أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عذري مازغ - لعنة الذكريات















المزيد.....

لعنة الذكريات


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3507 - 2011 / 10 / 5 - 19:48
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


شريد في لجة الموج، من فجوة ضياع أقيم في مملكته إلى فجوة ضياع منتصب في الأفق الآخر، كأنما السير فيي لا يمشي، تهجرني الذكريات و أهجرها، كأنما كل شيء فيها انتصب ضياعا هو صرح الآني... مسدودة هي الآفاق، في منتهاها لعنة السير يدكني، وتتدلى في كينونتي كل العتمات القديمة: ضياع معتق في المغرب وضياع آخر يتوهج في بلد المهجر والذكريات في قوادسي نفارة حنين إلى سطوة الفراغ، كل ما أمشيه ليس سوى فراغ في فراغ..
و الذكريات في سيري لعنة قديمة.
شريد أسير، تنطوي المسافات في أضلعي، وينطوي عمر كامل في متاهة الممشى..لحظات بؤس ينفخ فيها الأمل، ينضج برعما يتوهج ألما تفوح منه قوافل الأحلام، ماأجمل أن يحلم المرأ حقا، ويلبس الحلم ثوبا يستر عورة الكينونة فيه، أن يفصحه للسير المدبدب نحو الإنطواء، الذكريات جميلة فقط بمسحة الحلم السحرية، ماعدا ذلك، هي في متاهة الكينونة طاحونة مسلية يتناغم فيها سحيق الموت برحيق الحياة.
أجمل ما في الذكريات حكيها بأسلوب منمق ترفع المرأ إلى ذلك اللحن الجميل الذي غناه باولو كويلو في روايته الجميلة “الخيمياء” حيث كل امريء يحمل في ذاته أسطورة سطوته حين يعلنها مرحا.
انطوي كيما يتسع أفقي، وتنتشر مساحة الخطوات، يصغرني الإنطواء فتتسع عوالمي، هكذا إذن سيرورتي حين يلتقي فيها الضدان، دينامية متعثرة وميل خارق إلى الإنحطاط، في سيار الهجرة، بدا الأفق متوهجا وانفتق الحلم عن انطوائه توقا لانعتاق الذات، وحين سرت هاهنا في امتداد آخر، انتعش فيي الضياع لزمن موهوم، تمدد ليكتشف ضيق الأفق، اكتشفت في أوربا ضيقا آخر، انتعشت فيي ابتسامة وجد، اكتشفت بتلقائية ضفدع صغير تعلم للتو نطه، سيرورتي المرة: هي هذا الجدل العجيب بين الإنطواء والتفتح، ولأني في مسار حياتي الخاص،تعلمت كيف انطوي وأتمدد، وفق هذه الدينامية الفطرية، هذه الحقيقة العجيبة التي تصاحبنا ونتجاهلها: نتمدد مع الطاقة الزائدة وفق ظروف معينة ونتحجم وفق ظروف اخرى مختلفة: وفق هذه السيرورة نحن نتموج وفق هذا القانون الجامد من المد والجزر، هذه العملية المعقدة كلها مع استلهامات أخرى، دينامية يفرضها انتماؤك الصغير لهذا الكون الكبير، هذا التشبث المفجع بالحياة، أحيانا يبدو أن اللاجدوى من العيش هو اقتصار المسافة نحو الإنطفاء الأبدي، الإنطواء الأزلي، والحقيقة المرة أننا في سياق السيرورة نحن نكون ولا نكون وهي عمليا هذا السحر العجيب بين السكون والحركة، بين الإنطواء والتمدد، بين القدرة على الإنتقال وبين الإنكماش، ليس الإنكماش سلبا بقدر ما هو سكون الحركة فينا، تنكمش ليتسع أفق ضيقك، بهذا التفسير الجزئي لمسار معين في أفق حياتك، يتحدد كنه ارتباطه بمسارات أخرى في نفس السياق، تتمدد أحيانا لتنعش عودتك الميمونة لانكماشك، كي تنام نومتك المعهودة، نومة اهل الكهف، هكذا ينتعش الجسد المهتريء في المهجر، تنعم للوهلة الأولى بهذه النمطية المقننة بين الإمتداد والإنطواء،البحث عن العبث، عن سخرة ميمونة ومضحكة، عن عقدة شغل تفتتن بك، أو تفتتن بها، وحين تجدها تعلن انتصارا كبيرا على وحشة انطوائك، تتنمط أسطورتك، في ذكرى أجمل ما فيها طقس الإحتفال بيوم الشغل، تطلق فيه العنان لوحشك الهمجي الخارج لتوه من المربط، تعلن أنك اقوى من الآخرين الذين هم أهل الوطن، أولئك العمال المدللين بنمط الرفاه العاهر.سيارة موديرن جديد، موسيقى صاخبة، وعشبة ملهمة، وأمسيات نوادي الرقص وأشياء أخرى. وطبيعي جدا أن يكون المهاجر منفصما بالشكل اللائق، أن يعلن حربا دروسا في المعمل او المزرعة أو في أية ورشة، فهو مأخوذ أن يعلن امام الذين احتقروه طيلة ضياعه انه الأقوى في المردودية وانه الأفضل في العمل. يختزل العمال المهاجرون كينونتهم الوجودية في فحولتهم الهمجية إذ يثيرون النفور العارم إلى حدوده القصوى إذ هم يقتضمون الساعات المفترضة في العمل ويقصرون دورة الإنتاج، يحاكون في عملهم عمل الآلات القوية.لا يستمتعون في حياتهم الخاصة بأي شيء من هذا الرفاه: سيارة مقاتلة بمعنى الكلمة، امسيات يقضيها في النوم وصباح متفجر بالدينامية العملية، وحين يعود إلى الوطن،يعود بهياة جديدة أوربية منمقة: حتى اللغة في وطن المهجر التي لا يتكلمها إلا في حالة الضرورة القصوى التي تفرضها العلاقات اليومية تصبح محبوبة لدية في الوطن الأم ، وأجمل ماهو عند المهاجرين، هو ابداعهم الأدبي الشفهي الغزير، ذكرياتهم المنمطة بسحر الأسطورة العجائبية، تلك الحكايات التي يحكونها حين يعودون إلى الوطن الجريح، حكايات تنتقم للذات المهمشة في الوطن، وتعلن ببساطة أنهم في المهجر هم غير انفسهم في عيون الوطن،حكايات في مضمونها تلامس كل المخزون الكبتي الذي لازمهم في وطن الخرافات العجيبة، او تلك الحكايات ذات البعد الآخر في وطن المهجر والتي تعكس المعانات الحقيقية في المهجر، حكايات تعلن ولاءها للوطن الأصلي وتثاقف اهل وطن المهجر، تفتخر لخرافاتها التي نسميها عادة القيم، وتنتقد خرافات وطن المهجر وقيمه، وأحيانا هي نفس الحكايات التي يحكيها هنا او هناك إنما يحكيها هي نفسها بازدواجية ثلاثية الأبعاد:في بلاد المهجر لاذعة في نقدها وتعكس أوضاعه الحقيقية، بين المهاجرين أنفسهم ساخرة ومنمقة بشكل لاذع إذ لا يمكن الجهر بخرافة العيش أمام رفاق مثلك يعيشون نفس الوضعية، ولأهل الوطن هي أيضا منمقة بأسلوب بطولي وأسطوري اطمئناني كما لو كان في غزوة من غزوات البدو، وبالطبع تختلف قراءتها استنادا إلى هذه الأبعاد الثلاثية. في الوطن يعيد الإعتبار لذاته التي سلبها التهميش، في المهجر يقر بعدم المساوات وبوجود الميز العنصري، وبينه وبين رفاقه المهاجرين يقر علنا أنه ضرب الحبل(مثل رائج في المغرب) بين هذه المستويات تتوزع لعنة الذكريات عندنا.
هكذا نحن المهاجرون: مسخ متشيء حربائي، يتلون بفاكهة المواسم بين عبور الضفتين، في وجه الوطن نبدوا محسنين أجلاء كرماء في المظهر، متبخترون بالإنتماء الجديد، في وجه المهجر متملقون إلى أقصى الحدود، نظهر بعض سمات التفوق التي تعوض خلل الإنتماء إلى أرض المهجر، في المعمل طاقة هلامية تقتضم زمن دورة الإنتاج، في السياسة مسالمون ومتفهمون للمصالح، ديموقراطيون في أحسن الحالات تجليا للنفاق،أغلبنا يترأس جمعية تسول ولا ينزل عن عرشها إلا حين يموت، في وجه المهاجرين مثلنا نبدي ذلك الوجه من تقلص الفرص والتواضع المفرط في موازنة القيم بين الإقرار بالغربة وخصائص الإندماج: عندما تقبل مثلا على رئيس جمعية مهاجرة، يبدي الكثير من التحفظ، إحاطة مفرطة بقيم الإندماج، ووعود بخارية كالتي حملها من الوطن، في الواجهة الإعلامية يبدو وحشا شرسا في الدفاع عن حقوق الأقليات، وبخلاصة بليغة، يبدوا كائنا حربائيا بكل المقاييس، مقبول من طرف الجميع، عنصر فعال في التوازن.
في الغرب، تنشيء مجموعة من المهاجرين جمعية ما، وياتي الإعلام البليد ليكرس وجودا لمولود جديد، لماذا وكيف وما الإختلاف مع جمعية اخرى أعلنت سابقا نفس المباديء: اجوبة خرقاء توحي بدينامية أخرى من التمدد وانطواء مخزي فيما بعد فورة الصياح: جمعيات لحاجة منا للإثارة، تنطفيء بمجرد أن تتوغل في الإعانات الحكومية، والحقيقة الموضوعية أن الحكومات محليا كانت او وطنية، هي في حاجة لجبر الصدع، متحجرة بقوانينها النيوتنية المؤسسة، لكنها تبدوا كوانتية في تعاملها الجزئي لسيولة تموجها في الإمتداد والتسلط، لقد تناسينا بضربة ساحر، ان حاجتنا في الإمتداد، هي كسر امتداد الآخر نحونا، ويبدوا في كثير من المراة، أن الدول الغربية التي إليها نهاجر، هي كما لو كانت غنية بقدر غيبي: ان الله أرادها أن تكون غنية، وفي الحلات الأخرى، وبكثير من الغبطة المشفقة، نعلن انها كذلك لتحرر العقل عندها، وننسى أن مؤسسات لها، تسمى جزافا عندنا مؤسسات استثمار، هي جاثمة منذ زمن طويل تمتص كل دمائنا، لقد ربطنا كل شيء بهذا العقل الغيبي في بعده النيوتني، وتناسينا محيط لزوجته في اندفاق الغنى العقلانيالحقيقي هذا إلى مركزيتها.. لم نرث من موجة التحرر التي كانت إبان حركة التحرر الوطني سوى هذه الخرافة من تحرر العقل، بمنطق ميكانيكي قح اكتشفنا أن علة العلل عندنا هي في هذه الآلة العاقلة، وماذا يعني الأمر في آخر المطاف؟ يعني أن نتحلى بوعي او بدونه بهذه الحربائية المتفهمة لموازين القوى، لقد خلصنا تماما إلى هذا الإنهيار في الوضع، وعليه يتوجب أن نحصر حركة المد والجزر عندنا وفق هذه العقلانية الغيبية المتفهمة لموازين القوى. لقد اندهش الكثير من العرب من قوة هذا الإستثمار، وابدوا الكثير من القطيعات فيما بينهم بناء عليها، اجتهدنا بشكل نجيب لجلب هذه الإستثمارات، حطمنا كل ارثنا من حركة التحرر الوطنية التي بموجبها تأسس الكثير من القوانين مثلا في ميدان الشغل وحصلنا بالمقابل على كائنات مهنتها التخريب في كل شيء: إقامة ملكيات تستحوذ على كل شيء وتخرب اقتصادياتنا وفق إرادتها الحرة، معامل توفر الشغل لآلات التكنولوجية الجديدة فيما الشعوب عندنا تصلي للرياح، لقد أسسنا للإرادة حريتها وهاهي الآن تبيع لنا كل ماكان عندنا.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذرائع قديمة،أو ثورة الملائكة
- آسفي: كارثة تشيرنوبيل بالمغرب
- أرض الله ضيقة
- إذا كنت في المغرب فلا تستغرب
- المغرب وسياسة تدبير الملهاة
- ليبيا وثورة التراويح: بالأحضان أيتها الإمبريالية المجيدة
- يوميات مغارة الموت (4): تحية لروح الشهيد أوجديد قسو
- 20 فبراير هي الضمير الوطني لجميع المغاربة
- القديس آمو
- الماركسية في تفكيك أمير الغندور، الغندور منتحلا شخثص الفاهم ...
- الماركسية في تفكيك امير الغندور: عودة إلى القياس الفقهي
- الماركسية في تفكيك الأستاذ أمير الغندور: في غياب السؤال المع ...
- الماركسية في تفكيك ألأستاذ امير الغندور: النزعة التلفيقية
- الماركسية في فقه الأستاذ أمير الغندور
- من حكايا العبور: سعيد الميركرودي
- عودة إلى الصراع الطبقي والماركسية
- لقاء مع بيكاسو: حي الجيتو
- حول الصراع الطبقي والماركسية
- حول الصراع الطبقي، رد على الزميلة مكارم
- مغرب الإجماع البليد


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عذري مازغ - لعنة الذكريات