أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الغني سلامه - عندما نكتب عن غزة














المزيد.....

عندما نكتب عن غزة


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 3598 - 2012 / 1 / 5 - 10:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


عندما نكتب عن غزة، يتوجب علينا أولاً أن نغادر أجسادنا، ثم ننظر إليها من بعيد .. فغزة تسكن فينا، ومن الصعب أن نراها بوضوح من المسافة صفر. عندما نكتب عن غزة، يجب أن لا نمدح أو نُدين، فقط نطرح السؤال ونحن على يقين بأن الإجابة عبارة عن سؤال آخر، ستتناسل منه أسئلة لا حصر لها ولا عَد، فغزة لغزٌ كبير .. هي مدينة انبثقت من الأساطير، وتاريخها عصيٌّ على الفهم، هي نخلة نبتت في واحة المستحيل، وما زالت تورق منذ آلاف السنين، وُلدت بسيطة، فقيل إنها هدية البحر للصيادين، نمت في حضن البحر وعلى خاصرته، ولكنها ظلت حرة. عاشت فقيرة، فقيل إنها ستظل متعَبة للأبد، قلبها أبيض كالثلج، ولكن قلوب أعداءها كالفحم، هي شديدة الوضوح، ولكن علاقتها بالزمان ظلّت معقدة، هي طيبة جدا، ولكن محيطها قاسيا، هي رحيمة ولكن الآخرين لم يرحموها أبدا، بما فيهم أبناؤها .. كبرت غزة لوحدها، بينما كان أبناؤها يتناسلون في كل مكان.

عاشت غزة بإحساس غريب لم تعهده بقية المدن، داست رمالَها سنابكُ خيول الغزاة مرّات ومرات، وكانت دائما تمتصهم ثم تلفظهم، فيتركوها للريح والصحراء، جَرحَت كبرياء الإسكندر، وبهدلت نابليون، سلاحها التقليدي هو الرفض، والتكاثر. لم تتمكن إسرائيل من بلعها، فتمنى رابين لو أن البحر يبتلعها .. لكن البحر صديقها، والصحراء جارتها الطيبة، لذلك ستبقى غزة رغم أنف الجميع، مدينة تستحق الحب لا الشفقة، لأنها كما وصفها الشاعر خالد جمعة: "مدينة تستحق الفخر والاعتزاز، ببساطة لأنه لا توجد مدينة أخرى كان يمكن لها أن تتلقى هذا الكم من الضربات على مدى ثلاثة آلاف عام، وما زالت تملك القدرة على الحياة والغضب والقتال".

غزة، عاشت خمس سنوات تختلف عن كل سنينها السابقة، في كل شيء تقريبا. ولأن عشقنا لها طاغي، من الصعب أن نكتب عنها بحيادية تتجاهل نبض القلب، ولا يمكن أن نصوّرها بنمطية التوصيف البارد، ولأننا نحب أهلها جميعهم، سنحتار من نصدّق: من يصف جحيمها، أم من يتغنى بجنّتها .. في صيف 2007 اتصلت بصديق غزاوي، فقال لي: مرَّ عليَّ أربعون صيفا لم أرى غزة بمثل هذا الحزن، أحسُّ بأن الأشجار كئيبة، وأن موج البحر هي دموعه الحزينة، قلت له ربما أنك تعكس حالتك النفسية على ما حولك، قال ربما. وقال أيضا: بالأمس كان آلاف الناس عند الشاطئ، لم أرى هذا الحشد من المصطافين من قبل - حتى في أيام العز - قلت ربما جاؤوا يعبّرون عن فرحهم ببعض الأمن الذي تحقق لهم أخيرا، قال: أكثرهم أتى البحر ماشيا، لأنه لا يملك أجرة المواصلات، أتوا ليبكوا البحر، ويبثون له أوجاعهم. قلت له: غزة اعتادت أن تعصر من الحزن فرحها، وأن تلد الأمل .. وتنتظر.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توقعات العام 2012
- فهم أسباب الثورات العربية ونتائجها السلبية انطلاقا من فهم طب ...
- استخدامات الطاقة البديلة والمتجددة في فلسطين
- ماذا بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات ؟!
- المفاجئ والمتوقع في فوز الإسلاميين في الانتخابات
- في السعودية حرائق وعيون فاتنة
- مناقشة في أطروحات من يدعو لحل السلطة الفلسطينية
- حصاد خمسة سنوات من حكم حماس لغزة - الوضع الأمني والاقتصادي
- الحريات العامة في عهد حماس
- من هو فارس عودة ؟؟
- لسنا استثناءً على هذه الأرض
- المليار السابع
- التاريخ اليهودي بين الحقيقة التاريخية والرواية الدينية - الأ ...
- فلسطين بين الروايتين: التاريخية والدينية - الصراع على التاري ...
- فلسطين بين الرواية التاريخية والرواية الدينية - الصراع على ا ...
- 1 مقابل 1000 - من المنتصر في صفقة شاليط ؟!
- لمن نكتب !؟؟ وعن ماذا !؟
- عن جدوى صفقة شاليط، وأسئلة أخرى
- كيف كبرت أحزاب الإسلام السياسي ؟! ولماذا تعاظم دورها ؟!
- الإسلام السياسي والإرهاب


المزيد.....




- باريس هيلتون تتألق بفستان حالم يذكّر بأميرات ديزني في القصص ...
- تقرير يكشف -الحقيقة الخفية- لزواج الأطفال..3 فتيات يشاركن مر ...
- لحظة انتشال ناجين من تحت أنقاض مدرسة منهارة في إندونيسيا
- ماو تسي تونغ: قائد -نهضة الصين- أم المسؤول عن فناء الملايين؟ ...
- الحوثيون -يعاقبون- شركات أمريكية ويتبنون مهاجمة سفينة هولندي ...
- إصابات في صفوف باريس سان جرمان قبل لقائه مع برشلونة
- مباشر: في انتظار رد حماس... الجيش الإسرائيلي يغلق آخر ممر مت ...
- الفلبين: مقتل عشرات الأشخاص وانهيار مبان جراء زلزال بقوة 6.9 ...
- الدانمارك تستضيف قمة أوروبية وسط تعزيزات أمنية مشددة
- خطة ترامب لإنهاء الحرب: خديعة سياسية ونصر إسرائيلي مزيف


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الغني سلامه - عندما نكتب عن غزة