أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل عبد الأمير الربيعي - من ذاكرة الديوانية.. مرقد السيد أبو شميلة















المزيد.....

من ذاكرة الديوانية.. مرقد السيد أبو شميلة


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 3461 - 2011 / 8 / 19 - 13:08
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



((إن التديّن ظاهرة اجنماعية عامة موجودة في جميع الشعوب , حتى أشدها بدائية, ولم يجد الباحثون في أية بقعة من بقاع الأرض شعباً ليس لهُ دين على وجه الوجود, ويعزى ذلك إلى إن الإنسان مهدد بالأخطار ومحاط بالمشاكل دائماَ , وهو إذن في حاجة إلى العقائد والطقوس الدينية لتساعدهُ على مواجهة تلك الأخطار والمشاكل وتبعث في نفسهُ الطمأنينة اتجاهها)) . د. علي الوردي لمحات ج5
يمكن القول إن الإنسان حيث يواجه الأخطار في حياته , يبدأ بالتفكير في طريقة ما لتنقذهُ , ومنها اللجوء للعقائد والطقوس الدينية للاستعانة بها لمواجهة الحياة أو الأخطار , كما أن أكثر الناس البسطاء في تفكيرهم في حاجة لبعض الطقوس في حياتهم اليومية لينقذوا أنفسهم من مشاكل وأمراض وعاهات وخيبة أمل ومخاوف من الخطر الذي يهددهم , والخوف من الذنوب التي اقترفوها في شبابهم تراهم يصلًون ويحجوًت ويزورًون المراقد المقدسة ويقرءون الأدعيًة ويكثرون من التسبيح.
من أبناء الديوانية وسكنة الصوب الصغير (صوب الشامية) شخص يدعى باسم (ابن دبة) لقد تعرفت علية من قرب بسبب علاقتهُ بالوالد رحمهُ الله, هذا الشخص قصير القامة اسمر وبسيط , يمتلك شاحنة قلاب في فترة الستينات , التقاءهُ كان في مكتب دلالية الأخوان حميد وحسن وحسين الخزرجي , في صوب الشامية قرب مقهى اللواء, في السابق كان سائق عربة تجرها الخيول , ثم أصبح سائق سيارة , ثم مالكاُ لأكبر كراج للسيارات في المدينة , بسبب تفكيرهُ التجاري أصبح يطمح للأكثر , علماً إنهُ عصامي وأمي , طموحهٌ شجعهُ على تحويل قسم من ثروتهُ إلى صناعة الطابوق , فشيد عدة كور لصناعة الطابوق على طريق الديوانية الشامية , ولكن كان بقرب هذه الكوًر قبر لسيد يدعى ( أبو شميلة) لكن لا نعرف نسبهُ واسمهُ ولأي إمام ينتسب , قد يكون لأحد أبناء المنطقة للإسترزاق منهُ فقد كثرة هذه القبور لغرض المعيشة , حيث يذكر( الدكتور علي الوردي في أحد مناطق الفرات قبر لسيد يدعي القائمين عليه للإمام موسى الكاظم , يدعى (صكبان) وهذا الاسم في اللغة العربية من أسماء الكلب فكيف لإمام يسمي ابنهُ هذا الاسم) , يعتقد أكثر ابناء المنطقة إن السيد( ابو شميلة) يرجع نسبهُ لرجل صالح, فشيد أبناء المنطقة (صريفة) على القبر (الكوام)من القائمين على القبر, للإرتزاق من الزوار المتبركين بهذا القبر.
كان يعمل مع إبن دبه سائق بغدادي يدعى مجيد خضير , ومن مساويء الصدف تتعطل سيارتهُ دائماً قرب قبر السيد( ابو شميلة )أكثر من مرة , مما تعقد هذا الشخص من الحظ النحس, فدعاه رأيه لازالة القبر , أخرج حبلاً من سيارته وربطهُ بقضبان الصريفة بمؤخرة السيارة وتم سحبها وتعرية القبر , كما يؤكد هذه الحالة ( السيد عبد الكريم قطان في كتابه رحلة إلى الجنوب),فقد أتهم هذا السائق من أهل المنطقة لهذا الحادث بأنه شرب الخمر وفقد عقله , ومنهم من عزاها إلى شقاوة السائق مجيد خضير , فقد خاف أبن دبه من هذا الحادث , فنذر نذراً إذا كان عمل كوًر الطابوق جيداً وأغناه الله بفضل السيد ( أبو شميله) , سوف يبني قبة من الطابوق الأصفر فوق القبر بدل الصريفة , فقد حالف الحظ ابن دبه , لجودة إنتاج الطابوق الأصفر , فأوفى بنذره ,واعتقد بعض بسطاء الناس إن( أبو شميلة) أعطى مراد إبن دبة , فبدأت الزيارة والسفرات العائلية لقبر هذا السيد مساء كل خميس , بفرش الموائد وتناول العشاء قرب القبر , ومن القرويين من يجلب الطبلة والمزمار للتجوال والغناء الريفي , لكن في أحد الأيام نتيجة لمشادة كلامية بين زوار القبر قتل أحد الزوار من أبناء الديوانية , فمنعت حكومة المدينة هذه المراسيم حول القبر , فاتجه الناس البسطاء لزيارة قبر سيد آخر يدعى (أيوب) , هذا القبر واقع على طريق الديوانية الدغارة , فأخذت النساء تلوذ بالقبر طلباً للمراد ودافعات النقود إلى(الكيم) المقيم على المزار , تاركات بيوتهنً والأزقة الضيقة في مناطق( الجديدة والفاضلية وصوب الديوانية) وبعض الأحياء الأخرى, للانطلاق للزيارة والتسامر والضحك , فالأطفال تلعب مسابقات الجري وتطيًر الطيارات الورقية , هذا في أيام العطل , ولكن عند عودتهم إلى الأزقة كانوا يجوبونها مرددين ومتذكرين ابن دبة( هذا لوري إبن دبة ..بال أو بلل الكبة) أي الغرفة , و أطفال آخرين يرددون ( أبو شميلة ظرط وأيوب غناله).
كانت لأيام العيد أهمية لزيارة المراقد لدى هذه المدينة الطيبة , ومنها مرقد السيد ( زيد النار) ابن الإمام موسى الكاظم ويطلق عليه أبناء الديوانية أبو الفضل , حيث ثار على الحكم العباسي في مدينة البصرة ورحل منها حيث وافاه الأجل في مدينة الديوانية فدفن في أطرافها, أخذت العوائل الفقيرة تدفن موتاها وبعض الموتى من الأطفال في مقبرة مقابل قبر الإمام , حيث أتذكر في عام1965 توفى طفل لجيراننا السيد سعيد أبو عمية يدعى زمان فدفن في مقبرة السيد محمد الياسري مقابل مزار أبو الفضل , كانت وفاته نتيجة لدغة أفعى وهو يلعب في دارهم . كان قبر أبو الفضل متواضعاً تعلوه قبة قد اكتست بالكاشي الكربلائي الآزرق , ويحيط بالقبر من الداخل قفص خشبي بارتفاع مترين ثم استبدل بقفص معدني , والأن تم الاهتمام بتطوير وتوسيع هذا القبر ,حيث اهملت الخدمات للمدينة بسبب تولي الحكومة المحلية في المدينة من قبل التيارات الاسلاموية , التي تهتم بالطقوس الدينية وتهمل الجوانب الخدمية الأخرى.
يأم هذا المزار الزوار يوم عاشوراء ويوم العاشر من محرم , إذ نذهب ونحن أطفال في ستينات القرن الماضي لمشاهدة مواكب (التطبير) ضرب الرؤوس بالمديات الحادة حزناً لسيد الشهداء الحسين (ع) , كانت المواكب تدار من قبل بيت أبو شواب في الصوب الصغير وبيت منديل الغنام, ثم في الثالث عشر من شهر محرم تأخذ المواكب لتشبيه دفن الأجساد بالسير مشياً من مركز المدينة إلى قبر الإمام أبو الفضل لتصوير الفاجعة على شكل تمثيلية , حيث تحضًر الجثامين على شكل ألعاب تخيط من القماش الأبيض وتحشى بمادة التبن وتصبغ باللون الأحمر وتطين النساء والرجال والأطفال رؤوسهم ووجوههم وملابسهم حزناً على استشهاد أحفاد الرسول(ص), فيبدأ التشييع لحين الوصول إلى مزار الإمام أبو الفضل, ثم في المساء تعةد العوائل إلى بيوتها يطوقها الحزن والأسى.
وبدورنا نقول إن سلاح التخلف والتمسك بالمقدس من قبل الفرد العراقي والعربي وابتعاده عن كل ما هو علمي , هو سبب تردي الحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافي والفكري في البلد , هنالك أنواع من التزييف والاستلاب التي تفرضها الايديولوجيا الدينية على الإنسان العراقي والعربي, وأشار المفكر منح الصلح إلى هذه الظاهرة وشخًصها بوضوح إذ يوضح العلاج: (غيًر أوضاع الإنسان الاقصادية والاجتماعية يتغير الإنسان), ولكن لا بد من أن يكون هناك جهد فكري وثقافي مواز للجهد الاقتصادي والاجتماعي كي نعجل في تحقيق التجانس بين الفكر والمصلحة التي يمثلها, وكذلك لم يصدر أي توجه عميق إلى عقل الفرد وضميره لذلك لم يتغير هذا العقل وهذا الضمير بنسبة ما تغيرت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية, ثم وضعت كافة العراقيل والموانع و المتغيرات من قبل الإسلام السياسي , الغرض ليبقى الفرد العراقي مغلق التفكير ويرفض التغيير, والساسة من الإسلاموين ينهبون أموال البلد بشتى الطرق, وضمير الإنسان العراقي وعقله المغيب متمسك بالغيبيات ولذائذ الحياة في الآخرة.



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليهودي العراقي مناحيم دانيال .. وقصة جدول اليهودية في الحلة
- حادثة طفلة تنتحر وهي في عمر الزهور لمشاهدتها مسلسل الرعب
- فتوى غريبة بجواز أكل لحم الجان
- الأحاديث ودورها في الحث على العنف في المجتمع
- من الثورات المغيبة في التأريخ الاسلامي ......ثورة الزط والخل ...
- الغجر جزء من المكوًن الاجتماعي العراقي
- الناشطة هناء أدور تجمع بين خيط الحرير وصلابة حجر الماس
- فن العمارة في مدينةالديوانية
- من ذاكرة الديوانية....دور الرعيل الأول والثاني في نشأة الجيل ...
- من ذاكرة الديوانية.... أهل الشط(مدينة النضال والكفاح)
- كواكب تضيء سماء مدينة الديوانية..الشهيد وسام حسون صالح الكرو ...
- نجم آخر يتألق في سماء مدينة الديوانية...الشهيد رافد حنتوش
- من ذاكرة الديوانية.. ساعة القبض على الجاسوس الكولونيل لجمن(3 ...
- من ذاكرة الديوانية.. ساعة القبض على الجاسوس الكولونيل لجمن(2 ...
- من ذاكرة الديوانية..ساعة القبض على الجاسوس الكولونيل لجمن (1 ...
- كواكب تضيء سماء مدينتي الديوانية
- تارا الجاف....قيثارة سومر الدافئة
- الدستور العراقي بين الحكومة الذكوريه وإهمال المرأة
- فاجعة فرهود اليهود وحركة رشيد عالي الكيلاني عام1941 (2)
- الصحفي والإعلامي عدنان حسين للحديث عن الإعلام والحركات الشعب ...


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل عبد الأمير الربيعي - من ذاكرة الديوانية.. مرقد السيد أبو شميلة