أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة السوداني - قصة قصيرة جدا اندفاع نعمة السوداني














المزيد.....

قصة قصيرة جدا اندفاع نعمة السوداني


نعمة السوداني

الحوار المتمدن-العدد: 3560 - 2011 / 11 / 28 - 02:40
المحور: الادب والفن
    



فجأة رأى أطرافه مندفعة إلى الأمام، شعر بقلبه يلهث خلف امرأة مرقت من أمامه كأنها برق أضاء واختفى في زحمة الشارع.. عليه أن يترك مكانه للحاق بذلك البرق، خطوات بسيطة شعر بنفسه كأنه علم تتقاذفه ريح غاضبة. همس لنفسه بعين حيرته؛ ما العمل؟ سألحق بها.. لكن كيف ستخرج كلمات من فم مشدود.. علي التحدث مع نفسي أولاً.. أكيد ستظهر طاقتي ومعرفتي بأصول حديث العشق.. ومن ثم.. من ثم سأتعرف عليها... انتظري.. سأقول لها.. لو قرأتِ أفكاري وخواطري وما بي من شعور أتجاهك.. فأنك عشتار القادمة من ذلك الزمن البعيد.. نعم سأجرب ذكائي.. سأتقرب منها، اتأملها، سأدور حولها.. آه من عيون الناس.. ستتناهشني عيون الناس.. سأقول لها أنتِ جميلة.. ستقول لي؛ شكراً على هذا الإطراء.. سأرتبك وتزوغ عيناي باحثة عن موطئ لروحي في خضم بحر اللهفة مثل بحار ضاعت سفينته وفيها كل ما هونفيس..
أردفت هي؛ لقد سمعت همساتك.. هل حقاً أعجبك جمالي.. هل حقاً أنا رقيقة إلى هذا الحد.. أنت لم تلمسني بعد.. أليس فيَّ ما لم تعرفه بعد..؟ سيدتي لو كان الكون مثل جمالك ورقتك لم تكن هناك حروب كونية ولم يفكر نابليون بسقوطه بالامتحان ولم يدخل الدكتاتور إلى البلد المجاور بحثاً عن النصر الخسران.. أشياء وحوادث كثيرة لم تحدث... لو.. لو...
جلسا في مقهى أمام فنجاني قهوة.. قلبت هي فنجانه وأبحرت عيونها في فوهته.. خرجت من رحلتها وهي تهمس لنفسها.. بلد جديد خالي من القيم.. فيه حقائب كبيرة وصغيرة تمثل فقراء وأغنياء.. لا توجد فيه أدوات كتابة ودفاتر.. فيه بلابل في اقفاصها وعصافير شاردة.. ليس فيه جنة ولا منطقة خضراء.. برك مستنقعات ودم يسيل هنا وهناك.. ثم رفعت رأسها لتسمعني همسها.. هناك حرب بعيدة الأجل ليس لها سبب معروف.. كما يؤخذ الخروف إلى الذبح وهو لا يعرف السبب بعد لأنه يرى كثير من الحيوانات غيره صالحة للأكل والطبخ.. لِمَ هو فقط؟
كان هو صاغراً بذهول تحت وطأة طبول، مسامير تدق رأسه لا عهدة له بها.. سيدتي هل أنتِ عرّافة؟ لقد أقعدتيني وسط فنجاني ورميتيني بوابل من نفايات ودم وشرور.. هل ستتركيني قابعاً في فنجاني.. عادت إلى فنجانها وهي تكلمني :
ـ ما بك... ما حكايتك؟
وهل ظلت لي حكاية غير حكايتي معك.. كنت أشعر بالغثيان قبل أن أراك.. وها أنا بين يديك طير يمرح في حقول السعادة الغامرة.. كل شيء فيّ أنقلب وعاد إلى طوية أخرى..
ـ عليك أن تقتنع؟
ـ بماذا؟
ـ أنك شاعر
ـ أنك شاعر.. والشعراء يعشقون بسهولة
ـ وما الخطر في هذا؟
ـ لكن الحياة ليست هكذا.
ـ وما حاجتي لحياة ليست هكذا..؟
رفعت رأسها من فوهة فنجاني لتبوح لي.. أنها المرة الأخيرة التي ستحب فيها.. حذار من هذا الحب أيها الغريب.. فنجانك سيطعنك.. لا تظل أحمقاً، مندفعاً، لاهثاً وراء النساء.. ستذبح كالنعاج وستتكسر عظامك وستقرع نواقيس الحرب من جديد وستلبس النساء أجمل الثياب وسيرقصن فرحاً طرباً ويشربن نخب حياتك الجديدة. وسيقرأ النشيد الوطني على جنازتك.. بعدها ستستسلم وترفع الراية البيضاء خلف ذلك الجدار الأبدي وسيعلن موتك بالمذياع الوطني والتلفاز الوطني والصحف الوطنية اليومية..
ـ ولِمَ كل هذا سيدتي.. ماذا جنيت..؟
ـ جنايتك أنك تعيش في أرض لا تعرف الحب.. ومع بشر لا يؤمنون بالحب..
خرج من اختباره لنفسه خاوياً، مترنحاً ثم غادر المقهى ولعن تلك اللحظة المفاجئة البارقة التي أوصلته إلى الموت..



#نعمة_السوداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوحات فنية تشبه الموزاييك للفنان فائق العبودي ......
- حوار مع الفنان المبدع ستار الساعدي
- دعوة لقراة هذه الرواية
- نعمة السوداني في قراة نقدية للمجموعة القصصية (حكايات من وادي ...
- احتفال عراقي في لوزان السويسرية
- مونودراما ثرثرة قد تهمك او لاتهمك
- حوار مع الفنان بديع الالوسي
- التحليل والعرض في تشريح الدراما ....
- نافذة على المسرح 7
- قرأة نقدية بقلم نعمة السوداني للنص المسرحي -- الثالوث -- للك ...
- قرأة نقدية نعمة السوداني : لعرض الكيروغراف مهند رشيد ( الحدا ...
- بغداد في امستردام
- الممثل بين التمثيل والاداء المسرحي في نافذة على المسرح
- حوار
- نافذه على المسرح
- مهرجان روتردام للسينما العربية
- قرأة نقدية لفيلم بصرة
- تركت الهوى
- ملعب الكشافة ... وداعا عمو بابا
- وداعا قاسم محمد


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة السوداني - قصة قصيرة جدا اندفاع نعمة السوداني