أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فاهم - بكلوريوس للبيع














المزيد.....

بكلوريوس للبيع


علي فاهم

الحوار المتمدن-العدد: 3556 - 2011 / 11 / 24 - 17:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بكلوريوس للبيع

عفواً سيدي العراق أعذر جرأتي على إزعاجك بصوتي الخافت الذي لا أعرف هل يمكن أن يستطيل ليصل مسامعك - التي تتزاحم عندها ملايين الأصوات الفقيرة – أم أنه سيضيع و يتلاشى ويتماهى وسط ضوضاء الشكاوى و نحيب الثكالى و عتاب اليتامى , أنا اعلم إن دموعك سيول لا تتوقف تسقي بها الآمال الضائعة و تواسي بها عيوننا التي نضبت في محاجرها الأحلام , و لكني تعلمت أن لا انحني و لا أمد يدي متسولا إلا لله .
نعم يا سيدي العراق لقد ضاقت بي حدود صبري و نفذت من جعبتي كل الأعذار التي كنت أسوقها لأطفالي لأجعلهم يؤجلوا مطالبهم المتراكمة الى زمن لم يحن أوانه بعد , كما تصحرت غرفتي من أثاثها , و أزدحمت بسكانها ... حتى أبيحت أسرار أنفاسنا , لم يعد لي ما اعرضه للبيع سوى شهادة معلقة على جدار عمري أعترف أنها لم تكن هدف لي بذاتها و لكنها كانت ملجئ للهروب من طاحونة حروب لطاغيةٍ أكل نصف أعمارنا على مائدة تهوراته و يبس نصف أرواحنا الأخر على رصيف الانتظار , أربع سنوات مغمسة بالجوع و الحاجة و دعوات أمي و أحلام أبي سبقتها سنوات عجاف كان أهلي فيها يقتسمون لقمتهم ليوفروا لي قدراً من الحياة الجامعية لأحصل في النهاية على شهادة لم يخطر في بالي يوماً أنها ستكون مصدراً دائماً لبؤسي و تعاستي ,
لست استنكفَ أن أعمل أي عملٍ كان مادام لا يخرج عن دائرة الشرف و يحفظ لي ما تبقى من عزة نفسٍ لم تسكب على أعتاب الواسطات و الرشاوى فانا ابنك ياعراق كانت طفولتي كما تعلم ككل طفولات العالم الأخر المنسي بنكهة عراقية لاذعة , فبين عسكرة الطفولة و الأب الغائب في الجبهة و أناشيد الحرب و صور المعركة و قصص جيراننا عن الإعدامات , و دموع أمي التي كانت تعجن بها جوعنا لتخبز للجيران أرغفة الشبع لتبقينا على قيد العراق .كانت طفولتي .
تعلمت أن أعمل منذ نمت أظفاري في الطين و تشققت اقدامي كأرض يابسة جففتها رياح الصحراء , فالعمل حياتي و عندما أتوقف عنه أعلم انه يوم وفاتي ,
و لكن لِمَ لم يقل لي أحد أن سنين عمري التي قضيتها في الدراسة و السهر كانت عبثاً ؟ لم لم تقل لي ياعراق أن الأحلام في سمائك مجرد سراب و إن إنتظار الثمار اليانعة من بذور نثرناها في ترابك محض أوهام ؟ لماذا تركتني الهث بلا فائدة و أركض بلا جدوى و أعاني السنوات من اجل ورقة ؟ حتى أن أحرقتها لا تقي أبنائي برد شتائك ؟ و لا تمسح العرق الذليل عن جبيني الهارب من عيون الدائنين . و لا تصلح أن تكون بديل عن أخر قطعة ذهبية شيعتها عيون زوجتي الدامعة و كأنها تودع أبناً لن تراه ابداً .
و ما أكثر ما تشيعه دموعنا على ترابك حتى باتت أرضك تقطف رؤوسنا قبل أن تكون قد أينعت و حان قطافها , فحجاج اليوم لاوقت لديه يقضيه في الانتظار و مفخخاته تحصد الاعمار .لم أرى بلداً يأكل أبنائه كما تأكل أنت ياعراق و كأنك منذ الأزل فيك نهم لا يرتوي لأجساد رجالٍ , لم يحن موعد رحيلهم بعد ,
متى ترتوي ياعراق ؟ و العطش فيك مرض مزمن متى تشبع و الجوع داءٌ أورثتهُ لأبنائك لا يشفون منه ماداموا يحبونك , فمن شبع على أرضك يا عراق ...
إعلم انه شفي من مرض عشقك أو سكن في قلبه وطن أخر ,
عذراً سيدي العراق لشقشقة عرضت لي عندما سمعت ان هناك من يشتري أي شيء على ترابك و انا لم يعد في خزانتي المتحجرة أي شيء له قيمة الا هذه الورقة
فهل هناك من يشتري ؟؟؟



#علي_فاهم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بركان في العراق
- لا تخافي ..
- كريم المضمد ( قصة قصيرة )
- كرة القدم و الاحتراب الوهمي
- أكتشاف خطير في منطقة النسيان
- حكومة موبايل ...
- المثقف بين الاصالة و التغريب
- هلهولة للشعب الصامت
- للصائم فرحتان .. و للعراقي عشرات الأفراح
- أول ناخب يختصر لكم قصتها
- أنكم في جيوبنا
- ظننت أني قبل أن ألقاك ..
- الشهرستاني ... حرامي لا تصير من السلطان لا تخاف
- فساد حار و مجسب و رخيص
- نازل ثاني طسة
- منازلة مع وزير في دولة فسادستان
- بيع الخمور المشكلة و الحل
- موسم المطيرجية
- صباح أبو الخبزة ....
- مملكة البعوض


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فاهم - بكلوريوس للبيع