أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وديع العبيدي - في دارة الأستاذ عبد الهادي الفكيكي..















المزيد.....

في دارة الأستاذ عبد الهادي الفكيكي..


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3578 - 2011 / 12 / 16 - 21:24
المحور: سيرة ذاتية
    


في بدايات الألفية الثانية، زار الأستاذ عبد الهادي الفكيكي المغرب مرتين، وذلك لحضور مهرجان أقامته مدينة (قجيج/ بالجيم المعجّمة)، ثم عاد وزارها مرة أخرى لمزيد من التعارف والتعرف. ويعتقد أن أصول عائلته قد انتقلت من تلك المدينة المغربية في تواريخ عريقة إلى عاصمة الرافدين*. فهل كان يتوق إلى انتماء آخر، أم يؤكد الطابع القومي لانتمائه؟..
الاستاذ عبد الهادي الفكيكي شخصية ثقافية متعددة الاهتمامات. تغلب عليه صفة الشاعر، وهو متمكن ومبدع في شعره، وله أكثر من مجموعة شعرية صادرة بين الخمسينيات والستينيات. ويغلب على شعره الاتجاه السياسي الوطني المنسجم مع الروح القومية الثائرة لتلك الحقبة. ولم ينقطع عن الكتابة والنشر طيلة حياته. تركزت نشرياته الصحفية في (جريدة العراق اليومية)- صفحتها الثقافية كانت موئل كثير من جيل المتقاعدين، مما جعلها مميزة عن الصفحات الثقافية للصحف الأخرى، وكان الأستاذ أحمد شبيب (أبو صارم) محررها الثقافي في جريدة العراق، ولشخصيته يعود الفضل في استمرار كوكبة المتقاعدين في التنفس الثقافي-، فيما كانت (مجلة آفاق عربية) - رئيس تحريرها الشاعر شفيق الكمالي - موضع نشر دراساته وتحقيقاته وتعليقاته ذات الطابع الفكري والتراثي والسياسي.
لم يكن يمرّ عليه يوم لا يكون فيه منشغلا بموضوع أو كتاب، أو قصيدة. وهو يقرأ ويكتب، بنفس الجدّية في تعاملاته وأحاديثه اليومية. وكان نزوعه العاطفي يدفع تلك الجدّية نحو نقاط التوتر، وفي أحيان يكون فيها الموضوع أو الظرف الزمني ذا حساسية معينة. وهو محدث لبق ذو ذاكرة يقظة، دقيق وحذر، تختلط السياسة والكياسة في كلامه. كلامه خارج من القلب، نبرة صوته هادئة وحافلة بشحنة عاطفية غالبا. لا تكاد تستطيع مقاطعته أو الاعتراض عليه في وسط كلامه احتراما لعاطفته المتدفقة. معظم الأحاديث،- التي جرت بيننا أو كانت تجري معه- لا تخرج عن إطار تجربته الحياتية –نوع من قدر صعب- التي عاشها واستمرت انعكاساتها على مفاصل حياته وعائلته للعقود التالية.
في زقاق واسع، نظيف، من أزقة مدينة الكاظمية على الضفة الشمالية من نهر دجلة في وسط بغداد، تصطف بيوت فارهة على جانبيه. بيوت تتقدمها حدائق مشجرة وتتقدم واجهات بعضها سيارات صغيرة، كان بيت الاستاذ عبد الهادي الفكيكي، قريبا من بيت أخيه –المهندس الزراعي-، مع عائلته المتكونة من زوجة وأطفال ثلاثة. وقد حمل ابنه البكر اسم والده - محمود-. كان لوالده السيد محمود توفيق الفكيكي صوت رخيم في تلاوة القرآن، اختارت الاذاعة العراقية استهلال بثها به كل صباح. وكانت بداية الافتتاح تصطحب بصوت زقزقة بلابل، ثم تلاوة القرآن. مما جعل البعض يطلق على القارئ محمود الفكيكي صفة بلبل الاذاعة، أي بصوته يتم افتتاح عملها اليومي.
ممرّ صغير في مقدمة البيت يحيل على صالة كبيرة. على يسار المدخل ترتفع رفوف مكتبة تستعرض نحو الداخل. تواجهها على الجدار المقابل أريكة عريضة تسع أربعة أشخاص، إلى جانبها عدة مقاعد مفردة أو ثنائية. إلى يمين الأرائك في العمق ثمة باب تفتح نحو الداخل. وإلى اليمين، زاوية جلوس أخرى. على تلك الأريكة المواجهة للمدخل، عفوا- للمكتبة، كان مجلس الأستاذ عبد الهادي الفكيكي، غاطسا في المقعد، عيناه ترتفعان لمطالعة صفوف الكتب المتجاورة. لكل كتاب قصة وتاريخ. لكل كتاب راوي وحدث. ورث المكتبة من جدّه المرحوم توفيق الفكيكي، النائب والمؤلف (له عديد المؤلفات الصادرة في مجالات القانون والشرع والتراث) في العهد الملكي. في تلك المكتبة كتب مؤلفة من أهل البيت، وكتب مخطوطة تنتظر استكمالها، وكتب تحقيق لم ينته العمل منها.
(معجم النخيل) عمل معجمي قام به المرحوم توفيق الفكيكي وأصدر منه جزءه الأول. كان حفيده الأستاذ عبد الهادي الفكيكي عاكفا على مراجعته واستكماله، وقد بلغ مصنفه في جزءين. أسرّني ذات مرة أنه ضمن بعضا من شعري الوارد فيه ذكر (النخلة) ضمن المعجم. وكان بيت المعري الخالد يتصدر ذلك العمل الزاخر منذ البدء..
وردتُ ماءَ دجلةَ خيرَ ماءِ.... وزرْتُ أشرفَ الشجرِ النخيلا
- لماذا لا ترفع الكتب المهمة من المكتبة وتضعها في مكان آخر.. يكون أحفظ لها؟!!
قال له الاستاذ عبد الرزاق السامرائي.. فطالعه الاستاذ الفكيكي بعينين واسعتين برزت آثار عروقهما من الجوانب..
- تعتقد ينتهي الموضوع عند هذا؟..
- أتمنى أن يكون كذلك!..
- لا أبو أحمد.. لا ينتهي.. هل تعرف..
- تفضل
- فكرة المكتبة في الصالة.. كانت اقتراح أحدهم
- هه.. وما دخلهم في مكان المكتبة من البيت..
- اعتبرت ما قاله خدمة حسنة.. كانت المكتبة مع غرف العائلة، ولدي مكتبة في حجرة النوم.. كانوا يأتون في الفجر.. ينبشون كل الأغراض ويقلبون الأثاث على بعضها.. لقد عشنا المرارة ونحن نعاني مداهماتهم.. كانوا يأتون بلا موعد اسبوعيا.. وفي أي يوم.. ولكن منذ نقل المكتبة للصالة اقتصر نشاطهم هنا..
- عجيب أمرهم.. ما لهم والكتب..
- يبحثون داخل الكتب.. يتعلقون بقصاصة ورقة أو ملاحظات حول كتاب.. في كل مرة يتركون الكتب متناثرة على الأرض.. لو تعرفان ماذا يحصل لي.. وكيف أتمسك بأعصابي ولساني..
كان يداري انفعاله وهو يتحدث.. يأسى على الكتب التي يحملونها معهم.. كل مرة.. لقد ضاعت كتب كثيرة .. لا يمكن استرجاعها أو المطالبة بها.. كتب ليست سياسية ولا أهمية لها عندهم.. ليتني أستطيع الحصول عليها ثانية..
الاستاذ عبد الهادي الفكيكي له نشاط سياسي مبكر يعود إلى حقبة الخمسينيات وعمله في بيروت مع حركة القوميين العرب وحزب البعث العربي الاشتراكي. وقد شغل عدة مراكز في الستينيات منها عمله في وكالة الأنباء العراقية. لكنه اعتزل العمل السياسي لاحقا وانصرف للبحث والتأليف خاصة بعد تقاعده، وإن بقي متحمسا لفكره السياسي، القومي العروبي، وكان يتهم النظام الحاكم بسرقة الحزب وفكره. وقد سخر شعره لفكره السياسي والقومي (pan-Arabism) . وعندما قدمت له نسخا من كتبي الشعرية صارحني بموقفه النقدي من الشعر الحديث، ونسبته إلى النثر أكثر من الشعر. ولكنه قال لاحقا، أنه سيضمن ما يخص النخيل في عمله في (معجم النخيل) الذي كان منهمكا فيه.
تكررت زياراتي للاستاذ عبد الهادي الفكيكي في دارته الواقعة في الكاظمية قبل انتقاله لدارته الجديدة، والتقينا مرتين في عمان في مستهل التسعينيات، والتأم تراسلنا البريدي في النمسا، وربما أعود لاستكمال ذكرياتي عنه لاحقا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
• يتصل نسب الفجيجات بقبيلة بني شيبان من ربيعة، ومنها من هاجر إلى الأندلس ، أو إلى المغرب في القرن الخامس الهجري. كانت عشيرة الفجيجات (بالجيم المعجّمة) تنتشر في محافظة ميسان ومنها امتدت شمالا نحو قضاء الحي في القرن الثالث عشر الهجري ثم مدينة الحلة في محلة الوردية، ومنها نزح عبد الحسين الفكيكي إلى جانب الكرخ من بغداد، حي الفلاحات، وهو جدّ السيد توفيق جدّ الأستاذ عبد الهادي الفكيكي. ويبدو أن كثيرا من قبائل المشرق نزحت نحو المغرب الأفريقي ومنها إلى اسبانيا مع نشأة الدويلات هناك وربما نتيجة موجة الاضطهادات في العهد العباسي.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في دارة المنولوجست عزيز علي
- في دارة الاستاذ خضر الولي*..
- حامد البازي.. في مقهى الزهاوي
- عبد المحسن عقراوي.. في مقهى الزهاوي
- يعقوب شعبان.. في مقهى الزهاوي
- عبد الرزاق السيد أحمد السامرائي.. في مقهى الزهاوي
- صاحب ياسين.. في مقهى الزهاوي
- سليم طه التكريتي*.. في مقهى الزهاوي
- أنور عبد الحميد السامرائي المحامي.. في مقهى الزهاوي
- د. محمد عزة العبيدي.. في مقهى الزهاوي
- محمد حسين فرج الله.. في مقهى الزهاوي
- مكي عزيز.. في مقهى الزهاوي
- حقوق الأقليات في العالم العربي في ظل التغيرات السياسية
- صورة جانبية لهشام شرابي /2
- صورة جانبية لهشام شرابي /1
- المنظور الاجتماعي في أدب سارة الصافي
- وردة أوغست..
- كلّ عام وأنت..!
- استقبال....
- لامُن ياؤن سين


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وديع العبيدي - في دارة الأستاذ عبد الهادي الفكيكي..