أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - العقل النقدي والتغيير المنشود














المزيد.....

العقل النقدي والتغيير المنشود


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3498 - 2011 / 9 / 26 - 23:47
المحور: المجتمع المدني
    


أن يلجأ النظام العربي لإصلاح نفسه بنفسه، عبر تحقيق مجموعة إصلاحات مستحقة تاريخيا، حتى من قبل أن يولد هذا النظام أو ذاك من أنظمة "ما بعد الاستقلال"، مسألة أكثر من راهنة. أما أن يكون النظام يعيش تحت كنف دستور من عدمه؛ فهذه ليست هي المسألة، فالإصلاح مسألة وجودية ومصيرية راهنة على الدوام، كذلك الدستور، واجب الوجود، كعقد إجتماعي مهمته الرئيسة وصل كل ما انقطع بين مكونات الدولة من مواطنين على اختلاف وتنوع وتعدد تلك المكونات، من دون تمييز أو تحيز أو محاباة، ناهيك عن أن الدستور كأب للقوانين جميعا، ينبغي أن يكون نتاج إرادة مواطنين تجمعهم وطنية جامعة؛ كشعب واحد موحد، هو مصدر كل تشريع، وهو مرجعية كل ما يتعلق بأمور التحاكم والتقاضي، في ما يتعلق بأمور الدولة، على أن ذلك تحديدا هو ما يميز بين الدولة الدستورية، وتلك الاستبدادية التي لا تخضع لأي مرجعية أو شرعية، سوى تلك التي يحددها مزاج ومصالح و"إرادة" الحاكم الفرد، أو نخبة طغموية تتحلق حوله، وتمنحه كل فروض الولاء والطاعة العمياء، لتصبح السادية سيدة السلطة وإحدى موجهاتها الأساس ضد الشعب كـ (عبيد للسلطة).

إن أهمية اشتغال العقل النقدي، أنه الأقدر على فضح موات العقل النقلي التابع، الخاضع لسلطة هي الأخرى تعادي كل عقل مستقل، لا يسير في ركابها، أو يبرر لها كل أفعالها وفعالياتها العاملة والعامدة إلى تغييب العقل وترذيل النقد، وإخضاع السياسة وتأميمها، وتخوين كل محاولة للتغيير، خصوصا تلك التي تشمل كل أبنية السلطة، قديمها والجديد غير المتغير، المحافظ والأكثر استمساكا بالماضي وبأفكار ماضوية لا يمكنها الانتساب إلى الحداثة والمعاصرة والتنوير، وبالتالي فإن وضعها في صف قوى التغيير والثورة، وإمكانية مضيّها حتى النهاية لتحقيق أهداف التغيير المنشود، وهم ما بعده وهم، الوهم الذي قد يقود إذا ما استحكم إلى هدم هيكل الثورة، ويقطع الطريق عليها، وعلى مهمة التغيير.

من هنا عدم الاكتفاء في سياق العملية التاريخية الجارية في بلادنا اليوم، بالتغيير السياسي الفوقي للأنظمة الحاكمة، أو تغيير رؤوسها والإبقاء على بنيتها أو بناها التقليدية، فما يجري في مصر اليوم كما وفي تونس وليبيا، يؤكد مخاض الثورة المستمر، طالما أن التغيير المنشود، التغيير الذي يستجيب لحاجات وضرورات مرحلة من أشد مراحل ومفاصل منعطف تاريخي راهن في تحقيق ونيل الشعوب والمجتمعات لحرياتها الأساسية والطبيعية، وتحررها من سلطات طغيانية، ودمقرطتها في سياق عملية أشمل هي نتاج الحاجات الوطنية لا الإملاءات الخارجية، وهي في كل حال عملية تنويرية ونهضوية تؤسس لمواطنة حقة دستورية وقانونية، لا ينازعها أحد في سلبها أو الانتقاص منها.

لهذا لن يكون بناء أو استعادة بناء الدولة، مهمة سهلة، في ظل تشويهات بناء السلطة التي قادت إلى بناء "دولة بوليسية أمنية" منفصلة أو منفصمة عن مجتمعها، المجتمع الذي نّظر إليه دائما على أنه المنافس الرئيس للسلطة الأمنية، مما جعلها تتعمد الإبقاء على ذات الإشكالات والمعضلات المجتمعية، وأبقت المجتمع ذاته رهينة الإخضاع والإكراه، والعيش في ظل جدران الصمت والخوف التي بناها النظام في "مملكته" طوال عقود من الجور السياسي والجور الإنساني السادي المتواصل في أروقة السلطة.

إن التحدي الراهن المطروح أمام العقل النقدي التغييري، الإجرائي والمنشود اليوم وفي المستقبل؛ مستقبل حراكات الشعوب العربية ومجتمعاتها في ميادين الكفاح التحرري لإراداتها؛ يحتّم توسيع آفاق العمل والقوى والأدوات الصانعة للتغيير، وإدراجها جميعا في أتون كفاح ثقافي مدني ومجتمعي، إضافة إلى ما هو سياسي، بمعنى التهيئة لبناء نظام سياسي جديد لدولة مدنية حديثة، طالما أننا لسنا في صدد إعادة بناء النظام القديم وسلطته الجديدة، بوجوه أخرى غير تلك القديمة ممن كانت تحسب على النظام القديم؛ وطالما أن هدف التغيير المنشود يتجاوز بناء دولة تقليدية موروثة مفاهيمها وبناها الهيكلية من تاريخ غابر، من قبيل "دولة الخلافة" أو "دولة دينية" أو "دولة مدنية ذات مرجعيات دينية".. إلخ من صيغ يتفنن العقل النقلي في ابتداعها إزاء بناء الدولة.

إن إعادة بناء المفاهيم السياسية المعاصرة، هي المهمة الأبرز لمجموع القوى ذات المصلحة العليا في التغيير المنشود، ففي ظل مهمة الهدم التي تقوم بها الثورة بمجموع قواها الفاعلة والمؤثرة، ضد سلطة النظام/الأنظمة الطغيانية الاستبدادية، تقوم مهمة بناء الدولة الجديدة، دولة القانون والمؤسسات المدنية الحديثة. ولئن كانت وتكن هذه المهمة سهلة نسبيا في البلدان الأعرق سياسيا وحضاريا، إلاّ أنها مهمة صعبة، وقد تقارب المستحيل في عدد من بلدان أكثر تقليدية وتخلفا؛ في ما تتبناه من مفاهيم سياسية خاضعة هي الأخرى لتبعية مركبة في تحديد ارتباطاتها وخياراتها، مع خارج إقليمي أو دولي لا يتحرك بدوافع إنسانية خيرية بحتة، أو سياسية محضة، بقدر ما تحركه دوافع المصلحة والمنفعة والرؤى الأشمل للهيمنة في إطاراتها الأوسع.

التغيير المنشود إذن، يتخطى واقع استبدال نظام بنظام، سلطة بسلطة، مرتكزاتهما هي ذاتها؛ التغيير المطلوب تحديدا في هذا المنعطف التاريخي الراهن، يتجاوز واقع ما نراه ونعايشه، وما تسعى إليه قوى دينية وسياسوية متخلفة، للإبقاء على أنماط الضخ المعرفي والثقافي، كأيديولوجيا تعادي إواليات وإمكانات أي تطور؛ هو وليد أفكار الحداثة والتنوير، كنتاج لمفاهيم سياسية معاصرة وحداثية منشودة، في ذات مستوى نشداننا لتغيير له طابع الإلحاح التاريخي المطلوب؛ كتحوّل لا بد ولا مناص منه، وصولا إلى دولة المواطنة والقانون والمؤسسات المدنية.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إرادة التحرر وإرغامات الاستبداد
- تغيير العالم رهن إرادات التغيير
- سؤال الحرية كراهن تاريخي دائم
- ثورات الدسترة والاستقلال الثاني
- بين ماء السلطة وحجار الدولة
- الديمقراطية والمجتمع.. من يُنضج من؟
- في حاجة تاريخنا ومجتمعاتنا للحرية
- نقائض الدولة ونواقص السلطة
- صناعة الطغاة والهويات الأكثر التباسا
- دفاعا عن وطنية الشعب والمجتمع والدولة
- مأزق نخب أضاعت بوصلاتها
- سيرورات التغيير والثورة والديمقراطية
- ثورات الانعطاف التاريخي الراهن ومحنة الاستبداد
- حداثة متجددة لا عثمانية جديدة
- في شأن الطبيعة العفوية للثورات الشعبية
- بناء الدولة وسط ركام التحولات
- حطابات لفظية ضيّعت فلسطينية الدولة
- المجتمع الجديد والمواطنة
- ربيعنا الديمقراطي وحلم النهضة المؤجل
- الهوية لا يصنعها الطغاة


المزيد.....




- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - العقل النقدي والتغيير المنشود