أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ثورة الاقتصاد: الفريضة الغائبة (5)














المزيد.....

ثورة الاقتصاد: الفريضة الغائبة (5)


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 3483 - 2011 / 9 / 11 - 10:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فوجئت بردود أفعال كثيرة ومثيرة للحلقات الأربع السابقة من هذا المقال الذي يحاول استشراف آفاق الاقتصاد المصري بعد ثورة 25 يناير.
وهذه التفاعلات جاءت من مصادر متنوعة، أكاديمية وسياسية ونقابية وهي في معظمها إسهامات تفتح باب الأمل في أن يحتل الاقتصاد المصري مكانته التي يستحقها من بين أفضل عشرين اقتصادا في العالم وسنعود إلي تناول هذه الاجتهادات المحترمة في مقال لاحق.
لكني توقفت بشكل خاص أمام رد فعل الفنان محمد ثروت ليس فقط لأنه ينتمي إلي فصيلة الفنانين المتهمين زورا وبهتانا في الأغلب الأعم بالانعزال عن المجتمع وهمومه وإنما أيضا لأنه يتبني مبادرة تجمع بين الخيال والحلم من ناحية والإلحاح علي الاعتبارات العملية من ناحية أخري.
والعنوان العريض لمبادرة الفنان محمد ثروت هو »كتائب التعمير« وتحت هذا العنوان دعوة لآلاف وملايين الشباب المصريين بـ »التطوع« للانضمام إلي معسكرات إنتاجية تستهدف تحقيق إعادة الاعتبار إلي الزراعة التي تدهورت بشدة خلال العقود الثلاثة الماضية مما أدي إلي اتساع الفجوة الغذائية واستيراد ما يقرب من 70% من غذائنا من الخارج مع ما ترافق مع ذلك من تدهور لأحوال الفلاحين وأوضاع القرية المصرية.
وفكرة محمد ثروت هي أن يتطوع أكبر عدد ممكن من شباب الثورة للعمل في كل المواقع التي يمكن استصلاحها وزراعتها وإنقاذها من الإهمال التاريخي سواء في آلاف الأفدنة المحيطة بترعة السلام في سيناء أو في شرق العوينات أو في توشكي أو الساحل الشمالي أو غيرها من البقاع التي يمكن تحويلها صحاري جرداء إلي واحات خضراء وسلال غذاء.
ونفس الشيء ينطبق علي معسكرات إنتاجية في مجالات الثروة الحيوانية والثروة السمكية.
...
لكن ماذا يمكن أن يحفز هذه الآلاف المؤلفة من الشباب المتطوع؟ الإجابة هي أن هناك حزمة من الحوافز المعنوية والمادية بدءا من إعادة الاعتبار إلي قيمة التطوع التي كادت أن تندثر والاستفادة من حالة الحماس واليقظة الثورية التي اجتاحت المصريين وبخاصة الشباب في سياق ثورة 25 يناير، ووصولا إلي إعطاء المتطوعين الأولوية المطلقة في الحصول علي الوظائف وعلي الوحدات السكنية وغير ذلك من مزايا مادية بعد عامين من المشاركة في هذا العمل التطوعي الوطني.
...
السؤال الثاني يتعلق بالجدوي الاقتصادية والاجتماعية لمثل هذه المبادرة وماذا يمنع من أن يركبها رجال الأعمال وتتحول إلي »سبوبة« جديدة للتربح واستغلال عرق الشباب المصري المتحمس؟
الإجابة هي أن هذه المبادرة ليست موجهة إلي القطاع الخاص، الذي يجب إتاحة الفرصة له للعمل والاستثمار بحرية وفي ظل مناخ استثماري نظيف بعيدا عن السياسات الاحتكارية والرشوة والفساد وتعارض المصالح.
المبادرة موجهة بالأحري إلي الدولة التي يجب أن ترعي هذا المنهج فهذا نشاط لا يستهدف تحقيق أرباح لأشخاص وإنما يستهدف قيام الدولة بدور المنظم والقائد لعمل تنموي كبير من أجل تحقيق الأمن الغذائي.
فالدولة هي المالك للأرض وهي المايسترو الذي يستقطب أعلي الكفاءات من مجالات البحث العلمي والأكاديمي ويجتذب الخبرات من كل القطاعات من الجيش وتجاربه في مجال الزراعة من الأديرة وخبرات الرهبان في زراعة الصحراء، من الجامعات ومراكز البحوث من القيادات الفلاحية والنقابية وغيرها.
و»الدولة البستاني« ـ إذا جاز التعبير ـ هي التي يمكنها بهذا النمو تحويل كتائب التعمير إلي مشروع قومي تنصهر فيه جميع الأطياف المصرية علمانيين وإسلاميين، ليبراليين، ويساريين، مسلمين وأقباطا وغير ذلك من ثنائيات تتحول من تقطيع الهدوم في معارك جانبية وفرعية إلي التعاون في عمل جاد تعود ثماره إلي عموم المصريين.
وهذا يستدعي من الإعلام دورا تحفيزيا وليس تسفيه أي أفكار جديدة تبدو في بداياتها أشبه بالخيال.
...
وما يهمني في مبادرة الفنان محمد ثروت عددا من الأبعاد:
1 ـ أن المصريين لم يعودوا يكتفون بترديد »خطاب الشكوي«، وإنما بدأوا يفكرون في خطاب الأمل والعمل وكيفية حل المشكلات القائمة وتقديم البدائل.
وهذا أمر بالغ الأهمية حتي لو كان كثير من هذه الأفكار يعاني من نقائص هنا أو هناك.
2 ـ أن الانتقال من الدولة الاستبدادية إلي إرساء دعائم دولة الحق والقانون لا يمكن أن يتحقق بوسائل »تقليدية« بل يحتاج إلي وسائل »ثورية« وقد تتعدد أشكال الوسائل الثورية لكنها تشترك كلها في الاعتماد علي طاقات الناس وإبداعاتهم وحماسهم ورغبتهم في العطاء الوطني دون أن ينتظروا جزاء ولا شكورا!
3 ـ أن تفجير طاقات الشباب في فترات الانتقال يجب أن يتم في كنف ورعاية الدولة، ولا يمكن أن يترك لقوانين السوق العمياء واعتبارات الربح والخسارة.
فدور »الدولة البستاني« يصبح في فترات التحول والانتقال دورا محوريا لا يمكن التخلي عنه بذريعة الحفاظ علي أسس ومبادئ اقتصاد السوق.
4 ـ أن توفير ضروريات الحياة وفي مقدمتها المأكل ليس أقل أهمية من الجدل الذي لا ينتهي عن الديمقراطية والانتخابات والدستور بل إن كل هذا الجدل لا قيمة له إلا بالتوازي مع توفير ضرورات الحياة للناس كل الناس، ومن غير المعقول وغير المقبول، أن تكون أحوال الناس المعيشية في ظل الثورة أسوأ مما كانت عليه في ظل تحالف الاستبداد والفساد الذي اندلعت الثورة ضده.
ويجدر بالنخبة السياسية ألا تنسي هذه الحقيقة البديهية فمن المستحيل تحقيق ثورة في السياسة بينما الاقتصاد يعيش بقوانين الثورة المضادة.
...
ومرحبا بمبادرات المصريين من أجل مستقبل يكون الوطن فيه »محلا للسعادة المشتركة« علي حد تعبير رفاعة رافع الطهطاوي.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الاقتصاد: الفريضة الغائبة (1)
- والنوبة أيضاً.. فى خطر يا ناس!
- لماذا أصبحت أحوال الناس أسوأ... بعد الثورة؟!
- هل من الضرورى ل «يناير» أن يكره «يوليو»؟!
- سيناء فى خطر.. يا ناس!
- تحولات الإخوان .. وخواء النخبة
- التحية الأخيرة .. قبل اسدال الستار
- 3 أغسطس .. اليوم الأهم فى أجندة مصر
- دينا عبدالرحمن.. فى مرمى -نيران صديقة-
- الخطوط الحمراء .. تحترق!
- ثورتان .. وبينهما -نكسة-
- مصر فوق الجميع
- رسائل بعلم الوصول
- -باعة- الثورة!
- مبارك يخرج لسانه للشعب.. فى ميدان التحرير!
- قوم يا مصري
- أصول المهنة.. أولاً
- الدين لله والوطن للجميع .. يا ناس
- الثلاثاء الأسود
- الأرض والفلاح.. فى انتظار الثورة!


المزيد.....




- ضابط روسي: تحرير -أوليانوفكا- ساهم بانهيار خط دفاع أوكراني ب ...
- تصريح غريب ومريب لماكرون عن سبب عدم فرنسا من مشاركة إسرائيل ...
- طهران للوسطاء: لا تهدئة قبل استكمال الرد الإيراني على إسرائي ...
- فيديو.. الأمن الإيراني يطارد -شاحنة تابعة للموساد-
- إسرائيل تقلص قواتها في غزة لأقل من النصف.. ما علاقة إيران؟
- إسرائيل.. ارتفاع عدد القتلى بعد انتشال جثتين من تحت الأنقاض ...
- -منتدى الأعضاء السبعة-.. متى وكيف قررت إسرائيل ضرب إيران؟
- فيديو.. قتلى ومصابون في هجوم إيراني جديد على إسرائيل
- فيديو.. صاروخان إيرانيان يشعلان النار بمحطة طاقة في حيفا
- تقرير -مخيف- عن الدول التسع المسلحة نوويا.. ماذا يحدث؟


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ثورة الاقتصاد: الفريضة الغائبة (5)