أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ميرا جميل - نزيف الدم القبطي - سيكون بداية لسقوط الثورة المصرية !!















المزيد.....

نزيف الدم القبطي - سيكون بداية لسقوط الثورة المصرية !!


ميرا جميل

الحوار المتمدن-العدد: 3514 - 2011 / 10 / 12 - 20:49
المحور: حقوق الانسان
    



استيقظوا يا أبطال ميدان التحرير


منذ اليوم الأول لبدء الانتفاضات العربية كنت على قناعة أن إسقاط أنظمة الحكم الفاسدة، في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، هو مسألة وقت. صحيح أن انجاز الأهداف التي أخرجت الجماهير الغاضبة الى الشارع، كانت بمعظمها ارتجالية، او طارئة، وأشبه بكومة قش جافة تنتظر عودا من الكبريت ليشعلها.وهذا ما حدث فعلا..ولكن ما هي الآفاق العملية للمستقبل؟
من هنا رأيت ان الثورات العربية هي أقرب شيء الى انتفاضة الباستيل (ثورة الباستيل الفرنسية).. أي بكلمات أخرى، غابت عن الثورات العربية، الرؤية الاجتماعية الواضحة للمجتمع المنشود بعد الانتصار. غابت القيادات المؤهلة لقيادة المجتمع المدني المنتفض.ظل كل شيء معلقا في الهواء. في مصر وجدت القيادة العسكرية للقوات المسلحة نفسها التنظيم الوحيد الذي حافظ على ترابطه من جهاز الدولة القديم ، وبغياب أي قوة سياسية منظمة في الشارع ، وجد المجلس العسكري، الذي ضغط على مبارك للإستقالة، نفسه كقوة مصرية وحيدة قادرة على ادارة شؤون مصر لمرحلة انتقالية، حسب تعبيرهم، ولكن لا شيء نهائي بعد، وكل الاحتمالات واردة.
الشعارات التي طرحتها الثورات العربية بما فيها المصرية، عبرت عن الحلم العربي ، الحلم بالحرية والمساواة والتقدم . الحلم باخراج الدول العربية من واقعها المتردي في قاع سلم التطور. الحلم بان يأخذ العالم العربي مكانته بين الشعوب التي تصنع التاريخ الحضاري لشعوبها اولا ، ولشعوب العالم ثانيا. الحلم بأن يقف العالم العربي على مستوى واحد في الرقي العلمي والتعليمي ، في تطوير الابحاث وفتح مجالات العمل لمئات الاف العقول العربية المهاجرة. في جعل الجامعات العربية في مكانة متقدمة في المقاييس الدولية للجامعات، وليس مجرد مؤسسات تخرج عاطلين عن العمل ، وبلا خبرات علمية او تقنية متطورة بسبب غياب الميزانيات المستثمرة في تطوير العلوم والابحاث . الحلم بالخلاص من البطالة وايجاد عمل ، الحلم برفع مستوى الحياة ، الحلم بضمانات اجتماعية وصحية ، الحلم بضمان حق التعددية السياسية والثقافية وحرية الراي.
الثورات العربية ما زالت مشتعلة، هناك فروقات بسيطة بين ثورة وأخرى . ولكن ما يوحد بينها هو طابعها الباستيلي ، أي انفجار غاضب على واقع لم يعد من الممكن تحمله. وقد تكون الثورة السورية أكثر حظا بما رافقها من إنشاء قيادة مشتركة من شخصيات تملك رؤية اجتماعية واضحة للمجتمع السوري المنشود بعد الثورة. وتقوم بمهمة توجيه للثورة.
الثورة المصرية انجزت احدى المهام الكبيرة. أسقطت مبارك وزبانيته . ولكني لا ارى نتائج هذا الانتصار تنعكس على الواقع الاجتماعي والسياسي المصري. ويبدو ان سيطرة التنظيم العسكري، هو ردة معادية للثورة، نتائجها لم تنجلي بكامل خطورتها حتى اليوم.
الجهاز العسكري هو جهاز السلطة السابقة. واعطى الضمانات الكاملة للنظام الفاسد، ولسياسته المتخاذلة على المستوى الاجتماعي أيضا. ولا يمكن ان يكون مؤتمنا على التغيير المنشود.
مذا تغير في مصر بعد الثورة؟
المحاكمات للشخصيات السابقة لا تعني شيئا. هي ربما تلهي الجماهير عن القضايا الأكثر أهمية. تغيير تركيبة النظام، نسف كل القاعدة القانونية للنظام السابق، وطرح بديل يتمشى مع المرحلة الجديدة التي فرضها ثوار ميادين التحرير.
ان تحكم الجهاز العسكري ، يشكل خطرا على مصير الثورة. وأخطر ما فيه ان الجهاز العسكري بصفته القوة الأكثر تنظيما في الدولة ، بات قادرا على فرض عقليته التي تخاف من التغيير، خوفا من فقدان المكانة والتميز والمصالح والحفاظ على حق الحسم السياسي والقانوني ، بدون رقابة،أو تدخل من أي قوة سياسية أخرى. ولا تتردد المؤسسة العسكرية، في خلق خلافات وقلاقل بين الفئات الاجتماعية المختلفة، من أجل ضمان استمرار سطوتها.
هذا عمليا ما يدور اليوم في المجتمع المصري. ويجب النظر لمشكلة الأقلية القبطية في مصر من هذه الزاوية.
الثورة المصرية لم تكن فعلا دينيا. بل حركة اجتماعية مدنية. وكل محاولات تديينها، هو تضليل للأوساط الشعبية، ونسف لنتائج الثورة.وارى انه قد يتمشى مع مخططات المجلس العسكري ، في هذه المرحلة على الأقل.. وستكون بالغة الخطورة على المدى البعيد.
لن تكون مصر حرة ديمقراطية الا بنظام يفصل بين مؤسسات السلطة، وفصل الدين عن الدولة، وينفذ رقابة وحكم بشفافية كاملة، ومراقبة قانونية . أما بظل نظام يحكم أقلية إثنية او دينية مثل الأقلية القبطية ( 8 – 10مليون مواطن) بقوانين عثمانية متخلفة موروثة من فكر بائد لم يكن أصلا ملائما حتى في وقت إقرارها قبل مئات السنين، ولكنها باقية في مصر ودول عربية أخرى وكأن التاريخ قد توقف عن الحركة.
هذه القوانين التي تعتمدها مصر ولم تتغير حتى بعد ثورة الضباط الأحرار بقيادة عبد الناصر، تعتمد فيه الحكومة المصرية على الشريعة الإسلامية ونص الوثيقة العمرية، فى عرقلة بناء الكنائس ( اقرأ الحقوق المساوية للأقباط) التى جاء بنصها : " الا يُحدِثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجدِّدوا ما خُرِّب "
وأيضا من نصوص هذه الوثيقة نصاً يقول : " ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين " ونصاً آخر يقول : " ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين ، ولا يخرجوا شعانين" . أما الشرط الذى يصعب على الأقباط كتمانه فهو عاطفتهم فى حزنهم على موتاهم وبكائهم عليهم فقد حرمت الوثيقة إظهار عاطفة الأقباط فى الشرط التالي : " ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم "
هل يمكن بناء نظام عقلاني ، ولا أقول ديمقراطي، نظام مساواة، نظام تطور علمي واقتصادي، نظام عقول منفتحة، بلا حجاب على العقل والوجه، على عالم حضاري ينشد التقدم والرقي الانساني، بقوانين من المستحيل قبولها وتتناقض مع بنود أخرى في نفس الدستور المصري التي تتحدث عن المساواة مثلا؟
رغم مرور ستين سنة على قيام النظام الجمهورى فى مصر واطلاق شعارات التحرر والديمقراطية والاشتراكية والثورة والعدالة الاجتماعية . الخ، الا انه فى موضوع بناء الكنائس ( او بوضوح في التعامل مع الأقلية القبطية) لم يتحقق التحرر من الاحتلال العثمانى فى مصر وظلت شروط بناء الكنائس وترميمها فى مصر مستمدة من العثمانيين من الوثيقة العمرية .. وما زال هذا الواقع يجول فى قلب المجتمع المصري ويشوه عقول المواطنين ، ويخضع الأقباط وغيرهم من الأقليات (البهائيين مثلا) الى استبداد مستمد من عقليات القرون الوسطى..
لقد كان قرار إصدار ترخيص بناء كنيسة فى يد السلطة العليا العثمانية واليوم حدث "تطور" إنتقل اصدار الترخيص إلى رئيس الجمهورية في مصر. هل من فرق كبير؟ ..
اذن مضمون القانون العثمانى وروحه ونهجه التعسفي لم يختف بعد تحرر مصر من سيطرة العثمانيين وظل قانونهم سارياً على أقباط مصر. ولكنه غير بعيد عن فقدان الأكثرية المصرية( المسلمين) لحقوقهم المدنية أيضا. ان التمييز ضد فئة، هو معيار لعقلية سائدة لا ترى بالمواطن إنسانا له حقوق مواطنة او حقوق انسان حسب المعايير الدولية السائدة..
المذبحة البشعة الأخيرة بحق المواطنين الأقباط ليست وليد الصدفة، وليست مؤامرة، وليست فقدان سيطرة للمجلس العسكري ، انما هي نتيجة لتربية وأخلاقيات ومناهج حكم سائدة.. ولها علاقة بمستقبل الثورة المصرية. علاقة ان تكون مصر كما ارادها ثوار ميادين التحرير من المسلمين والمسيحيين، دولة مواطنيها ، دولة مساواة وحريات وتطور لمصلحة الجميع، او دولة عسكرتارية ، تواصل الحفاظ على نفس النهج المتخلف الذي يحكم الشعب المصري ، ولا أقول يحكم الأقباط فقط.
ليس من الضروري أن يكون الإنسان منتميا لدين ما او قومية لينتقد ما يجري مع أقباط مصر. ولينتقد ما يجري مع الأقليات الإثنية في العالم العربي ، ولينتقد ما يجري مع الأقليات الدينية في العالم العربي.
لن يكون عالما عربيا متحررا ديمقراطيا متطورا حضاريا بالحفاظ على عقليات القرون الوسطى الدينية . لا بد من التشديد على بناء مجتمع عربي مدني، مجتمع يفصل بين الدين والدولة، مجتمع يعاقب بلا رحمة كل من يحرض على المختلف دينا او قومية او جنسا.
هذه أكبر وأخطر مهمة امام الثورات العربية ، وأمام مصر بالتحديد!!.
ثورة مصر امتحانها هنا. إما ان تكون ، وتنجز حلم الشباب بميادين التحرير ، او تتحول الى نظام قمعي كل ما أنجزته أنها أسقطت ديكتاتورا ونظاما فاسدا، لتستبدله بديكتاتور آخر ( يسمونه مجلس عسكري) يحافظ على نفس النظام ونفس النهج بتسميات جديدة.
أقباط مصر يدفعون ثمنا رهيبا لمصلحة ان يستيقظ كل شرفاء مصر.
الموضوع ليس كنيسة ، وليس قبطيا او مسلما. انما ان تكون مصر دولة حضارية، أو ان تكون دولة قرون وسطى.
لا تظنوا ان الدم القبطي سقط على قضية كنيسة. بل على حقوق انسانية أساسية يضمنها أي قانون في أي دولة حضارية متنورة.
لا أعرف من أطلق النار، ولكني أعرف ان المجلس العسكري قاصر في حماية الأقلية القبطية، وعليه ان يتحمل قصوره ويحل نفسه ، وينقل السلطة لمجلس مدني مؤقت مشكل من كل القوى التي أنجزت الثورة.. والإسلاميين ( كمنظمات) لم يكونوا منهم!!
يجب إيقاف سرقة الثورة اليوم. الوقت ليس متأخرا. غدا سيكون متأخر جدا!!


ميرا جميل (بروفسور) كاتبة وباحثة فلسطينية
( محاضرة زائرة في جامعة McGill University- Montreal, Quebec)
[email protected]



#ميرا_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهم الكبير
- كي ننشئ جيلا منتصب القامة
- قصة : سر الخروج من مصر
- هل صارت اسرائيل دولة ملالي ؟
- قصة : اليقين والايمان ...
- حوار مع المفكر الفلسطيني الدكتور أفنان القاسم حول خطته لإقام ...
- الحوار حول خطة د. افنان القاسم
- خطة الدكتور أفنان القاسم لحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي اضا ...
- من أجل حركة نسوية عربية
- الله يفرِّج عن الحزب الشيوعي وخصوصا عن جريدة -الإتحاد-!
- قصة : رجل ...!!
- الامبراطورية لا تستجيب للنداء
- من النصر الإلهي عام 2006
- النمو الاقتصادي .. كطريق إلى الديمقراطية
- صحيفة - الوقت- البحرينية تحاور الدكتورة ميرا جميل:العالم الع ...
- علمانية للتنوير .. وعلموية للتخلف !!
- النهضة المشلولة والأوهام الخارقة...
- العقم الفكري في التفكير الاستعلائي
- هرطقة -الحداثة- في النقد داخل فلسطين 48
- الذخيرة غير موجودة : لمصلحة من هذا الدفاع المستميت ؟!


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ميرا جميل - نزيف الدم القبطي - سيكون بداية لسقوط الثورة المصرية !!