أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض سبتي - سلطويّة دينية أم سياسية ..ايّهما تقصي الاخرى ؟















المزيد.....

سلطويّة دينية أم سياسية ..ايّهما تقصي الاخرى ؟


رياض سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 3601 - 2012 / 1 / 8 - 09:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المتأمل في التاريخ السياسي للاسلام وما مر به من تطرف ومؤمرات وصلت بعض الاحيان على شكل حرب يشنّها الخارجون عن الخليفة ، لقتل الخليفة نفسه بإسم الدين الذي يؤمن ويؤمنون به و بإسم نفس الآية (الذريعة ) التي تحلل للخليفة قتل معارضيه ، المتأمل جيدا يفهم ان ثقافة الإرهاب غير مستوردة بل هي سلوك اجتماعي عتيق وبدائي ولِد نتيجة لعملية صراع سياسات ضارية افرزتها التفسيرات المختلفة ( للسلطة الرئيسية ) التي عمّدتها نصوص دينية اعتمدها المسلمون في القضاء على هذا الخليفة او قتل هذا الإمام او سمل عيون بعض المعارضين وقطع رؤوسهم . ورغم ظهور بعض التيارات الدينية التي حاولت ان تقف بالجانب المضاد للتطرّف في التفسير، (بعض الصّوفيين على سبيل المثال ) الا انهم جوبهوا بالاقصاء وإتّهِمُوا بالفسق والإلحاد ،لأنهم (الصّوفيون ) اعتبروا ان التشدد ما هو الا قناع يخفي وراءه المتشدد الجهل والخبث والرياء والنفاق ، هذا الإقصاء احدث تغييرا جذرياً وجوهرياً في النظام ( السلوك ) الإجتماعي الإسلامي ولم تعد عامة الناس وما يمثلونه من انواع فكروية وروحية بعيدة عن اغلال الخرافة والشعائر والممارسات السلطوية التي انتشرت حتى قبل ظهور المتصوفة كحركة داعية الى الاعتدال في فهم النصوص وتفسيرها تفسيراً عقلانياً يبعد عنها رائحة الدم والقتل التي طالت اغلب الخلفاء وخصوصاً في الدولة العباسية ( فالمأمون قتل اخيه الامين بواسطة قائد الجيش وقطع رأسه وسحلت جثته ،والمعتصم يقتل عباس ابن اخيه الخليفة المامون اثر وشاية ان العباس بن المامون تأمر على قتله ، والمتوكل يقتل على يد ابنه المنتصر ،وهذا الاخير يغتاله طبيبه ابن طيفور بالسم بعد ان قبض رشوة مقدارها 30 الف دينارا ،والخليفة المستعين بالله يقتله الخليفة المعتز بالله بربطه بحجر والقائه في دجلة ،والمعتز بالله يقتله المهتدي بالله والمهتدي بالله يموت من الضرب المبرح على يد جنوده بعد هزيمة جيشه والمعتمد على الله مات مسموماً والخليفة المقتدر يقتله المخصي مؤنس الخادم قائد الجيش بذبحه بالسيف ورفع راسه على الرمح ،والخلفاء : القاهربالله، الراضي بالله، المتقي لله، المستكفي بالله ،المقتدي بامر الله ،المسترشد بالله ،الراشد بالله ، المستنجد بالله ، المستعصم بالله ، منهم من سملت عيناه وقتل ومنهم من قتله خدمه بالسكاكين ومنهم قطّعه جنودة ومنهم من مات مسموماً ومنهم من أُدخِلَ السيخ في جمجمجته ، ومنهم من قتل رفساً بالاقدام) * وهذه الدورات الدموية لم توفر احداً حتى ائمة المذاهب . فانس بن مالك جُلد وعُوقب بالحبس بعد ان افتى بجواز الخروج على بيعة المنصور ،اما الامام ابو حنيفة مات في السجن بسبب رفضه استلام القضاء من قبل المنصور بينما امر الخليفة المعتصم بجلد احمد بن حنبل لعدم قوله بخلق القرآن ثمانية وثمانين جلدة واعاده الى السجن .
على ان هذا العنف الدموي من قبل الخلفاء (الحكّام ) الذين استمرت خلافتهم على ما يربو 1300 سنة رافقته سلسلة اعتبارات تغييرية للمشهد ( الديني السلطوي ) وانفجارات سياسية منذ بدء تشكّل الدولة السياسية في الاسلام تمثّلت بالتصفية الجسدية لثلاثة من الخلفاء الراشدين الذين تولوا زعامتها بعد رحيل مؤسسها ، هذه التصفيات اصبحت بمثابة اختبار لمدى وكيفية استمرارية _السلطة السياسية والدينية _ للدولة الناشئة ،تمثّل الجزء الاكبر من هذا الاختبارفي الاسباب والاساليب التي ادت بالتدريج الى تنامي حركات العصيان المسلّح التي تطورت الى مرتبة ثورات احياناً ،وخروج العامة والجيش عن طاعة اكثر من خليفة تعضدهم تفسيراتهم الخاصة لنفس النصوص الدينية التي يستند عليها خصمهم ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ) **، لتتفكك بعدها الزعامة الاسلامية كرمزٍ دينيّ ( حكم ُ معاوية واعتباره لنفسه أوّل الملوك ) ، وتتجه نحو الانشطار الذي اودى بتماسكها ، ونظامها السياسي والروحي الى الابد ، بعد ان تركت ارثاً غير مفهوماً وغير متفق عليه من تلك النصوص التاريخية ، سيؤدي تفسير رموزها وتأويلاتها والتأويلات المضادة لها مستقبلا الى تصادماتٍ و انفجاراتٍ مستمرة اينما وجد الاختلاف الفقهي او المذهبي بين المسلمين ، وهو ما يعاني منه بالفعل المجتمع الاسلامي منذ وقت متأخر وحتى وقتنا الحاضر ، اختلاف ، ليس حول الثوابت وكيفية ترسيخها وانما حول من يتولى الزعامات من جديد وعلى طريقة الاسلاف التي أرست لتقاليدٍ وقيودٍ دينيةٍ سياسية ،كانت المكائد والمؤمرات والدسائس التحريضية اهم مميزات عهودهم المريبة.
ساهمت الانشقاقات التي حدثت في (نظام حكم ) الدولة الاسلامية رغم الصراع الدموي والتعصب والانقسام المذهبي، في بروز التيارات المتشددة التي تنادي بالعودة الى ( النظام الديني - السلفي ) معتمدة على تنمية الجهل وبثّ الحياة في الافكار المقموعة المطاح بها بعد سقوط الخلافة الاسلامية ، وظهور كيانات سياسية جديدة تنتهج الافكار والقوانين الوضعّية التي تعتمد التشريعات المدنية بدلاً من النصوص السماوية في حكم الدولة والقضاء . اخذت هذه التيارات على عاتقها تفسيرنصوص دينية منتخبة بعناية ،لاظهار الاسلام (كدين تسامح ويتركون النصوص الاخرى التي تحض على قتل الاخر وتبديه اقل احتراماً للديانات الاخرى ) ، اي ان التعصب والقمع السلطوي اباح التلاعب بتلك النصوص المتوافرة لهم بما يتوافق ومصالحها السياسية ( السلطة ) من اجل منافسة تضمن لها العودة الى الحكم ، و فرض الخليفة المستبد الذي يستمد شرعيته وسلطته من الله ، ويشترط فيه الاستبداد بالرأي للدفاع عن العقيدة الغيبية في مواجهة عدوان الدخلاء، وبالفعل بدأت هذه التيارات في تقييد حريّة الفكر وحريّة التعبُّد والتضييق على العلوم والمعارف والحريات الاخرى على اعتبارها انها افكار متجددة ، والتجديد في الاسلام بدعة والبدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وعلى انها ايضا تَحُد من سلطة الملك (الخليفة ) اي انها تَحُد من الاستبداد المُشرعَن بقانون الله ومن هنا تأتي ضرورة تحييد ان لم يكن (قمع التيارات الفكرية ) والحد من انتشارها من خلال لجم المجتمع وتغييبه (جزئياً ) في حزبٍ دينيٍ او ( كلياً ) في دولة ٍدينيةٍ قمعيةٍ تمارس العنف التقليدي الذي كان يمارسه اسلافها الخلفاء على مرّ القرون الدموية السابقة .
على ان العلاقة الوظيفيّة بين التشدّد الديني والحكومات (المنظومات السياسية والسياسية الدينية ) التي تكونت بعد تفكك الدولة العثمانية كانت (علاقة توازن ) تحكمها مصالح منظورة بين المؤسسة الدينية التي تتخذ مبدأ الغزو المتدرج لعقول العامّة من خلال اضعافهم و اخضاعهم لصدمات متباعدات تؤول في النهاية الى ابتلاعهم والسيطرة عليهم وتدمير الخلفيات الفكرية الكامنة وراء تفاعلهم كمجتمع متمرد ، وتغييبهم بقدر المستطاع بالافكار الجهادية واطاعة ولي الامر وعدم الخروج عليه حتى وان اخطأ فالخروج عليه معصية لا تغتفر ، على اعتبار ان ذلك مألوفاً دينياً ، وبين مؤسسة الدولة السياسية التي تستولي على الجماهير التي جرى تسطيحها بالصدمات واجهاض افكارها وافراغها من اي وعي لبلورة تصورها الفكري( لخلق واقع معرفي) يختلف عن ( حفريات ) المتشدد وثقافته الرجعية الذي لبستها تاريخياً.
وهنا تمارس السلطة تأثيراً اخراً يختلف عما مارسه الكهنة في السيطرة على المجتمع (بوصفها القاضي والسلطان في آنٍ معاً ) هو دعم الرجعية الدينية بكل ما تمثله من قسوة وسوداوية وعنف دموي عريق لتدجين الشعوب المناوئة لها، وهنا ايضا تكون معادلة التوازن الوجودي قد اكتملت بطرفها الاخر الذي سيحمي السلطة الدينية من اية ثورات مضادة قد تقتلعها من جذورها في نفس الوقت الذي ستكون فيه السلطة السياسية قد أمنت و ضمنت وجودها بفعل الفتاوى الموالية لها .
على ان اي اختلال من الاختلالات التي ستحدث بين السلطتين نتيجة لاختلاف مصلحة من المصالح او بروز احدها على الاخرى وتجاوز صلاحياتها ، ستكون التصفية الجسدية هي الميزة الرئيسية لها و الحل الامثل (بين الطرفين ) للحفاظ على (الخلافة ) دون منازع ولتصبح العلاقة التفاعلية هي علاقة العبد بسيّده ، ايّاً كان العبد وأيّاً كان السيد الذي سيحدده الاغتيال القادم الجديد .
وفي الجانب البعيد من السلطتين ، تدور حرب طويلة هادئة ضدهما ، باتت معلومة اهدافها الثقافية والمعرفية والاجتماعية ، اهاف تسعى الى خلق فضاءات فكرية تبني قاعدة اساسها ، الانسلاخ الكامل عن كل ما عَلِق بالذهنية العربية من انغلاق عقلي وفكري رسّخته الرجعية الدينية طيلة القرون الماضية .
وهنا ايضا الا يكون من حقنا نحن العامة (الذين نخوض تلك الحرب ) ان نطرح سؤالنا الكبير عن لسان نيتشه : ترى هل امسى الدين طقساً منافياً للذوق ؟ (***)


* تاريخ الطبري
** البقرة 51
*** نيتشه : ما وراء الخير والشّر ، ترجمة جيزيلا فالور حجّار



#رياض_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظهور المهدي
- إيمان
- ساحِرُ النّاي .... الى عدنان *
- في انتظار خطاب منتصف الليل
- على المرجعية النزول الى ساحة التحرير
- جَيرْسي .. بائِعَة الوَرْد
- اصدقاء الريّس
- صورة الكرسي .. ثانية .. الى الشاعر الراحل كمال سبتي
- فيس بوكّيّات
- ثائرُ والإمام ( * )
- مسؤولية الحكومة في رحيل الفنان ثائر خضير
- بغداد راحت غدر
- نِفاقنا الوطني وتفجير الكنائس
- وماذا عن مخفر الشلامجة يا برلمان ؟
- وبراءة من المشركين يوم الحَجّ الاكبر
- ذَهَبَ الاحد ايتها الاربعاء(*)
- سرياليّات عراقية ..
- أروِقَة الموت الواحد....نصٌ مسرحيٌ استثنائيٌ لزيدان حمود
- انهم يخلقون الفرح
- التورابوراويون ( * )


المزيد.....




- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض سبتي - سلطويّة دينية أم سياسية ..ايّهما تقصي الاخرى ؟