أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - السلطة.. -هبة سماوية- أم -غنيمة دنيوية-؟














المزيد.....

السلطة.. -هبة سماوية- أم -غنيمة دنيوية-؟


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3542 - 2011 / 11 / 10 - 21:11
المحور: المجتمع المدني
    


الحرية والكرامة والخلاص من الاستبداد السلطوي الديني والسياسي على حد سواء، هذه الشعارات والمطالب الواضحة لثورات وانتفاضات الربيع العربي، ليست قضية دينية بامتياز، ولا هي قضية المتدينين، وإن شارك البعض منهم فيها كأفراد وذوات ينتمون إلى شعوب ومجتمعات متعددة ومتنوعة.

أما أن يعمد البعض منهم كي يتوسلوا ثورات الشعوب وانتفاضاتها كي تكون مدخلهم إلى السلطة، كغنيمة يمكن انتزاعها في لحظة غفلة قوى الثورة الحقيقية، وبإسناد ودعم من قوى الثورة المضادة، فتلك مسألة أخرى؛ فالسلطة التي يراد احتيازها من قبل قوى التدين السياسوي، ليست أكثر من "مغنم دنيوي"، يضاف إلى "المغنم السماوي" الذي يزعمون أن السماء قد منحتهم إياه، كسلطة احتكار الفقه والتفسير والحديث والتأويل إلى حد التقويل أحيانا، و/أو مواقف ومعطيات كثيرة تتعلق بطبيعة الحياة ذاتها.

لهذا ليس صحيحا إن هدف الثورات والانتفاضات الشعبية العربية اليوم، هو مجرد استبدال نظام سلطة استبدادية سياسية، بسلطة استبداد دينية أو شعبوية، تهئ ذاتها للحكم انطلاقا من رؤيتها كونها الوارثة والوريثة للسلطة، ومن استعادتها لمقاربة تداخل السياسي والديني لابتناء "أسرة حاكمة" جديدة تقوم شرعيتها على منطق أو لا منطق مزج السياسي بالديني، وذلك في استبعاد لكل إمكانية لابتناء دولة مدنية دستورية حقيقية وليست متخيلة.

كما انه ليس صحيحا أن هدف تلك الثورات والانتفاضات؛ مجرد استبدال سلطة استبداد تابعة، تهالكت حتى لم يعد ممكنا منحها فرصة ضخ دم جديد في شرايينها، التي تفتقت عن موت سريري، وغيبوبة طويلة تستدعي "موتا رحيما" لا "إنقاذا رجيما"، واستبدالها بسلطة تابعة جديدة، قد تعيد تكرار سيرة التبعية السابقة لخوارج إقليمية ودولية، لا يهمها سوى استمرار مصالحها وتأمينها وحمايتها في دواخل لم يتغير منها سوى الأشكال الخارجية لأنظمتها السياسية، بينما بقيت تحتكم في هذه الدواخل إلى سلطة غلبة طغت وتطغى من دون أن تحاول تغيير مسلكياتها، كي تتلاءم وأهداف وتطلعات شعبية أرادت من الثورة أن تغير واقع بلدانها نحو الأفضل.

إلاّ أن قوى الثورة المضادة تحاول ما جهدت، قطع الطريق على استكمال مسيرة الثورة وسيرورتها بما يضمن وصولها إلى لحظة كمالها واكتمالها؛ وهو ما يحصل اليوم في كل من تونس ومصر، حيث يعتبر البعض أن الثورة انتصرت فيهما، متناسين أن خطوات الانتصار الجزئية لم تتخط بعد هدف الإطاحة برأسي نظاميهما، بينما تستمر وتتواصل سيرورة محاولات تغيير لم يكتمل، وثورة لم تحقق إنجازاتها؛ ولم تصل إلى مآلاتها النهائية بعد. وقد لا تصل حتى في ظل انتخابات لن تكون حاسمة في مطلق الأحوال؛ بعد سنوات الاستبداد والتصحير الطويلة. والانتخابات التونسية وما أسفرت عنه، وما قد تسفر عنه الانتخابات المصرية في الشهر القادم، مؤشر بالخط العريض على صعوبات الانتقال واستعصاءات التحول التغييري، في مجتمعات قد تكون "أدمنت" العيش في ظل الديكتاتورية السياسية، والنزوع البطريركي الديني للهيمنة. لذا من المبكر الحديث عن خيارات سياسية في واقع بلاد كانت السياسة فيها إحدى الجرائم الأساس إلى جانب "التآمر على الحاكم".

لهذا شهدنا ونشهد اعتبار "السلطات المؤقتة" في كل البلدان التي نجحت حراكاتها الشعبية في الإطاحة برؤوس أنظمتها؛ مغنما ليس من السهل التخلي عنه، أو تقديمه على طبق من ذهب، لمن قد يمتلك شرعية حيازتها كسلطة تمثيلية منتخبة، لا كمغنم يأتي به الإكراه وقد تفرضه الغلبة.

إن سيرورة الثورة والتحولات التاريخية الضرورية والمطلوبة في واقع عربي راهن، لا يمكنها الاكتفاء بالنظر إلى طبيعة السلطة وكأنها يمكن عبر تغيّراتها القاهرة أن تنجز أهداف التغيير؛ هذه السيرورة يمكن الحكم عليها في مآلاتها النهائية، لا في ما قد تحققه في خطواتها الأولية، فما يجري في مصر كما في تونس، وكما قد يجري في ليبيا وفي سوريا واليمن غدا، هي محاولات استبدال سلطة بسلطة، وهذا يعني إجهاضا للثورة، وإفشالا لمطالبها وأهدافها التغييرية، التي عوّلت الجماهير الشعبية على إنجازها كهدف أولي أو أهداف نهائية؛ تتسع لما هو أشمل من مجرد الإطاحة برأس النظام، إلى إجراء تغييرات شاملة في السلطة وفي طبيعتها، وفي طبيعة البنى الاقتصادية والاجتماعية الطفيلية التي دمرت اقتصاد ومجتمع الوطن، بفضل الاستبداد السلطوي المتحكم بالسلطة التي سبق لها واستولت على الدولة، وأقامت هيمنتها على قواعد تفتيتية لكامل البنى الاجتماعية والمجتمعية، وعملت على استتباعها، كي يسهل قيادها وإخضاعها.

لهذا يتوجب العمل على اعتبار السلطة، أي سلطة قائمة أو مقبلة ومؤقتة أو حتى منتخبة، لا كمغنم "دنيوي" أو "سماوي"، بقدر ما هي سلطة تخضع لموازين قوى طبقية واجتماعية واقتصادية وسياسية، قد تعمل وفق ضوابط معيارية قانونية أو دستورية، لكنها في النهاية لا تستطيع ضبط ذاتها ومنعها من الغدر بكل تلك الأسس القانونية والدستورية التي جاءت بها، إلا حين تنضبط لأهداف ومطالب الجماهير الشعبية، التواقة للتغيير والنهوض والتنوير، وبناء حداثتها المعرفية والعلمية المنتجة. وهذا هو رهاننا المستقبلي في تضاده مع سلطة أو سلطات سياسية أو دينية تسعى لتحويل السلطة السياسية في بلادنا إلى "مغنم دنيوي دائم". وهذا ما لا يستقيم وسويّة المآلات النهائية لثورات وانتفاضات شعوبنا التحويلية والنهضوية.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لئلا يتحول الربيع العربي إلى -خريف إسلاموي-
- الاستبداد العربي.. قضية من لا قضية له
- بؤس البدايات ومأساة النهايات
- الدولة المدنية وسلطة مثبطات التقدم ومحبطاته
- في العقل النقدي وعصبيات ما قبل الدولة
- العقل النقدي والتغيير المنشود
- إرادة التحرر وإرغامات الاستبداد
- تغيير العالم رهن إرادات التغيير
- سؤال الحرية كراهن تاريخي دائم
- ثورات الدسترة والاستقلال الثاني
- بين ماء السلطة وحجار الدولة
- الديمقراطية والمجتمع.. من يُنضج من؟
- في حاجة تاريخنا ومجتمعاتنا للحرية
- نقائض الدولة ونواقص السلطة
- صناعة الطغاة والهويات الأكثر التباسا
- دفاعا عن وطنية الشعب والمجتمع والدولة
- مأزق نخب أضاعت بوصلاتها
- سيرورات التغيير والثورة والديمقراطية
- ثورات الانعطاف التاريخي الراهن ومحنة الاستبداد
- حداثة متجددة لا عثمانية جديدة


المزيد.....




- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - السلطة.. -هبة سماوية- أم -غنيمة دنيوية-؟