رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 3498 - 2011 / 9 / 26 - 23:20
المحور:
الادب والفن
القصيدة السادسة
الملك : شعر
في قديم الزمان ..
كان ملك ،
وكان ...
ملك يتحدى الزمان .
كل شيء له :
البر والبحر والجو
والكائنات .. المكان ..
الزمان .
وكان ....
جائعا ويتيما ..
بائسا وسقيما .
عاريا كان ..
صحراء تبحث عن مزنة ،
ويفتش بين كوابيسه
عن صباح وحلم
وظل .
بين عينيه ألف سؤال
ذكريات تؤرقه
وخيال يجر خيال .
يائسا وفقيرا .. وكان ..
يخوض أشدّ وأقسى امتحان .
كان يبحث عن أمه ..وأبيه .
وأخ وصديق .
عن حبيبه .
وأساتذة وكتاب وآية ،
كان يبحث عن مخرج ونهاية .
عن يد وشفاه وقبلة .
كان يبحث عن واحة وطريق
وسقف وخيمة .
ثم يمضي .. ويمضي ..
خطاه الثقيلة تحمله منهكا ..
قلقا .. خائفا ..
يتقاذفه الهم ،
يحمل صحراءه واهما .. خائبا .
يتأمل آثار أقدامه ..
ظله ..
فتوقف ،
ثم انحنى ،
يتلمس عبر كثيب من الرمل
شيئا ..
يتفحصه حبة .. حبة ..
ويتابع :
ثمة صورة !؟
تتراءى ،
فينبش في الرمل ،
تكبر ،
ينبش ،
تكبر ،
والشوق يجلده ،
فيتابع ،
يحفر في الرمل ،
ينتفخ الملك المتشرد .
يتورم .
تتشوه صورته ،
رأسه يستطيل ،
وأذناه .. عنقه ..
وبدا يتحول ..
صارت ذراعاه قائمتان
ويمشي على أربع ،
ظهره يتقوس ،
يحفر ....
ثمة مايستطيل ويمتد ..
ينمو بأسفله وقفاه !
يتلمسه ..
ويحركه يمنة .. يسرة ..
ذيله يتطاول ،
لكنه يستمر ،
ويحفر في الرمل مستطلعا ..
داخل الرمل ثمة صورة !؟
تتوضح ،
تبدو ملامحها ،
ثم يرفعها ،
ويحدق فيها ،
وينفض عنها الغبار ،
ويمسحها ،
ويحدق ثانية ،
يتساءل: مرآة؟
يهلع ..
ثمة وجه كريه بمرآته ،
ويحدق مستنكرا وجهه ...
ويكذبها ،
ثم يكسرها عبثا ..
تتجمع أجزاؤها ،
وتلح عليه ،
تؤكد مالا يصدقه ،
ثم يغضب ،
يبكي كطفل ،
ويصرخ ،
يأكله الحزن ،
ثم يفكر .
يتساءل ..
يتذكر أشياء منسية .
بين عينيه تصحو ،
وترقص أجوبة ،
ثم يدرك ماجد .. ماكان
يتخطى أشد وأقسى امتحان ،
فيتابع في الرمل ،
يحفر حفرته المستطيلة .
يكتب الدرس بالأحرف المستحيلة .
ينزل في القبر ،
يفترش القعر ،
ثم يهيل التراب على نفسه ،
ويتمتم ..
ويغني بصوت أسي :
في قديم الزمان
كان ملك وكان
ملك ليس يملك شيئل ..
وكان له كل شيء .
#رياض_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟