|
نازل ثاني طسة
علي فاهم
الحوار المتمدن-العدد: 2778 - 2009 / 9 / 23 - 15:25
المحور:
كتابات ساخرة
ربما يبدو العنوان غريباً و لكن كانت هذه الكلمات السحرية هي المطرقة التي كسرت زجاج الصمت الذي أطبق على راكبي السيارة الكيا ذات الأحد عشر راكباً منذ انطلاقها من المرآب و حتى وصولها الى (ثاني طسة) و الطسة لمن لا يعرفها هي الحفرة الموجودة في وسط الشارع الذي تسير فيه السيارات و الذي يشبه الى حد كبير الشارع السياسي العراقي المملوء بالطسات السياسية ، فبينما كانت تسير السيارة مترنحة تهتز كل أعضائها و تهز معها أجساد الركاب و كأنهم يرقصون رقصة هندية و هم سكارى و ما هم بسكارى و لكن قدرهم أنهم لم يوفقوا لامتلاك السيارات الخاصة ، و ستبقى حلماً مرتبطاً بحسرة ذهنية يعيش فيها ما دام يمشي مستقيماً وسط شارع أعوج ، فكيف و المطلوب منهم السير باستقامة وسط شارع أعوج مملوء بالحفر و الطسات و من يطالبهم بالاستقامة هو أعوج ، نعود لسيارتنا الكيا التي تحمل في بطنها كوكتيل منوع من أطياف هذا الشعب الذي كان كل راكب و رغم صمته و قسوة تعابير وجهه فعيونه كانت تحكي قصص و روايات و ملاحم و تفضح أنفاسه و تنهداته جبال الهموم الراكنة و الهامدة على قلوبهم المتعبة و أيامهم التي لم تعرف طعم الراحة و لم تذق حلاوة السكينة ، نازل ثاني طسة ..... قالها أحد الركاب دلالة للسائق على انه يريد النزول من السيارة عند الطسة الثانية أثارت هذه العلامة استغرابي كوني أسير بهذا الطريق لأول مرة فألتفت للرجل و لكن الرجل لم يعرني أي اهتمام و نزل من السيارة بعد أن توقفت و استأنفت مسيرها المترنح بعد هزة قوية بفعل الطسة الثانية الذي يعتبر وصف طسة لها فيه تقليل و تجميل لهذه الحفرة التي كادت السيارة تغرق فيها لولا رحمة الله عز وجل، ارتسمت على وجهي علامة أستغراب كبيرة و مجموعة من الأسئلة عن هذه البحيرة التي لا أعتقد أن الأخوة المسؤولين كانوا قد شاهدوها و إلا لما تركوها هكذا من دون أن يجعلوها أحدى عوامل الاستثمار من جلب للسياح بواقع كونها أحد المسطحات المائية المعروفة على الأقل لدى سكان هذه المنطقة و التابعين لهم بأحسان . و لكن يبدوا أني فضحت نفسي و كشفت أمري فقد سارعت امرأة كبيرة في السن تجلس بجانبي لتجيبني عن إحدى تساؤلاتي : يمة هذولة الي أنتخبناهم ، نكرة ما يعرفون يطموهة !!! فشاركها الحديث أحد الركاب الأخرين : هو المحافظ لو يمر من هنا و يشوف هذه الحفر يمكن يلكة حل بس شلون يشوف و هو غاط بنص الحماية ، أردت أن أعلق على هذه المداخلات و لكن المشاركة كبرت لتشمل أغلب الركاب و كأنهم كانوا بانتظار من يفتح لهم باب الحديث ليفصحوا عن همومهم و رؤاهم قطع الحديث أحد الركاب مناصراً للحكومة مستشهداً بان الوضع الأمني أفضل الآن و أن الخدمات تحتاج الى وقت فقط لتصل اليكم ، واجهه راكب أخر بموضوع البطاقة التموينية و الحصة التي لا يصل معظم مفرداتها للناس و مصيبة الكهرباء كما سماها ، و أضافت امرأة تجلس بأخر السيارة و ماذا عن الأدوية و نقصها بالمستشفيات و حاول أخر تبرير هذه الأعمال من ساحة الحكومة رامياً بالكرة في ساحة المكونات السياسية المتصارعة على الكعكة و تناولت نقاشاتهم موضوع المليشيا و مستقبل القاعدة و قوات الصحوة و الاتفاقية بين العراق و أمريكا و الملف النووي الإيراني و غيرها من المواضيع السياسية و تفاجأت بالتحليلات الموضوعية و كأني أجلس وسط مجموعة من المحللين السياسيين أو لنقل أني وسط جلسة مصغرة للبرلمان العراقي يتناول هموم الناس و يشخص لها الحل و العلاج حتى تمنيت أن تنقل وسائل الأعلام العراقية ببث حي من داخل الكيا ليرى العراقيون صورة التلاحم و التلائم بين الناس رغم أختلاف طوائفهم و مشاربهم فقد أنتهت جلسة البرلمان المصغرة ببعض النكات التي ضحكت لها الوجوه كاسرة كل غصات الألم لتبشر بإرادة ستغير الواقع رغم كل الطسات الموجودة في طريقهم ، أما أنا فما زلت غارقاً بأستغرابي من مسألة الطسة الثانية التي نزل عندها الراكب و قلت مستهزئاً و بصوت خافت : نازل ثاني طسة فأجابني طفل كان يجلس أمامي : و كيف سيعرف بيته اذا لم تكن هناك طسة . و دمتم سالمين .
#علي_فاهم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منازلة مع وزير في دولة فسادستان
-
بيع الخمور المشكلة و الحل
-
موسم المطيرجية
-
صباح أبو الخبزة ....
-
مملكة البعوض
المزيد.....
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|