنى المدرسي – الأكاديمي ولذلك إذا أردنا أن نعرف شيئاً عن الكون والخلق أو أي شيء له علاقة بالفيزياء أو الكيمياء لا نرجع للكتاب المقدّس بل نرجع إلى العلوم لذلك الكتاب المقدّس يعطي صورة لخلق الإنسان – لا هوتية - وليس حقيقة علميّة .. انتهى . هذا ما قاله الأمام ألشاطبي في – الورقات – قبل مئات السنين : القرآن ليس كتاب علم ولا نظريات علميّة ومن أراد أن يبحث عن العلم عليه أن يسلك طريقاً أخراً . ولكن يبدو أن الدكتور زغلول النجار وبعد أن فشل في اختصاصه – طبقات الأرض – ذهب ليتكسب بالإعجاز العلمي مستغلاً جهل العوام .. ولكن ماذا عن نظرة علماء الدين المسلمين إلى هذه النظرية اليوم ؟ هذا التساؤل يُجيب عنه أمين عام مجمع البحوث الإسلامية للأزهر / علي عبد الباقي شحاتة / : اعتراض عليها كثير – لم تثبت نظرية مائة في المائة – لا جدال في أحد فرضياتها إلاّ اليوم – كانت محل تشكيك في الإسلام هذه النظرية : أنّ هذا تطوّر وأن الإسلام ضدّ العلم ولا يؤمن بنظرية داروين ( المقصود من إثارتها هذه الأيام هو تشويه الإسلام ) ؟ - لم نجد شيئاً جديداً عند الشيخ – ثمّ يقول هي فرضيات معترض عليها من علماء أوربيين كثيرين ,, أنا أقول – ولا يزال الكلام للشيخ - إذا كان أصل الإنسان قرد ثمّ تطوّر إلى هذا الشكل فلماذا توقف عنده ( انتهى كلامه ) .. تقول – كارولين بعيني – صاحبة التقرير : نظرية داروين ليست النظرية العلمية الوحيدة التي تتناقض مع ما ذُكر في الكتب السماوية إذ أنّ العديد من الحقائق في العالم لم يتطرق إليها الدين . الخلق قضية غيبية لا يستطيع العقل الإنساني أن يخوض فيها بطريقة سطحية ولو أنّ طرح علامات الاستفهام حول هذا الموضوع أمر ضروري لحاجة الإنسان إلى المعرفة واستنباط الحقائق .. في معرض داروين : افتتح في متحف داروين في العاصمة الروسية معرض علمي بعنوان "البحث عن الأجداد" وذلك بمناسبة المئوية الثانية لولادة العالم الإنجليزي تشالرز داروين . ويقدم المعرض لزواره نماذج من الموجودات والقراءات والمقارنات التي قادت داروين للخروج بنتائج منطقية لنظريته في الارتقاء وأصل الإنسان لتلك الحقبة التاريخية . كما يظهر المعرض للراغبين بالتعمق أكثر في النظريات الداروينية أن كثيرا مما أنتشر شفويا بين الناس عن داروين لا علاقة له بحقيقة ما صرح به ودونه شخصيا وتتحدث الوثائق والجماجم والعظام المعروضة عن الطريق الذي مرت به البشرية قبل وصولها إلى شكلها ومستواها العقلاني الحالي . وتؤكد الجماجم التي تعود لأنواع بشرية مختلفة عاشت على الأرض في آن واحد ، على وجود أكثر من سلسلة بشرية ... هذا هو العلم وذاك هو الدين ولا يجوز المقارنة بينهما لأنهما منهجان مختلفان ... ختاماً : الإشكالية الكبرى في موضوع الإعجاز العلمي هي أن الدين والكتب السماوية يؤمن بها الناس ، لأنهم متأكدون من أن كل ما كتب بها هو حقيقة مؤكدة لا تحتاج إلى إثبات ( دكتور أبو الغار ) . / ألقاكم على خير / .
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
داليا وصفي ..
-
من الاستقلال إلى الربيع العربي !!
-
ما بعد الربيع العربي ,, هل هي الطائفية ؟
-
كيف يكون النقد وهل هناك سبب واحد للتخلف ؟
-
هل إله القرآن فقط ( تاه في الجبال ) ؟
-
زنار مريم العذراء والتنمية ؟
-
مانيفستو الحضارة الديمقراطية !! قراءة في كتاب عبد الله أوجال
...
-
الغرب , الربيع العربي والموارد الطبيعية ؟
-
دور اليسار في الربيع العربي بين النظرية والتطبيق
-
الشيوعيون .. والقضية الفلسطينية ؟
-
الجدل العقيم حول الحجاب !!
-
بدايات الإسلام بين الروايات التقليدية والمعطيات الأثرية !!
-
نقد التراث إلى أين ؟
-
راشد الغنوشي ,, من الحظر إلى الحُكم !!
-
هل ستأكل الثورات أولادها ؟
-
الربيع العربي وتطبيق الشريعة ؟
-
المثليّة الجنسيّة حريّة شخصيّة ..
-
الدولة الدينيّة من وجهة نظر ماركسيّة ؟
-
عواقب 1917 ودوافع 1991 / ردود , شذرات / .
-
هل لابدّ من ثورَةٍ على المساجدِ ؟
المزيد.....
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
-
ماما جابت بيبي..أقوى أشارة تردد قناة طيور الجنة بيبي على ناي
...
-
عراقجي: ندعم سوريا بحزم وهناك تنسيق كامل بين تل أبيب وواشنطن
...
-
” علموا اولادكم العادات الدينية ” تردد قناة طيور الجنة الجدي
...
-
-مبعوث يسوع-.. هل سيُدخل ترامب أميركا عصر الهيمنة المسيحية؟
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تنفذ ردا تحذيريا اوليا للاحتلال
...
-
العثور على موريتاني متهم بإطلاق النار على يهودي بشيكاغو ميتا
...
-
عودة الإسلام السياسي.. بين مخاوف التمدد وفرص الاحتواء
-
علماء الشام يوجهون نداء للمؤسسات الدينية العربية والإسلامية
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|