أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرزوق الحلبي - عن الذين عرفوا وحرفوا!














المزيد.....

عن الذين عرفوا وحرفوا!


مرزوق الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3483 - 2011 / 9 / 11 - 01:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كأنه لم يكن عالم قبل "الجزيرة" و"العربية". كأنه لم تكن سياسة ووقائع سياسية! كأنه لم تكن مجتمعات وأنظمة! كأنه لم يكن بمقدورنا أن نتخذ موقفا أو نُصدر حكما! كأنه لا توجد معرفة أو خارج نطاق الفضائية أو الشاشة ولا رغبة فطرية بالمعرفة لدى الإنسان. لا يُمكن للوجود أن يكون "خارج الفريم"، فلا نحن نحن ولا الدنيا دنيا إلا إذا تحولنا معها إلى آيتمات في نشرة "الجزيرة" و"العربية" وسواهما. هذا ما يُمكن أن نستدلّه من إيميلات طائشة تصيب بريدنا من حين لحين أو ادعاءات خائبة غير عقلانية البتة في إطار توصيف الحاصل في سورية. وهو ما يؤشّر على تحوّل الإنسان العصري ـ والعصري هنا تسمية زمنية وليس قِيَمية ـ إلى إنسان "ميديوي" أو إعلامي بامتياز. ينوجد بالإعلام أو لا ينوجد، يحضر داخل "الفريم" أو ينعدم خارجه! وهناك مَن يريد لنا أن نستكين لهذا المآل المتخيّل وأن نضرب سلاما أو نخرّ ساجدين كما في أنظمة الانصياع والامتثال المطلق لمجرّد أنهم أرسلوا لنا صورة أو مقطع أو خرافة تعزز رواية نظام الأسد وشبيحته وبكّاءاته هنا!
منذ عقود خمسة في أقلّ تقدير ونحن نعرف ما يحصل لسورية من أفواه وأقلام مثقفيها ومبدعيها وكتابها وناسها وفنهم وإبداعهم. ونعرفه من شهادات سوريين في منافيهم. ونعرفه من مثالب النظام وممارساته في أزقة المدن والريف وما يتركه منذ عقود في نفوس السوريين وأجسادهم. نعرفه من المعتقلات التي صارت أكثر من المدارس ومن التيار الكهربائي الذي يكوي أجساد السجناء السياسيين وأقفيتهم قبل أن يصل الضِيَع. نعرف كم وطنيا أصليا قبع في السجن لمجرّد فكرة أو جملة اعتبرها النظام "إضعافا للشعور القومي"! نعرف ما يحصل في سورية من تراكم هائل لمعطيات وشهادات تنغّص عيشنا من سنين طويلة قبل الوفرة الإعلامية وخداعها.
لم نكن بحاجة لوسائل إعلام عصرية لنكتشف سورية ومأزقها. لنعرف أن ألافا من السوريين دخلوا السجون ولم يخرجوا منها، وأن الشعب السوري في غالبيته عاش مقطوع اللسان بسبب من القمع والقهر. لم نكن بحاجة إلى إعلام عصري وفضائيات لنصدّق شهادات شيوعيين ويساريين ووطنيين سوريين ألقت عليهم المنافي أمانها عوضا عن ظلم "الوطن" وسياطه وظلام زنازينه. تلقاهم في باريس وبرلين وفي مونتريال وتعجّ بهم فنزويلا والبرازيل ـ وكانت عجّت بهم وبرواياتهم المنهكة للروح العواصم الاشتراكية سابقا. لم نكن بحاجة إلى العربية ولا الجزيرة حتى نعرف كيف حاصر النظام السوري أكراده ومارس ضدهم العزل المكاني وحرمهم من الجنسية ومن الممتلكات والأرض لصالح مشاريع توطين سواهم من مجموعات موالية للنظام! لم نكن بحاجة لفضائيات لنكتشف أن النظام فاسد من رأسه حتى أخمص قدميه، وأنه يستأثر ورجالاته بخيرات البلد ومكوسها وجماركها عبر ممارسة الخاوة والرشوة والسطو والمافيا. هل ينبغي أن تتكرر مجازر حماة في كل مدينة وريف لنقنع أنها حصلت وأبقت ندبة عميقة في كيان المجتمع السوري والعربي!
ألم تكن كل هذه المعلومات وأكثر معروفة لنا جميعا دون استثناء؟ ألم نتحدث فيها ونتضامن مع ضحاياها ونتحسّر لوجودها؟ يكفي أن تقرأ كتاب مصطفى خليفة "القوقعة" لتعرف! ويكفي أن تقرأ محمد الماغوط لتستدلّ! ويكفي أن تشاهد "كاسك يا وطن" أو "غربة" و"ضيعة تشرين" لتستقرّ على حقائق ووقائع. يكفي أن تقرأ سيرة حياة نزار قباني وأدونيس والماغوط وميشيل كيلو وصبحي حديدي ورياض سيف وهيثم مناع وهيثم المالح ونزار نيوف لنعرف!
نعرف ما خلّفه النظام السوري في لبنان من خراب وضحايا في أقبية عنجر واغتيالات في وضح النهار وتجبّر ودوس للحقوق والكرامات ومصادرة روح بلد عربي جار! ونعرف عن آلاف اللبنانيين الذي اختفوا في غياهب صحاري هذا النظام ومجاهيله. ونعرف كيف اغتال كمال جنبلاط ودكّ تل الزعتر ولاحق القيادة الفلسطينية في نهر البارد والبداوي محاولا الاستيلاء بالقوة على قرارها وتطلعها وقضيتها! لم يكن صعبا معرفة الداخل السوري من وضع الفلسطينيين هناك!
لم نكن بحاجة لأكثر من وقفة صدق لنعرف كل هذا قبل "الجزيرة" وبعدها، قبل العربية ورغما عنها، قبل الدعاية السورية وقفزا عما هو مستفزّ في مضامينها ومفرداتها! لم نكن بحاجة لأكثر من الرغبة في المعرفة لندرك أن الثورة الشعبية الآن هي محصّلة عقود من قهر الإنسان وانتهاك حقوقه وكرامته، وأنها تجربة إنسانية إضافة إلى كونها سورية حصل قبلها في مواقع أخرى وسيحصل بعدها حيث يتمادى الطغيان ويتمدد. لم نكن بحاجة لأكثر من ذرة استقامة لنقف موقفا واضحا مع الشعب السوري في وجه كل هذا وفي وجه تشويه نضاله وثورته وكفاحه وتضحياته بأحاديث نظام ما صدق يوما من قبل. لكن بيننا، في الحارة وفي الصحيفة والشارع المقابل والعيادة وقسم "باء" من المستشفى وعلى الطاولة المجاورة في حفلة عرس أو مقهى مَن اختاروا ألا يعرفوا كل هذا. ولهم في خيارهم هذا استراتيجيات وتكنولوجيا وتبريرات صارت ممجوجة تماما لبؤسها، ولكنها تغلّث على المنافس.
تدلّنا إلى أي منغلق ومنزلق يُمكن أن يصل الإنسان "العاقل"، الطبيب والمدرّس والقائد الحزبي والكاتب والناشطة النسوية والعامل المتقاعد! هو الإنسان يعرف ويحرف!
يسقط الحجر بحكم قانون الجاذبية ويسقط الإنسان بخيار منه! يسقط المنافحون عن النظام السوري بكامل "قواهم" و"وعيهم" بمواقف صارت تهين العقل وتحزّ في الروح. إنه خيارهم أن يناقشونا في سورية ونزف أهلها وطغيان جنرالاتها من خلال ما تنشره الفضائيات أو لا تنشره! لقد تنازلوا بمحض إرادتهم عن حق المعرفة خارج الفريم والدوغما، خارج العُقد والقوالب الإيديلوجية لتبرير موقفهم المُعيب من مجازر يقترفها النظام بحق ثورة عادلة وشعب خرج يطالب بكرامته وحلمه!
أن تعرف هو واجب أخلاقي أحيانا وليس نزعة فطرية فحسب. أن تقصد ألا تعرف أو "أن تعرف وتحرف" هو ممارسة أخلاقية لكن باتجاه سقوط تفاحات نيوتن وأبعد!



#مرزوق_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي الثورات وأسئلة طرابيشي
- وسورية التي هنا!
- سورية التي هنا!
- وجوب تعديل ميثاق المحكمة الجنائية الدولية!
- الثورات العربية: فصل الخاتمة لنسق -النقدية المثقوبة-!
- المستبطنون أمريكا!
- غداة خطاب نتنياهو: العودة إلى التاريخ من خلال الأمم المتحدة!
- المنافحون عن نظام بشّار الأسد: ماذا ستقولون لمحمّد الماغوط إ ...
- عن ثورات تفتح أبواب الأمل الموصدة !
- أفكار في نقد الضحية،
- يسار عيّ على الطريقة العربية!
- في ذكرى 11 سبتمبر:الإرهاب الإسلاموي حين يكون بديلا للسياسة!
- نظريات وحقيقة بسيطة!
- هدايا من باريس
- وحده المزيّن!
- بوابات فاس
- عن المسألة الإيرانية: كيفما اتفق وليس أبعد من ذلك
- عن أسر الإسلام والتمثيل به!
- لو أني عرفت!
- سنوات


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرزوق الحلبي - عن الذين عرفوا وحرفوا!