أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - بشار السبيعي - أمريكا تجدد ثورة الأمل والفكر والحرية














المزيد.....

أمريكا تجدد ثورة الأمل والفكر والحرية


بشار السبيعي

الحوار المتمدن-العدد: 2459 - 2008 / 11 / 8 - 04:33
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ترددت قبل كتابة هذا المقال ليومين وأنا أفكر كيف يمكن أن أضع أفكاري وأحاسيسي في سطور قليلة وكلمات معبرة عما يدور في أعماقي من حزن وأسى، فرح وإحباط، وسعادة ويأس، فقد تدفقت تلك المشاعر إلى قلبي وعقلي في آن واحد وأغرقت عيناي في دموع إستبقت الكلمة من فمي وأعاقت خروج صوتي عبر حنجرتي بعد أن حرقها تدفق ذلك الدمع الساخن.

كل ذلك حصل في غضون دقائق كانت قد غيرت العالم وأنتجت أمل جديد ساطع مشع، صنيعة شعب حي متفائل تربطه فكرة إسمها أمريكا كانت قد خُلقتْ منذ أكثر من قرنين من الزمن لتصبح تلك المنارة المضيئة على شاطئ العالم تنادي مراكبه وسفنه وتوجهها نحو مرآب السلام والأمل، الحرية والحياة، و الإيمان بقدرة الإنسان على صنع المستحيل.

الإنتخابات الأمريكية التي جرت في الرابع من تشرين الثاني والتي حقق فيها السيناتور الديمقراطي الأسود باراك أوباما إنتصاراً ساحقاً ضد خصمه الجمهوري السيناتور جون ماكين لها وقفة مع التاريخ، وستُدرج في كتب التاريخ الأمريكية والعالمية لإنتخاب الأغلبية رجل الأقلية، وسيعرف العالم أجمع أن الولايات المتحدة الأمريكية إستطاعت بعد أكثر من قرن ونصف من التفرقة العنصرية، وبعد حرب أهلية دموية كان من أحد أسبابها إنهاء قانون العبودية ودامت أكثر من خمس سنوات، و حركة حقوق مدنية قادها القسيس الأسود مارتين لوثر كينغ، و محاكم قضائية لإنهاء التفرقة العنصرية في المدارس الأمريكية، إستطاعت هذه الإنتخابات أخيراً أن تتوج تلك الجهود الجبارة في سياق الحراك الديمقراطي السلمي والحركات المدنية وأن تضع أول رئيس أسود في البيت الأبيض ليقود الولايات المتحدة والعالم أجمع.

في جلسة مع صديق سوري مقيم هنا في الولايات المتحدة قال لي فيها أنه لايستطيع أن يعبر عن مدى حزنه اليوم بعد أن شاهد نجاح السيناتور باراك أوباما في هذه الإنتخابات، وعندما سألته عن أسباب ذلك الحزن، قال أنه وصل إلى قناعة تامة أن العرب اليوم لايملكون القدرة العقلية الجماعية اليوم على النهوض في شعوبهم من الرجعية والتخلف إلى الحداثة والمدنية، وأنه عندما إستمع إلى خطاب السيناتور باراك أوباما في ليلة إعلان النتائج الإنتخابية تأكد من ذلك بعد أن تذكر مافعلت رئاسة الوزراء السورية قبل أيام بإصدار قرار بإغلاق المدرسة الأمريكية والمركز الثقافي الأمريكي في دمشق رداً على الغارة الأمريكية على قرية السكرية في البوكمال. وعندما أجبته أنه ليس من العدل منه أن يحمل الشعب السوري نتائج قرار تعسفي صدرعن نظام ديكتاتوري، فأجابني في الحديث النبوي "وكما تكونوا يولى عليكم".

تذكرت ماصرح به وزير الثقافة السوري الدكتور رياض نعسان آغا منذ أيام عبر الصحافة السورية فقال " كنا ننتظر من الولايات المتحدة إن تقدم لنا ثقافة راقية.. أن تقدم لنا علما ومعرفة وتكنولوجيا أما أن تقدم لنا جثث أبنائنا في الشوارع فهم لا يريدون الحوار فعلام نبقي إذا على مراكز ثقافية لا تملك أسسا معرفية سوى إنها تنشر الإرهاب الدولي المنظم."

طبعاً فهم ينظرون للثقافة الأمريكية عبر جيوشها الجبارة وعتادها المتين. وزراء الرئيس الوارث لايملكون القدرة على التمييز بين الثقافة والعسكرتاريا، ولايفرقون بين العلم والمعرفة والمؤسسة العسكرية، فهذه المفاهيم الحضارية غريبة المصدر والمنشأ فهم الذين جاءوا إلى الحكم عبر الدبابة والمدفع وهم أبناء الحزب الواحد "قائد السلطة والمجتمع"، ثقافتهم شمولية إقصائية لاتفرق بين الحاكم والمحكوم، الشعب والسلطة، الأمر والمأمور، فأمريكا هي العدو اللدود الذي يسعى عبر "الإرهاب الدولي المنظم" على نشر ثقافة حرية الفرد وكرامة المواطن وديمقراطية الحكم في شوراع دمشق عبر المدرسة الأمريكية ومركزها الثقافي وهذا هو الإرهاب بعينه للسلطة الغاشمة في دمشق. فهذه هي الأفكار التي يخشى وزراء التملق والمزاودة على نشرها عبر المؤسسات التربوية الأمريكية، وهذا هو الخطر الأكبر على مناصبهم وكراسيهم، فهم يعرفون مدى ضعفهم وصغرهم ولايمكنهم اليوم بأن يردوا على هذا الإعتداء و مواجهة دولة عظمى كالولايات المتحدة إلا بإغلاق مركزها الثقافي ومدرستها، فهم أصحاب الوصاية على المواطن السوري وهم الذين يقررون مايقرأ ويسمع ويرى وهم حماة الديار والوطن الذين يسهرون على أمنه وإستقراره من الشيطان الأكبر أمريكا وحليفها الصهيوني إسرائيل.

عرفت ماقصد به صديقي السوري عندما أشار إلى حزنه، فبعد أكثر من أربعة عقود من الزمن في سوريا تحت حكم الطوارئ اليوم، وبعد أن طغى الفكر الشمولي العائلي والطائفي على الحكم فيها، وبعد أن اُقصي المواطن السوري عن الحراك الديمقراطي السلمي بجميع أشكاله وأطيافه وخلت ساحة الصراع الفكري والسياسي في الحكم من أصحاب الضمير و الوطنية، كيف يمكن للمواطن السوري أن يرى مايراه صديقي في إنتخاب السيناتور الأسود باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية؟

تقول القصيدة الشهيرة "إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر" ، تذكرت ذلك القصيدة عندما سمعت الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما في خطاب القبول في تلك الليلة التاريخية الأمريكية، وأصابني التفاؤل والأمل من جديد في ماقدمه الشعب الأمريكي للعالم من مثال في إمكانية الشعوب على صنع المستحيل، وتذكرت وطني الحبيب سوريا، وعرفت أن هناك الملايين من الشباب السوري اليوم الذي يشاهد ذلك الحدث التاريخي عبر شاشات التلفزيون والمحطات الفضائية، ولابد من أن ينتابهم نفس المشاعر والأحاسيس التي إنتابتني في تلك اللحظة، فهم مثلي أبناء سوريا وقلبها النابض وحبهم للوطن والأرض يفوق الوصف والخيال، وعرفت حينها أن ثورة الحياة والتجدد والأمل والفكر والحرية التي نشهدها اليوم عبر الإنتخابات الأمريكية هي قادمة لامحالة إلى دمشق وحلب وحمص واللاذقية وجميع أنحاء سوريا في شرقها وغربها شمالها وجنوبها، ليعرف الطاغية فيها يوماً كان مكتوبا.



#بشار_السبيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمهلوا بالحكم على الديمقراطية في الشرق الأوسط
- قراءة موضوعية في عواطف المعارضة السورية
- من أجل حفنة من اليوروهات الأوروبية..
- الغزل الفرنسي السوري والمعارضة السورية
- هل ستطل شمس الوطنية على ساسة لبنان؟
- سوريا الأسد... ممانعة أم مصافحة!!! (2)
- سوريا الأسد... ممانعة أم مصافحة!!!
- زيارة كارتر لسوريا تحرق الأحرار والديمقراطية
- فتنة مابعدها فتنة..
- الحديث الجائرعن منظمات حقوق الإنسان الدولية في سوريا
- من الرماد تأتي الحياة...عبرة لمن إعتبر
- المعارضة السورية والأقلام المأجورة...
- خطوة إيجابية في مستقبل المعارضة السورية...
- هذه الأوقات التي تمتحن قلوب الرجال
- الموضوعية في نقد الديانات الإبراهيمية
- لما تستغرب؟ فهم لايعرفون بديل
- الصلاة شفاء من كل داء
- الفتاة العربية و غشاء البكارة
- وفاء سلطان و العقل العربي الإسلامي
- ضجيج عربي


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - بشار السبيعي - أمريكا تجدد ثورة الأمل والفكر والحرية