أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند السماوي - المكارم الوطنية














المزيد.....

المكارم الوطنية


مهند السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3468 - 2011 / 8 / 26 - 18:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عام 2008 أقرت الحكومة العراقية مصطلح منحة الحكومة بدلا من منحة رئيس الوزراء مادامت المنح من المال العام!وهو قرار صائب بالطبع يهدف الى تحرير النفوس من آثار مرحلة الاستعباد الماضية المتعددة الاثار!... وكالعادة لم تستفق بقية الدول العربية الاخرى من هذا الانحدار المتذلل الذي تخلصت منه بلادا اخرى منذ فترة طويلة جدا،بل واستمرت في الخضوع لهذا التوجه الخاطئ قطاعات واسعة بغباء غير معهود اعطت من خلالها للحاكمين صلاحيات غير محدودة في العبث الغير مسؤول بالدولة وامكاناتها!.

من المصطلحات الهزلية التي شاعت في العقود الاخيرة( وما اكثرها!) وبخاصة المتعلقة بتوغل الطغيان والاستعباد في النفوس الحاكمة والمحكومة هو استخدام عبارات وكلمات لا تمت للواقع بصلة بل هي استغلال للمنصب في الدولة لاغراض شخصية ودعائية لغرض الثبات الابدي!...وهذه الظاهرة غير معروفة او لا يهتم بها احد في الدول المحكومة بنظم ديمقراطية حرة كما هو الحال في الغرب،بعكس الحال في العالم العربي الذي ابتكر الفاظ جديدة مثل منحة الملك او الامير او الرئيس او رئيس الوزراء بل وحتى الوزير ذاته!واصبح من خلالها البعض بحكم الضعف الثقافي واستقلاليته ينظر اليها على انها حقيقة واقعية وليست غريبة على اعتبار ان المال العام بل والشعب كله تحت تصرف الزعيم بل وملكه ايا كان!.

قد نفسر القبول بهذا الوضع وبترديد تلك المصطلحات بالجهل والتخلف والاستعباد الذاتي للحاكم،ولكن الامر لا يقف عند هذا الحد بل نرى اكاديميون وكتاب وخريجو مؤسسات التعليم العالي ومثقفين يرددون كالببغاوات وبطريقة مستهجنة كأنهم صغار يتلقون الموروث دون البحث عن ماهيته ودقته وصدقيته! ان ذلك هو امر مفزع حقا ولا يمكن تبريره حتى لو كان السبب هو الخوف من سطوة الطغاة وحواشيهم!.

قد يرى البعض مبررات هزيلة للدول ذات النظم الملكية واشباهها ولكن الدول ذات النظام الجمهوري التي هي مختلفة والتي انزلقت انظمتها لاحقا نحو الاستبداد والوراثة السياسية،لم تكن مستثناة من تلك الظاهرة الغريبة الدالة على ضعف وعي واستلاب ذاتي للسلطة الغاشمة،بل وتجاوزتها بمراحل عديدة! فقد استخدمها البعض مثل نظام صدام البائد في العراق بكثرة غريبة حتى نفرت الناس من التكرار الممل لتلك الالفاظ الدالة على استحلال اموال الشعب وجعلها بيد الحاكم ليعمل بها مايشاء ومن ضمنها تقديم المنح بل واصبحت كل قرارات الدولة وعطاياها لاتباعها هي منح ومكارم صادرة من ابو المكارم الاخلاقية التي لا يصل اليها الا ذو حظ عظيم من الارهاب والخبث وصيد الفرص المتيسرة للوصول الى مبتغى السيطرة الشاملة وهذه الحقيقة يمكن تطبيقها بدون حرج على اي بلد تشيع فيه تلك التصرفات والطبائع الدالة على انحدار كبير في المستوى المقبول للانسان الحر!.

ان عدم استخدام الفاظ دالة للتمييز بين المنح الحكومية والمنح الخاصة وبخاصة في ظل التداخل في استخدام الموارد اللفظية والمقاصد الظاهرية والباطنية لنفس المصطلح للدلالة،جعل الحيرة ظاهرة وبخاصة في ظل التقليد الاعمى للغالبية لنفس النصوص المقروءة والمسموعة والمرئية،وبالتالي فأن تلك الجموع الغافية او الفاقدة للحدود الدنيا لمستلزمات الوعي المستقل هي نتيجة طبيعية بفعل حالة فقدان الذات وحريتها ونكون بالتالي في حاجة ماسة لتأسيس ثورة فكرية حقيقية غير خاضعة الا للشعب نفسه وتكون كوادره الطليعية هي المسيرة لعملية التصحيح الحضارية!.

ان شيوع الفاظ تلك الردة هي دلالة على الفشل الحقيقي في اثبات ان الثروات الوطنية هي ملك خاص للشعوب ومن ارضها ولا يحق بالتالي لاي نظام او فرد ان يبجل حاكمه على حساب قول الحقيقة الوطنية القائلة بضرورة الفصل بين الوطن ككيان منفصل لا تربطه رابطة بالحاكم الفاقد للشروط السياسية لغرض الحكم!.

لقد ساهم الاعلام العربي،الرسمي والشعبي الى حد ما في ترسيخ ثقافة المكارم الرسمية وصبغها بلون شخصي دال على كرم خرافي لا محدود! وهذا الاعلام الذي ينقل امثال تلك الترهات والاكاذيب،هو يعبد الطريق نحو الاستعباد كثقافة وقيم وسلوك،ويساهم في ترسيخ جذوره المقيتة في صفوف الامة وجعلها هزيلة لا حول لها ولا قوة وتقبل كل شيء يعرض عليها!...ان ذلك يستدعي التصدي الحاسم والشجاع لو ارادت النخب الحرة والمثقفة التي تعي تلك الحقائق المروعة وتخاف التصدي لها في مرحلة الخيار بين البقاء والابادة! فالعالم الان اصبح قرية صغيرة تراقب كل حركة فيه مهما كانت بسيطة!.

ان الحاجة ماسة لبناء ثقة ومصالح متبادلة بين الاطراف الوطنية كافة،والتوجه بعد ذلك لتأسيس ثقافة وطنية وعالمية انسانية خالصة تمنع تسرب الافكار والمناهج المخالفة التي دمرت البلاد واهلكت العباد وجعلتنا اضحوكة الامم في زمان لا يرحم الساكنين خارجه في كهوف النسيان!.



#مهند_السماوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انهيار الامن الفكري
- الجمود الثوري
- الاستفتاء الخاوي!
- تآكل تصدير البترول!
- الفراغ المفتوح
- من يعوض من؟!
- آيات القرمزي:ذلك الرمز الخالد
- راعية الطغيان
- مذكرات من بيت الاغتراب 8
- الفرصة الاخيرة
- الرموز الخالدة
- اطفال تحت التعذيب
- السخاء بين العرب والغرب
- الاستغباء السياسي
- الشجاعة الانثوية
- مذكرات من بيت الاغتراب 7
- الازدواجية الانتقائية
- جيوش القهر!
- مذكرات من بيت الاغتراب 6
- مراجعات في الاحصائيات


المزيد.....




- خبير: الكرملين لا يسعى لإسقاط النظام الإيراني بل يراهن على ج ...
- في ملجأ محصن.. خامنئي يعزل نفسه ويحدّد خليفته تحسبًا لاغتيال ...
- القبض على أول شخص من عائلة بشار الأسد في سابقة أمنية لافتة ب ...
- تل أبيب تصعّد حملتها ضدّ المنشآت النووية ال?إيران?ية وتلوّح ...
- مساعدات التنمية: ألمانيا تقلص الإنفاق على الناس الأكثر فقراً ...
- فرنسا: المنطاد الأولمبي سيعود للتحليق في سماء باريس بعد تحول ...
- بالأرقام.. هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس
- عبر الخارطة التفاعلية.. آخر التطورات في المواجهة الإيرانية ا ...
- ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع ...
- الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند السماوي - المكارم الوطنية