أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل عودة - -اوراق ملونة- لسليمان جبران بين السياسة والثقافة















المزيد.....

-اوراق ملونة- لسليمان جبران بين السياسة والثقافة


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 01:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يفاجئني سليمان جبران بكتابة "أوراق ملونة"، بنصفه السياسي ونصفه الثقافي، فقد قرأت معظم المواد وساهمت بتوزيعها على المواقع. إنما المفاجأة كانت أن يقرر إصدار نصف كتاب عن السياسة، وهو بروفسور ورئيس سابق لقسم اللغة العربية في جامعة تل ابيب، وناقد مرموق، وباحث أدبي ولغوي له اصدارات عديدة هامة، من أبرزها دراسته عن الشدياق، ودراسته عن الجواهري، ودراسته عن تاريخ الشعر الفلسطيني في عهد الانتداب، ودراسته عن مشاكل اللغة العربية، عدا مؤلفاته النقدية والأدبية وخاصة مقالاته الهامة والمميزة عن محمود درويش التي احتلت القسم الأكبر في النصف الثقافي من الكتاب المذكور.
لم يفاجئني إلا بإصراره على حمل راية الفكر السياسي والخوض في أكثر قضايا السياسية التي تشغلنا اليوم، وتشقّ حتى صفوفنا نحن الذين تثقفنا من نبع فكري واحد، ومن رؤية مستقبلية متشابهة. لكن يبدو أن "البعض" (الذين باتت مواقفهم نقيضا للمفاهيم التي شكّلت فكرنا عن العدالة والحرية والتعددية والديمقراطية وإسقاط الفساد، مهما تغلف الفاسدون بالوطنية والممانعة الكاذبة للاستعمار، وفي أول فرصة يرسلون جيوشهم للقتال تحت قيادة الاستعمار – كما تصرف نظام البعث الأسدي في الحرب ضد العراق)؛ هذا "البعض" باتت محركاته مستهلكة لدرجة ان الدفع لم يعد يحرك سباتهم العقلي، وربما تغيير البطاريات لن يفيد ايضا.
كلماتي واضحة: إني أرى نفس رؤية سليمان جبران لأحداث الربيع العربي، حتى لو صار خريفا بصعود قوى لم تشارك أصلا في الثورة، بل دافعت عن "أولي الأمر" من النظام السابق. لكن المعايير لا تصحّ هنا إلا بفهم شامل لضرورة التغيير، وهذه الضرورة باتت ملحة تاريخيا، ولن تقوى قوى الخريف على قمع ما نما صلبا قويا في الربيع العربي، ورؤيتي الفلسفية التي يشاركني فيها الكثيرون (وسليمان جبران على الأغلب منهم، كما يظهر ذلك جليا في مقالاته في الكتاب) أن ما أنتجه الربيع العربي من توافق شعبي واسع على رفض العودة إلى أنظمة الفساد، ورفض تغييب الديمقراطية، ورفض نظام الشخص الواحد، ورفض القمع وإملاق الجماهير؛ ذلك كله بات مولدا لطاقات شعبية لن تقوى عليها الردة الخريفية. فهي قد تعطل التقدم لفترة زمنية، اذا لم تستوعب الدرس السياسي السليم، وتجد نفسها لاحقة بالساقطين بأسرع من احتراق الشهب، حتى لو تغلفوا بكل المبررات الدينية، لأن الدين لم يجئ لقمع الانسان وإنما لتحريره وإطلاق طاقاته في النهضة والتنوير والعمران. ومن هنا اندمجتُ مع طروحات سليمان جبران السياسية حول الربيع العربي وخاصة ما يحدث من موبقات يرتكبها نظام عائلة السفاحين الأسدية في سوريا.
تتميز نصوص سليمان جبران بروح لغوية جذابة، تثبت أن وضوح الرؤية هي الجانب الآخر لوضوح النص. فنحن حيال لغة سلسة متدفقة، وصياغات واضحة المعنى، وهذا المميز لاحظته في كل كتابات سليمان جبران، مما يعني أن التقعر في اللغة هو دليل عدم فهم المواضيع التي يكتب عنها المتقعرون لغة وفكرا.
الجانب الهام الآخر الذي لا بد من طرقه، أن سليمان جبران في مقالاته السياسية، يقدم إضافة هامة جدا للمقال السياسي في بلادنا الذي أخذ منذ فترة طويلة يعاني من فقر في مضمونه وفي لغته وفي صياغته.
سالت نفسي: ما الذي يجعل بروفسورا للغة العربية وناقدا وباحثا مرموقا، يترك مجاله الأكاديمي ، ويأخذ على عاتقه الخوض في قضايا الساعة التي لا تخلو من محرضين وحانقين لكل من يخالفهم الرأي؟ ويبدو أن سليمان جبران كان سباقا لتوقع مثل هذا السؤال، إذ نجده قد وضع في الصفحات الأولى جوابه للسؤال، وذلك باقتباسه بيت شعر للشاعر المهجري إيليا أبو ماضي، جعله شعار كتابه:
ما قيمة الإنسان معتقدا إن لم يقل للناس ما اعتقدا
ولم أجد أجمل من هذا الجواب، ومن هذا الموقف الفكري السليم.
المقال السياسي في كتابات سليمان جبران يتحول إلى نص يشد القارئ بلغته الجميلة أيضا، وليس بعمق طرحه الفكري فقط. نجد أنفسنا امام أديب عاشق للغة العربية، يعرف أسرارها، ويعرف دقة تعابيرها، تماما كما يعرف الوصول إلى الموقف السياسي الصحيح .
بالطبع لدينا اليوم عدد من الأكاديميين الذين رفعوا لواء المقال السياسي والاجتماعي، محدثين إضافة هامة إلى المقال المحلي، كاسرين حواجز أوهام البعض بأن المقال وقف على رجال الصحافة أو الشخصيات الحزبية فحسب. والله لو جرت مقارنة من عشر درجات بين مقالات الأكاديميين ومقالات "المتخصصين بالوراثة" للكتابة، لكانت الفجوة هائلة، لصالح الأكاديميين؛ فالمتخصصون لن يتجاوزوا الدرجات الخمس الأولى، والأكاديميون سيحتلون الدرجات العليا بجدارة . لا من حيث اللغة فقط، وإنما في الفكر أيضا، وفي القدرة على تحليل أعمق قضايا الفكر السياسي والاجتماعي. أجل، يمكن اعتبار ما أقوله تقييما إيجابيا جدا لكتاب سليمان جبران بقسمه السياسي، ويمكن قراءة معظم المقالات السياسية في الشبكة العنكبوتية عبر البحث عن اسم الكاتب.
ولي ملاحظة: نشر سليمان جبران في كتابه رسالتين أرسلهما إلى موقع الجبهة الإلكتروني، حول توقف الموقع عن نشر مقالاته وهو الذي كان من كتاب الموقع، حتى حدوث الثورة السورية. فمن اطلاعي على موضوع عدم النشر أعرف أن الموقع لم ينشر أيضا مقالا لصديق مقرب من الجبهة، لأنه مقال ناقد للنظام السوري. ثم لملموا حججهم عندما شعروا أن القطيعة لن تكون في صالحهم سياسيا، ونشروا مقالا ينتقدهم بقوة. لكن يبدو أن سليمان لا يتمتع بنفس القدر من التأثير، ولا يثير خوفهم من إسقاطه لهم من حساباته، فلم ينشروا مقالاته متوهمين بذلك أنهم المتراس المدافع عن النظام السوري، ولم يردوا عليه، كما تعهدوا، للحفاظ على شعرة معاوية على الأقل. وهذا غير غريب.. وأرى فيهه عودة لمرحلة كان الحزب الشيوعي فيها القوة السياسية المنظمة الوحيدة، وكانت صحيفته الصحيفة الوحيدة التي تطرح هموم الناس، في مواجهة إعلام حكومي فظ وفاشل. أما اليوم فالواقع مختلف؛ فهناك عشرات من مواقع

الانترنت، وعشرات الصحف، والأحزاب تكاثرت مثل الفطريات (التي لا تؤكل)، لكن للأسف ما زال القيمون على الفكر في موقع الجبهة، وفي الحزب الشيوعي عامة، يعيشون في الماضي، بحيث يبصقون في الصحن الذي يطعمهم، وعلى اليد التي تدافع عنهم، بالكتابة أيضا، وقت المعارك الهامة. إن حرية الراي والتعددية ضرورة تاريخية لتطوير أي فكر، وتطوير المفاهيم السياسية، ولا يجوز بشكل من الأشكال إسقاط أي موقف او رؤية مخالفة. والرسالتان المذكورتان نشرهما سليمان في نهاية القسم السياسي من كتابه.
في القسم الثقافي نلتقي مع مقالاته، التي نشر معظمها أيضا في الإنترنت، وأبرزها حول محمود درويش، والتي تتضمن تحليلات أراها من أفضل ما كُتب عن شعر محمود درويش.
القسم الثقافي يشمل أيضا عدة مداخلات ومقالات أخرى، وقد لفت انتباهي، بشكل خاص، نقده للمبالغة في السياسة والاجتماع وخاصة في النقد الأدبي، حيث تتحول الموضوعية إلى مغالاة مفرطة، وإضافة "البهار" ليضفي على النص، موضوع النقد، بعض "الإبهار". يورد الكاتب، في هذا المجال، نموذجا بإغفاله الأسماء عما يقصد وقد رأيت نقل هذا المقطع لشدة أهميته ، للتنبيه الى الضرر الثقافي من مثل هذا "النقد". يقول سليمان: هل من الضروري اذا أُعجبنا بشخص أن نجعله: "أوفى من السموأل، أشجع من عنترة، أكرم من حاتم، أفصح من سحبان، أعز من كليب، أحكم من لقمان؛ هل يضير الشخص الممدوح، مثلا، إذا كان في صفات السادة المذكورين آنفا، ولم يتفوق عليهم؟"
ينتقد سليمان جبران، بهذه المناسبة، الفصاحة الزائدة عن الحد ، وامتطاء المناسبات للمبالغة التي لا تختلف بحسب رؤيته عن التطفل والانتهازية، خاصة حين يكون الحديث عن عدم معرفة للشخص المرثيّ، او احتفال بكاتب وبكتابه الجديد. ومن متابعاتي لما ينشر، أعرف ان أكثرية ما يقال يشي بأن بعض المتحدثين لم يقرأوا الكتاب، وبعضهم قرأ مقاطع منه فقط، وبعضهم عبقري يكتفي بتصفح أوراق الكتاب ليجعله من أهم الابداعات الثقافية في موضوعه. فالأمر لا يعدو إظهار العبقرية البلاغية والأسلوبية، ولا شيء عدا ذلك سوى ثرثرة أشبه بحبات المسبحة، لا تختلف ولا تؤثر إذا استعملت من الطرف الآخر، أو من وسطها إلى الوراء أو بالعكس، أو حتى إذا فلتت عقدتها، وتناثرت على الأرض حرة طليقة..
أهلا بسليمان جبران كاتبا سياسيا متألقا!
الكتاب : اوراق ملونة (190 صفحة )
الكاتب : سليمان جبران
اصدار مكتبة كل شيء- حيفا (2011)

[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراجعات ماركسية: ملاحظات حول الماركسية الغربية ونظرية الثورة
- الزكام
- الصراع الطبقي ومسائل ماركسية أخرى !
- كذاب ولا يطاق، وماذا بعد؟
- لا مستقبل للانتفاضة الاجتماعية بدون انتفاضة سياسية
- كمن يصطاد السمك في البحر الميت
- جسر الى أستراليا
- خواطر حول اللغة والهوية القومية
- أمريكا عارية: نتنياهو الرئيس الفعلي للولايات المتحدة!!
- بين كسب اللوبي اليهودي وخسارة مكانة أمريكا
- المشاركة في الانتفاضة الاجتماعية أم سياسة الانعزال القومي ال ...
- الأباتيا والأمباتيا في دنيا العرب (ساتيرا)
- رواية قصيرة جدا: انتفاضة...
- حمير فوق.. وحمير تحت..
- إسرائيل وحماس – من وهم تماثل المصالح إلى الصراع
- بشار الأسد وملاك الموت
- يحدث في سوريا
- حتى يجف من الماء...
- دفن حماته...فقط!!
- هل يعود العرب إلى التاريخ؟!


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل عودة - -اوراق ملونة- لسليمان جبران بين السياسة والثقافة