أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل حزين - نجيب محفوظ عرفهم ولم يعرفونه














المزيد.....

نجيب محفوظ عرفهم ولم يعرفونه


عادل حزين

الحوار المتمدن-العدد: 3573 - 2011 / 12 / 11 - 04:27
المحور: الادب والفن
    


اللص والكلاب
عادل حزين
GMT 7:00:00 2006 السبت 2 سبتمبر


لغاية الأسف لم أقرأ كثيرا من روايات الراحل الباقى نجيب محفوظ، ولكن إن إمتد بى العمر وشفى البصر فسأعيد قراءة ما قرأته، وقراءة قدر ما يمكننى مما فاتنى. وأظن أن أى مصرى لم يقرأ لنجيب محفوظ ولو قصة واحدة على الأقل هو مصرى ناقص المصرية. إبداعات نجيب محفوظ – ولا أقول الفقيد – كثيرة، ولكنى وعلى قدر تذكرى بهرتنى روايته "اللص والكلاب" ولا زالت تبهرنى لليوم. سبب إنبهارى ليس إسلوب كتابته فقط ولا تصويره للوقائع بدقة متناهية ولا إسقاطاته الباهرة الذكاء، رغم إحتواء كل ذلك على دواعى الإنبهار. ما يبهرنى حقيقة هى الفكرة التى حوتها الرواية فى تفاصيل دقيقة تبدو وكأنها غير مقصودة او عادية جدا ولكنها تحمل من المعانى والأفكار كل ما هو جدير بالتمعن.

فكرة القصة وإن كنت أظن أن الغالبية قد قرأتها، أو على الأقل شاهدتها فيلما جميلا بذات الإسم، تحكى قصة شخص هو لص وآخرين هم فى حقيقتهم كلاب. الرواية تبدأ بتعريف القارى على اللص " سعيد مهران"، أنه شخص يسرق إما ليأكل أو لينتقم ليشفى غليله من ظلم المجتمع! الكلاب التى أبدع فى تصويرها نجيب محفوظ هم ذاتهم كلاب كل زمان ومكان... أهم كلاب الرواية هو طالب العلم المتفلسف "رؤوف علوان" الذى تضامن مع اللص سعيد مهران فى أول الرواية وأنقذه من دفع ثمن جريمة سرقة بسيطة. هل أراد الكاتب أن يقول أن الكاذب الفاسد رؤوف علوان يحمى زميل المهنة حتى ولو كان المستوى فى عالم الإجرام مختلف أشد الإختلاف بين لص حقير ومجرم آخر بدرجة طالب علم؟ أم هل أراد أن يقول أن حتى المجرم "الكلب" هو نتاج مجتمعه وليس شيطانا رجيما بالكلية؟

الكلب الآخر الذى يعرفنا عليه نجيب محفوظ هو "عليش" شريك مهران فى اللصوصية ولكنه يزيد عنه فى أنه أيضا من فصيلة الكلاب. عليش لم يكن يسرق فقط مثل سعيد مهران ولكنه أيضا وشى به وإستولى على زوجته أثناء قضائه لعقوبة بالسجن بتواطؤ مع الزوجة الخائنة، وقد إستحقت الزوجة بذلك أن يقدمها الكاتب أيضا بصفتها إحدى كلاب المجتمع. وبين اللص سعيد مهران والكلاب "رؤوف علوان" و"عليش" والزوجة الخائنة دفع المجتمع الثمن. دفعه الساكن الجديد لمسكن عليش فقتل بدلا منه... دفعه ايضا بواب فيلا رؤوف علوان الذى قتل أثناء محاولة سعيد مهران الإنتقام ممن يعرف كل المعرفة أنه كاذب وغاش ومجرم ويستحق القتل... دفعته أيضا بائعة الهوى "نور" عشيقة سعيد مهران، والتى أظن أن الكاتب قد ضمها إلى فئة الشعب المسكين فى لفتة راقية منه تفيد إلى أنه يوحد آخرين مثل زوجة مهران السابقة أشد منها خطيئة وعهرا!

ننظر حولنا ونفكر كم من نماذج رواية "اللص والكلاب" لازال يعيش بيننا؟ كل اللصوص التى لا يخلو منهم مجتمع هم سعيد مهران ويلفظهم المجتمع وتتابعهم السلطة ويدخلون السجون. وهذه حقيقة بسيطة، أما الحقيقة الأقسى فهى كم عليش بيننا يزيدون عن أنهم لصوص لكنهم أيضا كلاب؟ كم لصا لا يكتفى فقط بأن يسرق أو ينشل نقودا ولكنه يخطف أطفالا مثلا أو يقرن السرقة بالقتل ولربما بالإغتصاب وأيضا بالخيانة. وهؤلاء فى القصة وفى الحياة هم الأبعد عن دفع ثمن جرائمهم ولهم علاقات إلى حد ما مع السلطة التى كانت بدرجة مخبر فى القصة. ورغم أن مهران دخل السجن لكن عليش أفلت بحصيلة سرقاته وبزوجة مهران.

الحقيقة الصاعقة أنه صار لدينا ملايين رؤوف علوان. كان رؤوف علوان إعلامى فى القصة وكأن الكاتب جراح نكأ جرحا ممتلىء بالصديد. أكثر الرؤوف علوانيين الذين يعيشون بين ظهرانينا هم أيضا للأسف يطلق عليهم أنهم إعلاميون! الكاتب الذى يكذب وينافق ويزور الحقائق ويزيف وعى الجماهير هو رؤوف علوان آخر لا زال يعيش بيننا! الإعلامى الذى يسرق محل عمله ويتلقى عمولات ورشاوى و"هدايا قيمة" ويبتز الأثرياء وإلا أساء لسمعتهم هو رؤوف علوان! الإعلامى الذى يتمسح بالدين ويصنع منه سبوبة للعيش هو أيضا رؤوف علوان وأكثر.... أيضا المحافظ الذى يستغل سلطاته، والطبيب الذى يغتصب مريضاته، والقاضى الذى لا يحكم بالقانون، والمدرس الذى لا يدرس، ومدير البنك الذى يسرق، وكل موظف وصاحب مركز ونائب منتخب لا يقوم بما اؤتمن عليه هو رؤوف علوان...

ليرحمك الله ياأستاذ نجيب...

عادل حزين
نيويورك



#عادل_حزين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم يتشكل من جديد
- ترويض الوحش
- لماذا يكره المسلمون الأقباط؟
- بين أوباما ونيكسون
- إنتهت السكرة ولم ولن تجىء الفكرة أبدا.
- إنهم يجلدون المصريين.
- بين رضاع الكبير وبول الرسول هناك فرق.
- عن قتل الأسرى المصريين!
- عن قتل الأسرى المصريين
- أساطير الجنة والنار!ا


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل حزين - نجيب محفوظ عرفهم ولم يعرفونه