ثامر إبراهيم الجهماني
الحوار المتمدن-العدد: 3535 - 2011 / 11 / 3 - 00:53
المحور:
الادب والفن
كذبة بيضاء
((الصدق منجاة،والكذب هلاك))
قول مأثور
كان والدي رجلاً من البادية يحترمه كل الرجال،يحبه إمام المسجد فهو يصلي كل الفروض وراء الإمام في أول صف.وغالباً ما يتواجد في المسجد قبل رفع الأذان،ويصوم ويزكي ويصل الرحم ويعود المرضى ويحفظ حق الجوار.أحب ذلك الرجل الطيب،لأنه والدي.ووالدي هذا موظف فقير الحال معدوم الحيلة تهرب من بين يديه النجوم ويتحول الذهب بين يديه إلى تراب،لذلك لا يمكن لوالدي السير في الشارع ببطء مرفوع الرأس إلا في أول كل شهر وبعد أن يستلم راتبه طبعاً. لكن منذ خمسة أشهر تقريباً ابتلينا بمرض والدي والذي كلفنا آلاف الليرات،مما اضطر والدي للاستدانة فوق راتبه ثمن أدوية وأجور أطباء وإقامة بالمشافي. وكان الهم الأوحد لديه تأجيل ديون تجار الحي،الأمر الذي جعله يتهرب منهم كل الشهر بما فيه أوله.وما انفكوا من جهتهم بطرق بابنا كل يوم ولم يهدأ هاتفنا من الرنين طيلة أيام الأسبوع. وكما أسلفت بأن والدي رجل طيب وبسيط وحافظ للحقوق،ففي يومٍ من الأيام دخلت باب الدار بسرعةٍ بعد أن قطعت شارع حينا راكضاً كي لا يراني التجار وإذ بي أجد أبي يؤنب أخي الصغير لأنه كذب عليه بشأن علامات النجاح في المدرسة وراح يكيل له الشتائم والمواعظ ولم يخلو الأمر من بعض الركلات والصفعات،وراح يوجه التنبيهات حول مصير الإنسان الكاذب وعقوبته يوم القيامة.وما كاد ينهي كلامه لأخي ولكافة أفراد العائلة وإذ برنين الهاتف يوقفه عن الكلام ويضطره للسكوت.توجهت نحو الهاتف لأجيب عليه ففوجئت بوالدي يوجه كلامه إلي قائلاً. اسمع يا أحمد إن كان جارنا البقال على الهاتف يريد مالاً فقل له أن والدي غير موجود.وعندما لاحظ امتقاع وجهي وعلامات الاستغراب بادية علي بادرني مجيباً كأنه يوضح إنها كذبة بيضاء.
#ثامر_إبراهيم_الجهماني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟