جابر حسين
الحوار المتمدن-العدد: 3273 - 2011 / 2 / 10 - 18:22
المحور:
الادب والفن
" أيها الواقفون علي حافة المذبحة
أشهروا الأسلحة !
سقط الموت , وانفرط القلب كالمسبحة
والدم انساب فوق الوشاح !
المنازل أضرحة 000
والزنازن أضرحة 000
فأرفعوا الأسلحة
وأتبعوني !
أنا ندم الغد والبارحة
رايتي :
عظمتان 000 وجمجمة ,
وشعاري :
الصباح ! "
= أمل دنقل / من أغنية الكعكة الحجرية =
علي الموقع الرائد " الحوار المتمدن " قرأت بيانا صادرا عن " اللجنة التحضيرية للملتقي العربي لقصيدة النثر " , فسعدت به جدا , فمن خلآل البيان علمت ان هنالك حشدا رائعا من المبدعين , نقادا وشعراء , قد تداعو للتداول حول قصيدة النثر, إحتفاءا بها , تستحقه بلا شك , والتعرف علي راهنها وتعقيداته الكثيرة , وفيها الآشراق الشفيف , وفيها ايضا المعتم الداكن الذي يؤشر لخيبتها وخمودها بدلا من تقديم نماذجها المضيئة التي تضئ الحاضروتؤشر بمقدرات شعرية باذخة للمستقبل الافضل :
" حلق بجسارة فوق عصرك
وليسطع ضوء المستقبل في مرآتك
ولو بشكل خافت ! "
قال أدوارد سعيد يوما : " النصوص دينوية " ! نعم , أنها موجودة في بلبال هذا العالم , في دنيا الأحداث والصراعات والهيمنات والمقاومات 0 ودنيوية النصوص هي علة فعاليتها السياسية والتاريخية , فاذا جردناها من هذه الدنيوية تصبح كائنات خاملة , يظللها ويدثرها السكون , بلا حراك وبلا حركة , تصبح تيها محضا , لكنه متمترس في نصوصيات مغلقة بلا دلالات موحية ! والحال كذلك , فاننا نستطيع أن نقول , بإطمئنان كامل , إن النصوص بصفة عامة , ويعنينا هنا الشعر بصفة خاصة , لا ينبغي لها أن تعزل عن ظروفها والأحداث التي جعلت منها شيئا ممكنا , رائعا وجميلا , وذلك ببساطة لان النصوص , هي في ذاتها , دنيوية , وهي ايضا , أحداث بهذا القدر أو ذاك 000 وهي فوق ذلك كله , جزءا من العالم الاجتماعي والحياة البشرية نفسها ! إذن , يجب أن يقرأ شعرنا الراهن وفق هذا المنظور, بفهم
كامل لمحيطه واحداثيات الحياة من حوله !
الآن , الشعر العربي في مفترق طرق خطير , وللحق نقول : أنه قد اختار أن يخطو خطواته الواثقات بجسارة في طريق مغاير تماما لمألوف الشعرية عندنا 000
مغاير لكنه برؤي جديدة وذات فرادة ظاهرة ومتوهجة 0 وللجديد – دائما في عرف الناس ومسلماتهم – دهشة تقف كما الأشواك أمام تطور القصيدة , تنهض – فجأة – أمامها عراقيل شتي , وهي تعبد طريقا خاصا بها , فيأخذها إلي حيث ذري الابداع وتخومه وشموسه الساطعة ذات البهاء !
هذا الواقع الملتبس , يشكل تحديا مباشرا امام الشاعر , يصدمه بعنف جارح صقيل حتي تهتز من جرائها شعريته وذخائره المعرفية كلها , هي خضة إذن , وخضة عظيمة الخطر والتأثير عليه : فاما أن يبدع قصيدته فتسير به في محض وجهتها " القديمة " , أو أن يخرج بها علي الملأ في وجهة حداثتها المفترضة غير المألوفة , التي تثير الرعشة في جسد الحرس القديم , تستفزه بقوة وتستنفره في ذات الوقت لكيما يقف امامها , يجهد أن يسد عليها مسارب إنطلاقها ودروب سيرها ومنهاج تطورها النامي المتصاعد صوب المستقبل 000 ومستقبلها كقصيدة جديدة , تطلع باذخة ومضيئة – كما الشهب – في فضاء الشعر العربي ! وهي قادرة تماما
أن تتجاوز كل تلك العقبات والعراقيل كلها وتذهب – واثقة وبإقتدار – إلي ذراها و
إن الشعر قد ادرك بشكل جلي هذه المرة , أنه لايوجد شعر حقيقي خارج المحظور , ولا ابداع حارج الممنوع , فالابداع هو " إنتهاك دائم للمألوف , تعد علي ميراث الأجوبة النهائية 0 أنه حالة عصيان فكري , لذا , علي من يطمع في إبداع شاهق يخترق سقف الحرية , أن يكون جاهزا لكل شئ , بما في ذلك الموت مقابل حفنة من الكلمات " كما قالت مستغانمي بحق !
الشعر, الآن , في مرحلة تحول عميق , وهو ليس تحولا في طرائق الاداء واساليب الكتابة وحسب , لا , أنه تحولا في الرؤية نفسها , لكيما يروض العالم المفتت ليجعل منه وجودا متماسكا , ولكنه ينشط بفعالية تجعل من الوجود نفسه أطروحة فكرية مقذوفة بإتجاه مستقبل مضئ , يراه ويستشعره ويستغرقه 000وهو إذ يفعل ذلك , يخرج برؤياه من الأطر الثابتة والجواهر المستقرة / المطمئنة في عرف الناس 000 وإنتسابا – في ذات الوقت – إلي حيث التاريخ والأعراض المتحولة ! يوجد – الآن ايضا – وعي جمالي بدأ يتكون ويتخلق في الرحم الولود للشعرية لدينا , وهنالك – ايضا وايضا – وعي معرفي آخذ في التكون 000 لقد بدأت القصيدة تفزع لتختلط , إختلاطا ثريا بالحياة المعاصرة بكل تعقيداتها وتناقضاتها وصراعاتها و000 ثوراتها , فتتسع معرفتها بالوجود فتتواجد بكثافة وفاعلية في الحياة وبين الناس !
كل هذا الحديث , وكل هذا الشجن العائلي , إستدعاه إلي القلب والذاكرة البيان المضئ " للجنة التحضيرية للملتقي العربي لقصيدة النثر " , الذي تأجل عن موعد إنعقاده المعلن إجلالا وإنتظارا لإنتصار الانتفاضة المصرية المجيدة 000 فطوبي لكم ايها الرائعون , يامن جعلتم " عصفورا " يستقيل بدواعي " المرض " 000 بدواعي المرض وليس إعلانا لموقف شجاع يا " غادة عبد المنعم " !
لكم التحيات المزهرات أيها الأعزاء , و " للحوار المتمدن " البقاء والإنتصار الوشيك !
#جابر_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟