أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - جابر حسين - و ... هل مات جيفارا ؟ ثلاث لوحات ووردة ...















المزيد.....

و ... هل مات جيفارا ؟ ثلاث لوحات ووردة ...


جابر حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3596 - 2012 / 1 / 3 - 20:28
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


اللوحة الأول :
السبت ، 12 يوليو 1997م ، عند العاشرة من صباح ذلك اليوم الشتائي البارد ، كانت بعثة علمية تنقب لأكثر من شهر في أدغال وأحراش بوليفيا تبحث عن مقبرة جماعية تضم رفات الزعيم الثوري والقائد الأممي الشيوعي " أرنستو تشي جيفارا " ورفاقه ! البعثة العلمية ضمت علماء آثار وتنقيب ، وعلماء في التاريخ السياسي والطبيعي ، أكاديميون متخصصون وعلماء حفريات ، ومؤرخو حقب معاصرة ، ومتطوعون يدفعهم توقهم الأنساني النبيل لمعرفة الحقيقة ، وكشفها للملأ ! في ذلك الصباح البارد المتلفع بالغيوم الدكناء ويخالطها البياض ، ، فجأة ، رن معول أحدهم فوق عظام أنسان فصاح في وجه الكون بفرح طاغ مجنون : " وجدته ... وجدته ، هنا يرقد رفات أسطورة القرن العشرين ! " بحرص وبطء كثير توسعوا في الحفر ، ومن وسط ركام التراب الرمادي الداكن المخلوط بالحشائش الخضر ، والنباتات البرية الشرسة ، من بين أكوام التراب المبتل الرطب ، أخرجت هياكل بشرية لستة آدميين ! ومن بينها جميعا كان رفات جيفارا ، واضحا كما الحقيقة و ... ساطعا كما التاريخ ، ومحدد كمقصلة : كان أطولهم ، أطرافه العظمية محددة جدا ومعروفة بسبب من شهرته العالمية وسماته المعروفة ... أطراف يديه ورجليه مقطعات ، ومسجيات بعشوائية فوق هيكله العظمي ! أصابع يديه ، ويديه نفسهما وساقاه ، كانت معروفة بتفاصيلها كلها لعلماء وخبراء البعثة عالية التخصص ! أما الجمجمة ، فقد كانت هي جمجمته بلا أدني شك ، فقد أجريت عليها في حياته أبحاث ودراسات كثيرة عظيمة ، كشأن جماجم العظماء في التاريخ البشري ! بدأت البعثة تعمل بنشاط كثير وحماس علمي كبير ، في ذلك الصقيع والبرد ، فأستخرجت ست هياكل كاملة لهؤلاء الأبطال ، الذين اغتيلوا جميعهم ، في ليلة واحدة ، وبآلة القتل نفسها ، وبالبشاعة ذاتها ، وبأصرار " دولي " غريب " خططت إليه وقادته ثم نفذته الولايات المتحدة الاميريكية ! عند ترتيب رفاتهم ، بدأوا كأبطال خرافيين كبار ، رجال عظماء بقامات باذخة ، يضيئون - كالشموع والرايات - في الجوهر من قلب التاريخ الأنساني للبشرية ! سبعة عشر عالما وقفوا ، دقيقة كاملة ، تحية وأجلالا للرجال الأسطوريين ! بعد ثلاثين عاما ، يظهر للدنيا كلها ، الرفات الذي يلخص الثورية والشجاعة والنبالة والجسارة ... فيعود جيفارا ورفاقه أحياءا في الدنيا وفي الضمير الأنساني علي أمتداد الحقب ، أبطالا يطالون العلا ويعيشون في ذاكرة الكون و ... يضيئون !
اللوحة الثانية :
في التاسع من أكتوبر العام 1967م ، في يوم غابت عنه الشمس و غادرته الغيوم ، وبعيدا عن ضمير العالم ، وسط الأحراش وأشجار الصنوبر العاليات والحشائش الطويلة الخشنة ، في يوم دبق كالصمغ ، مالح وغامض كما الملح والليمون ، حيث لاهواء ولا رياح ، في الهدوء الحزين والسكينة التي تبكي ، وعواء الذئاب يجلل المكان ، حيث كان الرعب حاضرا ، والحقارة والكراهية حاضران ، في ذلك الذرئ الكئيب ، أغتالت مجموعة ضخمة من جيش بوليفيا ، بتخطيط وتدبير وتمويل من الأستخبارات الامريكية ، وتحت قيادة محموعة متخصصة من الجنود الامريكيين ، أغتالت - بدم بارد مقزز شنيع - قلب المجموعة الثورية لامريكيا الاتينية كلها : أرنستو تشي جيفارا ورفاقه المغاوير ! حاصرتهم ، تلك القوات الكثيرة ، لأكثر من ثلاثة أسابيع متصلة ، فصمدوا وقاوموا الجوع والعطش ، وأنعدام التموين والأتصال بالعالم ! وفي اليوم الرابع والعشرين هاجموهم بتلك القوات كثيرة العدد والمجهزة بالاسلحة والعتاد الفتاك ، ضربوهم بالقنابل والغاز والرصاص ! كانت مجزرة دامية ، قرح دام علي وجه الزمان ، وعارا كبيرا سيظل أبد الدهر يجلل وجه امريكيا ، ويدمغها بالبشاعة والنذالة ! أكثر من خمسمائة جندي بوليفي وأكثر من خمسون جنديا أمريكيا ، أصطفوا علي شكل حدوة الحصان ، ليواجهوا ستة رجال يتقدمهم جيفارا ، أعملوا فيهم القتل البشع ، وأبقوا علي جيفارا حيا ، مثخنا بالجراح وبالدم الكثير ! كانت المداهمة ليلا ،والقتل تم ليلا ، ليل بلا قمر ، ولا ريح ، ولا شاهد ! قيدوه ، فأوثقوا حول يديه ورجليه وعنقه ووسطه القيود الغلاظ ، ثم " قطعوا " أطراف يديه وأرجله ، فعلوا ذلك بحقد مجنون وبتشفي الوحوش المفترسات ، وهو يبتسم ، أنهالوا عليه ، علي جسده كله ووجهه ، بأعقاب البنادق والهراوات ، وهو يبتسم ، ويقول لهم من بين الألم والنزيف : " الثورة سوف تنتصر ... حتما ستنتصر يوما ما ! " ... ثم سددوا إلي رأسه رصاصات ست ، أستقرت علي جبينه وأعلي رأسه ، فمات البطل لتوه ! جروهم ودفنوهم في حفرة واحدة و ... ذهبوا ، مجللين بالعار والخزي الشنيع ! وبعد أقل من أسبوع عرف العالم بالجريمة المروعة ... ، وأصبح جيفار ا ، من يومذاك ، أغنية كاملة البهاء في النشيد الأممي وفي الضمير العالمي للأنسانية جمعاء ! وظل قبره مجهولا و ... رفاته مفقودا ولا أثر إليه !
اللوحة الثالثة :
يوم الأحد 13 يوليو 1997م حملت طائرة خاصة رفات جيفارا ورفاقه إلي كوبا العظيمة ... أستقبله بالمطار رفيق كفاحه فيدل كاسترو ، أستقبله ، كمشهد في ملحمة تراجيدية علي مسرح أغريقي باذخ ! وفي " سانتاكلارا " ، علي بعد ثلاثين ميلا غربي هافنا ، كان هنالك ضريحا قد شيد وسط اشجار السرو والأزاهير ، ليرقد فيه إلي الأبد ما تبقي من جثمان الثائر وأسطورة القرن العشرين أرنستو تشي جيفارا العظيم ورفاقه الأبطال !
الوردة :
يوم الجمعة 17 أكتوبر 1997م ، وفي أحتفال أسطوري مهيب ، حيث المكان كله قد أكتظ بالجماهير ، جاءت حشودا من كل أنحاء كوبا وبقيت في المكان ، تظللهم الأحلام والأمنيات والأناشيد ، كما الطيور ، كانت الرؤي الجليلة والنبيلة للأنسانية تجلل المكان ، وبحضور " كاسترو " أبن جيفار ، وحضور فيدل كاستروا نفسه وزعماء ثوريون ورؤوساء وشخصيات وطنية ، وكتاب وشعراء وفنانون ومفكرون من جميع أركان الدنيا ، في ذلك الأحتفال / الأحتشاد الرسمي والشعبي الكبير ، تم دفن أسطورة القرن العشرين : أرنستو تشي جيفارا العظيم ، ووضعت باقات ورود كثيرة علي قبره ، وردة واحدة كبيرة كانت بحجم العالم كله ، كبيرة بما يكفي لتكون ممثلة لكل شعوب العالم المحبة للحرية والديمقراطية والتقدم ، وضعت بحب مبجل كبير علي قبر الثائر العظيم !



#جابر_حسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوركا ، رياحنة الألفية الثالثة أيضا !
- لغة في الرحيق ... !
- كن في الحشود الرفيق ، إلي صديقي الشاعر والمناضل المغربي محمد ...
- الرفيقة عطا أو ... المرأة التي أحببت !
- حياة و ... موت زكريا !
- عقد من التنوير ... !
- صالح محمود عثمان ، أعطيك صوتي و ... باقة ورد !
- محاورة النص ، بوجع أقل ... !
- كلمتان ، لأقولها للتجاني الطيب بابكر
- الثقافة في صف الجماهير : تحية للجنة التحضيرية لملتقي قصيدة ا ...


المزيد.....




- مواقف جديدة لإيران بشأن التخصيب النووي: استئناف القتال مع إس ...
- فيديو- مشاهد مؤثرة لطفل فلسطيني يركض حاملاً كيس طحين وسط واب ...
- رقم قياسي - هامبورغ تشهد أكبر مسيرة في تاريخها لدعم -مجتمع ا ...
- ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزي ...
- -واشنطن بوست- تنشر صورا جوية نادرة تكشف حجم الدمار الهائل ال ...
- المبعوث الأمريكي ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإس ...
- -ما وراء الخبر- يناقش أهداف زيارة الرئيس الإيراني لباكستان
- والد الطفل عاطف أبو خاطر: أولادنا يموتون تجويعا أو تقتيلا عن ...
- مصادر إسرائيلية: أسبوع حاسم ستتخذ فيه قرارات تغير وجه الحرب ...
- رئيسها زار باكستان.. هل بدأت إيران ترتيب الميدان لحرب جديدة؟ ...


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - جابر حسين - و ... هل مات جيفارا ؟ ثلاث لوحات ووردة ...