أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة بين (المواطنة) و (القومية)















المزيد.....

العلاقة بين (المواطنة) و (القومية)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3597 - 2012 / 1 / 4 - 12:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الاشتقاق اللغوى لتعبير(المواطنة) من المصدر(وطن) أما التعريف العلمى لمعنى المواطنة فهو أنّ أبناء أى شعب متساوون فى الحقوق والواجبات ، بغض النظرعن انتماءاتهم الدينية. وهذا المبدأ يُراعى أنّ المجتمعات الإنسانية لاتخلو من التعددية الدينية والمذهبية. وكان الحل الأمثل (كما فى تجربة أوروبا فى عصرالنهضة) هو (علمنة مؤسسات الدولة) وانتقل إلى شعوب أخرى مثل الهند واليابان. وبفضل (علمنة مؤسسات الدولة) اختفتْ من دساتيرهذه الأنظمة النص على دين معين للدولة. وقامت فلسفة هذا المبدأ على أساس أنّ الدولة شخصية اعتبارية مثلها مثل الوزارات. والشخصية الاعتبارية فى القانون ليس لها دين ولاتتعامل بالدين. وأنّ عدم النص على دين للدولة يؤكد الحياد المطلق تجاه كافة المواطنين بغض النظرعن انتماءاتهم الدينية والمذهبية والفلسفية. كما يؤكد أنّ هذا الحياد هوالسبيل الوحيد لتطبيق قواعد العدالة على كافة المواطنين.
تواكب فى تجربة أوروبا تكريس فلسفة العالمانية (نسبة إلى العالم الذى يضع البشرقوانينه) مع تعميق الحس القومى. والمتأمل لتجربة الإتحاد الأوروبى يلاحظ أنه رغم إلغاء تأشيرة الدخول والتعاون الاقتصادى والبرلمان الأوروبى والعملة الواحدة إلخ إلاّ أنّ كل شعب يعتز بشخصيته القومية من لغة وتراث وشخصيات تاريخية. وبالتالى لاتجد فرنسيًا يقبل أنْ يقال عنه أنه إيطالى أو تجد إنجليزيًا يقبل أنْ يقال عنه أنه ألمانى إلخ.
وشهدتْ مصرقبل يوليو52 مفكرين دافعوا عن مفهوم العالمانية ومفهوم القومية المصرية. وأكدوا فى كتاباتهم أنّ هذيْن المفهوميْن هما الجناحان اللذان تنهض بهما أية دولة تشق طريقها نحو الحرية والتقدم. فمثلا يكتب قاسم أمين عن النظام السياسى ((مهما دققنا البحث فى التاريخ لانجد عند أهل العصورالإسلامية ما يستحق أن يُسمى نظامًا. فإن شكل حكومتهم كان عبارة عن خليفة أو سلطان غيرمقيد ويديرمصالح الأمة مستبدًا برأيه)) ودعا إلى أنْ نربى أولادنا ((على أنْ يتعرفوا شئون المدنية الغربية. وأنه من المستحيل أنْ يتم إصلاح فى أحوالنا اذا لم يكن مؤسسًا على العلوم العصرية. ولهذا لانتردد فى أنْ نُصرّح بأنّ القول بأننا أرقى من الغربيين هو من قبيل ما تنشده الأمهات من الغناء لتنويم الأطفال)) ويكتب إسماعيل أدهم ((إنّ فى الشرق استسلامًا محضًا للغيب. وفى الغرب نضالا محضًا مع قوى الغيب)) ويوجه نداءه إلى شعبنا لترك اللغة العربية. وأنّ لنا لغة قومية هى اللغة المصرية. والقول بأنها عامية العربية خطأ ((فهذه لغتكم وهى أولى بعنايتكم من إحياء لغة بدو لايربطكم بهم صلة ولارابط)) ويكتب أحمد زكى أبوشادى ((إنّ تعليم الدين فى المدارس غيرموحدة العقيدة ، فيه أخطرعوامل التنافر. والفضائل الأدبية التى تدرس فى المدارس يجب أنْ تقوم على السيكولوجيا الحديثة وعلى فلسفة الاجتماع بحيث يشعركل طالب بشخصية ضميره كوازع ومرشد فى نورالعلم الصحيح لما فيه من خيره وخير وطنه وخير الإنسانية. أما شئون العبادات لمن يؤمن بها فلاشأن لها بالمدرسة ولا بأى مظهرمن مظاهرالحكم ولايجوزأنْ تتسرب إلى المعاملات ولاينبغى أنْ تفرق بين أبناء الوطن الواحد)) ويكتب محمود عزمى مؤكدًا على المفهوم العالمانى للتعليم ((نحن ممن يدينون بضرورة جعل التعليم قائمًا على فكرة (المدنية) غيرذات الصبغة الدينية وأنّ التعليم الذى يُصرف عليه من خزينة الدولة يجب أنْ يكون غيرخاضع لغيراعتبارالقومية . وليس له نزعة دينية خاصة)) ويكتب عبدالقادرحمزة كيف ((أصبحنا آلات جامدة لاتكاد تتحرك إلاّ بالدين وللدين. وكأنما لم يخلق الله لنا عقولا. وكأنما نحن مسخرون بلا إرادة ولاتمييز. وكم من حركات دينية وقفت فى وجه مكتشفات علمية صحيحة فكانت حاجزًا منيعًا ضد كثيرمن المبادىء العلمية)) .
والشىء الملفت للنظرأنه داخل التيارالواحد تجد دفاعًا عن العالمانية وعن القومية المصرية. فإذا كان المشهورعن أحمد لطفى السيد دفاعه عن القومية المصرية مثل قوله ((نحن المصريين نحب بلادنا ولانقبل مطلقًا أنْ ننتسب إلى وطن غيرمصرمهما كانت أصولنا حجازية أو سوريه)) وكتب أنّ ((الإسلام ليس لمسلم بوطن. فوحدة الاعتقاد الدينى ليست كافية لإقامة وحدة التضامن الوطنى)) ربط لطفى السيد بين الدفاع عن القومية المصرية والدفاع عن الدولة العصرية. فنادى بضرورة استقلال القضاء((لأنّ حرية الأفراد وحقوقهم بغيراستقلال القضاء هباء. والقضاء إنْ لم يكن حرًا ومستقلا فمصالحنا همل وحريتنا هراء)) وعن الصحافة ذكرأنها صانعة الرأى العام وهى الحكومة الحقيقية للبلاد المتمدنة. ويكتب طه حسين مقالا فى شهرأمشير/فبراير27 فى مجلة الحديث يعترض فيه على اللجنة التى وضعت دستور23 بسبب الماد 149 التى نصت على أنّ دين الدولة الإسلام. وتصدى للأصولية الإسلامية فكتب ((من المحقق أنّ تطورالحياة الإنسانية قضى منذ عهد بعيد أنّ وحدة الدين ووحدة اللغة لاتصلحان للوحدة السياسية ولاقوامًا لتكوين الدولة)) ورغم أنه فى كتابه (مستقبل الثقافة فى مصر) كان يرى أنّ انتماء مصر(ثقافيا) إلى حوض البحرالمتوسط ، كان إحساسه بمصريته عميقًا فكتب ((إنّ الفرعونية متأصلة فى نفوس المصريين وستبقى كذلك. بل يجب أنْ تبقى وتقوى. إنّ المصرى مصرى قبل كل شىء. وهولن يتنازل عن مصريته مهما تغلبت الظروف. وأنّ الأكثرية الساحقة من المصريين لاتمت بصلة إلى الدم العربى )) فى ظل هذا المناخ يكتب توفيق الحكيم فى رسالة منه إلى طه حسين (مايو33) يقول فيها (( لابد لنا أنْ نعرف من المصرى ومن العربى)) وفيها يُلخص الفرق بين خصائص الثقافة القومية لكل من المصريين والعرب. وفى رسالة أخرى كتب ((إنّ المنطق الذى شيّد الأهرام لهو صورة محكمة للمنطق الذى شيّد الكون . وأنّ القاعدة التى بُنيت عليها الأهرام ، هى قاعدة كل بناء : التماسك بين الأجزاء فى كل واحد متسق. أى جمال للأهرام غيرذلك التناسق الهندسى الخفى ؟)) أما العرب فهم ((أمة نشأت فى فقرلم تعرفه أمة غيرها. صحراء فقراء. قليل من الماء يثيرالحرب والدماء. كل تفكيرالعرب وكل فن العرب فى لذة الحس والمادة . لذة سريعة منهومة مختطفة اختطافًا. لأنّ كل شىء عند العرب سرعة ونهب واختطاف. ومرّ العرب بحضارات مختلفة فاختطفوا من أطايبها اختطافًا ركضًا على ظهورالجياد. كل شىء قد يحسونه إلاّ عاطفة الاستقرار. وكيف يعرفون الاستقرار وليس لهم أرض ولاماض ولاعمران. دولة أنشأتها الظروف ولم تنشئها الأرض. وحيث لا أرض فلا استقرار. وحيث لا استقرار فلا تأمل. وحيث لاتأمل فلا ميثولوجيا ولاخيال واسع ولاتفكيرعميق ولاإحساس بالبناء. لهذا السبب لم تعرف العرب البناء سواء فى العمارة أو فى الأدب أو فى النقد. كل شىء عند العرب زخرف. لايقوم على البناء. فلا ملاحم ولاقصص ولاتماثيل. أتستطيع أنْ تتخيل العرب تبى الأهرام ؟)) .
كان هذا هو المناخ السائد قبل يوليو52. وبعد هذا التاريخ ركّزالنظام ومعه الثقافة السائدة على أننا نحن المصريين عرب وعلى طغيان اللغة الدينية فى كل مؤسسات الدولة. ومن هنا بدأ انهيار مفهوم المواطنة مع العداء للقومية المصرية لصالح القومية العربية. وهذا العداء أخذ أشكالا عديدة مثل العداء لظاهرة الموالد التى يعشقها المصريون (مسلمون ومسيحيون) والعداء للموروث الشعبى مثل الاحتفال بسبوع الطفل وأعياد الميلاد وشم النسيم وخميس وأربعين المتوفى وأسلوب الدفن. والعداء لجدودنا المصريين القدماء وإتهامهم بالظلم والطغيان. فى حين أنّ علم المصريات ينفى عنهم هذه التهمة تمامًا. بل العكس حيث أشاد أكثرمن عالم بقيمة العدالة فى مصرالقديمة. لدرجة أنّ جدودنا أبدعوا إلهة للعدالة (ماعت) .
واذا كانت الثقافة السائدة تسير فى سكة العروبة وفى تعظيم اللغة الدينية فإنّ الإبداع الشعبى يؤكد أنّ شعبنا يقاوم بالنكتة والمثل والتمسك بعاداته الموروثة عن الجدود. ولكن إلى أى مدى ستستمرالمقاومة فى مواجهة ثقافة سائدة مسلحة بأخطرمؤسستين : التعليم والإعلام ؟ هذا هو السؤال : كيف يمكن مجابهة الثقافة السائدة لتعميق المعنى العلمى لحق (المواطنة) وأنه لا يمكن فصل هذا المعنى عن تعميق إحساسنا بقوميتنا المصرية. إذا نجحت الأجيال القادمة فى هذا سيترسخ المبدأ الذى رفع الشعوب المتحضرة فى طريق الحرية والتقدم : أننا مصريون قبل أنْ نكون مسلمين أو مسيحيين. وهو المعنى الذى أنشده سيد درويش والشعب يردد وراءه : (( اللى تجمعهم أوطانهم.. عمرالأديان ما تفرقهم)) .
****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النبل والبؤس فى طاحونة الحياة
- سناء المصرى : ضميرحى وعقل حر
- التنوير المصرى والجامعة الأهلية
- بورتريه لابن عمى المليونير م . م
- تونا الجبل : ميلاد مُتجدد للحضارة المصرية
- ميس إيجيبت وجدل العلاقة بين الثقافتين المصرية والعربية
- سليمان فياض : الواحد المتعدد
- النص الدينى والتفسيرات المتعددة
- العالمانية والاستقرارالاجتماعى
- هل يؤمن الأصوليون الإسلاميون بالديموقراطية
- مأزق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل
- الأدب واتعبيرعن التغيرات الاجتماعية
- لاتُصالح ودوائرالثأرالجهنمية
- كفيل مصرى لأى خليجى فى مصر
- رد بأن مقالى عن اللغة القبطية
- المشروع الفكرى للراحل الجليل بيومى قنديل
- سيناريو مُتخيّل عن استقالة شيخ الأزهر والمفتى
- قوى التقدم وقانون التغير الكيفى
- اذا كان المسيحيون مواطنين فلماذا الكتابة عن الجزية
- إرهاصات العالمانية فى مصر


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة بين (المواطنة) و (القومية)