أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وفاء عبد الرزاق - واقع لا واقع فيه














المزيد.....

واقع لا واقع فيه


وفاء عبد الرزاق

الحوار المتمدن-العدد: 3555 - 2011 / 11 / 23 - 19:46
المحور: الادب والفن
    


( واقع لا واقع فيه )


بالتصدي لضرر الحياة غير اللائقة تجابه الضجر بالمعارض الفنية..تجربة تؤهلها لتصبح صديقة حميمة لأكثر المثالين والرسامين والرواد من محبي الفن.

تهجو عمى الخطوات الضالة المتغاضية عن الجمال أو البحث عنه بين الكلمة أو الريشة أو الأحلام.

تعرف جيدا أن يد الفنان أكثر ألفة مع ورق الشجر أو مع النوافذ المشرعة التي تأخذ تعاليمها من الطبيعة.

بسبب ولعها بالفن اتفقت مع خمسة رسامين وستة مثالين لافتتاح معرضها السنوي الذي تصاحبه أمسيات شعرية ونقدية في الفن والأدب.

تركت لهم حرية اختيار موضوعاتهم في اكتشاف ما سيفضه الفن على الحياة الخانقة.

كانت تحلم بيدين سباقتين إلى الإمساك بلحظة مطر..وتبحث بين عناوين القصائد عن خيط لحياة، وعمَّا يثير الألم الهائل إلى أن يصبح فرحا.

ما حدث من دهشة يوم الافتتاح كان رغما عنها،،حين تبين لها أن التماثيل كلها على شكل أحذية ولوحات الرسامين أحذية بأشكال وألوان ووضعيات مختلفة .
شقت طريقها بين اللوحات والتماثيل، وما كان بمقدورها البحث عن سؤال لشدة ما أرعبتها المفاجأة.
شعرت بفقدان الاتجاه وارتجفت مثل ورقة صفعتها الريح.
تأففت بحدة قرب التمثال الكبير الضخم:
- مجرد حذاء.. ماذا يفعل هذا النحات هل يهزأ بنا؟
- أي مصير أخرق ينتظرنا عصر اليوم حين يحضر النقاد؟
- أرى أني أخطأت هذه المرة في اختيار الفنانين،،ولسوف تكون ملاحظات الوافدين إلى المعرض سيئة.
في غمار إيغالها بالمفاجأة راحت تقلب النظر بين التماثيل.. حذاء بخيوط ورباط،، حذاء يكشف عن مقدمة الرجل،، حذاء مفتوح من الخلف،، حذاء بسيور،، حذاء حريمي،، حذاء رجالي..حذاء داخل حذاء،، حذاء يركب على ظهر حذاء.

بنفَس متصاعد لاهث وقفت أمام إحدى اللوحات.. حذاء طويل يمتد من أول اللوحة حتى آخرها وكأنه فم مفتوح..آخر بلا لون فقط حدود باللون الأسود ونقطة سوداء على مقدمته.
أكبر لوحة كانت لرسامة شابة ليس فيها غير كعب حذاء وبقايا ألوان داكنة تغلف اللوحة من الأعلى ومن الأسفل تحت الكعب تحديدا.

هزت يدها استنكارا:
- ما الذي سيكتشفه الناقد في هذه اللوحة الغريبة؟
صارت تتوق إلى إيضاح إن كان هذا يثير الفنانين، فما سبب اتفاق الجميع على فكرة واحدة علما أنهم لم يلتقوا إلاَّ بجنونهم.

لوحة ذات إطار ذهبي تظهر الحذاء مشنوقا.
أحذية تطارد ذبابا، حذاء يسحق صرصارا.
ثلاثة تضرب طفلا على يديه والطفل حذاء مطرق الرأس.
حذاء مغتاظ ينطوي على نفسه... أحذية متخاصمة وأحذية في شجار.

غير أنها تساءلت عن حذاء ينزع جلده مثل ثعبان:
- أليس لهم غير هذا العالم؟

اتخذت كرسيا وسط الصالة محاولة فهم هذه الرطانة، وحين بدأ الزوار يتوافدون انزوت بعيدا كي تراقب الدهشة على وجوههم...
ومثل ليمونة معصورة تفرك أصابعها قلقا متجاهلة ابتسامات وهمسات بعض السيدات.
و كلما دخل فنان استشاطت غيظا وأولعت سيجارة .
سمعت أحد الفنانين يوضح لزائر مستغرب من هذه اللغة في الفن:
- إنها الفرشاة الحقيقية هذه المرة فهي تعبر عما نراه يوميا من أحذية. ألسنا لوحة للواقع؟
أجابه الرجل:
- ويحي،، يا ويلي ،، تطاردنا الأحذية حتى في مساحة الجمال.

دنا ناقد فني من لوحة الحذاء بنجوم على أكتافها:
- أمممم رتبة عسكرية،، تعبير عميق يا ولدي.
ثم انعطف على إحدى أخرى:
- رسمتك حذاء الظل يا ابنتي ستنال الجائزة حتما لو شاركت في مسابقة فنية.
نعم ستنال الجائزة الأولى لأنها تعبر عنا جميعا..أحذية وظل.. تخيلي أصبحنا ظلا وأحذية.. واقع لا استغراب فيه.

اقترب من صديق له مشيرا بإصبعه:
- أما فردة الحذاء هذه الباصقة على زوجها الحذاء ومدير دائرته الحذاء فكرتها عادية تعودنا على هكذا مشاهد.
تأثر صاحب لوحة فردة الحذاء وهمس في أذن الناقد:
سيدي..
- اسمح لي أن أقدمها هدية لزوجتك.

كتب على ظهر اللوحة إهداءً.

( ثمة نعال سيدخل غرفة نومك لا تتجشئي من الرائحة واعلمي أنه نسي فردته في بيت المدير).

ثم وقع اسمه.

تفضل سيدي: - نحن نرسم حياتنا ولا نستطيع التعبير عن أنفسنا إلا بالأحذية.

( من مجموعة قصصية جديدة بعنوان" في غياب الجواب" )




#وفاء_عبد_الرزاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورد نقص في قصتي المنشورة
- بين الحلم وجفنه قصة قصيرة
- مظفر بخير
- قصيدة سيدة النجاة
- فنجان قهوة
- آثرتُ خمرتكَ
- قصيدة بعنوان ( رجاء )
- لحظة أنوثتي
- ديوان ( من مذكرات طفل الحرب)
- قصيدة ( بياضٌ معتَّق)
- مقتطفات من ديوان ( أمنحُني نفسي والخارطة)
- ورد البوح
- (بيتُ الطين ) القصيدة الفائزة بجائزة نازك الملائكة
- في عالم جبار عودة الخطاط الشعري / (ألشِّعر التصاق روحي وجنون ...
- قراءة في مجموعة بردانه الشمس للشاعر جبار عودة الخطاط
- حوار مع الشاعر حكمت الحاج


المزيد.....




- في أول ظهور إعلامي له.. ضحية صفعة الهضبة يكشف لماذا لم يرد ب ...
- محمد سعيد المرتجي: هذه أسباب وفرة البحوث الفرنسية عن الفن ال ...
- كتاب -جرائم وعلوم جنائية- للخبير العلواني وخبرة 30 عاما بمسر ...
- حفلات تايلور سويفت تتسبب في -هزات أرضية- في إدنبرة
- حفل موسيقي لعازف الجاز التونسي ظافر يوسف في حديقة الأرميتاج ...
- -مستشفى الشفاء: جرائم مدفونة-.. شهادات الناجين في فيلم للجزي ...
- أوسكار فخري ينتظر منتجي سلسلة أفلام جيمس بوند
- -مستشفى الشفاء: جرائم مدفونة-.. شهادات الناجين في فيلم للجزي ...
- الرحالة المسلم الذي تفوق على -ماركو بولو- وروى الأعاجيب عن ا ...
- فيلم -كبش فداء-.. تكريم لأصحاب مهنة توشك على الاندثار وتجربة ...


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وفاء عبد الرزاق - واقع لا واقع فيه