أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرا جميل - كي ننشئ جيلا منتصب القامة















المزيد.....

كي ننشئ جيلا منتصب القامة


ميرا جميل

الحوار المتمدن-العدد: 3405 - 2011 / 6 / 23 - 02:15
المحور: الادب والفن
    


تابعت الحركة الثقافية من ابداع أدبي ومسرحي وفني في البلاد منذ بداية وعيي .. وأقول بأسف شديد ، ان عدم وجود مؤسسات عربية محلية قادرة على استيعاب الدور الحضاري المؤثر للحركة الثقافية وسائر الفنون الثقافية والفنية ، أسفر عن ضياع جهود الطلائعيين الذين قدموا جهودا بطولية في ارساء القاعدة للتطور الثقافي متعدد الجوانب.. وللأسف ، مثلا .. بعض الموهوبين المسرحيين اصيبوا بحالة يأس واعتزلوا النشاط المسرحي الخلاق الذي بدأوا مسيرة حياتهم به .. وكانوا قد كرسوا احلامهم لرؤية تطور مسرح محترف وجماهيري ، منهم مثلا المخرج والممثل الموهوب صبحي داموني من الناصرة ، الذي قدم حتى نهاية السبعينات من القرن الماضي مجموعة كبيرة من الأعمال اخراجا وتمثيلا ، كما تبين لي من مراجعة أرشيفات الصحافة وقتها . أيضا الصحافة كانت تلعب دورا هاما لا أراه اليوم، نقدا واستعراضا وتغطية صحفية . كان الاقبال على المسرح والأدب اقبالا جماهيريا منقطع النظير. كانت الندوات الشعرية والثقافية تعقد اسبوعيا وفي مختلف البلدات العربية وبحضور متفاعل ونشيط ، كانت المحاكم الشعبية لمختلف القضايا الوطنية أو الثقافية تقليدا يشد الاف الحضور.. كانت الندوات الشعرية يحضرها الآلاف وتتحول الى مهرجانات شعرية وسياسية . ثم بدأت ثقافتنا تترهل وتتهاوى ، وبدل ان يجد جيل الطلائعيين المسرحيين الدعم .. وجدوا الصد ومحاولات تقزيمهم ، فاعتزل من اعتزل وأبرزهم بالطبع صبحي داموني . نفس الحال جرت في الشعر والندوات الثقافية ، اليوم نحتاج الى محفزات وتأثير شخصي لإنجاح ندوة أدبية .
بالطبع الحياة لن تتوقف ، رغم الكبوة التي طالت .. ولا بد من الانطلاق من جديد ، بدونه لا تطور ولا تقدم ولا حضارة ولا ثقافة ولا انتاج مادي وتطور علمي وعقلي .
الأمر الذي يقلقني حقا هو غياب التخطيط الثقافي من مؤسساتنا وسائر هيئاتنا الشعبية ، والفهم العميق لأهمية هذا التخطيط وانعكاساته على مجتمعنا . .
الثقافة هي معيار صحيح لقياس تطور المجتمع .. وغني عن القول ، ان المسرح يعتبر من أهم الأدوات ، وأكثرها فاعلية ، في اثراء الحياة الثقافية الاجتماعية ، والتأثير عليها .
في الشهر الأخير شاهدت مجموعة كبيرة ، وأقول هذا بفخر وتأثر .. من الأعمال المسرحية ، ومن المعارض الفنية ، ومن الكونسرتات الموسيقية الغربية ، ومن العروض الموسيقية والغنائية الشرقية ..
هذا اثراء غير مسبوق لحياتنا الثقافية والفنية . بالمقابل لا ارى تنامي الوعي ، لدى مؤسساتنا، حول دور الثقافة والفن الاجتماعي والسياسي , واضيف لدور الفن التربوي في تنشئة الأجيال الجديدة ، التي نريدها ان تنشأ مرتفعة القامة ، صلبة العود ، فخورة بانتمائها الوطني والحضاري ، وأن ترى بالثقافة والفنون والعلوم مقياسا لحضارة مجتمعنا .
اني ارى الترابط العضوي الكامل بين الحديث عن الابداع الثقافي ، وطرح قضايا واشكاليات هذا الابداع . والقصور الذاتي في توفير وسائل الدعم .

ان غياب اي برناج ملموس في برامج الهيئات الرسمية ، للموضوع الثقافي ، هو اشارة حمراء للواقع المتهاوي ثقافيا الذي نندفع اليه بدون وعي.
استطعنا ان نطور ثقافة ابداعية بهرت العالم العربي .. ووصلت الى العالمية .. ان مجتمعا لا ثقافيا هو مجتمع من السهل هزيمته وتفسيخه .. وعزله عن محيطه الطبيعي .. وجعلة مجتمعا يعيش في محميات طبيعية ، أشبه بمحميات الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية . وهل نستطيع ان ننسى ما تفوه به لوبراني مستشار رئيس حكومة اسرائيل الأول ، دافيد بن غوريون للشؤون العربية ، عن رؤيته ، وعمليا رؤية السلطة الاسرائيلية .. بان المخطط تحويل الأقلية العربية الباقية في وطنها الى " حطابين وسقاة ماء ؟!" هذه الجملة يجب أن تبقينا على أهبة الاستعداد دوما ..!!
فقط عبر الرؤية النهضوية الفكرية والثقافية ، استطعنا ان نهزم سياسة التجهيل ، وأن ننطلق في اجواء المعرفة والثقافة والعلوم ، لنتحول الى أقلية عربية متماسكة ..
ومع ذلك الظن ان معركتنا انتهت .. هو خداع للنفس . نحن في صراع دائم ومتواصل .. غير ان واقعنا ايضا يتغير للأسوأ .. ربما بسبب المساحة الدمقراطية الواسعة التي بتنا نتمتع بها ، بدل ان نستغلها لتعميق الانتماء والابداع أضحت تخلصا من الانتماء واستهتارا بالابداع. ونفتقد لأي مفهوم متقدم لأهمية الفعل الثقافي !!
عندما قررت الكتابة عن موضوع الاعجاز العلمي في القرآن ، كنت على وعي بأن ما أطرحه سيثير عاصفة ضدي ، ولكني أحترم عقلي وذاتي كمثقفة ، وأرى الخطر الداهم على مجتمعنا من ترويج حكايات وهمية لا استناد مادي لها في الواقع الملموس . يقودنا الى وضع صار فيه بسطاء الناس المتدينين ، وهم كثيرون ،خبراء في الاعجاز العلمي وهم لا يدرون اسس ومباديء أبسط مسألة علمية. واصبحوا كلهم يكررون مقولات وآيات أنا في شك اذا كانوا يفقهون لها معنى ، او قادرين على شرح الاعجاز المكتشف . يتحدثون عن نظرية الكهرباء وهم لا يعرفون معنى الدائرة الكهربائية وكيف تعمل الكهرباء. يتفلسفون حول المجموعة الشمسية ، بحدود لا تتجاوز صياغات من العيب ان نذكرها لطلاب الصف الثاني ابتدائي . وقس على ذلك .. هل يمكن لمجتمع اتكالي ، مقتنع انه قمة الحضارة ، ويعيش في حضيض العالم علميا ، ان يفهم أهمية احداث نهضة علمية وحضارية ، نهضة تعليمية والقضاء على الأمية. . ؟!
ان خطر الحديث عن اعجاز غير قابل للاستعمال المادي في التطبيق ، هو محض تخريف ، وبغض النظر عمن يقف ورائه.
الثقافة ليست الابداع الأدبي والفني فقط ، انما الابداع المادي أيضا بانتاج ضروريات استهلاكية للإنسان . وهذا ما نفتقده بالمستوى اللائق والكميات الكافية .
عندما نتحدث عن حضارتنا العربية نغرق في نوسطالجيا . محاولين الاستعاضة عن واقنا غير الحضاري اليوم ، بتاريخنا الحضاري.
ماذا ينفعنا تاريخنا اذا كنا غير قادرين على استئناف ما توقفنا عنده ؟!
من هنا رؤيتي ان للثقافة والتنوير أهمية عظمى في التجديد . ومن هنا حملتي على ابقاء العقل العربي خاملا مخدرا بأننا نملك العلوم ، وما هي الا "زغلول" آخر ونصبح مصدري علوم وتكنلوجيات ، نخرجها من قرآننا الكريم كما نخرج النفط من صحارينا!!
العقل العقل يا أبناء أعظم الحضارات ، مجدنا في تحقيق اعجازتنا العملية والثقافية وتحويلها الى قوة اقتصادية انتاجية تخلص مجتمعاتنا من فقرها وأنظمتها الاستبدادية المتخلفة ، وليس الثرثرة حول اعجازات وهمية ندعي اننا سبقنا بها الغرب . متجاهلين أن علومنا " المخبئة " فات عهد صلاحيتها ، ولم تعد تنفع للتسويق ، في الوقت الذي تحولت نفس العلوم الى قاطرة تنطلق بالمجتمعات الغربية ، وتتركنا مترهلى العقل والجسد ، نجتر الماضي ونختلف في تأويل !!

كاتبة وباحثة فلسطينية – نيقوسيا/حيفا
[email protected]



#ميرا_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة : سر الخروج من مصر
- هل صارت اسرائيل دولة ملالي ؟
- قصة : اليقين والايمان ...
- حوار مع المفكر الفلسطيني الدكتور أفنان القاسم حول خطته لإقام ...
- الحوار حول خطة د. افنان القاسم
- خطة الدكتور أفنان القاسم لحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي اضا ...
- من أجل حركة نسوية عربية
- الله يفرِّج عن الحزب الشيوعي وخصوصا عن جريدة -الإتحاد-!
- قصة : رجل ...!!
- الامبراطورية لا تستجيب للنداء
- من النصر الإلهي عام 2006
- النمو الاقتصادي .. كطريق إلى الديمقراطية
- صحيفة - الوقت- البحرينية تحاور الدكتورة ميرا جميل:العالم الع ...
- علمانية للتنوير .. وعلموية للتخلف !!
- النهضة المشلولة والأوهام الخارقة...
- العقم الفكري في التفكير الاستعلائي
- هرطقة -الحداثة- في النقد داخل فلسطين 48
- الذخيرة غير موجودة : لمصلحة من هذا الدفاع المستميت ؟!
- -الموقد- يحاور الكاتبة المثيرة للجدل ميرا جميل
- مطلوبة حية أو ميتة .. التهمة : كاتبة غير معروفة!!


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرا جميل - كي ننشئ جيلا منتصب القامة