أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وديع العبيدي - يعقوب شعبان.. في مقهى الزهاوي














المزيد.....

يعقوب شعبان.. في مقهى الزهاوي


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3566 - 2011 / 12 / 4 - 14:46
المحور: سيرة ذاتية
    


يعقوب شعبان.. في مقهى الزهاوي
وجه بيضوي طولي، أسمر اللون، تقطعه نظارة طبية سوداء. كان اللون الأسود هو المفضل لدى ذلك الجيل دلالة على الهيبة والوقار. له شارب أسود يكاد يغطي شفته العليا. ملامح وجهه واضحة ودقيقة. غالبا ما يكون معه كتاب يقرأ فيه، وقد يكون من الكتب التي تتداولها المجموعة لمناقشة فكرة أو نص ورد فيه، وبين حين وآخر، يرفع رأسه معلقا أو مشيرا إلى فقرة معينة. من أكثر المقربين للأستاذ محمد حسين فرج الله لما بينهما من انسجام فكري ونفسي.
الأستاذ يعقوب شعبان، مدرس اللغة العربية، والشاعر الذي يعتبر نفسه (ناظما)*، ضخم الجثة طويل القامة يكاد يضاهي الدكتور محمد عزة العبيدي فيها (1.8م)، قوي البنية، صحيح الجسم. وهو خفيف الظل سريع النكتة، ميال للدعابة، يكاد يقود كلّ واردة أو شاردة إلى نكتة أو مناسبة للترفيه. كان أحد أعمدة أو أركان المجموعة الزهاوية الثقافية، على الدوام. ومعظم ملاحظاتي هذه صيفية المناخ، حيث يسمح طول النهار بفرصة الحركة، ويدفع قيظ الظهيرة للاحتماء بظلال المقهى. له طبقتان في صوته، فقد يهمس مع جاره دون أن يبدو أنه يقول شيئا، وقد يجهر حينا آخر، فيضحك الجميع لدعابته. يتحدث اللهجة البغدادية الشائعة، دون أن تختفي لكنته الأصلية في كلمة أو تعبير ما، يكشف عن أصوله الجغرافية والثقافية. وكما تتكشف لكنة (نجفية) في لغة الاستاذ محمد حسين فرج الله، أو لكنة كردية في لغة الاستاذ مكي عزيز، أو لكنة موصلية في لغة الدكتور محمد عزة العبيدي، تتكشف اللكنة الفلسطينية في لغة الأستاذ يعقوب شعبان، المقيم في بغداد منذ 1948، ويشكل جزء من حياتها وحركتها اليومية.
وللأستاذ الأديب يعقوب شعبان شعر منشور ومقالات في الصحافة الأدبية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، وأعتقد أن له كتابين شعريين صادرين، ولا بدّ أن له آثارا أدبية غير منشورة، حال كثير من رموزنا الثقافية في ظل معاناة ظروف النشر غير المناسبة، بانتظار من يسخره القدر لجمع آثاره ونشرها لخدمة عقل الأمة.
من مستلزمات الحياة العامة في مثل تلك الظروف، والتي لا تبدو غريبة في قراءات تاريخ العراق الاجتماعي والسياسي، وجود شخص له قابلية ذهنية/ نفسية مميزة على توجيه أي حديث أو فكرة وتطويعها لتوخي السلامة والأمان، وذلك عند اقتراب الكلام من موضع الخطورة أو وجود إذان لها حساسية سياسية أو دينية سادية. وكان الأستاذ يعقوب، في جلسته التي تتوسط المجموعة غالبا، صمام الأمام الدائم، في تلك الجلسات. وقد يحصل أحيانا، عندما تكون لأحدهم فكرة أو ملاحظة معينة حساسة من جهة ما، أن يطلب أليه، وهو الاستاذ فرج الله عادة، عميد المجلس، الانتظار في طرح الموضوع ريثما يحضر الأستاذ يعقوب لكي يحكم في الأمر، وكلمة الحكم هنا، بمعنى توخي السلامة. وفي أحيان قليلة عند وجودي بينهم، كان عليّ أن أقوم بذلك الدور، كما سبقت الاشارة لذلك، مع الدكتور محمد عزة العبيدي.
عند تقسيم الفئات العمرية لرواد مقهى الزهاوي حيث يشكل مواليد العقدين الأولين من القرن العشرين رأس السلسة، يشكل مواليد الثلاثينيات والأربعينيات فئة متوسطة (شبابية بالنسبة للفئة الأولى)، وهي متوسطة كذلك لفئة الأحدث سنا، مثلي. يومها كانت الفئة المتوسطة على شفا التقاعد أو تكاد، أكثر تفهما للأجيال السابقة لها، وأكثر مقدرة على التكيف ومسايرة الظرف الراهن. جيل الرواد لم يكن في قلب الأحداث، ولا الداينمو المحرك لها، وانما مثلوا (خبرة الشيوخ) المخضرمة المستمرة في مراقبة تصرفات الأحداث، الأكثر تنكرا لمن سبقهم.
يلحظ كذلك أن مجموعة الزهاوي الرائدة، احتفظت بنقاء النسيج الاجتماعي العراقي لبدايات القرن العشرين التأسيسية، شديدة الاتصال والانتماء لنفسها رغم تعددية الجغرافيا، وقد اتخذت من الثقافة والفكر ووحدة المكان (الزهاويّ) قاعدة للحياة والعطاء القائمة على المحبة والعطاء والمساواة. والحقيقة الواضحة أن أيا من أولئك لم يكن يحب أن يوصف بغير صفة (البغدادية)، ويرفض أي نعرة (أصولية) تحت أي عنوان، وكأن لسان حال كل منهم يقول..
ان الفتى من قال ها أنذا ليس الفتى من قال كان أبي
*
لندن
في الرابع من ديسمبر 2011
ـــــــــــــــــــــــــ
• تعبير (ينظم الشعر) يستخدم في الوسط الأدبي العراقي وله دالتان بحسب طريقة استخدامه والعلاقة بين القائل والمقصود به، فعندما يصف الشخص نفسه به، فهو دالة على التواضع والاحترام الكبير للمقابل، وهي صفة محمودة. وعندما يستخدمه شخص لوصف شخص (ثالث) فهو من باب التحقير والازدراء، وهي صفة مذمومة. وقد تلاشى هذا التعبير عند الأجيال الأدبية الأحدث سنا، حيث استسهلوا وصف أنفسهم بالألقاب الأدبية، مع نزعة غير خافية من غرور وادعاء. وهو ما استتبع شيوع تعبير آخر لدى المنتقدين مثل وصف (شويعر/ شويعرة). وربما ارتبط تعبير (ناظم) بنظام القصيدة العروضية القائمة على الوزن والقافية، وتلاشت مع تخفف الشاعر الحديث منهما.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الرزاق السيد أحمد السامرائي.. في مقهى الزهاوي
- صاحب ياسين.. في مقهى الزهاوي
- سليم طه التكريتي*.. في مقهى الزهاوي
- أنور عبد الحميد السامرائي المحامي.. في مقهى الزهاوي
- د. محمد عزة العبيدي.. في مقهى الزهاوي
- محمد حسين فرج الله.. في مقهى الزهاوي
- مكي عزيز.. في مقهى الزهاوي
- حقوق الأقليات في العالم العربي في ظل التغيرات السياسية
- صورة جانبية لهشام شرابي /2
- صورة جانبية لهشام شرابي /1
- المنظور الاجتماعي في أدب سارة الصافي
- وردة أوغست..
- كلّ عام وأنت..!
- استقبال....
- لامُن ياؤن سين
- ((حضارة عكسية))
- منفيون من جنة الشيطان 40
- منفيّون من جنَّة الشيطان 39
- منفيون من جنة الشيطان38
- الاتجاه الاجتماعي في أدب يوسف عزالدين


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وديع العبيدي - يعقوب شعبان.. في مقهى الزهاوي