أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - ثورات الانعطاف التاريخي الراهن ومحنة الاستبداد















المزيد.....

ثورات الانعطاف التاريخي الراهن ومحنة الاستبداد


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3409 - 2011 / 6 / 27 - 20:37
المحور: المجتمع المدني
    


تصرّ أنظمة استبداد سلطوية على التعامي عن الوقائع برفضها أو بإنكارها، لتصر على "أحقيتها" و"شرعيتها" للاستمرار بالسلطة، في وقت كشفت حركات الشارع الاحتجاجية رفضا شاملا ومطلقا لهذا "الحق" و/أو لتلك "الشرعية"، بغض النظر عن حجم وأعداد المشاركين في تلك الاحتجاجات التي نجحت في أن تتكوّن كثورات شعبية، ثورات تزداد رقعة انتشارها يوميا على وقع شراسة القمع وغزارة الدم النازف في الشوارع، جرّاء استشراس بنية السلطة الاستبدادية في الدفاع عن مصالح أصحابها الأكثر مصلحية، وعن موضوع تسلطها واستبداديتها، في وجه اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية، ورصها المزيد من التكافل التضامني الشعبي مع أهداف ومطالب الثورة.

لهذا لا تستطيع الثورة أن تنجح في إرساء تحولاتها التغييرية، من دون أن تنشئ بنية ثقافية إجتماعية حاضنة، تقطع مع بيئة تلك البنية الثقافية – السياسية والإجتماعية التي تنتعش في ظلالها قوى الثورة المضادة التي لا تستسلم بسهولة لموضوعة تغيير النظام، على أن بيئة مولدة للاستبداد وللفساد في محيط وإطارات السلطة، لن تستطيع أن تنتقل نقلتها النوعية التاريخية الكبرى، باتجاه القطع أو نقض موضوعة السلطة المستبدة، للانتقال نحو عهد تغييري جديد، ينحو نحو تسييد الشعب مصدرا أول للسلطة ومرجعيتها.

وفي مواجهة أنظمة سلطوية لا سياسية، ينبغي أن ترتفع أصوات كل الذين هبوا أو يهبون للدفاع عن الحقوق الإنسانية، للشعوب المقهورة تحت حكم أنظمة طغيانية، استمرأت انسياقها خلف منطق استملاكي لأوطانها وشعوبها، ما أتاح لها التصرف بما "ملكت" على هواها، ووفق سلوك إجرامي، عماده استباحة المدن والبلدات والقرى والناس فيها دونما رادع.

إن منطق إما أن نحكمكم فتخضعون لنا عبيدا أذلاء، أو نقتلكم حين تتمردون وتثورون على شروط استعبادكم وصمتكم الطويل، هو منطق وبنية أنظمة الطغيان الاستبدادي الراهن في العديد من بلدان الجمهوريات التوارثية والتوريثية وتلك الثيوقراطية الدينية، حيث ممالك الإبداع الفاشي في القتل أو في الحض عليه، كممارسة وحيدة أو أحادية، أفضت وقد تفضي إليها اليوم حال سلطات القتل الإجرامي وأدواتها الأمنية والعسكرية، الباقية على "عهدها" مع أرباب عملها. ومن راقب الجريمة وتسلسل الأعمال الجرمية التي تمارسها الأنظمة التسلطية، وأحس أنها الحقيقة الوحيدة التي ينطق بها زبانيتها ممن يتخلقون بأخلاق الفاشية، لم يجد أمامه إلا النجاة عبر الانشقاق، أو "الخلاص" الإرغامي عبر القتل، للعودة إلى صفوف أبناء الشعب النجباء الذين قالوا ويقولون بدمائهم لا وكفى للاستبداد، نريد الحرية واستعادة كرامتنا كمطلب مقدس.

لقد تحولت السلطة في بلادنا إلى "مقدس" يجري الاستمساك به والدفاع عنه، وكأنه وليد أو قرين الشخص أو النخبة الطغموية المافيوية الحاكمة، أو قدرها الذي لا يُرد، مهما كانت وتكون مسلكياتها وممارساتها التدميرية للمجتمع والوطن والدولة، فليست صحيحة تلك المعادلة القائلة بضرورة الحفاظ على الاستقرار، استقرار مصالحها ومنافعها ومصالح ومنافع وامتيازات مشايعيها من زبائنيي القرابات العائلية والطبقية، والتسلط البطريركي، ذاك القائل اليوم بأنه بديل الفوضى والحرب الأهلية، كونه حامل الاستقرار الأوحد، ولو على حساب المستقبل الحداثي للوطن، والمستقبل التنويري الواعد لمجتمع يخرج على تقليديته تمردا ورفضا للسائد السلطوي سياسيا ومجتمعيا ودينيا، ولم يعد يحتمل وجود آليات تسلطية مقترنة بوجود بنى ووجوه سلطوية فاسدة ومفسدة؛ أرتكبت من الخطايا ما لم يعد ممكنا أن تستمر سنن سلطويتها، وكأنها هفوات يمكن التسامح معها.

وإذا كانت السلطة كونها أيديولوجية بنية ثقافية محددة في واقع بلادنا، قد تأسّست وأسّست طغيانها على حساب كل قيم الحرية والعدل والقانون والعقود الاجتماعية والسياسية التي نشأت في الدولة الحديثة، فإن وعي التغيير والتحولات التاريخية الراهنة التي تشهدها ساحات وميادين المدن والعواصم، وهي تنشدّ إلى وحداتها المعمّدة بالدم وبالتضحيات، فهي تنشدّ إلى ما يناقض طبيعة وأصول السلطة ومرجعياتها التي أسفرت عنها في الماضي؛ فالتعددية والديمقراطية هي المآل الذي تسعى وتنشدّ إليه؛ كونه الوعاء الجامع للوطنية، التي يجري تأسيسها، على الضد من كل معوقات طغيان السلطة على اختلاف معاييرها الاستبدادية الدينية والسياسية والمجتمعية.

لهذا كانت وتكون خيارات التنمية المتجانسة والشاملة، قرينة الخيارات الديمقراطية لدى مجتمعات أكثر احتياجا للتحديث والتطوير الذاتي لقواها، بعيدا عن مسألة المساعدات الخارجية، التي أثبتت خبرة مجتمعاتنا وسلطات "الدول" القائمة في بلادنا، أن الخارج حين يصير جزءا "أصيلا" من سياسة الداخل، لا تؤدي مساعداته حينها سوى دور إعادة سبك وصياغة شروط تبعية سياسية واقتصادية وفكرية وثقافية، وإن تجانست مع المحيط الإقليمي والدولي للدول، إلا أنها تنحط بالدواخل الوطنية إلى مستويات دنيا من امتلاكها لسياداتها الوطنية، ناهيك عن جرها إلى مواقع فقر وإفقار متزايدة لشعوبها، في الوقت الذي كانت مفاعيلها تلعب دورا رئيسا في تصلب أنظمة استبداد طغيانية، ارتقت بعملية الفساد والإفساد، كما لم ترتق في أي عملية تحديث لمجتمعاتها، بل على حساب وعلى الضد منها.

هو المنعطف التاريخي الذي تستحق فيه العديد من التحولات التغييرية، وهو يرسم أفقا آخر للمستقبل؛ مستقبل تتحصّن في قلاعه وداخل حصونه قوى الحداثة والمعاصرة، الساعية إلى إقرار مسار ديمقراطي، وقيام مسيرة دسترة قانونية تتخلق وتخلق مؤسساتها، وفق حاجة وضرورة مجتمعات ودول، لم تعتد مسارات قانونية للوصول إلى أبنية دولتية، على حساب تلك الأنماط السائدة لعلاقات أهلية ما قبل مدنية. من هنا أهمية المنعطف التاريخي كمدخل إلى تلك المسارات التي طال انتظارها.

بالطبع وفي سياق هذه العملية، لا ينبغي ولا يجب أن نرهن ذواتنا لاستبداد من نمط آخر، كبديل لاستبداد سلطوي يمارس طقوسه الخاصة على محكوميه، بينما الاستبداد الثيوقراطي الذي يأخذ شكلا مجتمعيا، ينتظر انقلابه على السلطة ليصيّرها تابعة له، وهو يمارس طقوسا أقسى على تابعيه وأشياعه ممن "يحلمون" بسلطة فعلية، ينقادون إليها دون سؤال أو تساؤل عن معنى الخضوع ومحنة الحرية أو الكرامة؛ فالاستبداد الذي يؤمنون به هو من نمط آخر؛ غير سياسي، غير إجتماعي، غير ثقافي، هو مزيج من كل هذا، إنه أيديولوجي ثيوقراطي بامتياز، لا تدانيه سوى تلك التي سادت يوما في عصور الظلام والاستبداد الديني في القرون الوسطى.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حداثة متجددة لا عثمانية جديدة
- في شأن الطبيعة العفوية للثورات الشعبية
- بناء الدولة وسط ركام التحولات
- حطابات لفظية ضيّعت فلسطينية الدولة
- المجتمع الجديد والمواطنة
- ربيعنا الديمقراطي وحلم النهضة المؤجل
- الهوية لا يصنعها الطغاة
- اي مصالحة في ظل نظام إشكالي؟
- سلطويات مانعة للمواطنة
- الإصلاح الشامل كمسألة وجودية
- سلطويات الذات الاغترابية ونزعتها النيرونية
- آلام التغيير وثقل الستاتيك الفلسطيني
- فجر ليبيا وغروب الأوديسة
- في تعددية ولا معيارية الثورات الديمقراطية
- ليبيا الحرة دولة مدنية حديثة
- دولة الحل المرحلي: دويلة منزوعة السيادة
- روح التغيير وبدء الإنفراج التاريخي
- محفزات احتضان السياسة.. وصناعتها
- فات أوان الإصلاح.. هبت رياح التغيير
- في التغوّل السلطوي اللاغي للتعددية


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - ثورات الانعطاف التاريخي الراهن ومحنة الاستبداد