أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - عجلة الإنتاج .. وسنينها!















المزيد.....

عجلة الإنتاج .. وسنينها!


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3437 - 2011 / 7 / 25 - 02:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


كانت عبارة سيلفيو بيرلسكوني رئيس وزراء إيطاليا عند قيام ثورتنا "لاجديد في مصر، المصريون يصنعون التاريخ كعادتهم" كاشفة بقدر ماهي بليغة؛ تؤكد مجددا ما أثبته المصريون على مر القرون.. فليس كالمصريين شعبا قادرا على الابتكار، وطرح الجديد الذي سرعان ما تتناقله الشعوب الأخرى، ليصبح موضة العصر.. ولنتأمل مثلا شعار "بالروح.. بالدم نفديك يافلان" منذ أكثر من نصف قرن حتى "الشعب يريد إسقاط النظام".. مرورًا بالنكات المصرية اللاذعة، التي تتردد بحذافيرها في مختلف شعوب المنطقة(سمعت نفس النكات التي تطلق على الصعايدة في مصر؛ تروى عن الخلايلة في فلسطين وعن الحماصنة في سوريا)، فضلا عن مختلف إفيهات الأفلام والمسلسلات.. وصولا إلى اقتباس الثوار الأشقاء بعض أساليب السخرية التي ابتكرها ثوار مصر للتنفيس عن احتقارهم واستهزاءهم بنظام المخلوع من على عرش مصر..
غير أن الملفت للنظر أن روح التجديد والابتكار التي تبدت في أجمل وازهى صورها أيام الثورة على النحو الذي دفع إذاعة البي بي سي إلى تسميتها "الثورة الضاحك"، وأذهلت كثرا من المراقبين الذين قالوا "إنها المرة الأولى في التاريخ التي يقوم فيها شعب بثورة، ثم ينظف مكانه".. افتقر إليها أيتام المخلوع وفلول نظامه.. ويبدو أن عقودًا من البلادة وإحناء الرؤوس جردتهم من طزاجة الخيال في جينات المصريين.. فلم نسمع جديدًا في الدعايات المضادة للثورة وعبارات التشهير بالثوار؛ اللهم إلا استبدال الاتهام بالشيوعية مع ربطها بالإلحاد أمام البسطاء المتدينين لكل من يدافع عن حقوق الفقراء في عهد السادات، بتهمة العلمانية وربطها أيضا بالإلحاد لكل من يطالب بالديمقراطية ويرفض سياسات القمع الديكتاتوري أو الحكم الديني.. ومازالت التهم هي ذاتها لكل من يقول كلمة حق أمام سلطان جائر: التمويل الأجنبي، والعمالة، وتنفيذ أجندات أجنبية.. وكان التمويل الأجنبي ينسب إلى الاتحاد السوفيتي غالبا في عصر السادات (وذات مرة نسب إلى بلغاريا شخصيا!) وينسب الآن إلى الولايات المتحدة حينا وإلى إيران حينا آخر وإلى قطر وإسرائيل أيضا.
أضف إلى ذلك الاتهام المثير للضحك حول تهديد الاستقرار وإيقاف عجلة الإنتاج.. وهي تهمة تثير الضحك إلا أنه للأسف ضحك كالبكا.. فهذه التهمة بالذات مازالت تجد صدى لها لدى بعض البسطاء.. من لم يدرسوا تاريخ الثورات .. ولا يعرفون أن الثورة ـ بحكم تعريفهاـ هي بالفعل تهديد للاستقرار، لأنها تعني إسقاط نظام عميل قمعي فاسد والبدء في إقامة نظام وطني ديمقراطي نزيه..ولا يدركون أن إسقاط النظام دونه خرط القتاد، فأركان النظام السابق تظل حتى آخر لحظة متشبثة بمكاسبها، وتحارب حربا ضروسا من أجل الحفاظ عليها، والحيلولة دون إسقاط النظام بالكامل حتى لو اضطروا للتضحية ببعض الوجوه. وهؤلاء ليسوا مجرد خدم النظام من أعضاء الحزب البائد و إعلامييه الذين يقتاتون على كل الموائد (ومنهم من سارع بالفعل إلى إعلان تبرؤه من المخلوع محاولا اللحاق بموجة الثورة وركوبها).. ولكنهم من يمتلكون قوى اقتصادية ونفوذا مدعوما باحتكارات في الخارج، يهدد زوال القديم صميم مصالحها، وكثير من أركان النظام مساهمون مهمون في شركات متعددة الجنسيات (وليس حسين سالم إلا واحدا منهم فحسب، كشف عنه بعض الغطاء).
مايعرفه مروجو هذا الاتهام جيدًا، ولا يعرفه كثيرون من حسني النية، أن الثورة تعني بالفعل تهديد الاستقرار، كما تعني بالفعل تعطيل مصالح الفقراء لفترة، ووقف عجلة الإنتاج.. وهي أمور ليست لطيفة ولا يهواها الثوار، ملثما لا يستهويهم أن تضطرب أمور حياتهم وتتوقف حياتهم وأرزاقهم عدة شهور؛ ولا يستهويهم المبيت في أرض الميدان تحت الخطر، سواء في برد يناير وتحت أمطاره أو في درجات حرارة تتراوح حول الأربعين في عز حر يوليو.
مالا ينتبه إليه كثيرون، يتعجلون جني ثمار الثورة ويستبطئون تحقيق المكاسب؛ أن خراب أكثر من ثلاثة عقود لا يمكن إصلاحه في عدة شهور.. وأن هناك من دفعوا ثمن هذا التغيير دماء هي الأغلى والأطهر، فلا أقل من أن ندفع الثمن بعض الاضطراب في الأحوال، حتى ننتزع مستقبلا أفضل لأجيال قادمة. سألت أحدهم:"ماذا لو أنك تركت شقتك وسافرت إلى الخارج ثلاثة عقود، وعدت لتجد الفئران عاثت فيها فسادا، فقرضت أخشاب الأرضيات والأبواب والنوافذ، وأسلاك الكهرباء؛ وعلا الصدأ مواسير المياه، وتساقط دهان الحوائط وتشققت المحارة؛ فكم يلزمك من الوقت لإعادتها قابلة للسكنى؟ وكم ستمضي من الوقت لملاحقة الفئران أولا وسد جحورها، وربما يخرج لك من أحد الجحور ثعبانا يلدغك فتمضي أسبوعا مريضا في المستشفى، وكم من الوقت سوف تتعطل عن متابعة أعمالك وتتوقف أحوالك، حتى تستطيع فقط دخول الحمام؟ أو تناول طعامك على مائدة نظيفة؟ ناهيك عن استقبال ضيف؟".. وقياسا على ذلك، كم من الوقت سنحتاجه للتخلص من فئران وثعابين المخلوع؟ وإعادة هيكلة مؤسسات، ملأها بأفراد عصابته؟ وتغيير ثقافات وأخلاقيات ترعرت في ظل نظام قام على السرقة والنهب، وقمع الشرفاء وملاحقتهم؟.
ولنتذكر جميعا أن عجلة الإنتاج لم تكن تدور في عهد المخلوع إلا لتدهس الفقراء وتعتصرهم ليمتص دماءهم اللصوص..وأن سعر كيلو الطماطم عندما بلغ عشرة جنيهات لم تكن الثورة قد قامت، وأن قرى بلد النيل كانت تعاني كل صيف من العطش بينما لاتنقطع المياه عن حمامات السباحة في قصور خدم المخلوع. والانفلات الأمني ـ بما يعنيه من فتن الطائفية واختطاف الفتيات وحوادث التحرش والاغتصاب والسرقة بالإكراه وانتهاك أعراض الرجال قبل النساء في أقسام الشرطة ـ صار ظواهر عيرنا بها الأشقاء، كأبرز سمات عهد المخلوع.
تذكروا أن الثورة ليست متعة في حد ذاتها، وليست نزوة مراهقة داعبت خيال الثوار فاندفعوا إلى الشوارع!.. فلم يخرج أبناؤنا في يوم الغضب إلا بعدما فقدنا جميعا أي أمل في إصلاح نطالب به منذ عقود. ولولا خروجهم لظلت عجلة إنتاج النظام الكريه دائرة تدهسنا وتعتصر مواردنا وتنتهك كرامتنا، حتى ترثنا ذريته كقطيع من غنم.. ومثلما يقول أولاد البلاد "وجع ساعة ولاكل ساعة".. فلنتحمل قليلا.. ولنحمد الله أننا لن نورث بعد اليوم.. على الأقل.




#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشككون.. بين الثوار والجماهير
- كرامة المصريين خط أحمر
- عفوا.. يرجى إعادة شحن الرصيد
- قبل الحساب
- الداخلية.. وثورة صارت ضرورية
- تحركوا قبل فوات الأوان
- ولسة جوا القلب أمل
- الإخوان وتحديات العمل العلني
- فارس الجيش والديمقراطية
- جيشنا .. لاجيش المخلوع
- دع اللطم.. وابدأ البناء
- يوم الشهيد.. بين تحرير التراب وتحرير الكرامة
- احذروا الثورة المضادة
- أصبح لدينا رئيس سابق!
- .. وللتحرير ميدان
- ما أعظمك يا شعب.. ما أروعك يا وطن
- تونس تحيي ذكرى انتفاضة يناير المصرية
- نظام تونس يعيد ترتيب أوراقه
- احذروا سارقي ثورات الشعوب
- مطلوب دروع بشرية لحماية الكنائس


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - عجلة الإنتاج .. وسنينها!