جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3581 - 2011 / 12 / 19 - 19:15
المحور:
كتابات ساخرة
أنا اسمي جهاد العلاونه,المدعو(أبو علي) وعمري أربعون عاما أمضيتها كلها في أعمال القراءة والكتابة التي لا تُغني ولا تُسمنُ من جوع, ولم أتعلم القراءة والكتابة في المدارس بل تعلمتها من كثرة ما شكوتُ ومن كثرة ما كتبت مظالم أتظلمُ فيها من الدولة القمعية,وأنام مبكرا وأصحو مبكرا مثل الدجاج والعصافير والفراشات الجميلة وهذا هو القاسم المشترك غير الوحيد بيني وبين كل المخلوقات الجميلة,وأصحو على أصوات الحيوانات في قريتنا التي تغص بالكلاب وبالقطط الصغيرة وبالحرامية الذين يجوبون الشوارع بحثا عن ضحية أو فريسة يفترسونها لهم ولسيدهم أطال الله في عمره وأبقاهُ 100 عامٍ إلى الأمام, وقد أصبح في يومٍ من الأيام مطربا للشباب أو للجيل الصاعد من كثرة ما غتيت ومن كثرة ما عزفتُ على جروحي وآلامي الحزينة,وأنا مواطن شريف جدا أعيش من عرقي ومن دموعي ومن الابتسامات المحروم من رؤيتها ,ومن الكفاح ومن النضال ضد كل أشكال الفساد في المملكة الأردنية الهاشمية التي ينقصها فيتامين (B12),وكاد بعض الناس أن يطلقوا علينا لقب مملكة ال(B12)بدل المملكة الأردنية الهاشمية لكثرة ما ينقصنا ذلك الفيتامين عليه رضوان الله هو والكرامة الشخصية.
وأنا أعيش مع ولدي علي وأخوات علي:برديس ولميس وبتول وأمهم وجدتهم وهي أمي التي لولاها ما عشتُ يوما واحدا بدون رعايتها لي حتى هذه اللحظة,وأنا فعلا وليس مجاملة أعيش في وطنٍ قبل أن أذكر اسمه وقبل أن أقول أنا أردني,أنزل رأسي وأخفضه للأسفل وأستحي من كلمة أنا أردني وأيضا أخجل من كلمة أو من جملة أنا أردني مسلم, ودائما قبل أن أقول أنا من أين أقول:(أنا من الأردن اسم الله حوله وحواليه) وأحيانا أدعي بأن أمي يوميا تقوم بتبخيري من عين الحاسدين على هذا الوطن المحسودين عليه, وأطمئن نفسي في بعض الأحيان وأنا أعتصر ألما وأقول حين يقول لي الناس:إذا مش عاجبك الوطن ارحل منه وشوفلك وطن أحسن من الأردن فأرد عليهم مع تنهيدة طويلة:(ظل وطن ولا ظل حيطه) يعني على مبدأ المثل المصري القائل(ظل راجل ولا ظل حيطه)وأغلب الأحيان تدعو لي أمي قبل الخروج من الدار قائلة(الله يبعد عنك أبصار الظالمين وأولاد الحرام) فأرد عليها وأقول:إذا الله بستجيب لدعائك معناته ما فيش ولا بني آدم أردني الجنسية بقترب مني لأن أغلب الناس أولاد حرام وظالمين في نفس الوقت, وأينما ذهبت وأينما وجهت وجهي أنا وغيري من المواطنين الأردنيين نتعرض للأذى أو للسرقة أو للضرب أو للشتم أو للاستغلال أو للإهانة أو للاتهامات الباطلة فهذا الوطن الأردني من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ومن الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب كله بحاجة إلى قِطع غيار أو بحاجة إلى (أفرهول )جديد كما السيارة المصابة بالكوشنيت ,وهذا الوطن من النصف إلى كل الأطراف عبارة عن بؤرة من المفسدين ومن اللصوص وخصوصا اللصوص الصغار الذين يسرقون بالدينار وبالدينارين وهؤلاء أكثر خطرا من الذين يسرقون بالملايين فالذين يسرقون مليونا قد لا يؤذونك كالذين يسرقون منك عشرة دنانير من فاتورة الإنترنت أو من فاتورة المياه, وهؤلاء اللصوص الصغار قد يبيعونك للص آخر بألف دينار أردني في سبيل أن يحصلوا منه على عشرة دنانير وهذا النوع من السرقات هو أكثر السرقات خسة ونذالة, ولم أمشِ في حياتي داخل أحياء الوطن أو في داخل قلب المدينة إلا وأضع يدي على قلبي وعلى جيبي,وأينما ذهبت في الأردن وأينما جلست وأينما دخلت أتعرض للأذى أو للسرقة غير المباشرة وأحيانا المباشرة جدا, وأذكر اليوم أنني دفعتُ فاتورة المياه أكثر من مرة وكذلك فاتورة الإنترنت وأنا انسان متعب جدا من هذا الوطن الفاسد وأصلي أحيانا ليلا ونهارا وأنا أقول(يا رب خلصني من هذا الوطن الشرير,يا رب توب علينا من الأردن) ولم أمش في شارع ولم أدخل في دكانة صغيرة أو سوبر ماركت إلا وأتعرض للأذى من كافة الاتجاهات ومن كافة النواح.
وهذا ليس غريبا كوني مواطن أردني,والغريب في الموضوع هو أنني لم أشكو لأحد إلا ولديه أضعافا مضاعفة من الذي أشكو منه والفرق بيني وبين باقي الأردنيين أنهم على الأغلب جبناء وليسوا راضين وهنالك فرق بين الرضا وبين الخوف,فكل الأردنيين يخافون وأنا وحدي المواطن الشهم والجريء الذي لا يخاف وينطبق عليّ اسم مسلسل(الجريء والجميلة),وقد أصبحت جريئا لكثرة ما خسرته ولكثرة ما أضعته حتى أنه لم يعد بين يدي شيئا أخافُ عليه, حتى يا إخوان نتعرض للأذى لو أردنا أن ندخل مسجدا للصلاة, ونتعرض للأذى لو أردنا أن ندخل للمخابرات, ونتعرض للأذى لو أردنا الدخول في مركز أمني,والمصيبة الكبرى هي أن كل تلك المواقع بالنسبة لغيرنا في الدول الأخرى مراكز يشعر فيها الناس بالأمان إلا نحن, حتى المستشفى إذا أردنا الدخول إليه نتعرض للأذى وإذا أردنا أن ندخل حديقة أزهار وورود نشتم فورا من الحديقة كل الروائح غير الجميلة علما أنه من المفترض أن نشم الروائح الجميلة, ولا أدري في أي مكان في الأردن من المتوقع أن أجد فيه راحة البال, ودلوني على أي وزارة من الممكن أن أدخلها دون أن أتعرض للأذى أو للشتم أو للمسبات الخلاعية...حتى أنجو من اللصوص ومن الزعران الذين يديرون دفة القيادة في هذا البلد.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟