شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3568 - 2011 / 12 / 6 - 14:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يوجد كثير من المتعلمين ولكن قلة منهم مثقفون / أحدهم / .
وقال آخر : مفتاح الفشل هو إرضاء كلّ شخص تعرفه .
العصور المظلمة هو مصطلح يستخدم للدلالة على العصور الوسطى المبكرة في أوروبا وهي الفترة ما بين الأعوام 476 - 1000 تقريبا . العالم الإيطالي فرانسيسكو بتراركا وضع هذا المصطلح منتقدا الأدب اللاتيني المتأخر. لاحقا قام المؤرخون بتوسيع المصطلح ليشمل أيضا غياب الكتابات التاريخية وانعدام الإنجازات الحضارية المادية , وخصوصا بين القرنين الخامس إلى العاشر الميلاديين، حيث اصيبت حضارة الغرب بالانحطاط في مختلف المجالات ، ولم يبقى من معارف الإغريق والرومان التي ازدهرت في أوروبا سوى القليل محصورا بين الأديرة والكاتدرائيات وبلاطات الحكام، وتميزت العصور المظلمة بتفشي الجهل والتزمت الديني الشديد وتعاظم دور الكنيسة في مختلف مجالات الحياة . ( الموسوعة ) ..
ما هي الحالة العامة في أوربا قبل النهضة ؟
اتجهت أوروبا في العصور الوسطى إلى الزهد في الدنيا ، والتبتل إلى الآخرة، وذلك نتيجة هيمنة رجال الكنيسة على مختلف شؤون الحياة، باعتبارهم علماء في الدين وفلاسفة في القانون الروماني ، فحاربوا المفكرين ، وحاكموهم بقسوة ، واحتكروا زعامة المجتمع ، فتفشت فيه الخرافات وعم الجهل، فلم ينتفع الجمهور باللغة اللاتينية ، لأنها كانت محتكرة لدى طائفة من رجال الكنيسة ولم تكن صناعة الورق أو فن الطباعة معروفين في أوروبا، ولهذا كان المجتمع الأوروبي متخلفاً ويئن تحت وطأة الإقطاع ، ويعاني من ويلات الحروب الإقطاعية والتجزئة السياسية ( نفس المصدر السابق ) .
سوف أكتفي بهذا القدر ولن نتطرق إلى الخرافات التي سادت في فترة تسلط الدين في أوربا من قبل رجال الكنيسة ولا نتطرق إلى صكوك الغفران ولا إلى قتل المخالف وحرق الفلاسفة وكل من خالفهم فهذه المقدمة البسيطة الموجزة توضح قصدي .
إذن لماذا تغير الحال وانحسر دور رجال الدين ..
حسب رأيي لا يوجد أيّ سبب سوى غلّبة رجال الفكر على رجال الدين بعد تضحيات كبيرة قدّمها هؤلاء الرجال الذين سوف تبقى البشرية مدينة لهم ..
لا يعود الفضل إلى سماحة الدين المسيحي حسب ما نقرأ هنا وهناك وأنه لا يتعارض ولا يتقاطع مع العلمانية وحرية التفكير إلى أخر التبريرات غير المنطقية التي يقول بها البعض هنا وهناك في كتاباتهم أو تعليقاتهم .
ولا ننسى بأن أوربا احتاجت إلى 16 قرن حتى تبدأ في نهضتها الحقيقة والتي كانت مناراً للبشرية في كافة مناحي الحياة ..
في الشرق وبالرغم من اختلاف الإرهاصات إلى أن السبب الحقيقي والوحيد الذي جعله قابعاً وساكناً هو أن الغلّبة هنا لرجال الدين على رجال الفكر ولعدة عوامل وأكيد عدم فصل الدين الذي يستغله الحاكم لمراعاة مشاعر المجتمع الذي يحكمه والحاكم أبعد إنسان عن الدين في مجتمعاتنا .
سوف يبقى الحال على ما هو عليه لحين حصول وتحقق العكس .
حزب الوفد ( الليبرالي ) في مصر على سبيل المثال تأسس قبل الإخوان ب 8 سنوات ولكنّه في الانتخابات المصرية لم يكن حاضراً بقوة .
قد يتصور البعض أنني بصدد تسفيه كتاباتهم أو تعليقاتهم ,, هذا ليس صحيحاً البتة فليس من أخلاقي أن أتهكم أو أن أسخر من الآخرين .
عندما أقول بأن بعض الكتابات كلام في الهواء وحرث في الماء فأنا على يقين مما أقوله ..
إذا كانت هذه الكتابات هي للدردشة وللتنفيس وللترفيه ( ولا أقول طائفية – حاقدة ) فلا بأس أما إذا كانت للتنوير فأنا اعتقد بأن هذا ليس هو الطريق الصحيح الذي يؤدي بنا إلى ما نطمح ونرغب من اجل مجتمعات أفضل .
سوف اكتفي بمثال واحد مع احترامي وتقديري ..
مقال الدكتور كامل النجار الأخير ( إله القرآن يتوه في الجبال ) .
حتى أكون أكثر صراحة أو وقاحة لا فرق , أنا لم اقرأ المقال ولم أفتحه ولا أعرف التعليقات التي وردت عليه ولكن من العنوان سوف اسأل :
من هو الإله الذي لم ( يتوه ) في الجبال ؟ أو بصورة معكوسة من هو الإله الذي لديه تصور كامل حقيقي ومنطقي يتطابق مع الكون وتفسيراته من جبال ووديان وسهول وديناميكية وكيف يعمل ؟
في التوراة أم في الأناجيل ,, هو هل موسى أم يسوع الربّ ؟
في أي آية أو إصحاح أو أنجيل أو في أي قول نجد الصورة الحقيقية ولا ( يتوه ) ذلك الإله في الجبال ؟
كما هو معلوم في الكتاب المقدّس أول القصيدة كفر وهي كروية الأرض ومخالفتها لما جاء فيه فكيف بباقي أجزاء الكون ؟
على أقل تقدير في القرآن هناك تأويلات غير منطقية ولكنها تبقى تأويلات – دحاها – على سبيل المثال ..
سوف انتظر الجواب – ما هو أسم الإله من الدكتور ومن مؤيديه عند ذلك سوف يكون لكل حادثة حديث وبعكسه سوف يبقى رأيي هو الصائب بأن هذه الكتابات هي كتابات بعيدة عن طموحنا في تغيير مجتمعاتنا لمجتمعات أفضل .
لنفترض بعد شهر أصبح العالم الإسلامي ( العالم الملحد ) ما هو الاختلاف ,, قي التنمية – في البطالة في الفقر في الفساد الإداري في السجون والقمع والقتل والتنكيل وحقوق المواطن والمواطنة وسيادة القانون والمساواة وتحويل الأوطان إلى مزارع خاصة والمحسوبية والمنسوبية والرشاوى والاستغلال الخ .. هل لديكم جواب ,, أيضاً سوق انتظر ؟
قسم من التعليقات التي وردت على مقالي ( زنار مريم العذراء والتنمية ) وجدتُ بعض التعليقات وكذلك من خلال قراءة تعليقات أخرى على مقالات بعض الأصدقاء بما معناها :
( هؤلاء أناس بسطاء مساكين ذهبوا من أجل الإطلاع والتهكم والسخرية على زنار أم يسوع وأن المجتمعات الغربية هي مجتمعات ملحدة لا تؤمن وأن 90 % منهم لا يعترفون بنظرية الخلق والكون ولا يشترون الكتاب المقدس بفشر بندورة مع العلم أنهم يتوافدون منذ أكثر من شهر مما تطلب تجهيز مطابخ ميدانية لهم وهناك من يقول ما ضركم في أن يكون زنار مريم العذراء للعلاج أو للبركة وأنا أساله ما ضركم في أن تكون الحبة السوداء للعلاج والبركة وليس الحبة الزرقاء فهذه لها منافع أخرى ؟ ) ..
هل هذه تعليقات حقيقية تصب في الحراك الفكري ؟
الواقع يخالف كل هذه التعليقات فالغرب وأمريكا تحديداً مجتمع مؤمن ونسبة التدين أكثر من 65 % ..
الإيمان والإلحاد لا علاقة لهما بالتقدم والتنمية ,, هذه أشياء شخصية لا دور لها في تسيير الأنظمة وإصلاح الحكم أو الحكام ,, ليعبد كل واحد منا ما يشاء فهذا من حقوقه الشخصية ..
البعض يحاول ويجاهد من أجل أن يقول للقراء بأن التخلّي عن الدين ونبذ المعتقدات وتسفيهها هي الحلّ الأمثل مع العلم أن الشواهد تقول بعكس ذلك ومن خلال قراءة التاريخ , فلقد شهد عصر المأمون الخليفة العباسي أبهى العصور من فلسفة وترجمة وحراك فكري وحرية الآراء بالرغم من خطأه الفظيع في تعميم رأيه بخلق القرآن وفرضه بالقوة , والمجتمع كان مجتمعاً إسلامياً بحتاً واليوم تركيا الدولة العلمانية – 17 تسلسلها اقتصادياً في العالم – فماذا نقول عن هذه الأمثلة البسيطة ؟
إذا كانت غايتنا الإنصاف والتنوير من خلال ما نكتبه من مقالات أو تعليقات علينا أن نبتعد عن الطائفية المقيتة وإلهي أفضل من إلهك وان نبحث عن الأسباب الحقيقية والجوهرية التي جعلتنا في ذيل الترتيب وأن لا تكون كتاباتنا ( جهود ضائعة ) فالحوار المتمدن موقع يساري علماني وغايتنا هي الوصول بفضل تكاتف الجهود لمجتمعات علمانية ديمقراطية يكون المواطن هو الغاية ,, هذه هي الكتابات الحقيقية التي تخفف الوطء .
مجتمعاتنا تسير نحو حروب أهليه – لا سامح العقل – بفضل عدم استخدامنا لعقولنا بصورة صحيحة .. والتباهي بأن ديني أفضل من دينك والخاسر الوحيد هو مجتمعاتنا ..
مجرد رأي ..
/ ألقاكم على خير / .
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟