أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بشار السبيعي - عذراً ياسيادة الرئيس بشار الأسد















المزيد.....

عذراً ياسيادة الرئيس بشار الأسد


بشار السبيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3476 - 2011 / 9 / 4 - 22:29
المحور: حقوق الانسان
    


ترددت الكثير قبل أن أخط هذه الكلمات ، ولكنني لم أستطع أن أبقى صامتاً بعد كل ماكنت شاهداً عليه خلال هذه الأشهر الستة من عمر الثورة السورية. وشعرت أنه من الواجب الأخلاقي والإنساني كمواطن سوري أن أقول كلمة الحق تحت أي ظرف كان ومهما ساءت العواقب. ولكنني لم أعرف لمن أتوجه بالكلام الذي أريد أن أقوله ، فأنا لاشك أنني كنت من المحظوظين القلائل الذين أستطاعوا أن يدخلوا العمل السياسي المنظم لفترة وجيزة من الزمن ويخرجوا منه سالمين من دون سجن أو قتل أو تشريد ، وذلك بعد خروجي من أروقة المعارضة السورية والعمل السياسي المنظم فيها منذ سنتين ، و أستقالتي من منصب مدير مكتب جبهة الخلاص الوطني في سوريا في العاصمة الأمريكية واشنطن. والجميع يعرف أن عمل المعارضة السورية يحمل معه من المخاطر على سلامة من يدخل فيه هو عائلته ، ماهب ودب من ماتستطيع أن تفعل به أجهزة المخابرات السورية المتعددة الأشكال والألوان.

لهذا السبب رأيت أن أخاطب الرئيس بشار الأسد مباشرة ، بما أنه كان الشخص الذي قدم لي مباشرة الحماية والعفو من ماكان ينتظرني من عقاب تحت القوانين التعسفية الموجودة حالياً في قانون العقوبات السوري ، و محاكمتي في سوريا بسبب إنخراطي في العمل المعارض. وأردت في هذه الرسالة أن أشكره شخصياً على المعاملة الإستثنائية التي حظيت بها بسبب أهتمامه بعودتي ألى القطر ، وفي نفس الوقت أن أصارحه بما يلوج في صدري من كلام كنت أتمنى أن أقوله له مباشرة قبل مغادرتي القطر. بالإضافة أردت أن أخاطب الشعب السوري الشجاع الذي أظهر معدنه الحقيقي بعد أن تفاقمت أزمته ، وتراكمت مظالمه ، وسالت دماء أبناءه في شوارع ومدن سوريا من جنوبها و شمالها ألى أقصى شرقها وغربها.

ومع أنني لاأرى مخرجاً قريباً من المأزق السياسي الذي وقعت به بلدنا الحبيب سوريا بسبب تفاقم قطبية الأطراف المتنازعة اليوم على السلطة بين المعارضة والموالاة ، وعدم جدية السلطة في أي إصلاح جذري وحقيقي قدمته ألى اليوم ، ولكنني أعرف أيضاً أن الحل اليوم بيد السلطة أكثر من أي طرف في المعادلة الأقليمية والدولية ، ومن يترأس هذه السلطة هو الرئيس بشار الأسد ، لهذا السبب أوجه هذا الكلام مباشرة أليه وأقول :


عذراً ياسيادة الرئيس ، فأنا لم أكن أتصور منذ أقل من سنة ، أو في الحقيقة أقل من ستة أشهر ، أن تتفاقم الأزمة السياسية في سوريا ألى هذا الحد من الإحتقان والتمزق في الوحدة الوطنية للمجتمع السوري ، فمن كان شاهداً على الأستقبال الشعبي الرائع لسيادتكم بعد أداء الصلاة وخروجكم من الجامع الأموي في سوق الحميدية في شهر شباط الماضي ، لايمكن أن يتصور أن تصل الأمور ألى ماوصلت أليه اليوم في سوريا.

عذراً ياسيادة الرئيس ، ولكن يبدو أنك مخطئاً في تقديرك وتعاملك الأمني مع الأزمة الحالية في سوريا ، نعم أسمح لي أن أخالفك الرأي أنت ومجموعة المستشارين من حولك الذين أصبحوا من المطبلين والمزمرين لك بأمتياز لدرجة أنهم فقدوا الإحساس الكامل بما يجري اليوم من فظائع ومصائب وإجرام في حق أبناء شعبهم الذين يشاركونهم في العيش في هذا الوطن.

عذراً ياسيادة الرئيس ، فهذه ليست سوريا الجديدة تحت عهدكم المصون التي كنت قد وصفتها لي عبر مدير إدارة مخابراتك العامة اللواء علي مملوك في أجتماعي معه منذ سنتين عند عودتي ألى الوطن بعد أكثر من ثلاثة عقود من الزمن في المغترب. كنت آمل أن أحظى في أجتماع معك قبل إتخاذ قراري مرة أخرى بمغادرة القطر بعد أن تدهور الوضع الأمني ألى هذا الحد من الفلتان القانوني وأصبحت أشعر بالخوف من المستقبل كما يشعر23 مليون من شعب سوريا اليوم ولكن الظروف لم تسمح بذلك.

أسمح لي اليوم أن أتكلم بصراحة وشفافية ، وللأسف أقولها اليوم فقط بعد أن غادرت القطر و شعرت أنه لم يعد هناك خطراُ على نفسي من الجيش أو الأمن أو الشبيحة الذين يستبيحون اليوم حرمات المنازل الخاصة والمساجد ويقتلون ويعتقلون ويعذبون أبناء شعبهم وأخواتهم في جميع أرجاء و أنحاء القطر. نعم ياسيادة الرئيس ، هذا ماآلت أليه اليوم سوريا ، دولة خارجة عن القوانين الأرضية والسماوية في نفس الوقت ، يُستباح فيها المواطن الضعيف فقط لأنه طالب بما وَهَبَهُ الله عز وجل عند مُولده ، مَطلبٌ مُحق وعادل ومشروع منذ الأبد ، مَطلبٌ تعشقه الغريزة الإنسانية ، مَطلبٌ لايُثمن بثمن ، مَطلبٌ أفنى شعوب العالم في البحث عنه ، مَطلبٌ يلخص بكلمة واحدة وهي الحرية.

سَمِها ماشئت ، مؤامرة إستعمارية ، بندرية ، حريرية ، بريطانية ، فرنسية ، أمريكية ، صهيونية ، كل هذا لايُجدي ولايَنفع ولن يحل الأزمة المصيرية التي يواجهها المواطن السوري اليوم ، فنحن وصلنا ألى نهاية الطريق ، ولم يعد هناك مطرح للإستبداد والقمع في هذا العالم الصغير الذي نعيش فيه اليوم ، الشعب يريد إسقاط النظام ، وهو على أستعداد لأن يدفع الثمن بالدم والروح ، فهل من حاكم رشيد يسمع ندائه ويُجنب البلد الخراب والدمار المتربص بها وبالمنطقة في المستقبل القريب؟

نعم ياسيادة الرئيس ، الخيار اليوم هو إما إنقاذ سوريا وإما إنقاذك وإنقاذ عائلتك والحاشية المستفيدة من الوضع الحالي ، خيار لاأحسدك عليه ، ولكن دماء الشهداء لايمكن أن تعوض بثمن ، والشعب السوري لن يتراجع عن مطلبه في الحرية والكرامة والحياة الكريمة.

لاأتكلم هنا بأسم أحد ، ولا أنتمي اليوم ألى حزب أو مؤسسة أو معارضة ، ولا أرغب في منصب أو موقع بسبب هذا الكلام ، أنا اليوم أتكلم ضميري الحر، وكم كنت أتمنى أن أقول لك هذه الكلمات وجهاً لوجه في سوريا وتحت حماية الدستور والقانون السوري بدون خوف من إعتقال وتشريد وتعذيب ، ولكن للأسف أنني اليوم أخط هذه الكلمات من موطني الثاني الذي أعطاني الحرية لأكتب وأقول وأعبر ، حقوق لم أجدها في موطني الأصل سوريا.

أرجو أن تصلك هذه الكلمات البسيطة اليوم من مواطن سوري أمضى حياته في المغترب وأراد أن يعود ألى وطنه بعد ثلاثة عقود من الزمن ليشارك في بناءه مع أهله وأحبابه لكن القدر شاء غير ذلك . وقد ظننت مخطئاً أن الشعب السوري قد كان على أستعداد بأن يضحي بحريته وكرامته مقابل الأمن والسلام والبحث عن لقمة العيش الكريم ، ولكنني اليوم أشهدُ أن هذا الشعب الباسل الذي يُقابل الرصاص الحي بصدوره العارية سيحقق في النهاية مايرنو أليه ويبني الدولة المدنية ، دولة المؤسسات والدستور والقانون التي تحترم المواطن السوري و تحميه بدل أن تقتله وتعتقله وتعذبه.

أخيراً أقدم أعتذاري للشعب السوري المقدام لإعتقادي الخاطئ أن الإنسان يمكن له أن يحيا بقليل من الحرية والكرامة وأن ماظننت أنه قبول بالأمر الواقع ماكان إلا البركان الثائر في قلب هذا الشعب الذي أثبت اليوم أنه مهما كَبُرت المصائب والمحن والتحديات يظل صامداً شامخاً عال الرأس ، معتزاً بتاريخه وتاريخ أجداده الثوار الذين ضحوا بحياتهم للدفاع عن حرياتهم وحرية هذا الوطن الحبيب. وأقُدم أحر التعازي لأهالي الشهداء الأبرار وأدعو من الله أن يجعل مثواهم الجنة بإذنه تعالى. عاشت سوريا وعاش شعب سوريا الأصيل.

بشار السبيعي



#بشار_السبيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الشعب العربي ......وماذا عن سورية؟!!!!!2
- ثورة الشعب العربي ......وماذا عن سورية؟!!!!!
- لنرفع جدار الفصل بين الدين والدولة في مجتمعاتنا العربية
- في النقد الموضوعي للديانات السماوية
- في أسلوب د. كامل النجار ود. وفاء سلطان
- سيبقى شعار -إسرائيل أولاً- مرفوعاً دائماً في واشنطن
- أصوات من واشنطن حطّمها العقل والزمن
- في الديمقراطية والحرية والثقافة الدينية في الوطن العربي
- بين نضال نعيسة وفضيلة الشيخ القرضاوي
- جامعة الدول العربية وفقدان قيم التمدن الحضارية
- الديمقراطية بين براثن الديبلوماسية العربية والسلطوية
- جامعة الدول العربية تلملم موضوع البشير !!!
- المعارضة السورية...بين المطرقة الإسلامية والخشب القومي
- نحن وجبهة الخلاص والإخوان المسلمين
- ستسمع أجيالنا صراخ تلك الإمرأة الغزاوية
- في يوم قسيس السلام والمساواة مارتين لوثر كينغ
- غزة... والعدوان... وآلام العرب والمسلمين
- أمريكا تجدد ثورة الأمل والفكر والحرية
- تمهلوا بالحكم على الديمقراطية في الشرق الأوسط
- قراءة موضوعية في عواطف المعارضة السورية


المزيد.....




- ممثل الرئيس الفلسطيني بالأمم المتحدة: كيف يضر الاعتراف بدولت ...
- إسرائيل أمام مجلس الأمن: إذا اعتُمد قرار بمنح فلسطين عضوية ك ...
- بعثة فلسطين بالأمم المتحدة: نيلنا العضوية الكاملة يحمي مسار ...
- فلسطين تطالب الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لوقف العملية الإسر ...
- اعتقال 40 فلسطينيا بالضفة وعشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى
- مفوض الأونروا: موظفونا الذين اعتقلتهم إسرائيل تحدثوا عن فظائ ...
- القاهرة الإخبارية: مئات الشاحنات تستعد للدخول إلى غزة لإغاثة ...
- ممثل أبو مازن بالأمم المتحدة: الشعب الفلسطيني ضحية قرارات دو ...
- -لازاريني- يحذر من الرضوخ لطلب الاحتلال حل -الأونروا- + فيدي ...
- بن غفير يطالب بإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل -اكتظاظ السجون-! ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بشار السبيعي - عذراً ياسيادة الرئيس بشار الأسد