أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - إكرام يوسف - احذروا غضب الشعوب















المزيد.....

احذروا غضب الشعوب


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3525 - 2011 / 10 / 24 - 00:19
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


دمعت عيناي وأنا أشاهد على شاشة التلفاز الأشقاء الليبيين يرددون شعارا رفعناه يوم11 فبراير، بعد أن عدلوه لينطبق عليهم "ارفع راسك فوووووق.. انت ليبي حر".. شبابا ومسنين، بل وفتيات، يرتدون زيا عسكريا حاملين أسلحة في أيديهم. ها قد تحررت ليبيا بسواعد أبنائها وبناتها، على الرغم مما يقال عن تدخل الناتو؛ الذي يعلم الجميع أنه كان رمزيا طمعا في مكاسب إعادة الإعمار بعد سقوط الديكتاتور. فمنذ بداية الأحداث، والعالم يقف متفرجا على مجازر في حق الشعب الليبي، ولم يتحرك الغرب حفاظا على رعاياه الذين كانوا يعملون داخل ليبيا، وعلى مصالحه في بترول ليبيا، حيث كان القذافي ينقل إليهم 85 في المائة من بترول بلاده التي تمتلك أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا. والمعروف أن بعض دول الغرب، خاصة إيطاليا، أمدت القذافي بالسلاح في بداية الثورة ليجهز عليها، ولم يبدأ تدخل الناتو على استحياء إلا بعدما تأكد للجميع قرب انتهاء عهده. وهو نفس ماحدث لدينا أيضا، عندما كانت الولايات المتحدة تدعم المخلوع في بداية الثورة، وأكدت خطابات هيلاري كلينتون الأولى على تمسك واشنطن بعميلها في مصر، ولم تتخل عنه إلا بعدما أكدت لهم استخباراتهم أن سقوطه بات مؤكدا. وهي، كلينتون نفسها من زارت ليبيا قبل مقتل القذافي بيومين لتعلن تمنيها قتله.
وبصرف النظر عن تضارب الأنباء بشأن طريقة إلقاء القبض على الديكتاتور، وعن اعتراضنا على إهانته ثم قتله بعدما وقع في أيدي الثوار حيا.. فالحقيقة أننا كنا نتمنى رؤيته يحاكم محاكمة حقيقية تفضح ممارساته طوال 42 عاما، وصفقاته مع القوى الغربية التي رهن لديها ثروات بلاده .. وليست مفاجأة أن قوى كثيرة كانت تسعى لإزهاق روحه قبل أن يبوح بما يفضح قوى كثيرة في الخارج والداخل الليبي، إذا خضع لمحاكمة حقيقية عادلة ـ سواء في المحكمة الجنائية الدولية أو أمام محاكم بلاده ـ لا تقتصر على اتهامه بقتل متظاهرين، أو قبوله" فيلا أو ثلاث فيلات" على سبيل الرشوة!.. لكن استمرار حياة الطغاة بعد سقوطهم، وفي أفواههم ألسنة، وتحت أيديهم أوراق، خطر يهدد كثيرين. وربما كان مقتل القذافي وأبنائه وأعوانه رغبة من البعض في إخراس ألسنتهم، ومنع وقوفهم في ساحة المحاكمة؛ أو كان استيعابا من الثوار لدرس طاغية مجاور، مازال حيا، يأمن على نفسه وأولاده محاكمة حقيقية لفساد حكمه واستبداده ثلاثة عقود كاملة، لأنه يملك أوراقا تهدد بفضح جهات كثيرة.
ولا شماتة في الموت.. لكن الطغاة لا يصدقون أن هذه هي النهاية المنطقية لجرائمهم.. جميعهم مصابون بما أسميته "متلازمة الغباء المصاحب للكرسي".. فيرى الطاغية منهم نظراءه يتساقطون، واحدا إثر الآخر بأيدي شعوبهم، لكنه لا يصدق أن ماحدث لغيره قد يصيبه؛ باعتباره الأذكى، والأشد حرصا، ويخيل له أنه يمسك بجميع الخيوط في يده، ولم يترك ثغرة تناله منها أيدي المظلومين! من فرط غباء الطغاة أنهم لا يقدرون إرادة الشعوب حق قدرها! وكل منهم يعتقد أن خدامه الموالين له والمنتفعين من فساده أشد بأسا من جماهير الشعب، وقادرون على حمايته والذود عنه. وهكذا يصاب بالذهول ولا يكاد يصدق حتى أخر نفس في صدره أنه سيدفع ثمن جرائمه.
على أي حال، قضي الأمر! وقتل الطاغية وأبناؤه وأعوانه، ولاشك أن نهايته شفت قلوب أمهات ثكالى وآباء مكلومين وأرامل وأيتام، ولم يعد لدينا أمل في محاكمة تكشف الأسرار على ألسنتهم. وصارت الفرحة من حق الليبيين؛ على أن زهوة الفرح لا ينبغي أن تشغلهم عن مهام المرحلة.. فمن الواضح أن القوى الكارهة للربيع العربي، حريصة على عرقلة التغيير بعدما عجزت عن منع إندلاع الثورات، أو وأدها في مهدها. على أشقائنا في ليبيا أن ينتبهوا لسارقي الثورات؛ وأن يتعلموا من تجارب سبقتهم، فيتمسكوا بوحدة الصف، وألا يتعجلوا اقتسام غنائم وهمية قبل أوانها. وتؤكد تجاربنا الحديثة ـ كما دروس التاريخ ـ أن التغيير لا يتم بمجرد الخلاص من رموز الديكتاتورية والفساد؛ فما ذلك إلا الجولة الأولى من جولات الثورة، يليها جولات لاقتلاع ما تبقى من أركان النظام التي ستشن بمنتهى الشراسة معركة حياة أو موت، تساندها قوى خارجية يهمها استمرار نظام لايهدد مصالحها، حتى لو تغيرت الوجوه والأشخاص. وستواجه الثورة ـ كما يحدث عندنا ـ حروبا نفسية تسعى للوقيعة بين الثوار والشعب، ولن تختلف أسلحتها عما يحدث لدينا، من تخوين لبعض فصائل الثورة، وسحب هذه الاتهامات على الثورة ككل، إلى نسبة جميع الاضطرابات المعتادة في ظل أي تغيير، أو أي انفلات أمني أو قصور في حركة الحكومة الانتقالية إلى الثورة، والتحسر على النظام الساقط. كما ستحرص قوى الثورة المضادة على استغلال المتاعب الاقتصادية ومعاناة الجماهير ؛ ونسبتها للثورة، كما لو كانت الجماهير نعمت بالأمان والعيش الرغد والحياة الكريمة في ظل النظام البائد. وسوف تظهر أيضا التحذيرات من هروب المستثمرين، كما لو أن الاستثمار لا ينتعش إلا في ظل الفساد والاستبداد. على الرغم من أن أي مستثمر شريف يعرف جيدا أن الحياة في ظل الديمقراطية والشفافية والقضاء على الفساد هي البيئة الأنسب للاستثمار الحقيقي، الذي يدفع فيه المستثمر ضرائبه للدولة ـ بدلا من الرشاوى ـ ضامنا أنها لن تذهب إلى جيوب أزلام النظام، وإنما ستعود إليه في صورة خدمات.
بقي أن نستلهم جميعا درس الثورة الليبية.. خاصة من كانوا يعايروننا ويطالبوننا بالنظر حولنا، لنعلم أن المخلوع والرجالة جنبونا التعرض لما يحدث في بلدان مجاورة. فنحن نعرف أنهم لم يكونوا حريصين إلا على وجودهم، و لم يضحوا بإزاحة رأس النظام إلا أملا في الإبقاء على النظام نفسه بوجوه جديدة.. أو كما قال أحد عملاء أمريكا من أركان نظام سوهاتو في إندونيسيا بعد الإطاحة برأس النظام "كان ينبغي أن نحدث تغييرا من أعلى حتى لايحدث تغيير من أسفل"!
وصار لابد على حكامنا أن يستوعبوا الدرس جيدا.. ويتعلموا أن كلمة الشعب هي الفاصلة..فمحاولة الإبقاء على النظام الساقط، وإعادة إنتاجه بوجوه جديدة، وتحالفات مريبة، لن تجدي بعدما دفع الشعب ثمن التغيير من دماء أبنائه. كما أن التلويح بسيف المعز، لن يسهم إلا في تأجيج مشاعر الغضب في صدور شعب لم يثأر بعد لدماء أبنائه، وصار شعار الثوار "يانجيب حقهم يانموت زيهم".. عليهم أن يعيدوا حساباتهم، بعدما صار مشهد دهس المصريين تحت عجلات الحافلات متكررا، من حافلات الشرطة في 28 يناير إلى مدرعة الجيش أمام ماسبيرو إلى سيارة عميد آداب المنصورة، من دون محاسبة الجناة.. عليهم أن يدركوا قبل فوات الأوان أن المصريين ربما كانوا أطيب شعوب الدنيا، وأن حبال صبرهم هي الأطول، غير أن للصبر حدود. فاحذروا غضبة المصريين القادمة!
وإلى من يطالبوننا بتقبل كشوف العذرية على بناتنا، ودهس أبنائنا وإلا صار مصيرنا كليبيا.. نقول لهم احترموا كرامة الشعب المصري وكلمته.. وإلا كان مصيركم كمصير طاغية ليبيا وأعوانه من وقفوا في وجه الشعب الليبي. الشعب المصري هو الذي حمى حكامه من مصير القذافي! وهم مدينون له بالعرفان.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى ترتوون من دمائنا؟
- غضب آخر سوف يجيء!
- علموا أبناءنا في إيطاليا!
- الدبة.. وصاحبها!
- بوادر جولة ثانية
- عصام وحسن ..ورأب الصدع
- حتى الرمق الأخير
- شعب واحد
- خطاب مفتوح إلى السيد المشير
- ثورة عالمية في الأفق
- وانهمرت دموعي
- رمضان .. وهدى
- عجلة الإنتاج .. وسنينها!
- المشككون.. بين الثوار والجماهير
- كرامة المصريين خط أحمر
- عفوا.. يرجى إعادة شحن الرصيد
- قبل الحساب
- الداخلية.. وثورة صارت ضرورية
- تحركوا قبل فوات الأوان
- ولسة جوا القلب أمل


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - إكرام يوسف - احذروا غضب الشعوب