أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - ثورات السيادات الشعبية كنماذج تحررية















المزيد.....

ثورات السيادات الشعبية كنماذج تحررية


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3597 - 2012 / 1 / 4 - 22:26
المحور: المجتمع المدني
    



ليس هناك من ثورة لا تعيش هاجس الحرية انطلاقا من عصرها هي، لا من عصور الآخرين المفترضة، أو من عصور الفوات التاريخي، واستعباد قوى ماضوية لحاضر شعوبنا ومستقبلها، وفي القلب منها أهدافها في الحرية والعدالة؛ وهي تسعى إلى رسم أفق تحرري، يبني الأسس الصحيحة للحرية السياسية لمجتمع سياسي، في مركزه تقيم المواطنة مفاهيم أساساتها النابعة من حرية الإرادة. وهي تراكم كفاحاتها ضمن مسار ديمقراطي منشود، كضامن لعقود الحقوق والواجبات التي يضمنها مشروع الدولة المدنية التعددية، كبديل من دولة التسلط الاستبدادي؛ بكل ما ملكت وتملك من أدوات إخضاع وسياسات هيمنة، استمدت من حروب التفتيت والتفكيك قواعدها الناظمة لاستمرار حكم الفرد، أو القلة، أو الطغمة، أو النخبة التي قولبت سلطة الدولة في قالب حزبها أو جماعاتها على اختلاف أطيافها الطائفية أو المذهبية أو الفئوية، وذلك في عملية نفي للدولة ومفاهيمها البنيوية، تأكيدا لسلطتها هي في استيلائها على الدولة؛ نفيا وإقصاءا لها كمؤسسة عامة اعتبارية، ومن أجل تأكيد هيمنة القلة المتسلطة على نخب وشلل السلطة الخاضعة بدورها لهيمنة الفرد أو العائلة، حتى في الأنظمة الجمهورية أو الجماهيرية، أو الزاعمة أنها شيوعية، من قبيل نظام بيونغ يانغ الوراثي، الذي أضحى أكثر ملكية وأكثر استبدادية وطغيانا من أي نظام طغياني آخر.

لهذا أضحت المجتمعات التعددية، أكثر قلقا على حريتها في الحاضر، بل وأكثر قلقا على مستقبلها في حال جرى إخضاعها بالقوة وبالإكراه والغلبة، من قبل نظام تسلطي أو سلطوي، لا يلتفت كثيرا إلى مفاهيم المواطنة والعدالة أو النزاهة، في تعاطيه مع مواطنيه/الرعايا، وهو ما يفسر عدم احترام الحريات الأساسية، بقدر ما جرى امتهانها واضطهاد الأكثريات، قبل الأقليات التي هي بالأصل أصل الشعب والمجتمع والدولة التي حولتها السلطة إلى مزرعة خاصة، قبل أن ترسو أمور السلطة إلى غلبة أنظمة سياسية تدّعي تمثيلها للأكثريات السائدة في مجتمعات وبلدان عربية عدة، لم تكن بالأصل كذلك، وإنما ولأسباب عديدة أكثر تعقيدا مما سبق، ليس هنا مجال الخوض فيها، صارت الأكثريات هي الغالبة، ضمن مجتمعات ذابت فيها الأقليات أو كادت؛ بفعل أربعمائة عام من الخلافة العثمانية التي أسفرت عن نظام سلطاني – خليفي، قولب مجتمعات بلادنا في اتجاهات عمّ الظلم الأكثريات، كما كان ظلم الأقليات مضاعفا. وما كان الهم الأساس لسلاطين الخلافة العثمانية أو للدولة السلطانية التي أنشأوها، سوى التطبيق الحرفي أو الجزئي لما أسموه "الشريعة" التي حولت رعايا النظام السلطاني الخليفي إلى رعايا وذميين؛ سواء عبر دفع الضرائب الباهظة أو عبر دفع الجزية، أو الخدمة في الجيش العثماني العرمرم. وفي كلتا الحالتين لم يجر التعامل مع الناس كمواطنين أحرار، بل كعبيد ينبغي لهم تقديس استعبادهم، واستبداد حكامهم؛ مهما بلغ ذلك من شأو، تماما على ما هو حال بلادنا اليوم، إزاء استبداد نظم بلغت في عتوها حدا لم يعد بالإمكان السكوت عنه، ما أشعل ثورات شعبية، ما انفكت تواصل فعالياتها ومعاركها التحوّلية.

ولئن وجدنا ونجد هناك من يبرر للاستبداد "قدرته" على ضمان استقرار أنظمة ومجتمعات، فلأن التاريخ ليس طوع بنان المتسلطين، وهم يحاولون حتى مصادرة تاريخ شعوبهم ومجتمعاتهم، وتزويرها، والترويج لصورة زائفة عنها، وتوجيهها وجهة إخضاع وغلبة، طالت وتطول حتى كل مراكز الحداثة والإشراق والتنوير والثقافة، وهي المراكز المفترض أنها قواعد ناظمة لمقاومة الاستبداد وأنظمته التسلطية الدينية والسياسية. لهذا قلنا ونقول باستحالة تحوّل من تسمّي نفسها الأصوليات وحركات التدين السياسي إلى قوى رافدة لثورات التحوّل التاريخي، وإنما هي في انتهازيتها الفاقعة، أقرب للتحول إلى قوى مضادة للثورة، كما هو حال مصر الآن، في ظل محاولات إيقاظ فتنة طائفية موؤودة، ودفاع بعض القوى الدينية المستميت عن "استقرار النظام" الذي تريده، "كي لا تكون فتنة"!، وهو ذات الموقف الذي وقفته أيام الثورة الأولى، حين امتنعت عن المشاركة فيها، ووقفت ضدها ومع استمرار "استقرار النظام"، وأيضا تحت "حجتها الأثيرة":"حتى لا تكون فتنة"!، وها هي إلى الفتنة تذهب بطواعية؛ مفتونة مرة بعسكر النظام، ومرة بعسكرة قواها، كما افتتانها بـ "جماليات السلطة" التي يرون أنها باتت أقرب إليهم من غيرهم، وحتى من أقرانهم من قوى دينية لا تشاركها ذات المفاهيم الأيديولوجية.

يقينا وفي ضوء ثورات الربيع العربي، بكل نجاحاتها حتى الآن، وربما إخفاقاتها جزئيا أو كليا هنا أو هناك، لم يعد من السهل على الاستبداد التسلطي أن يعيد إنتاج أنظمته، ليعيد إخضاع شعوب ومجتمعات؛ هناك إصرار على إخضاعها وسرقتها ونهب ثرواتها، في حين أنها تعلن اليوم تمردها وثورتها دفاعا عن حاضرها ومستقبلها. ولم يعد من السهل على تلك الشعوب والمجتمعات أن تعود للاستكانة، وتحني رؤوسها مجددا لجلاديها وسارقيها وناهبي ثرواتها ومزوري تاريخها، إنها تنهض في واقع حقيقي كما وفي واقع افتراضي، لابتناء سيادة شعبية طالما جرى تجاهلها والاستهانة بها، وها هي تلك السيادة ذاتها تنتقل من فضائنا العربي إلى الفضاء الدولي، صارت السيادات الشعبية هدفا لقوى شعبية، ونخب قوى تستمد قوتها من جموعها المحتشدة في الميادين، كنموذج يمكن أن يُحتذى في أبعد أصقاع الأرض.

لقد فشلت الذاكرات المثقوبة لثقافات العبيد الذين أخذهم الاستبداد بعيدا عن إنسانيتهم وشعوبهم ومجتمعاتهم؛ في أن تبقى تتسيّد المشهد، وها هي قيم الحرية وثقافات التحرر، تنتفض على قامعيها، لتؤسس ثقافة حرية من أجل عالم خال من الاستبداد والتسلط والتغول العولمي، ذاك الذي لم يجلب للعالم سوى كوارث الأزمة المالية والمأزق الاقتصادي، بحيث صار من الاستحالة الخروج منه؛ إلاّ على حساب العديد من معايير ومفاهيم وظواهر بنيوية أساسية في النظام الرأسمالي ذاته وقيمه التقليدية، ومن قبل أو من بعد على حساب أنظمة التسلط الاستبدادي في فضائنا العربي، ومنه إلى فضاءات العالم المختلفة؛ شرقا وغربا، شمالا وجنوبا. وطالما أن أهداف الشعوب في الحرية والتحرر من كل مكبلات الإرادات الشعبية وسياداتها على بلدانها لم تتحقق، فإن الثورة تبقى هي الهدف الواجب وجوده كلزوم لما يلزم، في الآن الراهن.. وفي المستقبل.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصالحة الفلسطينية هل تصلح ما أفسدت المفاوضات؟
- لئلا تبقى ثورات شعوبنا ناقصة أو عاجزة فعليا عن الثورة
- خيارات الأزمة الفلسطينية ومأزق الإرادة
- السلطة.. -هبة سماوية- أم -غنيمة دنيوية-؟
- لئلا يتحول الربيع العربي إلى -خريف إسلاموي-
- الاستبداد العربي.. قضية من لا قضية له
- بؤس البدايات ومأساة النهايات
- الدولة المدنية وسلطة مثبطات التقدم ومحبطاته
- في العقل النقدي وعصبيات ما قبل الدولة
- العقل النقدي والتغيير المنشود
- إرادة التحرر وإرغامات الاستبداد
- تغيير العالم رهن إرادات التغيير
- سؤال الحرية كراهن تاريخي دائم
- ثورات الدسترة والاستقلال الثاني
- بين ماء السلطة وحجار الدولة
- الديمقراطية والمجتمع.. من يُنضج من؟
- في حاجة تاريخنا ومجتمعاتنا للحرية
- نقائض الدولة ونواقص السلطة
- صناعة الطغاة والهويات الأكثر التباسا
- دفاعا عن وطنية الشعب والمجتمع والدولة


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - ثورات السيادات الشعبية كنماذج تحررية