أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - ثورات الدسترة والاستقلال الثاني














المزيد.....

ثورات الدسترة والاستقلال الثاني


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3471 - 2011 / 8 / 29 - 22:24
المحور: المجتمع المدني
    


وتمضي ثورات الربيع العربي، بكل ما تحمله من زخم الرؤى الحاملة لعناصر التغيير والتحول؛ من حال الاستبداد إلى حال من التحرر، يُفترض أن يكون كاملا؛ ليس فقط من الاستبداد الداخلي، ولكن من كل مكبلات الارتباط؛ ارتباط النظام أو الأنظمة السياسية الحاكمة بخوارج إقليمية ودولية، فرضت العلاقات معها دورة من تبعية شبه كاملة، انحطت معها قوى الدواخل الوطنية – السلطوية خصوصا – إلى اتجاهات لا وطنية.

وثورات الربيع العربي التي استطاعت أن تنتقل بعدواها إلى مواقع ليست متشابهة، أو متماثلة، وبالتالي قابلة وناضجة لإحداث تحولات مشابهة للتحولات التي جرت وتجري في بلادنا، مثال ما جرى في بريطانيا وفي إسرائيل، وقبلها في باريس ومؤخرا في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، مرورا بما جرى في النرويج من طفرة في تفجير نار الحقد والعنصرية. كل هذا لم يكن ناتج الصدفة، بقدر ما كان ناتج تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وكنتاج لتحوّل شبه تاريخي فرضته وتفرضه أنماط العولمة الراهنة؛ الشاملة، وما ولدته من تطورات تقنية غير مسبوقة، في ظل أزمة عالمية ليست مسبوقة هي الأخرى، وإن تكن نتاجا لتغوّل رأسمالي تقوده أنظمة إمبريالية عبر إصرارها على استبعاد تعميم الخسائر، التي كانت هي السبب الرئيس في استحداثه، وخصخصة الأرباح التي قادت إليها بعض الحلول التي جرى اللجوء إليها في الفترة الأولى لبدء الأزمة في خريف العام 2008.

والآن وبعد ما يقارب السنوات الثلاثة من التأزم، وما ترتب عليه من تداعيات، ما زالت جذور الأزمة هي ذاتها؛ تكمن في المأزق الرأسمالي ذاته الذي يتمركز في مسألة استبعاد أيّ دور للدولة، وترك الحبل على الغارب لقوى السوق أن تلعب وحيدة لعبتها الأنانية، في تحميل المجتمعات أعباء أخطائها وخطاياها التي ذهبت وتذهب حدود النهايات القصوى، لتوزيع خسائر ما ارتكبت هي، واستحواذها على كل ما يمكن من أرباح المضاربات في الاقتصاد الافتراضي، الذي لم يحمل للمجتمعات والدول سوى بشائر تحميلها وتدفيعها أثمانا باهظة، مما لا ينبغي أن يستمر الحال وفق ما رأينا وخبرنا من تحكم القلة التي كانت الأزمة نتاج عملها، وهي التي ضاربت وقامرت باقتصاداتها الوطنية، حتى وصل بها وبنا الحال إلى ما وصلت وتصل إليه؛ أزمة ليس لها أي شبيه بالمطلق حتى الآن.

كذلك نحن في مواجهة ثورات ليس لها شبيه، أو أشباه يمكن القياس عليها أو اتباعها كثورات معيارية نمطية، وبغض النظر عن كمالها أو وجود نواقص فيها، ففي كل ثورة مجموعة من أبعاد مختلفة، تتعدد ولا يمكن لها التواجد في منطقة البعد الواحد، وهي في هذا المعنى ليست أحادية، أو ثورة واحدية تقوم على عاتق نخبة أحادية لها مطالب أو أهداف نرجسية، محدودة ومحددة، قدر ما تؤكد على روح الشعب بأمانيه وتطلعاته المستقبلية، خروجا وتمردا على ماض قروسطي قريب وبعيد، جرى تجميده عبر التاريخ وعلى الضد من إرادته، وخروجا على حاضر أكثر جمودا، أرادته أنظمة استبداد سلطوية وطغيانية "نهاية للتاريخ" بالمعنى الذي ذهب إليه هانتغتون في صيغة موقفه الأول الذي نظّر من خلاله إلى تجربة انهيار الاتحاد السوفييتي، قبل أن يتراجع موضحا موقفه حتى من أدلجة الديمقراطية الغربية، واستمرار الصراع كفاعل تاريخي بين أيديولوجيات وأفكار ورؤى تفعل فعلها في التاريخ، ولا تنهيه أو تنتهي معه كمفهوم لا نهائي.

هكذا ذهبت العولمة بكل ما نشرته من أدوات وما امتلكته من إمكانات وطاقات، في اتجاه إحداث ثورات نظرية أدواتها متعددة ومتنوعة، ما أفرز إمكانات وطاقات إنسانية شبابية أكثر تنوعا وتعددا، وأكثر شمولا لجهة فاعليها من شعب أو شعوب أكثر توقا واحتياجا للتغيير وللحرية وللديمقراطية، وللكرامة، لإرساء آليات وقواعد ناظمة دستورية، جرى تغييبها طويلا، وأطول مما كان يُتوقع في أعقاب "الانسحاب الاستعماري" وفي ظل أنظمة ما بعد الاستقلال، تلك التي مضت في ابتناء هيمنة لها؛ ما انفكت تواصلها على الضد من كل تطورات حصلت وتحصل على مسرح العالم المعاصر.

وإذا كان "الاستقلال الأول" قد انطوى على تجربة من استقلالات شكلية، قادت فيها الأنظمة الحاكمة دولها وشعوبها ومجتمعاتها نحو أشكال مختلفة من التبعية للخارج، وخيانة المصالح والتطلعات الوطنية لشعوبها، واستيلائها واستباحتها للدولة، في ما يشبه احتلالها، فإن الأمل والرجاء ألا تنقضي فترات "الاستقلال الثاني" التي تعد بها ثورات الربيع العربي، في اتجاه انتكاسها أو نكوصها نحو تكرار واجترار تجربة تبعية أجهضت "الاستقلال الأول"، وأنهت بناء الدولة حين جرى اغتصابها واستباحة مجتمعها لمصلحة سلطة شرهة متلهفة لامتلاك سلطة غلبة وإكراه، تحت مسميات كثيرة لم تختلف في مآلاتها عن تحويل السلطة إلى بديل للدولة، ومجتمع السلطة إلى بديل للمجتمع الوطني، وزبائنيي السلطة وبلطجييها وشبيحتها كـ "شعب مختار" بديلا للشعب. .

بذا تؤكد الحراكات الشعبية الراهنة، بما هي شكل من أشكال الثورة الربيعية العربية، أنها حراكات دستورية بامتياز، بمعنى أنها إلى جانب المطالب والأهداف التي تدعو إليها، تقف مسألة المطالبة بدستور جديد، أو تحويل السلطة إلى سلطة دستورية، كما في الممالك العربية، في مقدمة ما تريد الحراكات الشعبية تحقيقه، فالدستور أبو القوانين، وعليه يجري التعويل أن يكون قائدا لمسيرة التحول والتغيير التاريخي على دروب "الاستقلال الثاني"، انتقالا من ضفة النظم الاستبدادية إلى ضفاف النظم التي تحاول تلمس طريقها نحو الديمقراطية، وقبلا إيجاد روابط جدلية وضرورية بين الحقوق والواجبات التي ينظمها ذاك العقد أو العقود التي تمتلك قوة القانون، وتجدده الدائم في ضوء احتياجات وضرورات التحاكم والتقاضي التي يجب أن تربط بين الحاكم والمحكوم.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين ماء السلطة وحجار الدولة
- الديمقراطية والمجتمع.. من يُنضج من؟
- في حاجة تاريخنا ومجتمعاتنا للحرية
- نقائض الدولة ونواقص السلطة
- صناعة الطغاة والهويات الأكثر التباسا
- دفاعا عن وطنية الشعب والمجتمع والدولة
- مأزق نخب أضاعت بوصلاتها
- سيرورات التغيير والثورة والديمقراطية
- ثورات الانعطاف التاريخي الراهن ومحنة الاستبداد
- حداثة متجددة لا عثمانية جديدة
- في شأن الطبيعة العفوية للثورات الشعبية
- بناء الدولة وسط ركام التحولات
- حطابات لفظية ضيّعت فلسطينية الدولة
- المجتمع الجديد والمواطنة
- ربيعنا الديمقراطي وحلم النهضة المؤجل
- الهوية لا يصنعها الطغاة
- اي مصالحة في ظل نظام إشكالي؟
- سلطويات مانعة للمواطنة
- الإصلاح الشامل كمسألة وجودية
- سلطويات الذات الاغترابية ونزعتها النيرونية


المزيد.....




- وزارة الدفاع الوطني بالجزائر: إرهابي يسلم نفسه للجيش واعتقال ...
- أميركا تؤكد عدم تغير موقفها بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة ...
- برنامج الأغذية العالمي: لم نتمكن من نقل سوى 9 قوافل مساعدات ...
- قيس سعيد: من أولوياتنا مكافحة شبكات الإجرام وتوجيه المهاجرين ...
- -قتلوا النازحين وحاصروا المدارس- - شهود عيان يروون لبي بي سي ...
- نادي الأسير الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر ...
- برنامج الأغذية العالمي يدعو لوقف إطلاق النار في غزة: السرعة ...
- هل يصوت مجلس الأمن لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المت ...
- ترجيحات بتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- السلطات الفرنسية تطرد مئات المهاجرين من العاصمة باريس قبل 10 ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - ثورات الدسترة والاستقلال الثاني