|
رد مطول على تعليق قصير
بشير الحامدي
الحوار المتمدن-العدد: 3470 - 2011 / 8 / 28 - 15:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رد مطول على تعليق قصير للرفيق نور الدين الخبثاني على مقال لي بعنوان في ثورة الحرية والكرامة المجلس التأسيسي ليس مهمة من مشمولات بقايا الدكتاتورية والقوى الليبرالية والإصلاحية منشور في الحوارالمتمدن بتاريخ 4 مارس 2011 وأعادت نشرة الرفيقة جنين مصطفى على صفحتها في فايس بوك التعليق
منشور على صفحة الرفيقة جنين مصطفى
http://www.facebook.com/profile.php?id=1038169319
إن الرؤية الواردة هنا تبدو بالرغم من طابعها الجذري في منحاه الثوري و كانها تفتقد الى توضيح ما به تمسك القوى الحقيقيّة للثورة, اي العمال و الفئات المهمشة بزمام الفعل الثوري الذي من شانه أن يقف في وجه قوى الثورة المضادية في مرحلة يحتاج فيها المسار الثوري الى وسائل ناجعة ,الى برنامج و خطة.. و إلاّ فسيبقى الأمر مرتهنا بصدف الحراك التلقائيّ للجماهير الذي تبيّن أن قوة أسوأ بكثير حتى من الليبراليين و الانتهازيين تتصيّد فرص توجيهه و استخدامه ألا وهي فلول خفافيش الظلام الديني؟؟؟
ــــــــــــــــــــــ
الردّ
المسألة ليست في البرنامج والخطة فقط. المسألة في القاعدة التي يستند إليها هذا البرنامج وهذه الخطة. البرامج والخطط ها أننا نراها بالعشرات ولكنها كلها برامج وخطط إصلاحية ديمقراطية برجوازية صغيرة لا تخرج في منتهاها عن الإلتزام بالأرضية اليمينية التي سطرتها بقايا الدكتاتورية. التراجع عن خط الثورة لم يحدث اليوم أو قبل شهر، التراجع حدث يوم 15 جانفي 2011 ، يوم رضيت هذه التي تقول عن نفسها أحزاب معنية بالثورة والديمقراطية وبالعمال والفئات المهمشة ، بإيقاف المسار الثوري وقبلت بالقاعدة الدستورية الساقطة كقاعدة للمرحلة ما بعد بن علي، يوم رضيت هذه الأحزاب والجمعيات والهيئات بالدخول لهيئة الإلتفاف والعمل في صلبها على أساس زعم وهمي أنها ستؤثر وتفتكّ أكثر ما يمكن من المكاسب . البرامج والسياسات المشاركة وغير المستقلة عن اليمين ،البرامج والخطط الإصلاحية البرجوازية الصغيرة هي التي أوقفت المسار الثوري.
الجماهير وبعد الإطاحة ببن علي كانت في حاجة لمن ينظمها ويعمل في صلبها ومعها على قاعدة برنامج مستقل عن الجبهة اليمينية، برنامج عمالي شعبي ديمقراطي .كان مطلوبا الدفع في اتجاه وضع ازدواجية السلطة ومعارضة قوى الثورة المضادة القائم على قاعدة الفصل 57 من الدستور، الذي سقط بسقوط الدكتاتور. كان المطلوب دفع الصراع إلى أقصاه ورفض كل حل على قاعدة دستور 59 الساقط ورفع راية الشرعية الثورية والتمسك بشعار الحكومة المؤقتة المشكلة من قوى الثورة . لكن للأسف تهاوت كل المقولات وسقطت كل الأقنعة عن اليسار الذي خير إما التردد أو الإنهزامية وقبل بسياسة الأمر الواقع التي فرضتها بقايا الدكتاتورية بدعم وتخطيط من الفرنسيين والأمريكان وغاب عن هذا اليسار حتى الدفع في إتجاه أن للثورة طابعا إجتماعيا ومعاد للإمبريالية.
كانت المهمة الرئيسية والمطلوبة في ذلك الظرف من القوى اليسارية هي تحقيق وحدة الجماهير وتنظيمها حول هذا برنامج ديمقراطي ثوري ومعاد للإمبريالية.
الاستقلال عن جبهة اليمين، والدفاع عن خط استمرارية الثورة، والعمل مع قوى الثورة الحقيقية من مجالس ولجان، وتفعيل الحركة النقابية ، كان من المفروض أن يكون خطا أحمر لا يجب التنازل عنه. ولكن لاشيء من ذلك وقع. ما وقع كان الرضا بأرضية الإلتفاف والعمل على قاعدتها . هذا الخطأ الإستراتيجي هو الذي جعل بقايا الدكتاتورية والرجعية عموما تنجح في فرض أرضية الإلتفاف.
كانوا يتعللون أيضا بأن الحراك عفوي لما انطلقت الإحتجاجات في 17 ديسمبر وان حركة الجماهير تلقائية وغير مسيّسة بينما كانت شعاراتها وأهدافها واضحة وقد زينوا بها بياناتهم بعد ذلك. فلول وخفافيش الظلام لم يكونوا موجودين يوم 17 ولا أيضا يوم 14 ولا أيضا بعده. هؤلاء جاء بهم الفراغ الذي خلفه اليسار. ثم لا يجب أن ننسى أن برنامج هؤلاء هو في الأخير برنامج لا يخرج عن الحلول التي تطرحها الإمبريالية اليوم في المنطقة . الإمبريالية لا يهمها بالدرجة الأولى من يكون جلاد للشعوب نيابة عنها. الليبرالي والإخواني في الأخير أحد أدوات الإمبريالية. كل برنامج وكل خطة لا تكون مستقلة عن هذين الاتجاهين لا يمكن أن تخدم في الأخير إلا مصلحة البرجوازية المحلية و الإمبريالية . لم تعد المسألة الديمقراطية اليوم من مشمولات البرجوازية وكل معالجة صحيحة لها تمر سياسيا عبر النضال ضد البرجوازية بكل ممثليها . البرجوازية لم تعد معنية بالمسألة الديمقراطية كما التيارات الدينية . إن قوى سياسية وطبقية جديدة هي المطروح عليها إنجاز هذه المهمات. إن إنجاز ذلك ليس كل برنامجها بل هو نقطة من نقاط برنامجها الأشمل نقطة تنجز عرضا في إطار النضال من أجل سلطة بديلة عمالية شعبية ومجتمع يقطع مع التبعية والإرتهان للإمبريالية. هذا هو طابع ثورة الحرية والكرامة وهذا هو برنامجها.
لم تعد جل الأحزاب، بما فيها أحزاب اليسار الانتهازي التي انخرطت في مسار الالتفاف وأدارت ظهرها للثورة وحصرت مهماتها في مجرد انتخابات نيابية على أرضية فصّلتها قوى الثورة المضادة والحكومة اللاشرعية معنية بالطابع الاجتماعي للثورة لا بمطالب الجماهير.
لم يعد يعنيها أن ثورة الحرية والكرامة قامت من أجل الحق في السلطة والثروة و الديمقراطية وأن الجماهير التي أطاحت بالدكتاتور وبحكومتي الغنوشي، كانت تطالب بإسقاط النظام وحلّ أجهزته وكنس الدكتاتورية، لا بالوفاق مع بقاياه.
تناست أحزاب اليسار الانتهازي، أن ثورة الحرية والكرامة قامت، لا لتُتَوّج بانتخابات لمجلس لن يفرز حسب الدينامية التي سينجز على أساسها، إلا برلمانا برجوازيا سيعيد توزيع الأدوار بين بعض القوى لقمع الشعب واستعباده في حريته وفي قوته، وأن الديمقراطية التي قامت ثورة الحرية والكرامة من أجل تحقيقها ليست الديمقراطية التي سترسيها انتخابات 23 أكتوبر، بل إنها ديمقراطية من طراز آخر تلبي حاجات الطبقة العاملة والفئات الشعبية العريضة التي لا تملك لممارسة السلطة، وتحقيق مطالبها في حل أزمة البطالة حلا جذريا، وفي تعليم مجاني شعبي ديمقراطي وعلماني، وفي السكن اللائق والصحة، وفي استرداد أموال الشعب المنهوبة والمؤسسات التي بيعت وفوت فيها للخواص محليين وأجانب بأرخص الأثمان، وفي محاسبة كل من أجرم في حق الشعب من أجهزة دكتاتورية بن علي.
لقد تناست هذه الأحزاب أن الديمقراطية التي يريدها الشعب هي ديمقراطية قاعدية مباشرة يمارسها عبر ممثليه، وعبر لجانه الشعبية المنتخبة قاعديا وديمقراطيا وبكل شفافية، وأن مهام الثورة لا يمكن حصرها في انتخابات ودستور برجوازي وإن هذا التمشّي يضلّل الشعب بتجاهله للجانب الاجتماعي للثورة وبحقّ الشعب في السّلطة .
لقد تناسوا جميعا أن الديمقراطية التي قامت من أجلها الثورة لا تفصل بين السياسي والإقتصاي فديمقراطية الأغلبية لابد أن تكون في تعارض مع شكل الدولة البرجوازي ونمط الاقتصاد الرأسمالي.
ـــــــــ
بشير الحامدي
28 أوت 2011
#بشير_الحامدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بشير الحامدي في حوار مفتوح مع القارئات و القراء حول: ثورة ال
...
-
ثورة الحرية والكرامة ما زالت مستمرة ومهمة إسقاط النظام مازال
...
-
حول المؤتمر الوطني لللجان و المجالس الجهوية و المحلية لحماية
...
-
تونس ليكون المؤتمر الوطنى للجان والمجالس المحلية والجهوية ل
...
-
الثورة في تونس:إصلاحات برجوازية أم تغيير جذري
-
في ثورة الحرية والكرامة المجلس التأسيسي ليس مهمة من مشمولات
...
-
الثورة في تونس مستمرة نعم ولكن كذلك قوى الثورة المضادة مازال
...
-
تونس من أجل توسيع حالة الفراغ من حول حكومة الغنوشي من أجل إ
...
-
الثورة مستمرّة وحكومة الغنّوشي تتخبّط في الفراغ والشّعب يمار
...
-
تونس حتى لا يقع وقف المسار الثوري وإجهاض الثورة
-
ثورة الحرية والكرامة في تونس مستمرة وبكل تصميم تكنس نظام الد
...
-
تونس كي لا نعود إلى وضع ما قبل الإنتفاضة
-
تونس إنتفاضة الحرية الحل لايكون إلا بكنس الدكتاتورية
-
تونس تجذر الإنتفاضة وإستمرارها هو الطريق لإسقاط حكومة الفسا
...
-
تونس إنتفاضة سيدي بوزيد إنتفاضة عفوية ولكنها رفعت عاليا راية
...
-
تونس تجمع عمالي وطلابي في بطحاء محمد علي بالعاصمة ومسيرة حا
...
-
إنتفاضة سيدي بوزيد في تونس طريق القمع طريق مسدودة لنفرض الح
...
-
تونس مدينة سيدي بوزيد في الوسط الغربي للبلاد التونسية تنتفض
...
-
حول موقف بيروقراطية الإتحاد العام التونسي للشغل من مشروع الح
...
-
من أجل معارضة نقابية ديمقراطية مستقلة وكفاحية لا تعيد إنتاج
...
المزيد.....
-
مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب
...
-
نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
-
سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
-
الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق
...
-
المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
-
استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
-
المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و
...
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي
...
-
الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|