أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - قحطان محمد صالح الهيتي - عبد الحميد عبد المجيد الهيتي















المزيد.....

عبد الحميد عبد المجيد الهيتي


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3563 - 2011 / 12 / 1 - 17:36
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


علم من مدينتي
عبد الحميد عبد المجيد الهيتي
ولد في مدينة هيت في عام 1914. استشهد والده في احدى معارك الحرب العالمية الاولى عندما كان مقاتلا في احدى وحدات الجيش العثماني(السفر بلك) ضد القوات البريطانية .فعاش عبد الحميد يتيم الأب برعاية كريمة من والدته التي لم تبخل عليه بشيء. وحين عرفت رغبة ولدها في التعلم منحته هذه الفرصة، فادخل مدرسة هيت الابتدائية للبنين في عام 1923 وكان عمره حينذاك تسع سنوات. وكان من بين اعضاء الهيئة التعليمية في المدرسة ممن تتلمذ عليهم الشيخ ضياء الدين الخطيب.
انهى دراسته الابتدائية في العام الدراسي 1929-1930، مع نخبة خيرة من ابناء هيت وكانت وجبته اول وجبة تخرجت من المدرسة. وكان من زملائه في الدراسة كل من : محمد فرحان الإمام ،وشاكر محمود الهيتي، وشفيق عبيد الياسين، وداود عبد الرزاق، وعبد الكريم توفيق ،ومحمد أمين محمد علي، وإسماعيل ظاهر وسليم الحاج ياسين، وشفيق توفيق(1 ).
التحق بعدها بدار العلوم العربية والدينية (كلية الامام الأعظم الملغاة)( 2) في الاعظمية ببغداد مع كل من: شفيق توفيق ،ومحمد امين علي، والتحق زميلاه شاكر محمود الهيتي، وداود عبد الرزاق بدار المعلمين ببغداد. وقد كان وزملاؤه المذكورون وآخرون غيرهم طلبة بررة بأهلهم وبمدينتهم فقد قاموا ولما يزالوا طلبة باستغلال العطلة الصيفية لمكافحة الأمية في مدينتهم هيت بمشاركة من زملاء لهم ابرزهم الشيخ رشاد الخطيب الهيتي.
لقد كان همُّ هؤلاء الشباب هو تعليم أبناء مدينتهم ، فقاموا بتوفير كل ما تستلزمه العملية من مال، ومكان. فالمال وفروه مما كانوا يحصلون عليه من ذويهم وكان المكان مدرسة هيت الأولية الواقعة على الفرات المتعطلة عن الدوام بسبب العطلة الصيفية. وقد ساعد وكيل المدرسة على فتح أبوابها لمكافحة الأمية ليلا ، وقد تبرعوا من حسابهم الخاص بمستلزمات الضياء والنثرية، وقد أثمرت جهودهم في إعداد منهج تربوي في القراءة والحساب والتاريخ والتربية الدينية.
في عام 1936 وبعد تخرجه من دار العلوم الدينية والعربية وحصوله على الشهادة التي تؤهله للتعيين صدر الأمر الاداري ذو الرقم/ 11569 في 22/10/1936 بتعيينه معلما ،وباشر وظيفته في مدرسة هيت الابتدائية للبنين ، وثُبِّت بالوظيفة ابتداءً من 1/10/1937 بموجب الأمر الإداري ذي الرقم/2301 في 23/2/1938 الصادر عن مديرية منطقة معارف بغداد، و يعد من أوائل خريجي مدرسة هيت الابتدائية الذين مارسوا التعليم فيها .
استمر في التعليم في مدينته هيت لمدة عشر سنوات (1938- 1948) منها سنتان في مدرسة كبيسة للبنين، كما خدم في سنة 1944 في قرية التربة المقابلة لمركز مدينة هيت على الجانب الأيسر من نهر الفرات، وكان أول مدير لمدرستها التي عرفت وما زالت تعرف باسم مدرسة (دار السلام الابتدائية)،وقد كان له الفضل في وضع لبناتها الأولى، ولم يكن يتعب من المراجعة اليومية من مقر سكنه في هيت الى مدرسته حيث كان يداوم بواسطة البلم المصنوع محليا ولم يبالي من خطورة الأمر سيما في أيام الفيضان .
كانت الهيئة التعليمية في مدرسة هيت الابتدائية آنذاك مكونة من: الشيخ ضياء الدين محمد سعيد الخطيب، داود عبد الرزاق الهيتي، محمد أمين محمد علي الهيتي(أمين ملا عليوي)،حميد عبد الرحمن بريكع، عبد الله السيد أحمد(عبد الله أفندي)،شاكر محمود الهيتي ،حمزه فتيان الراوي، سعيد حمد عواد الهيتي، عبد الوهاب منصور الشايع الذي كان مديرا لمدرسة آلوس قبل نقله الى مدرسة هيت بموجب الامر الاداري ذي الرقم 2461 في 27/8/ 1940.وبعد نقل عبد الله افندي مديرا لمدرسة سلمان باك عُين شاكر محمود الهيتي مديرا لمدرسة هيت خلفا له بموجب الأمر الاداري / س/1/6/1925 في 21/8/1939، وقد أكد مدني صالح ذلك في إحدى مقالاته التي كانت تنشر تحت اسم آراء حرة مُرتبا من تولى منهم إدارة المدرسة لتلك الحقبة بالتتالي وهم: عبد الله السيد أحمد(عبد الله افندي)، ثم شاكر محمود الهيتي ،ثم حمزة فتيان الراوي.
لقد كان معلما للكثير من أبناء مدينته، و كان من ابرز تلامذته في مدرسة هيت الابتدائية مدني صالح ،ويوسف نمر ذياب، وغازي الكيلاني، وعبد الباقي السيد نوري ،وطراد الكبيسي، وثابت شعبان الناصر، ورافع الكيلاني، وياسين الحاج تركي، وآخرون من الهيتيين الذين اصبح لهم شأن في الحركة الثقافية والادبية في العراق ،وذاع صيتهم ليمتد الى خارجه.
ومثلما كان معلما للطلبة في مدرستهم فقد كان معلما لأبناء مدينته من الكادحين والفقراء ،فكان من أوائل الهيتين الذين اعتنقوا الفكر اليساري في مدينة هيت وساعد على نشره هو وزميله شاكر محمود الهيتي، وكان من أشد الداعين الى التحرر من الاستعمار ومن الأفكار الرجعية، وقد تأثر بأفكاره المتنورة والواعية العديد من أبناء المدينة التي صار الفكر اليساري سمة بارزة لها.
في سنة 1948انتقل الى مدينة الفلوجة ومارس التعليم في مدرسة الفلوجة الأولى فضلا عن استمراره بالدراسة لنيل الشهادة الإعدادية التي تؤهله للدراسة الجامعية ليحقق حلمه في دراسة القانون، وقد تحقق له النجاح فالتحق بكلية الحقوق ببغداد في العام الدراسي 1947/1948. وحين غدا في المرحلة الثانية من دراسته الجامعية انتقل الى بغداد واستقر فيها ومارس التعليم في مدارسها الابتدائية مع مواصلته الدراسة الجامعية.
في العام الدراسي 1950/1951تخرج من كلية الحقوق وحصل على شهادة الليسانس(البكالوريوس) في القانون واستمر في التعليم حتى عام 1954 حيث صدر القرار بفصله من التعليم لأسباب سياسية عندها انتسب الى نقابة المحامين العراقيين ومارس مهنة المحاماة.
بعد ثورة 14/تموز/1958 اعيد الى الوظيفة ومارس التعليم واستمر به وصار عضوا نشيطا في نقابة المعلمين حتى عام 1963 حيث ترك التعليم متقاعدا، بعد أن ساهم مساهمة فاعلة في تأسيس جمعية المعلمين الاستهلاكية، بعدها تفرغ لممارسة المحاماة واصبح من الاعضاء البارزين في نقابة المحامين حتى وفاته في عام 1981.
شعره ومؤلفاته
كتب الشعر مبكرا ،وطرق جميع اغراضه ،فكتب في الوصف و في الغزل وفي الرثاء وفي الفخر، كما كتب الشعر الوجداني والشعر الوطني .لقد كتب للمرأة وأعزها وقدرها حق قدرها وكتب للفقراء ولفلسطين ،و للمعلم ومع كل هذا كتب الكثير عن مدينته هيت التي عشقها وخلّد ذكرها في أكثر من قصيدة. ولم يكتب الشعر مادحا ، فلم يكن يعنيه الجاه أو السلطان .
وقد نشر الكثير من قصائده في مختلف الصحف العراقية والعربية فنشر قصيدة (بغداد) في جريدة العراق. ونشر قصيدة (ربوا الفتاة على التقوى) في مجلة الفتاة. وقصيدتيه (خطب) و(نفدي فلسطين) في جريدة الدفاع العراقية. وقصيدة (وثبة العراق) في جريدة لواء الاستقلال. وقصيدة (السلام) في مجلة (الرسالة المصرية).
لقد رسم لنا الشاعر في قصيدته (أمل الفلاح)- الفائزة بالجائزة الثالثة في المسابقة الشعرية التي نظمتها هيئة الاذاعة البريطانية في عام1946- لوحة فنية معبرة عن واقع الفلاح المرير، وكيف كان يكدح هذا الانسان وزوجه وولده فيتصبب عرقه مع دمه، وتكون الحصيلة قمحا وتمرا يذهب دنانيرا الى جيوب الاقطاعيين فيعمرون قصورا ويزيدون ثرواتهم في حين يبقى هو وأهله في كوخ مهمل، ولكن شاعرنا لم ييأس ولم يقنط لأنه كان واثقا من فوز هذا الانسان الكادح فقرر له امل الفوز وفوز الأمل في لغة بسيطة سهلة توصل الى القارئ ما يريده الشاعر قوله فلا يحتاج الى من يفك رموزها او يحملها بعيدا عما كان يقصده وهنا تكمن الحكمة في الشعر حين ينقلنا شعور الشاعر الداخلي الى دواخل الناس بكل يسر وسهولة فهي اشبه ما تكون بالسيل في ارض متعطشة.
لقد استوحى الشاعر قصيدته من واقع الفلاح الذي عايشه في صغره في مدينته الغافية على الفرات، فانسابت كلمات القصيدة بسيطة، رقيقة ،عذبة كعذوبة ماء ينساب من (قوق) ناعور في دالية التربة او قندي او الدوارة. وكانت في النص موسيقا هادئة كأنها سمفونية دالية من تلك الدوالي. لقد وعد الشاعر الفلاح بمستقبل زاهر هو خير من أمسه المظلم ومن حاضره القاسي ووعده ببسمة الفرح.
اشترك الشاعر بقصيدته (أمل الفلاح) بالمسابقة الشعرية التي نظمتها هيئة الاذاعة البريطانية في عام 1946وقد نشرت جريدة صوت الأهالي الصادرة في 2/4/1946 ما نصه :" جاءنا من العلاقات العامة في السفارة البريطانية ببغداد أن لجنة تحكيم محلية قد تألفت في بغداد للنظر في القصائد الواردة للاشتراك في المباراة الشعرية لهيئة الاذاعة اللاسلكية البريطانية في لندن، برئاسة معالي الشيخ محمد رضا الشبيبي فخريا، ورئاسة الاستاذ طه الراوي فعليا، وعضوية كل من السادة عباس العزاوي، والدكتور مصطفى جواد، وناجي القشطيني، ومهدي مقلد الراوي، في دار العلاقات البريطانية العامة بعد ظهر يوم الخميس المصادف14/اذار/1946 ونظرت القصائد المرسلة للاشتراك في هذه المباراة فأسفرت النتيجة عن فوز القصائد الثلاث التالية: قصيدة السيد محمود نديم وعنوانها(البلبل)،وقصيدة السيد عبد الرحمن البناء وعنوانها( جامعة الدول العربية) ،وقصيدة السيد عبد الحميد عبد المجيد الهيتي وعنوانها( أمل الفلاح)(3 ).

لقد تغنى بمدينته وبجمالها بقصيدته (هيت بلد الجمال) متغزلا بها كما يتغزل العاشق بحبيبته ، فهي بسمته عند النعيم، وهي دمعته في بؤس حاله ،وهي الجميلة بصباحها ومسائها ، وهي الرائعة الراقية السامية. لقد صور لنا الشاعر بلد الجمال في لوحة فنية رسمها لنا وهو في قرية (التربة) مستمعا ومستمتعا بلحن ناعورها النشوان من خمر الفرات الناظم لقصيد كتبته ايدي الريح فوق الماء بمداد الشمس.

وفي قصيدته (شكوى هيت) يتجلى حزن الشاعر ألما مما نال مدينته من جور وظلم ونسيان، فيصور لنا مشهدها البائس آنذاك مقارنا إياه بما وهبها الخالق من طبيعة وجمال وثروات. ويتكثف الحزن في قلب الشاعر ولسان حاله يقول: هذه مدينتي الجميلة تلاقي كل هذا الاهمال والنسيان، فيبدأ بالمطالبة بما تريده المدينة من مشاريع الكهرباء والماء وتعبيد الطرقات، وجسر يربطها بقراها الجميلة، ليعمر الريف ويزدهر ويعود المجد مزهوا الى حيث مدينة التاريخ والحضارة .
قصيدة شكوى هيت
بالرغم من حسـن وطيـب مغانـي = يـا هـيــــت تفتـقـريـن لـلـعـمـران
كم فيك من صنع الإله وفيـك مـن= صـنـع الانــام بـــدا بـــلا اتـقــان
قــد صـورتـك يــدا الإلــه منـظـرا = قــد شوهتـهـا ريـشــة الإنـســان
ان شوهـتــك يـــد الـعـبـاد فإنمـــا = قـــد ابـدعـتـك عـنـايـة الـرحـمـن
يـا ايهـا الإنسـان لـو تعنـي بـهـا = لــغــدت بــذلــك آيــــة الـبـلــدان
ولصح فيها بعض ما قد جاء فـي= وصــف الجـنـان بـآيــة الـقــران
******
فانظر الى نهر الفرات وقد جـري = مــن فـضـة فيـهـا ومــن عقـيـان
وانظر الــى جـنـبـاتـه كــزمـــرد= مـــن لؤلؤ فـيـه ومــن مـرجـان
وانظر الى وجه السمـاء بوجهـه= كـالـلازورد عـلـى مــذاب جـمـان
وانظر الى الشمس المشعة فوقـه = تضـفـي الـيـه غـرائــب الألـــوان
وانظر الى الناعور واسمع لحنـه= يشجـي القلـوب بأعذب الالحـان
أنــى التـفـت تـجـد جـمـالا فاتـنـا = تـهـوى جــلال جمالـهـا العيـنـان
اجـمـل بهـيـت مشـاهـدا لـوانـهـا = جمعـت لتلـك محـاسـن العـمـران
******
بـلــد جـمـيــل مـهـمــل مـتـأخــر = يحيـا مـن الاصـلاح فـي حرمـان
بلـد تخلـف بالخطـى عــن غـيـره = فـقـضـت عـلـيـه آفـــة النـسـيـان
فتراه فـي العصـر الحديـث كأنمـا = هـو فـي عهـود غـوابـر الازمــان
حرمـوه اسبـاب الـرقـي جميعـهـا = بـخـلاف مـا فـي سـائــر الـبـلـدان
حرمـوه نـور الكهربـا فينـارفــي= ســـرج تـمــد ضـلالـهـا بـدخــان
ســرج بــدال لا تـكـاد تـضــيء اذ= في الليـل نمشـي مشيـة العميـان
حرموه مشروع الاسالة فاحتسى= رفــق المـيـاه تـمــوج بـالـديـدان
حرموه مشروع الشوارع فارتمى = فــي ظلـمـة الاكــواخ والاطـيــان
مــا عـبـدوا طـرقـاتـه اذ عـبــدوا= من قيـره الطرقـات فـي الاوطـان
كالعيس فوق ظهورهـا مـاء وقـد = راحــت تعـانـي حـالــــة الظمآن
لم ينشئـوا جسـرا يسيـر بـه الـى = حـيـث ارتـقـاء معيـشـة السـكـان
بالجـسـر تنـتـعـش اقتصـاديـاتـه = فيـنـال خـيـر حـضــارة وامـانــي
فيـه ارتـبـاط مديـنـة فــي مثلـهـا = عـصـريـة الانــشــاء والـبـنـيـان
وبه انتعــاش الريــف في غلاته = فلقــــــتد تروح زراعـــة البستان

ولم ينس الشاعر وظيفته فقد كتب للمعلم قصيدة حدد له فيها ما عليه من مهمات في تربية النشء الذي شبهه بنبات الأرض وشبه العلم بالتراب:
والنشء مثل نبات الارض مختلف = تلقى به الشوك والازهار والغربا
والعلــم كالترب ينمو فوقه شــجر = فاختر لغرســك منه كل ما خصبا
به يرد الفتى الصــادي لجوهـــره = كما يُرد تراب فــي الثرى ذهبـــا

ومثلما كتب لهيت الحبية شعرا فقد كتب لبغداد الرشيد وبثها شوقه وهواه بعد غياب لم يكن متعمدا ولكنها الدنيا التي تبعد الأحبة. وكانت الفترة التي يقصدها الشاعر هي المدة الممتدة ما بين انهائه دراسته في دار العلوم وعودته اليها طالبا للقانون في كلية الحقوق وبين الزمن عمر ليس بالقصير وتجربة ثرية في الحياة والمجتمع واحداث كثيرة وقعت سواء في العراق او في الوطن العربي.
وفي خزانة الشاعر هلال ناجي قصائد مختارة بخط المترجم له في موضوعات مختلفة، كما أن له ديوانًا مخطوطًا، سماه «أغاني الفجر»، ومسرحية شعرية بعنوان: «أهل الكهف» - هي نظم لمسرحية توفيق الحكيم الذهنية - فقدت بعض فصولها وله رسالة بعنوان:(تطبيقات القواعد القانونية على المبادئ الاجتماعية) نشرت في حلقات بصحيفة «الأهالي» البغدادية في عام1954.( 4)
لقد كان عبد الحميد محبا للمرأة داعيا لنصرتها، وكان يُجلها ويقدرها حق قدرها، وكان داعيا الى مساواتها بأخيها الرجل ،وقد جسد لنا ذلك من خلال بعض قصائده ،ومن خلال عمله المهني في نقابتي المعلمين والمحامين، وقد رسم لنا صورة جميلة ومعبرة عن هذا الشعور الكامن في نفسه ووجدانه في قصيدته (( قيل لي بشراك)):
قيل لي بشراك يا "عبد الحميد" قلت ما البشرى أمولود جديد
فأجابونـــي وهم فــــــي فرح باهــــتٍ نمَّ عن الــــداء التليد
هـــي أنثى وضعتـــها أمــــها قلــــت يا قوم أما فيكم رشـيد
أيهــــا القوم اتقـــــوا ربا لكم في أناثٍ هنّ ريحـان الوجود
نعمــــةٌ بالغـــةٌ قد ســـــــاقها ليَ ربي وهـــو بالخير يعـود
ربمـَّــــا فيهـــــا خلودي ولذا أنا أدعــوها من الآن "خلود"
وبالفعل فقد غدت خلود عبد الحميد خلودا له في ذاكرة مئات الطالبات اللائي كانت لهن مدرسة ومربية ومديرة.
وكتب في السياسة ،وكيف له أن لا يكتب فيها وهو من نهل من منهلها العذب من زميله المعلم حمزة فتيان الراوي ذلك المربي الفاضل الذي كان من أوائل المعلمين الذين درَّسوا في مدينة عنه القيادي السابق في الحزب الشيوعي العراقي عامر عبدالله الذي عين وزيرا للدولة في الوزارة التي شكلت بعد تشكيل الجبهة الوطنية والقومية التقدمية (1973- 1978 ) .ومن قصائده السياسية قصيدته (وثبة العراق) التي نظمها في أعقاب معاهدة بورتسموث في عام 1947 وفي تلك القصيدة أعلن صراحة انتماءه السياسي ومنها:
دم الضحايا خضاب المجد ذو أرج يعط كالمسك طيبا والرياحين
دم العذارى دم الشـــــبان عانقـــــه كما تعانـــق ريحــان بنسرين
وله قصائد أخرى منها: في ذكرى ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ،خطب وليلى ،وموقف الإنسان. منشورة في معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين.
ومثلما بقى خالدا في ذكره الطيب معلما ومربيا ونقابيا وشاعرا، بقي ذكره خالدا في أبناءه البررة لمدينة ابيهم ،فقد كان وما زال ابنه البكر الدكتور وليد الهيتي علما من أعلام مدينة هيت فما ذكرت هيت الا وذكر وليد وما ذكر وليد إلا وذكرت هيت.

الهوامش

( 1)رشاد الخطيب الهيتي، هيت في إطارها القديم والحديث، مطبعة أسعد،( بغداد،1966)،ج1،ص137-138.

( 2) المدرسة الأعظمية أو كلية الإمام الأعظم، هي مدرسة دينية تهتم بتدريس العلوم الشرعية الإسلامية، شُيِّدت بجوار مشهد أبي حنيفة النعمان(رحمه الله) وسُمِّيت باسمهِ، وشيدها شرف الملك أبوسعيد محمد بن منصور الخوارزمي، مستوفي مملكة السلطان ملك شاه السلجوقي عام: (459هـ/) .بقيت مدرسة الإمام الأعظم حتى عام: (1911م) المدرسة الوحيدة في الأعظمية إلى جانب بعض الكتاتيب لتعليم القراءة والكتابة والقرآن الكريم.وقد سميت المدرسة الأعظمية بعد عملية الترميم الأخيرة بـ (جامعة الإمام الأعظم) وذلك عندما طالب الشيخ العلامة نعمان بن أحمد الأعظمي (ت: 1355هـ) السلطان العثماني بإنشاء كلية في الجامع، وكان للشيخ نعمان الفضل الأكبر في السعي لإنشائها وبنائها، وتعتبر من مآثره وجليل أعمالهِ، ثم سماها (دار العلوم الدينية والعربية)، ثم (كلية الشريعة)، ثم سميت مرة أخرى بـ (كلية الإمام الأعظم). وكانت هناك بعض أعمال الترميم خلال العهد الملكي. وفي عام: (1923م)، صدر الأمر بإعادة تسميتها بـ «الكلية الأعظمية» وجعلها تابعة لديوان وزارة الأوقاف وصارت أكبر مدرسة دينية في العراق.

(3) جريدة الجمهورية العراقية /العدد 6051 في 2/4/1986 تحت عنوان (كان يا ما كان قبل 40 عاما) .

(4) معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، http://www.almoajam.org/poet_details.php?id=3657



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سألت الحب
- إقليم الانبار بين الداعين اليه والرافضين له
- قصيدة دار سعدى
- المهلهل بن ربيعة
- الأفوه الأودي
- الشنفرى الأزدي
- كذبة المائة يوم
- حلم بين الكتل السياسية والكتل الكونكريتية
- رسالتان الى عمان والى السلطان
- دولة المواكب
- السياسة مو لعب طمّه
- باسمة
- الفساد المالي والإداري وأسبابه
- إنسوا السين وسوف واذكروا قد
- ليلى الحبيبة
- هي
- هي
- أم عصام
- بكيت مع النواب
- الهوى عمري وعمرك


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - قحطان محمد صالح الهيتي - عبد الحميد عبد المجيد الهيتي