أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - الجزيرة تسخّر العلم والتقدم لخدمة الخرافة والتجهيل 4















المزيد.....

الجزيرة تسخّر العلم والتقدم لخدمة الخرافة والتجهيل 4


عبد القادر أنيس

الحوار المتمدن-العدد: 3479 - 2011 / 9 / 7 - 21:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نواصل في هذه المقالة الرابعة والأخيرة مع هذه الهجرة التي غيرت التاريخ ! مع الجزء الثاني والثالث من هذا الفيلم:
http://www.youtube.com/watch?v=FdBLu8ocabU
http://www.youtube.com/watch?v=hXv3vi9Pg2E
نسمع أحمد الشيخ بصوته الجهوري التفخيمي: ((أمر رسول الله جميع أصحابه بالهجرة قبله حمايةً لهم من قريش. فقد كانت قريش تريده هو ولو هاجر محمد قبل أصحابه لقتلت قريشٌ كل أتباعه أو استخدمتهم رهينةً حتى يعود إليها فتأسره وتطلقهم)).
الغريب في أمر هذا الفيلم ذي الثلاثة أجزاء أنه يعج بالمتناقضات الصارخة، ومع ذلك يقولون إن إعداده استغرق من الوقت عامين كاملين، وتطلب إمكانيات كبيرة وشهادة العديد من (العلماء) الإسلاميين والمختصين في بلدان كثيرة من العالم. وهو ما يمكن أن ينطبق عليه المثل القائل: تمخض الجبل فولد فأرا.
فالقول: ((ولو هاجر محمد قبل أصحابه لقتلت قريشٌ كل أتباعه أو استخدمتهم رهينةً حتى يعود إليها فتأسره وتطلقهم)) كلام سمعناه في بداية الفيلم، لكن سرعان ما نسمع ما يكذبه تماما وفي عديد المرات. لماذا لم ينتبه المخرج لهذه التناقضات؟ أم أن السبب يعود إلى كونهم يعرفون أنهم يتوجهون إلى شعوب مغيبة العقول، حظها من العقلانية متواضع جدا، تتقبل هضم كل شيء لأنها غير مسلحة بما يمكنها من التفريق بين غث وسمين.
هل هذا هو العقل الإسلامي الذي تربى على التعايش مع التناقض بسبب ما حفل به الإسلام، كتابا وسنة، من منطق غريب غرس في عقول معتنقيه ذهنية تتقبل أن يكون الإنسان مسؤولا وغير مسؤول في آن واحد، وأن يكون الله مضلا وهاديا في نفس الوقت، وبدون سبب، كما يرزق ويمنع، ويفقِر ويغنِي، ويرحم ويعذب، ويعطي العلم لمن يشاء ويسلط الجهل على من يشاء، دون سبب، يفتح جنته لمن يشاء ويوصد أبوابها في وجه من يشاء، وبدون سبب معقول أيضا (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا)، (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّم َ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) أي من قبل أن يبرأ الأرض، أي يخلقها.
نسمع بعد هذا الكلام خديجة تقول: ((ثم لحق رسول الله وأبو بكر بغار في جبل ثورة فَكَمَنَا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف يعي ما يسمعه فيدلج من عندهما بسَحَرٍ فيصبح مع قريش بمكة كذلك فلا يسمع أمرا تكيد قريش لهما إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام)).
لماذا إذن لم تتعرض قريش لعبد الله بن أبي بكر وهو يتحرك حرا في جنبات مكة يتجسس على أخبارها؟ ولماذا لم تتعرض قريش لعلي ولا لأسرتي محمد وأبي بكر وكلهم تمكنوا من الهجرة فيما بعد إلى المدينة آمنين دون مضايقات؟
ثم يختم أحمد الشيخ قائلا: (( بدأت الآن خطوات الإعداد لهجرة ستغير وجه التاريخ)).
فهل غيرت هذه الرحلة وجه التاريخ؟
نعم غيرت وجه التاريخ، خاصة في المناطق التي سادها الإسلام. ولكن، هل غيرته نحو الإيجاب أم نحو السلب؟
تكفينا نظرة خاطفة للتخلف الذي تعانيه هذه المناطق لندرك أن دور الإسلام فيه غير خاف. لقد عارض الناس الواقعون تحت تأثير هذا الدين ورجاله كل أسباب التقدم بسبب ما يعانون، حد المرض، من عقلية اكتفائية توهمهم أنهم ليسوا في حاجة إلى التعلم من (الكفار) لأنهم خير أمة أخرجت للناس ولأن كتابهم الرباني لم يفرط في شيء. لقد ظل شيوخهم يوهمونهم دائما أن العيب ليس في الإسلام بل في المسلمين الذين عجزوا عن فهمه وتطبيقه وهم في هذا يشبهون ذلك المريض الذي أبى المرض مفارقته لأنه يتعاطى دواء غير موصوف له أو هو دواء لم يعد صالحا أصلا.
هل كان انتصار محمد بدينه المعادي للحريات وللتسامح والانفتاح على الآخر انتصارا حتميا مثل قدر الله الذي لا راد لقدره؟
تقديري أن تاريخ الكون مثل تاريخ البشرية، يحتكم للضرورات مثلما يحنكم للمصادفات. لهذا كان للناس دائما قدر من حرية الاختيار، ومازال هذا القدر موجودا رغم كل العوامل الموضوعية التي تؤثر على مواقفهم كما للعامل الذاتي في التاريخ دور هام.
التخلف الذي تعانيه المنطقة حتى اليوم ليس قدرا ولا حتمية ولا هو عقاب رباني كما يدعي رجال الدين.
نواصل مع خديجة مرة أخرى: ((غادر رسول الله بيته.. وأتى إلى دار رفيقه أبي بكر رضي الله عنه وغادرا المنزل من بابه الخلفي ليخرجا من مكة على عجل وقبل أن يطلع الفجر ولما كان النبي يعلم أن قريشا ستجدّ في الطلب وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار لأول وهلة طريق المدينة الرئيسي المتجه شمالا، فقد سلك الطريق الذي يضادّه تماما وهو الطريق الواقع جنوب مكة والمتجه نحو اليمين. سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال حتى بلغ جبل ثور وهو جبل شامخ وعر الطريق صعب المرتقى ذو أحجار كثيرة، فحفيت قدما رسول الله فحمله أبو بكر حين بلغا الجبل وطفق يشتد به حتى انتهى به إلى غار في قمة الجبل)).
صورة الجبل من على الطائرة وارتفاعه يجعلنا لا نصدق أن يتمكن رجل (أبو بكر) عمره 51 سنة يومئذ من حمل رجل آخر على ظهره والصعود به جبلا وعرا ودون مساعدة رغم وجودها في شخص مولى أبي بكر الذي رافقهما في الرحلة. لماذا؟ هل يمكن تبرير ذلك فقط للإشادة بدور أبي بكر؟
ومع هذا الخلل في الرواية فأنا أرى أن هذا الكلام حول تغيير وجهة الرحلة جنوبا بدل التوجه شمالا نحو المدينة بغرض التمويه، هو الكلام الوحيد الحصيف المعقول في كل ما قيل من لاعقلانيات حول هذه الرحلة التي تجعنا نكتشف فجأة كَمًا هائلا من المعجزات سخرها الله لمحمد بعد أن ظل ثلاث عشر سنة محروما منها في مكة رغم إلحاح قريش عليه لتقديم معجزات حتى يؤمنوا شأن كل نبي. وهو يرد دائما معبرا عن هذا العجز (إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ)، ولو استخدم بعضا منها أمام قريش لآمنت به وتجنبت المنطقة تلك الغزوات والحروب الدامية. لكنها إرادة الله الذي لا يسأل عما يفعل !
نواصل الاستماع: ((يقول أبو بكر وعندما انتهينا إلى الغار قلت: "مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار"، فدخل فاستبرأه ثم تذكر أنه لم يستبرئ الجحر الذي فيه فقال: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ، فدخل فاستبرأ ثم قال: إنزل يا رسول الله، فنزل الرسول إلى الغار)).
ونسمع أيضا ((وقد كان الصديق سد كل الجحور الموجودة في الغار إلا جحرين لم يجد ما يضع فيهما فوضع رجليه على الجحرين وارتاح النبي على رجل أبي بكر الصديق ومن ثم نام عليه (ص) قليلا لكن عقربا جاءت ولذعت رجل أبي بكر فأثرت فيه فبكى من شدة الألم وسقط دمعه على وجه رسول الله.. فانتبه عليه الصلاة والسلام وسأل عن ذلك فأخبره بأن عقربا لذعته في رجله فقام وتفل على تلك اللذعة فلم يشعر بعد ذلك الصديق بألم فيها وهذا من معجزات نبينا (ص)).
هل هذا كلام معقول يا ناس؟ أن يلدغ رجل ويصبر لا لشيء إلا لكي لا يوقظ صاحبه من النوم، والناس في الصحراء يعرفون أن لدغة العقرب لا ترحم في تلك البقاع؟ ولكن الأحداث في هذه الرواية كانت تُدْفَع دفعا، بطريقة لا معقولة، حتى تسمح لمحمد بإبراز معجزاته الربانية ولو على حساب الحبكة وتقنية الإخراج والسرد!
ثم يتدخل محمد ويتفل على مكان اللدغ فيبرأ أبو بكر، ويسن بهذه الطريقة سنة غير صحية لشيوخ الإسلام فراحوا يرقون ويتفلون حتى اليوم في أفواه الناس وفي الماء ويقدمونه للناس ليشربوه حتى يشفوا.
نواصل الاستماع إلى خديجة بن قنة ((ركبت قريش في كل وجه يطلبون النبي صلعم.. وأتوا على جبل ثور الذي فيه الغار الذي فيه النبي وطلعوا أعلاه وسمع الرسول وأبو بكر أصواتهم فأشفق أبو بكر وأقبل عليه الهمّ والخوف والحزن. فقال: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه فقال النبي يا أبا بكر: ما ظنك باثنين الله ثالثهما. وقامت قريش باقتفاء الأثر حتى إذا بلغوا جبل ثور اختلط عليهم فصعدوا الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسيج العنكبوت فقالوا لو دخل هاهنا أحد لم يكن نسيج العنكبوت على بابه)).
فهل الله لا يكون معهما إلا في الغار فيرسل العنكبوت لتنسج على باب الغار، ولا بد أنها المسكينة بذلت جهدا جبارا حتى تتمكن في ظرف قصير من تغطيته كاملا، مع أن محمدا كان قد أرانا معجزة الاختفاء عن الأنظار عندما خرج من بيته ونثر ترابه السحري على رؤوس محاصريه، فلماذا لم يلجأ إليها هنا؟ لكن مستمعي الجزيرة هم من الأطفال الذين يمكن أن نمرر على عقولهم كل شيء !
هنا يتدخل أبو الخير المتحفي الذي لم نر تحفة من تحفه فيقول ((تتبعت قريش الرسول حتى وصلوا إلى جبل ثور، وقبل وصولهم إلى جبل ثور وجدوا هذه الآثار (وأرتنا الكاميرا آثار أقدام على الرمل!!!) لقدم واحدة تمتد إلى بداية الجبل فأحضروا أحد بني مدلج وكان بنو مدلج متخصصون في اقتفاء الأثر في الصحراء. هذا الأعرابي عندما قدم، قال لهم: هذا أثر لقدمين وليس قدم واحدة، والتي في الأعلى قدم ابن أبي قحافة وهو أبو بكر الصديق أما التي في الأسفل فقال الأعرابي: أنا لا أعرفها، لكنها تشبه قدم صاحبكم عند الكعبة. وكان يقصد بصاحبكم عند الكعبة مقام إبراهيم عليه السلام وهذا الأعرابي صدّق معجزة للنبي (ص) عندما قال في الحديث الصحيح: "أنا أشبه ولد إبراهيم بإبراهيم". فهذا الأعرابي أثبت بنوة رسول (ص) لسيدنا إبراهيم وعلى نبينا الصلاة والسلام)) !!!!!!!!!!
هنا تتراكم أخطاء المخرج حد القرف، مثلما تتراكم معجزات محمد. هنا يفقد القوم في الجزيرة عقولهم قبل أن يساهموا في الإساءة إلى عقول مستمعيهم.
كيف لا يرى هذا الدليل إلا آثار أقدام لرجلين بينما كان يرتاد الغار، كما تقول خديجة في الفيلم نفسه، وطوال ثلاثة أيام أربعة رجال وامرأة: محمد وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر وعبد الله بن أبي بكر وأسماء بنت أبي بكر التي كانت تأتيهم بالطعام؟
كيف يعقل ألا ينتبه هذا المتخصص في اقتفاء الآثار لهذا؟ وكيف يعقل أن يتعرف هذا الأعرابي على أبي بكر من خلال أثر قدمه فقط؟ هل زودته قناة الجزيرة بأدوات التحري والمخابر التي تستخدمها الشرطة الأمريكية؟ كيف يعقل أن يتعرف على الشبه الموجود بين قدم محمد وقدم إبراهيم؟ بل كيف يعقل أن تبقى آثار قدم إبراهيم في الكعبة لمدة تقدر بحوالي 2400 سنة قبل ميلاد محمد نفسه؟ هل هي من المتحجرات؟
ثم يتدخل الوزير التركي للأوقاف علي بردك أوغلو ليعطي لهذا التخريف والتجهيل قوة مؤثرة، بلغة عربية ركيكة ((يعني نحن أن هجرة النبي صلعم هي تحول يثرب إلى المدينة المنورة، بداية الحضارة، بداية التعايش، في السلم، والتسامح..)) !!! ولا يحتاج كلام سيادة الوزير إلى تعليق، ماعدا ضرورة التعبير عن الخشية على مصير تركيا فيما لو أن كل أعضاء حكومته يشاركونه هذه اللاعقلانية والتحايل أو الكذب على التاريخ.
ثم يصعد أبو الخير طائرة هليوكبتر تابعة للهيئة السعودية للمساحة الجيولوجية، كما تدل الكتابة عليها قائلا: ((نحن الآن نطير فوق وادي فاطمة، فقد قامت الهيئة من خلال باحثيها بتتبع الروايات التاريخية لمسار الهجرة النبوية بفريق علمي يرأسه معالي الدكتور زهير نواف رئيس الهيئة ومجموعة من الباحثين وقاموا بتنزيل مسار الطريق على خراط GPS. ومعنا اليوم مرشدنا إلى الطريق وهو أحد الباحثين في هذا المشروع في الهيئة السعودية للمساحة الجيولوجية وهو الجيولوجي جمال شوال)).
جيولوجي مرة واحدة يا أبا الخير؟ ولماذا؟ ما أتعس الجيولوجيا !
ثم ذكرت خديجة،عن ابن إسحاق، الأماكن التي مر بها النبي وصحبه، وبعد هذا لم نر أثرا (علميا) لباحثي الهيئة الجيولوجية السعودية، إلا تكرار ممل لارتفاعات الأماكن عن سطح البحر التي كان يتم تحديدها بأرقى الأجهزة العصرية (الجب بي أس) كما يقول أبو الخبر، وما أدراك!
نسمع خديجة: ((روى البخاري عن أبي بكر الصديق، قال: أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد فرُفِعَتْ لنا صخرةٌ طويلة لها ظل لم تأت عليها الشمس فنزلنا عندها..)).
ويرينا الفيلم صخرة كبيرة مائلة ليت الجيولوجي الهمام المرافق انكب على دراستها وأثبت لنا أنها فعلا انتصبت فجأة ليستظل تحتها نبي الله.
وتتواصل معجزات النبي الذي لا معجزات له كما يقول جورج طرابيشي: ((المعجزة أو سبات العقل في الإسلام))، ويا له من سبات تساهم الجزيرة في ديمومته !
وأنا أكتب هذه الكلمات تشاء الصدف أن ينبهني هاتفيا أحد الأصدقاء إلى قول للقرضاوي في جريدة الخبر الجزائرية لهذا اليوم جاء فيه ((وشدد القرضاوي، في لقائه مع وفد من شباب حزب الوسط بمنزله، بأنه بعد أن حكم الليبراليون والعلمانيون، جاء الدور حاليا على الإسلاميين حيث قال: إن الإسلاميين يجب أن يعلّموا العالم كيف تكون قيادة الدنيا من جديد، ومصر الآن مؤهلة لأن تقود الأمة الإسلامية ، مضيفا: لكل زمان دولة ورجال.. والليبراليون والعلمانيون أخذوا زمانهم وهذا هو زماننا، وزمان الإسلاميين لا يكون بالفهلوة والكذب إنما يكون بالعمل والعلم والتعب والكد .))
http://www.elkhabar.com/ar/autres/hadath/264282.html
ولست أدري أين يدرج القرضاوي هذا الفيلم الذي أشرفت على إخراجه الجزيرة بالتعاون مع (كبار) العلماء الإسلاميين أمثاله؟ أفي الفهلوة والكذب أم في العمل والعلم والتعب والكد؟
وأعود من هذا الاستطراد إلى الجزيرة، لنستمع إلى خديجة: ((وروى أحمد عن ابن مسعود قال: كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط بمكة فأتى عليّ رسول الله وأبو بكر وقد فرا من المشركين فقالا: أعندك يا غلام لبن تسقينا؟ قلت: إني مؤتمن ولست بساقيكما. فقال: هل عندك من جِزْعَة لم تحمل قلت نعم. فأتيتهما بها فاعتقلها أبو بكر وأخذ رسول الله (ص) الضرع ودعا، فحفل الضرع وأتاه أبو بكر بصخرة متقعرة فحلب فيها ثم شرب هو وأبو بكر ثم سقياني ثم قال للضرع اقرص فقرص)).
شاة أو عنزة لم تحمل سابقا ومع هذا دَرَّ ضرعُها للنبي وحلبها في صخرة مقعرة، لعدم وجود إناء. فكيف حضرا رحلتهما لأيام إذن كما تقول خديجة ولم يفكرا في إناء لحلب الجزعة !!؟
وهاكم معجزة أخرى. نسمع خديجة: ((أن النبي صلى الله عليه وآله لما خرج مهاجرا من مكة خرج هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة، ودليلهم عبد الله بن الأُرَيْقِط فمروا على خيمة أم معبد الخزاعية، وكانت بَرِزَة جَلِدَة تحتبي بفناء الخيمة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها تمرا ولحما يشترون، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، فإذا القوم مُرْمِلون مُسْنِتون، فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزناكم القَرَى، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى شاة في جانب الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ فقالت شاة خلفها الجهد من الغنم، قال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك، قال: أتأذنين أن أحلبها؟ قالت: نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها، فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وآله فمسح بيده ضرعها، وسمى الله عز وجل ودعا لها في شاتها، فتفاجت عليه ودرّت واجترت، ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب فيه ثجا حتى علاه البهاء ثم سقاها حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب رسول الله صلى الله عليه وآله آخرهم ثم أراضوا ثم حلب ثانيا بعد بدء، حتى امتلأ الإناء، ثم غادره عندها، ثم بايعها (دفع ثمن اللبن)، وارتحلوا)).
فهل سوف يحكمنا الإسلاميون بهذه المعجزات أم يحكمونا بما ابتكره الغرب من طرق إدارة وتسيير وتعددية سياسية وفكرية وحزبية، فيصيرون علمانيين والعياذ بالله؟
أبو الخير المتحفي دلنا في الطريق على رسوم على بعض الحجارة الصغيرة المرمية في الطريق، يقول إنها قد تعود إلى ما قبل الإسلام كما دلنا على كتابات يقول إنها تعود إلى العصور الإسلامية الأولى. وبما أنه صاحب متحف فكان من الأجدر به أن يجمعها بوصفها كنزا أثريا نادرا ليس من اللائق أن يُتْرَك في العراء حتى تتلف أو تُسْرَق أو يعبث به بعض الجهلة كما عبث أسلافهم بالأصنام وعبثت طالبان بتماثيل بوذا.
هي إذن نفس العقلية الإسلامية القديمة المعادية للآثار. ولسنا ندري ما حوى متحفه في المدينة إذا لم يكن يهتم بهذه الآثار النادرة لو كان فعلا متحفيا. وفي الأفلام الثلاثة لم يمنُنْ علينا بزيارة لهذا المتحف. لكن من يصدق هذه الخرافات لا بد أن يهون عنده كل شيء، بل لا بد أن يقدس هذا الطريق الذي مشى عليه خير خلق الله وحبيبه وصلته بهذه الأرض !



#عبد_القادر_أنيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزيرة تسخر العلم والتقدم لخدمة الخرافة والتخلف 3
- الجزيرة تسخر العلم والتقدم لخدمة الخرافة والتخلف 2
- الجزيرة تسخّر العلم والتقدم لخدمة الخرافة والتجهيل
- عن المؤامرة مرة ومرة ومرة
- دينهم سياسة وسياستهم دين
- هل نتعرض فعلا لمؤامرة غربية؟
- القرضاوي ومكيافللي
- السياسة في الإسلام: ساس الدابة يسوسها
- لماذا نقد الدين؟
- تمخض الجبل فولد فأرا
- ما حقيقة الدولة الإسلامية (المدنية)؟
- هل العلمانية مسيحية متنكرة؟
- هل في الإسلام مواطنة: قراءة في فكر راشد الغنوشي 5
- هل في الإسلام مواطنة؟ قراءة في فكر راشد الغنوشي
- راشد الغنوشي هل في الإسلام مواطنة؟ 3
- راشد الغنوشي: هل في الإسلام مواطنة 2
- قراءة في فكر راشد الغنوشي: هل في الإسلام مواطنة
- العلمانية مفهوم للترك أم للتبني؟ 2
- العلمانية: مفهوم للترك أم للتبني؟
- انتفاضة الشباب في الجزائر من وجهة نظر لبرالية ويساري


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - الجزيرة تسخّر العلم والتقدم لخدمة الخرافة والتجهيل 4