أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - العراق الجديد: المخاض السياسي العقيم














المزيد.....

العراق الجديد: المخاض السياسي العقيم


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 3050 - 2010 / 7 / 1 - 23:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



سبع سنوات عجاف، مرّت على سقوط النظام الديكتاتوري في العراق والشروع في بناء نظام تجريبي جديد على أنقاضه، وصف بالديمقراطي والتعددي من الناحية النظرية على الأقل . وقد فتح سقوط النظام السابق، معارك كبرى على وراثته، لم تزل مفتوحة، بين القوى السياسية والإجتماعية التي همّشها لعقود طويلة، وكانت الآمال المعقودة في بادئ الأمر، والتفاف قطاعات واسعة من الرأي العام العراقي التي يئست طوال تلك العقود من إمكانية إيصال صوتها وإحترام كرامتها ووجودها ومصالحها بالطرق السلمية، حول الوضع الجديد، كبيرة وواسعة وتجلّت في أكثر من مناسبة سياسية، تتطلّع من خلالها الى تقدّم وإستقرار الأوضاع ونزع فتيل العنف والتوتر والعداء وتراهن على المنافسة السلمية وتعلّم أسلوب التسويات والمفاوضات الجماعية للوصول الى الأهداف، ووضع حدّ نهائي للسطو المنظّم على الدولة والموارد الإجتماعية الذي بات من العسير كشفه ومحاسبة المسؤولين عنه وإحالتهم للقضاء، ضمن إستمرار وتفاقم العنف والفوضى والفساد والإرهاب وتمديد وتجديد مناخ الحرب والمواجهة وعدم الإستقرار .

وإن كان التلكؤ في عملية إتخاذ القرارات الحاسمة في المنعطفات السياسية، لا يعبّر عن الإرادة العامة بقدر ما يعكس الأهواء والرغبات الخاصة بهذا الزعيم السياسي أو ذاك في الإصرار على المواقف والتشبث والتمسّك بالمناصب العليا للدولة وتحويل السياسة الى لغة الحصص والنسب وتوزيع المغانم، ويهدّد دوريا بالإنهيار الشامل للعملية السياسية برمّتها، فهو يعبّر في حقيقة الأمر، عن التجسيد الحي والملموس للقصور السياسي والأخلاقي للجماعة السياسية في أغلب رموزها ويعكس جوهريا ضحالتها وعدم نضوجها، ويوفر الذرائع القويّة لمبدأ فرض الحماية والوصاية المقنّعة وإستمرارالإشراف الدولي من قبل دوائر القرار والسياسة الغربية على منطقة تشكّل بؤرة مصالحها الإستراتيجية الكبرى .

وهي حين تؤكد وتكرّس القناعة العميقة والراسخة لدى تلك الدوائر التي كانت ولا زالت لا تشجّع في واقع الأمر على التحوّلات الديمقراطية الحقيقية التي تفضي الى سيادة المجتمعات على ثرواتها وإمتلاك أفرادها لشروط ممارسة الحرّية كقيمة تربوية وذهنية تأتي مع وفي سياق البناء الديمقراطي العام، ولا معنى ولا جدوى لأي بناء بدونها ، تعمل بوعي منها أو بدون وعي، الى خدمة أغراض دوائر القرار وأهدافها الإستراتيجية البعيدة وتلبّي في الوقت نفسه حاجتها الآنية الى وكلاء محليين من أجل ضمان مصالحها وتجديد الشراكة وتقاسم النفوذ والمصالح معهم .

وعندما نتحدّث اليوم عن "الدولة ـ الوكالة" ، فإننا ننطلق من أمرين أساسيين ، أولهما: واقع التفكك السياسي القائم والصراع الداخلي العميق بين أقطابه ورموزه القيادية التي لا تفتقد للرؤى والتصورات والبرامج الوطنية القادرة على إنتشال البلاد من أزماتها العديدة فحسب، وإنما تفتقد أيضا لحسّ المسؤولية التي أحالت الأوضاع الى فوضى عارمة، من دون نظام ومن دون أي نموذج تنظيمي فاعل ومعروف وواضح الأهداف والتوجهات .
وثانيهما: عجز الدولة بعد مرور سبع سنوات، عن توليد الشعور بالولاء المدني الشامل للمجتمع بكل مكوّناته بدلا من أشكال التضامن الديني والمذهبي والطائفي والأثني والتي مازالت هي الوقود الحقيقي للماكنة السياسية الفاعلة في الساحة العراقية .

وهذان الأمران ، إذ يشيران الى الإستمرار التقليدي الخطير لإنفصال الدولة عن المجتمع ومصادرتها لصالح نخب حزبية غالبا ما تختصر بزعامات فردية تطغي على الروح الجماعية في القيادة والقرار والعمل السياسي وتعدد الآراء والتصورات ، فهما يؤكدان في نفس الوقت على الإهمال الشديد للمجتمع وعدم الإشتغال لحظة واحدة على الآليات السياسية الموضوعية والضرورية لإعادة اللحمة الإجتماعية الممزقة وبناء الولاء المدني والوطني العام والجامع .

إنّ عقم النخب السياسية العراقية ، وعجزها عن الدخول في أسلوب للتفاهم وإدارة الحوار والسيطرة على الصراعات ومن ثم التوّصل الى الإجماعات اللازمة والأولية للبناء الديمقراطي ، لا ينجم إطلاقا عن قصور المجتمع العراقي في توليد كفاءات وطاقات سياسية وإقتصادية وعلمية وثقافية وفنية وفي مختلف الإختصاصات والميادين الأخرى ، وإنّما ينجم القصور في عجز الأحزاب السياسية عن توليد نخب ديمقراطية حقيقية من بين صفوفها ، الأمر الذي يدفعنا اليوم الى السؤال الذي لا مهرب منه : على أي أسس ومعايير تقوم النخب السياسية والإجتماعية والثقافية والدينية والمدنية والعسكرية عندنا، ويتّم على ضوءها تقديم أفراد على آخرين ؟ . وحين نجيب على هذا السؤال ، لا يعود من المستغرب إطلاقا أن رجلا ريفيا وشبه أمّي كصدام حسين، إستطاع أن يتسلّق كل الحواجز يوما ويدمّر حاضر العراق ومستقبله معا .



#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواطنون أم رعايا أم رهائن ؟
- المحنة العراقية المستمرّة
- العراق الجديد : الدولة الحديثة والمجتمع القديم
- العراق الجديد : مصير التحوّلات الديمقراطية
- العراق الجديد : الصراع بين القديم والأقدم
- حول الإنتخابات العراقية المقبلة وهمومها الكثيرة
- العراق الجديد والطريق الطويل الى الديمقراطية
- العراق الجديد : مرحلة جديدة على الأبواب
- الديمقراطية والمدنية في العراق الجديد
- الأزمات المستعصية القديمة في العراق الجديد
- ساسة وأحزاب في عراق العجائب
- ديمقراطية مقابل الدماء
- العراق الجديد يجرب كل الحلول الخاطئة قبل الحل الصحيح
- العلمانية والديمقراطية ومأزق العراق الجديد
- في الدين والدولة والعلمانية
- في اشكالية الدين والعلمانية
- التعصب الديني والعلماني وجهان لعملة واحدة
- العلمانيون القدامى والمتعلمنين الجدد
- علمانيون ضد العلمانية
- العراق الجديد الى أين ؟


المزيد.....




- مصر.. علاء مبارك يعلق على ما قاله محمد متولي الشعراوي لوالده ...
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- البنتاغون يعلن عودة 2000 جندي من قوات الحرس الوطني المنتشرين ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو أعطى مرونة أكبر لفريق التفاوض
- خبير إسرائيلي: انتقام خامنئي يقترب ومخاوف من عودة الحرب مع إ ...
- حرب أوكرانيا.. لماذا وضعت -مهلة الـ50 يوما- -صقور روسيا- من ...
- ما هي صواريخ “باتريوت” التي تحتاجها أوكرانيا بشدة لصد الهجما ...
- إسرائيل تعد بوقف الهجمات على الجيش السوري جنوبي البلاد
- مهلة -نهائية- لإيران لإبرام اتفاق نووي.. وتلويح بـ-سناب باك- ...
- إسرائيل تنشئ نقاطا جديدة وتُمهّد لبقاء طويل في غزة


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - العراق الجديد: المخاض السياسي العقيم