أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - العراق والربيع العربي : مخاوف وتشكيك














المزيد.....

العراق والربيع العربي : مخاوف وتشكيك


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 3472 - 2011 / 8 / 30 - 19:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ينطوي الخطاب الرسمي العراقي على مفارقات كثيرة وكبيرة، حين يتناول الموقف من أحداث الربيع العربي وموجة التفجرات والإنتفاضات الشعبية التي إجتاحت وتجتاح المنطقة عموما . ويحلو للبعض من كبار المسؤولين في الدولة العراقية الجديدة، التبجح تارة، بالريادة في ميادين الإصلاح والتغيير والتحولات الديمقراطية، وتدشين مبادئ وأسس التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة الصادرة عن الإرادة الشعبية، التي تأسست في البلاد على أنقاض النظام الديكتاتوري السابق عام 2003، متناسين جملة من الحقائق التي لم يطويها النسيان بعد، وأخرى لا تزال قائمة على الأرض . وتقف في مقدمتها حقيقة ملموسة وهي أنّ التظاهرات والإنتفاضات الشعبية ضدّ رموز الإستبداد والطغيان، حصلت وتحصل بفعل الإرادة والتضحيات الجماهيرية الكبرى وإصرارها على إستعادة دورها وثقتها بإمكانياتها وقدراتها المخزونة على تطهير مجتمعاتها من أدران الإستبداد والفساد ونهب المال العام كمقدمة للتحرر الإجتماعي الحقيقي وإسترجاع الكرامة المهدورة التي راهنت النخب الحاكمة على سحقها عقودا طوال . وتارة أخرى، يتباين الموقف العراقي من هذه الأحداث حسب الضغوط والإملاءات الخارجية ودرجة تحكمها ونفوذها في بلورة المواقف وصياغة التصريحات وصناعة القرار المحلي وفقا للمصالح الإقليمية والدولية، لا وفقا لقراءة داخلية حقيقية وعميقة تعبر عن موقف الشعب العراقي المتضامن تماما مع حقوق هذه الشعوب والمجتمعات في الحرية والكرامة والإنعتاق من نير الطغاة .

والمفارقة الأخرى، حين نتجاوز التبجح والتباين معا، الى التصريح العجيب الذي أدلى به مؤخرا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي محذرا من مخططات الصهيونية ومن "سايكس ـ بيكو" جديد يتهددان بلدان وشعوب المنطقة نتيجة الربيع العربي دون أن يكلف نفسه عناء التفسير ويخبرنا كيف؟. ولا أن نعرف أنّ عبقريته السياسية التي لا يضاهيها إلاّ النظريات العالمية للعقيد القذافي، هي صادرة عن مجرّب في هذا المضمار أم عن حكيم ؟ . وإذا تجاوزنا أيضا، لعبة الكلمات المتقاطعة التي بات لها اليوم، خبراء ومستشارين وبهلوانات ومهرجين إعلاميين وناطقين رسميين في العراق الجديد، يمكن لهم أن يتخلوا عن مواقفهم وتصريحاتهم بذات السهولة التي يتبنوها ويدلون بها وبعكسها بعد حين، فإنّ دماء الشباب التي سالت في تونس ومصر وليبيا واليمن والمدن السورية وهي تخطّ أروع ملاحم البطولة والتضحية والفداء وتتصدى لطغاتها بصدور عارية ، ليست بلعبة تدار كغيرها من مكتب المالكي المنشغل بصراعات الأحباب والأبناء والمقربين حول العمولات والصفقات المشبوهة وتقاسم السلطة والمال والتغطية على الفاسدين وحمايتهم سياسيا، وليست كذلك بحاجة الى تحذيرات ونصائح "دولته" المستوردة، عندما تحين ساعة الحساب في قيامة الشعوب التي عانت وصبرت أكثر مما ينبغي على معاناتها وصولا الى يوم لا ينفع مال ولا بنون .

أمأ المفارقة الأكبر من إستيراد الإشارات والمواقف والتحذيرات والنصائح من شرق البلاد وشحنها تحت اليافطة العتيقة "مخططات الصهيونية" ومن ثم تصديرها الى غرب البلاد بعد أن طفحت الأسواق الداخلية بالبضائع والشعارات والوجوه والوعود والألسنة المغشوشة، فهي تصوير الوضع العراقي الحالي وكأنه نموذج متقدم وينبغي الإقتداء به في الوقت الذي تشير فيه الوقائع والأرقام والتقارير الدولية الى العكس من ذلك تماما .

إنّ المنطقة العربية التي تأخرت دون غيرها من مناطق العالم في اللحاق بموجات الديمقراطية التي إجتاحت بلدان أوربا الشرقية وأمريكا اللاتينية في عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم، تكتشف اليوم ذاتها وإمكانياتها بعد كسر حواجز الخوف التي فرضت عليها، ويتعمق فيها الشعور الوطني العام بالإنتماء والمصير المشترك كأساس متين للإجتماع المدني السياسي يقوم عليه المعنى العميق لإستقلال القرار والسيادة الوطنية الحقيقية، وتشهد ولادة عهد جديد تمتلك فيه الشعوب والمجتمعات مصائرها وتعيد تشكيل الأسس التي قامت عليها نظم القهر والإستبداد في سياق ثورة شاملة على جميع الأصعدة والميادين الإجتماعية والسياسية والثقافية لا مكان فيها لمصادرة الرأي العام والتصرف بالبلدان كإمارات وإقطاعيات عائلية مغلقة .



#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان اللومانيتيه : التضامن مع المثقف العراقي في الداخل
- هل ثمة سياسة في العراق الجديد ؟
- المصير العراقي على ضوء التحوّلات الإقليمية
- العراق الجديد : خراب اللغة
- العراق : فرصة العودة للوطنية
- الغضب العراقي : تظاهرات سلمية أم معارك حربية ؟
- البعثي المتلوّن والعراقي عديم اللون والطعم والرائحة
- الشارع العربي : عودة الروح
- التيار الديمقراطي العراقي : إقتراحات وأفكار
- الإحتجاجات الشعبية : ثورات الخبز الجديدة
- الثقافة في العراق : معركة مفتوحة أبدا
- العراق الجديد : التكتّم على النوايا والمخاتلة في المصالح
- العراق الجديد : تجفيف منابع الوطنية
- العراق الجديد : الإسلام السياسي والإسلام الصهيوني
- في أبعاد التضييق على الحريات في العراق
- العراق الجديد : القوى الديمقراطية وإتجاهات التغيير
- حيرة الدكتور كاظم حبيب وأشجانه العراقية
- العراق الجديد: المخاض السياسي العقيم
- مواطنون أم رعايا أم رهائن ؟
- المحنة العراقية المستمرّة


المزيد.....




- أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع الم ...
- مظاهرة في تل أبيب تدعو ترامب للضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب ...
- لهذه الأسباب تبدو الهدنة في غزة قريبة جدا
- فعاليات احتجاجية في الأردن رفضا لتجويع غزة?
- السفير الأمريكي يدعو إلى محاسبة مهاجمي كنيسة في الضفة الغربي ...
- أعمال الشغب تهز مدينة ليموج في وسط فرنسا
- الأسلحة التي ستستخدمها إيران وإسرائيل في الحرب القادمة
- علييف يطالب روسيا بالاعتراف بإسقاط طائرة أذربيجانية العام ال ...
- كاتس: لا نثق بالشرع ومنطقة جنوب سوريا ستبقى منزوعة السلاح
- إسرائيل تنفذ عمليتي اغتيال منفصلتين في جنوب لبنان


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - العراق والربيع العربي : مخاوف وتشكيك