أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - الثقافة في العراق : معركة مفتوحة أبدا














المزيد.....

الثقافة في العراق : معركة مفتوحة أبدا


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 3238 - 2011 / 1 / 6 - 23:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الثقافة في العراق : معركة مفتوحة أبدا


لا يعبّر الإصرار على تعطيل دور الثقافة في المجتمع العراقي والتمديد المتواصل لدمجها وإحتوائها عن طريق السياسة ونزاعاتها التي لا تلبث دوريا أن تفيض عن حدودها وتتجاوز ضفافها الحزبية لتغرق معها كل الحقول الإجتماعية الأخرى، عن المخاوف المستترة للكثير من أقطاب ورموز القوى السياسية المتنفذة هذا اليوم، ولا عن الإنكار لطبيعة الوظيفة الثقافية وأهميتها في تقريب وجهات النظر المتباينة وأساليب التفكير بين الأفراد والجماعات فحسب، وإنّما هو أيضا، تعبير واضح عن إستمرار إحكام القبضة السياسية على واحدة من أهم الميادين الحيوية التي يسعى من خلالها المجتمع الى فهم التحوّلات الجارية من حوله على الاصعدة المحلية والإقليمية والدولية معا .

وإذا كان الإعتقاد السائد لدى كل طرف من الأطراف السياسية المتنازعة، بأنها هي أولى من غيرها في التصدّي لمهام إعادة التثقيف والتعليم والتوجيه للأجيال الجديدة حسب مقاساتها التي تنتقي من المخزون الثقافي ـ التاريخي الواسع والمتنوع للشعب العراقي ، ما تراه مناسبا فقط ، مع توجهاتها السياسية ، وتلفظ وتزدري وتهمّش، ما يراه غيرها من قيّم وتصورات وصيغ ومعارف، فإننا سنكون عندها على شفا كارثة ثقافية كبرى سوف تأتي على آخر ما تبقى من معان للوجود الجماعي المشترك، بالإضافة الى أنّ هذا الإعتقاد القاصر شكلا ومضمونا، لمفهوم الثقافة، يتنافى تماما مع مجمل التاريخ الثقافي الإنساني في كل العصور والأزمنة، ولا يؤدي في نهاية المطاف كما هو معلوم، إلاّ الى المزيد من التراجع والتدهور والإنحسار في دور ووظيفة الثقافة الأساسية، بإعتبارها النقيض المباشر للعنف وسيادة قانون القوة الذي يوشك أن يكون المعيار الأوحد لخضوع الأفراد والجماعات وضمان ولاءهم وتبعيتهم لهذا الفريق السياسي أو ذاك .

فالثقافة لم تكن ولا يمكن لها أن تكون، مجرد مستودع للقيم والمعايير الثابتة والأزلية التي يتحدّد على ضوءها تفكير وسلوك الأفراد بغض النظر عن إنتماءاتهم الدينية والمذهبية والأثنية المتعددة، وبغض النظر عن طراز عيشهم وملبسهم ومأكلهم وأهدافهم ورغباتهم وميولهم الشخصية، كما لا يمكن إطلاقا، عزل الثقافة، مهما بلغت درجة خصوصيتها، عن محيطها وطابعها الإنساني الشامل، بل هي لا تصبح ثقافة خاصة بوجود إجتماعي حيّ وقائم، ما لم تتفاعل دوما وتتجدّد بإستمرار، وتتواصل وتتبادل التأثير، مع سواها من ثقافات موازية وسائدة في عصرها كي تفهم لغته ومفرداته وتواكب مسيرته وإنجازاته في مجالات الفنون والعلوم والآداب وفي سبيل تقليص الفجوة المعرفية التي تفصلها عن عالم اليوم، نتيجة الثورة المعلوماتية الهائلة والتي شملت جميع الفروع والحقول والميادين .

وإذ تعمل السياسة العراقية هذا اليوم، كما عملت في الماضي الديكتاتوري، على إستبعاد دور الثقافة من الحياة الإجتماعية، وتكريسها وإقتصارها على عنصر واحد ومحددّ من عناصر الثقافة الواسعة والغنيّة، إن كان ذاك العمل يجري بإسم الدين أو القومية أو التمجيد للقائد الضرورة، في مجتمع متعدد الأديان والقوميات، فإنّ نتائج عملها سوف يلحق الضّرر البالغ بالسياسة والثقافة معا، كما سيحرم المجتمع من حرية الإختيار داخل الثقافة الواحدة والجامعة، مثلما سيلحق الضّرر بالدين نفسه كعقيدة سامية، نتيجة الحمّى الهستيرية الراهنة لتسييس الدين وخضوع الكثير من فرقها وتلاوينها ومذاهبها ومراجعها ومريديها ومعتقديها التي يشكّل التدّين الشعبي البسيط قاعدتها العريضة، الى إرادة الدين السياسي فقط ، والذي لا يرى من الدين كعنصر ثقافي، إلاّ ما يحقق أهدافه السياسية .

والثقافة، ليست دفاعا عن التهتّك والعدمية والحرّيات غير المشروطة وهي حالات إستثنائية ومعزولة وموجودة في كل المجتمعات ولا يمكن القياس عليها بأي حال من الأحوال، وليست كذلك نفيا للهوية الدينية والشخصية الوطنية وتعارضا مع قيمها ومبادئها وثوابتها، وإنّما هي لا تعني بالمعنى العميق لكلمة الثقافة، سوى أننا نعيش في هذا العالم الواسع ولسنا فيه لوحدنا .

وقد يكون من المفيد بهذا السياق، تذكير المصرّين على مناطحة صخور التاريخ، وعدم الإستفادة من دروسه القريبة والبعيدة، بأنّ الثقافة يمكن أن تضعف وتنحسر وتتراجع مؤقتا، بيد أنها ستبقى بمثابة الجذوة المتوقدة أبدا في ضمير الناس مهما علت تلال الرماد التي ستذروها رياح المستقبل في عالمنا العاصف بالأحداث والمتغيرات .








#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الجديد : التكتّم على النوايا والمخاتلة في المصالح
- العراق الجديد : تجفيف منابع الوطنية
- العراق الجديد : الإسلام السياسي والإسلام الصهيوني
- في أبعاد التضييق على الحريات في العراق
- العراق الجديد : القوى الديمقراطية وإتجاهات التغيير
- حيرة الدكتور كاظم حبيب وأشجانه العراقية
- العراق الجديد: المخاض السياسي العقيم
- مواطنون أم رعايا أم رهائن ؟
- المحنة العراقية المستمرّة
- العراق الجديد : الدولة الحديثة والمجتمع القديم
- العراق الجديد : مصير التحوّلات الديمقراطية
- العراق الجديد : الصراع بين القديم والأقدم
- حول الإنتخابات العراقية المقبلة وهمومها الكثيرة
- العراق الجديد والطريق الطويل الى الديمقراطية
- العراق الجديد : مرحلة جديدة على الأبواب
- الديمقراطية والمدنية في العراق الجديد
- الأزمات المستعصية القديمة في العراق الجديد
- ساسة وأحزاب في عراق العجائب
- ديمقراطية مقابل الدماء
- العراق الجديد يجرب كل الحلول الخاطئة قبل الحل الصحيح


المزيد.....




- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- السيسي يصدر قرارا جمهوريا بفصل موظف في النيابة العامة
- قادة الاتحاد الأوروبي يدعون إلى اعتماد مقترحات استخدام أرباح ...
- خلافا لتصريحات مسؤولين أمريكيين.. البنتاغون يؤكد أن الصين لا ...
- محكمة تونسية تقضي بسجن الصحافي بوغلاب المعروف بانتقاده لرئيس ...
- بايدن ضد ترامب.. الانتخابات الحقيقية بدأت
- يشمل المسيرات والصواريخ.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع عقوبا ...
- بعد هجوم الأحد.. كيف تستعد إيران للرد الإسرائيلي المحتمل؟
- استمرار المساعي لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران
- كيف يتم التخلص من الحطام والنفايات الفضائية؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - الثقافة في العراق : معركة مفتوحة أبدا