أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طارق قديس - الفلاسفة المُقنَّعون في المجتمع العربي














المزيد.....

الفلاسفة المُقنَّعون في المجتمع العربي


طارق قديس

الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 08:02
المحور: كتابات ساخرة
    


إن من أكثر ما يثير الانتباه في مجتمعنا العربي حول النمط السلوكي للإنسان فيه، هو وجود نوعٍ من الناس – في الغالب - يعتبر نفسه وبقرارة ذاته فيلسوفاً لا يُشق له غبار، فهو يعرفُ كل شيء، حتى وإن لم يختم العلم. إن تسأله في الفلك تجده جاليليو جاليلي. إن تسأله في الكيمياء تحسب نفسك أمام أحمد زويل. إن تبادله أطراف الحديث في السياسة تظن المحاور هنري كيسنجر.. حتى وإن تطرقت في كلامك إلى الطبخ تجده ولا الشيف رمزي!

وهذا النوع منتشرٌ بشكل ملفتٍ للنظر، ويزداد انتشاراً يوماً بعد يوم، فأنا لو استحضرتُ بذهني عدد الأشخاص الذين كانت إجابتهم على أيٍّ من أسئلتي بـ "لا" خلال فترة حياتي كلها حتى هذه اللحظة فلن يكون بالعدد الكبير. فأغلب من دارت بيني وبينهم حوارات بدا لي وكأن المعرفة لديهم معرفة بيولوجيِّة قد اكتسبوها مع حليب أمهاتهم في المهد. فهم يعرفون أين اختفى موسى الصدر المجهولُ مصيرُهُ في ليبيا منذ سنوات، وأين كلم الهدهد سليمان النبي، ومن كان وراء اغتيال الرئيس جون كيندي، وهل قُتل الرئيس ياسر عرفات حقيقةُ أم مات ميتة طبيعية. هذا كله بالإضافة إلى معرفتهم بأسماء قتلة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري واحداً واحداً وبالأدلة الدامغة!

باختصار هم يعرفون كل شيء ويقبضون بأياديهم على مفاصل الحقيقة، والتي لولاهم لكانت في خبر كان، فهم حرّاس عليها، يملكونها لكنهم – مع الأسف - لا يملكون سلطة القرار، لا يملكون سوى أن يلقوا بها أمام أي شخصٍ يواجههم، وذلك فقط لإثبات أنهم مثقفون .. بل أكثر من ذلك، أنهم فلاسفة.

والحقيقة أننا لو تعمَّقنا فيمن هو الفيلسوف لوجدنا أنهم قلبوا المصطلح برمَّته وأوقفوه على رأسه بدلاً من قدميه، فالفيلسوف ليس هو الشخص الذي يمتلك الإجابة بين يديه لا محالة، لكنه الشخص دائم البحث عن الإجابة، وليس بالضرورة أن يتوصل إليها. فالفلاسفة يجتهدون في إجاباتهم ويقودون غيرهم للوصول إلى الجواب الأقرب للمنطق، ولا يتأخرون بنفي معرفتهم للجواب عند مواجهتهم بالسؤال، وما من فيلسوف يمكن أن نقلده الميدالية الذهبية للإجابة على أهم الأسئلة التي يواجهها الذهن البشري منذ آلاف السنين حتى عصرنا هذا.

إن الفلاسفة يُدهشهم كلُّ شيء في هذا الكون، ويثيرهم الفضول حيال كل صغيرة وكبيرة فيه، فيثيرون الأسئلة مهما كبرت ويفككون ألغازها مهما صَعُبَتْ، سعياً وراء اكتشاف إجاباتٍ يأملون أن تقارب الكمال، وهم بذلك ينطبق عليهم قول جوستاين غاردر في روايته الشهيرة (عالم صوفي): "وحدهم الفلاسفة يمتلكون شجاعة السير في الرحلة الخطيرة التي تقودهم إلى أقصى حدود اللغة والوجود .."

فأين هؤلاء الذين يرفعون أنفسهم إلى مصاف الفلاسفة من هذا الوصف؟ إنهم على النقيض منه، ولا يستحقون حتى أن يقتربوا من فضائه قيد أنملة، ولا بد للأقنعة التي يختبئون خلفها أن تسقط عن وجوههم في يوم من الأيام. ولا بد أن يحدث لهم كما حدث لذلك الأعرابي، ذلك الذي ادعى الاطلاع وسعة المعرفة معتمداً على سرعة بديهته، إلى درجة جعلت قومَه يضيقون به ذرعاً، وينصبون له فخاً باختراع كلمة لا معنى لها لكي يسألوه عن معناها وكانت كلمة (خنفشار)، فما كان منه عندما سُئِلَ عن معناها إلا أن قال: "الخنفشارُ هو نبات جبليٌّ يَمَنيٌّ يُستخدم في ادرار لبن الماعز، وهو كما قال عنه الشاعر: لقد جَذبَتْ مَحَبَّتكم فؤادي كما جَذبَ الحليبَ الخنفشارُ." فتبين عندها للجميع بالدليل والبرهان كذبُهُ وزورُ كلامه.



#طارق_قديس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بانتظار ويكيليكس !
- مستقبل الديمقراطية في ليبيا
- شيزوفرينيا العرب
- ماذا بقي من الكتاب الأخضر؟
- هل المسيحية ديانة ثورية؟
- أوراق سائح من شرم الشيخ
- فدائي
- وصلة عتاب ليبية
- برقية عاجلة إلى عمر المختار
- مصر بين ثورتين
- قم أيها المصري
- هل فهم الرئيس ما يريده المصريون؟
- استنساخ محمد بوعزيزي
- الفيفا وأخطاء الحُكَّام في مونديال 2010
- الديمقراطية الحائرة في السودان
- بين بريطانيا واليمين الإسرائيلي
- العائدون من أوسلو
- بين زمنين
- فيلسوف في المنفى
- متاهة الأعراب في برامج الأحزاب


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طارق قديس - الفلاسفة المُقنَّعون في المجتمع العربي