أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائشة التاج - حرق الذات ....اليأس الصارخ















المزيد.....

حرق الذات ....اليأس الصارخ


عائشة التاج

الحوار المتمدن-العدد: 3451 - 2011 / 8 / 9 - 20:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حرق الذات ....اليأس الصارخ:
يحظى الكائن البشري بقداسة تنم عن قيمته الاعتبارية كمخلوق من النوع الراقي ضمن باقي المخلوقات .... ومن ثم راحت كل المنظومات الأخلاقية :سواء منها ذات الطابع الديني أو القانوني أو العرفي تقنن سبل التعامل معه بما يضمن كرامته البشرية ويصونها من كل أشكال الامتهان والإذلال وسوء الاستعمال .
من هنا كانت للكائن البشري ،على الأقل نظريا ، ،نوع من الحرمة تحيط جسده وروحه بسياج من الاحترام والتقدير ويعتبر أي خرق لهذا السياج مس بالكرامة البشرية .
ولعل من أهم مقومات هذه الحرمة هو حرص بعض الديانات على اعتبار الجسد البشري
مجرد أمانة بين يدي حامله ، فهو مطالب برعايتها وحمايتها وفق تعليمات سماوية
إلى أن تاتي لحظة الموت الدنيوية ،حيث تنطفيء شعلة الجسد ويستعيد الخالق "الروح"
ليزج بها في عالم آخر لا زال في عالم الغيب بالنسبة لإنسان لا يملك من العلم إلا قليلا .
من هذا المنطلق حرم الدين الإسلامي فعل الانتحار ،واعتبره خرقا سافرا للتعليمات الإلهية منذرا الفاعل بعقوبات قاسية .
الانتحار الذاتي جواب سلبي عن سياسات لا أخلاقية:
من منظور أخلاقي "صرف" يكون حرق الذات "فعلا لا أخلاقيا " لأنه تحدي سافر للتعليمات الدينية .....لكن ما وراء هذه القراءة اللاهوتية لفعل الحرق الذاتي "ماذا عن الأبعاد السيكوسسيولجية المؤدية لفعل يائس بحجم هذه الشناعة الصارخة ؟
من منطلق الاخلاق دائما لا شك أن من مسبباته الرئيسية جملة من الأسباب المناقضة للمنظومة الخلقية المتوخاة . إنها المهانة والإذلال والتهميش الناتج عن المحيط المباشر أو غير المباشر للمعني بالأمر والذي غالبا ما يتسم بالشطط والاستبداد والانحراف عن المرتكزات الخلقية التي من شأنها ضمان حياة مجتمعية كريمة و كذا انحسار القدرة الذاتية على تحمل هذا العناء المتراكم والاستمرار البئيس في التكيف مع مختلف ملابساته المعقدة التي قد تتجاوز الحمولة النفسية لإنسان ما فتيء يواري ضعفه وهشاشته أمام شلالات متعاقبة من المعاناة تراكمت حتما على أكثر من مستوى .
ليس صدفة أن تظهر بوادر هذا الفعل الشنيع في بلدان تتسع فيها دائرة الظلم والحكرة
وتنعدم فيها شروط العدالة والمساواة الضامنة الوحيدة لحياة كريمة سواء على المستوى الاجتماعي أو الفردي .
الحرق الذاتي : الانبثاق والتواتر.
داخل السياق العربي ظهر هذا الأسلوب الاحتجاجي ضد الشعور بالمهانة والتهميش
منذ مطلع الألفية الثالثة في المغرب العربي بالتحديد انطلاقا من الجزائر ،مرورا بالمغرب
و موريطانيا قبل أن يعرج على تونس ويكون المنطلق لما يسمى هنا والآن بالربيع العربي الذي أزهر ثورات ضد شروط عيش مهينة لأوسع الفئات أفرزها استبداد بالسلط والثروات وإمعان في البطش واستبلاد الشعوب واحتقارها .
تفيد قصاصات الأخبار بأن أول فعل للحرق الذاتي تم "بعنابة سنة" 2003 من طرف شاب عمره 23 سنة بعد محاولة سابقة تدخل فيها أناس و أنقذوه من هذه الفعلة فراوغهم وأعاد الكرة القاضية.
ثم تكرر هذا الفعل من طرف شاب يتراوح عمره ما بين 32 -29 سنة بحي بوعباس اسكيكدة .2008
لم تقف الفعلة في حدود الشباب ،بل تلقفت الفكرة امراة في سن 65 ،لم تنفعها حكمة السن أمام حجم المعاناة واليأس ، لتقضي على حياتها احتجاجا على ظروف اعتبرتها خارج سقف التحمل .
وتوالت الانتحارات العلنية ببترول يشكل الثروة الرئيسية لبلد المليون شهيد الذي ما فتيء جنرالاته يكدسون الثروات على حساب حاجيات ساكنة يخترقها الفقر والتهميش وخصوصا الشعور بالظلم والمهانة .
بالمغرب : في سنة 2010 قام مجموعة من الشباب المجازين بمحاولة انتحار جماعي حرقا لذواتهم بالبنزين وقد أنقذهم رجال الإطفاء ثم استجابت الدولة لمطلب التوظيف من خلال توفيرها ل 1880 منصب شغل .
في تونس : حدثت محاولات متفرقة في حرق الذات وواراها النسيان قبل أن يأتي البوعزيزي في شروط ناضجة لثورة شعبية هادرة مدعومة بجيش عبر عن ولائه للوطن أولا ضد نظام الدكتاتور بنعلي معلنة بذلك انطلاق ثورات عربية لا زالت تتلمس طريقها نحو الاستقلال الفعلي من احتلال بالوكالة من طرف أنظمة لم تتقن شيئا مثل نهبها لثروات الأمة واعتمادها على آليات القمع والتدجين والولاء لغرب تعتمد عليه بشكل رئيسي في حماية كراسيها المهترئة من الظلم والشطط مقابل تمكينهم بالواضح والمرموز من مصالح ضخمة في المنطقة اقتصاديا واستراتيجيا .
الانتشار وليد للتمجيد :

وحيث أن تمجيد "البوعزيزي" كبطل لثورة الربيع العربي إعلاميا و رمزيا باعتباره كان تلك النقطة التي أفاضت كأس الغضب وحولته لتحدي هادر عبر الرقعة العربية و حتى غير العربية و لو بمستويات مختلفة فإن فعل الحرق الذاتي ما فتيء ينتشر في الهشيم المجتمعي الذي جففه الظلم والحكرة من خضرة الأمل في حياة كريمة فتحول إلى أسلوب احتجاجي هو في طريقه لأن يصبح ظاهرة تستحق الدراسة والتفكير والتأمل .
تبنت فدوى العروي " الأم المعيلة لطفلين بدون أب وهي في عمر 21 سنة أسلوب البوعزيزي في الاحتجاج ضد رئيس المجلس البلدي "لسوق السبت" وقائده الذين قدمت لهما شكاياتها المتعددة من اجل الاستفادة من السكن فأمطرها أحدهم بوابل من السب والشتم ككل مسؤول يحترم ضوابط مهنته المخزنية وذلك غداة انطلاق الاحتجاجات المغربية يوم 21 فبراير 2011 لتغادر الحياة يوم 24 فبراير 2011 .
فتحولت بدورها لرمز يلهب حماس المحتجين والمحتجات داخل حركة 20 فبراير المجيدة .
توالت المحاولات في أماكن مختلفة من المملكة الباذخة بأراضيها الخصبة وأسماك بحريها الشاسعين ومعادنها المتنوعة ومواردها المصادرة نهبا واحتكارا وجشعا وفسادا ... :. إنه الغضب الساطع ضد ظلام الظلم والحكرة ولو بشكل يائس وسلبي ...وفردي
كان آخرها ما تم في غضون الأسبوع الفارط ،حالتان تختلف من حيث الشريحة الاجتماعية لكن مصدر الشطط واحد ، شاب تاجر متجول في مدينة بركان تم الاستحواذ على ممتلكاته /بضاعته و من مزاولة نشاطه التجاري في الشارع العام مع سبه وشتمه و إشعاره بالحكرة كما حدث للبوعزيزي
ثم ضابط شرطة بمدينة خريبكة ضاق درعا بضغوطات مهنة أضحت أنشطتها تدخل خانة الالتباس في سياق مواجهات المخزن مع حركية مجتمع ما فتيء يطالب بحقوقه المصادرة منذ عشريات من الزمن بإصرار ارهق اجهزة الأمن وحولهم إلى ضحية لهذا الصراع اللامنتهي ....فهم ما بين المطرقة والسندان لأنهم جزء من هذا الشعب مهما تم غسل أدمغتهم وشحنهم بالكراهية والغل ضد كل من يتحرك ويطالب ...إذ لا يمكن حجب الشمس بالغربال فالحق واضح وضوح الشمس لأولي الألباب ...وذلك ما أودى بالبعض للحمق أو الاكتئاب أو الحرق كما فعل الضابط المذكور ناهيك عن الأمور التي لازالت
طي الكتمان .



حرق الجسد :احتجاج سياسي .
وإذا كان حرق الذات يستعمل من طرف فصيلة من البوذيين كإجراء تعبدي يدخل في صميم الطقوس الدينية ولو في شكلها الأقصى فإنه حتما خرق للتعليمات الإسلامية التي تحتفظ للجسد بمكانة مميزة تتجلى عبر الحث على حرمته ونظافته والاحترام المقنن لرغباته وحاجياته المختلفة .
وما بين هذا وذاك فإنه وجد لنفسه مكانا داخل حقل السياسة كأسلوب احتجاجي ذي نكهة دراماتيكية عسى أن تتحرك تلك الضمائر الميتة أمام هول أفعال من هكذا حجم ...
إنه احتجاج يائس ضد سياسات لم تتوفق في ضمان الحاجيات الأساسية المادية منها والمعنوية وعلى راسها الكرامة لشرائح عريضة من مواطنيها وعلى راسهم الشباب كضحية اولى للتهميش في سياق تواتر نهب الثروات والخيرات وانحباس أو تقلص الخدمات العمومية وما قد يترتب عن ذلك من إحساس بالغربة والاغتراب واحتقار للذات قد يفضي إلى إعدامها نهائيا .
فيم يختلف الحرق الذاتي عن مواجهة أهوال الهجرة السرية وركوب أمواج المغامرة
ومن بينها المبارزة اليائسة مع سمك القرش وهو يسعى للتلذذ بلحم بشري طازج رمته
له سياسات رعناء لحكام جشعين يراكمون الثروات و القصور و يكدسون حسابات سرية ومعلنة في أبناك غرب سوف يتنكر لهم عندما يشتد عود الثورات مثلما فعل مع مبارك وبنعلي .وآنئذ لن تنفعهم لصوصيتهم في ضمان قبر آمن فوق أرض الله الواسعة .
قد تتواتر الحالات اليائسة المعدمة لذواتها ... حرقا أو غرقا أو إذلالا.. قبل أن يقرر الشعب إعدام الأسباب المؤدية لهذه المآسي المتنوعة والتي سوف يسجلها التاريخ
كدليل على صمته المتواطيء ضد استبداد وشطط تمطط على خارطتنا ،الجغرافية وحتى الحضارية ،متحديا لكينونتنا بغنج كبير رغما عنا .؟؟؟؟



#عائشة_التاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاجعة تحطم الطائرة العسكرية المغربية .مهنة الجندية ما بين ال ...
- التسويق البلطجي للدستور المعدل أسلوب يسيء للهدف
- الحكرة أحد تجليات الاستبداد
- كرامة الطبيب جزء لا يتجزأ من كرامة الشعب .
- الإرهاب طامة اخلاقية بامتياز
- عنف السياسة و نعومة المشاعر
- الأزمة الإنسانية للنازحين على الحدود التونسية ، المغاربة وال ...
- أنظمة الضبط المحلية وعولمة القيم .
- كيف تنتعش الدكتاتوريات العربية ؟
- إرهاب الدولة في ميدان التحرير
- ثورة تونس ،هل هي بداية انفطارحبات العقد الصدئة ؟
- نحن والزمن ،ساكنان لا يلتقيان .
- محطات حاسمة في حياة إبراهام السرفاتي وعمران المالح .العشق ال ...
- رحيل أهرام من المفكرين العرب : فجيعة، رهبة ، وتأمل.
- هل يأفل نجم المفكرين من نوع نصر حامد أبو زيد ؟
- جنوح علية القوم والعدالة الموقوفة التنفيذ
- الكتابة فعل وجودي بامتياز
- تأملات في المرأة الحب والمساواة . بمناسبة عيد المراة لسنة 20 ...
- فحوصات طبية لفائدة موظفي وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة وا ...
- عندما تتحول الوطنية لسجل تجاري


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائشة التاج - حرق الذات ....اليأس الصارخ