أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائشة التاج - ثورة تونس ،هل هي بداية انفطارحبات العقد الصدئة ؟















المزيد.....

ثورة تونس ،هل هي بداية انفطارحبات العقد الصدئة ؟


عائشة التاج

الحوار المتمدن-العدد: 3249 - 2011 / 1 / 17 - 15:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ها هي اولى حبات العقد الصديء تتناثر على ركح الساحة العامة كي تدوسها اقدام المحتجين معلنة نهاية فترة وولادة أخرى جديدة لتونس و معها المنطقة كلها ..
انطلقت السيرورة بصياغة شعب متحضر وشجاع ابى إلا ان يعلن تضامنه مع المهمشين ضحايا التجويع و الإقصاء ..... كان التضامن في المستوى فأتى اكله بسرعة باهرة .
كيف لا وتونس تسجل أعلى مستويات التعليم على المستوى العربي هي وفلسطين المحتلة
كما تتميز تونس بريادتها لتحرر المرأة العربية الحديثة من خلال قوانين سنها الرئيس الأسبق
"الحبيب بورقيبة " رحمه الله وبقيت يتيمة وسط صحراء العرب القاحلة من حيث قيم المساواة بين الجنسين إلى أن تآخت مع القوانين المغربية في العشرية الأخيرة .
مقومات حداثية تشكل بعض مرتكزات النسيج المجتمعي للشعب التونسي الذي انشيء
وفق قيم المساواة بين الجنسين ولقد عمل الرئيس المخلوع على تكريس هذا المعطى
والحفاظ عليه رغما عن المثبطات الأخرى .
يكاد يكون التحرش الجنسي منعدما في الفضاءات العامة لتونس الخضراء ....وبالتالي فالمرأة بإمكانها الاستمتاع بالتجول في المجال العمومي بكل طمأنينة مهما كان الوقت .
شخصيا زرت تونس عدة مرات وكنت احرص على تذكير زميلاتي بهذا التميز الاجتماعي
الذي جربناه عمليا من خلال تجولنا "وحيدات ليلا " وسط العاصمة وبالذات قرب تمثال الرمز المشترك بيننا :مؤسس علم الاجتماع "ابن خلدون" ونحن ننتشي بتملكنا اللحظي لللاستماع بشارع عربي خارج أي منغصات ذكورية مهما كانت ....
لقد كان الأمن يراقبنا من بعيد ونحن نقهقه فرحا بمكسبنا الساذج ذاك .غير مدرك لكنه فرحنا الصبياني ونحن نمارس مرحنا وسط شارع بورقيبة بجذل بالغ وكاننا ننتزع نشوتنا النسائية من رقعة تصادر حق النساء في التجول والسفر والاستمتاع بارض الله الطيبة خارج المعايير الذكورية المترهلة او المستفزة في احسن الأحوال .
علما أن نفس الأمن ،عكر علينا فرحتنا هاته بتفتيشه لأغراضنا التي تركناها بالفندق لأننا كنا في ضيافة إحدى الجمعيات الديموقراطية فظهرت لنا شراسة النظام المرعوب من نساء عزل لا حول لهن ولا قوة إلا أحلاما بسيطة من حجم نشوتنا بجولة بريئة في وطن يتسع للجميع .
كان الرجال يمرون جنبنا غير مبالين بوجودنا وإن تكلموا يقولون كلاما لطيفا ومهذبا ويواصلون سيرهم بشكل عادي وكاننا في عاصمة اوروبية .
مؤشر يدل على السلوك المهذب للرجل التونسي الذي يعامل المرأة معاملة الند للند ،وهذا معيار للرقي السلوكي بدون منازع .
هذه الإيجابيات كانت توازيها شروط سياسية تتميز بالقمع في أقصى صوره ، فالصحافة لا يسمح بها إلا في حدود التهليل للحزب الحاكم والتبجيل المبالغ فيه لزوجته "ليلى الطرابلسي " التي قفزت من مجرد "حلاقة " للسيدة الأولى لتونس والمسيطرة على جزء هام من ثرواته المادية وحتى المعنوية ،فالسيدة الأولى نصبت نفسها رئيسة لمنظمة المرأة التونسية وللعديد من الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي واستحصدت شهادات وأوسمة دولية تبجل نضالاتها الجمعوية المفترضة إسوة بجل السيدات الأوائل العربيات .
وبهذا تكون النخبة الحقيقية مقصية وعلى الهامش ،محرومة من حقها في التعبير أو الاعتراف اللهم إلا إذا سجلت الولاء للطغمة الحاكمة ومن يصر على التحدي يكون مصيره السجن والتعذيب او التهميش الاجتماعي مهما كانت مؤهلاته ...
وهذا الأمر يعني أوسع الجماهير وخصوصا منهم الشباب الذين رغم مؤهلاتهم التعليمية
بقوا خارج الدورة الاقتصادية المحتكرة من طرف الحاكم ومقربيه . وهذا واقع مكرر على الرقعة العربية برمتها مع اختلافات بسيطة جدا .
لا شك أن الشروط المنتجة لهكذا ثورة هي نتاج سيرورة طويلة من المعاناة السياسية والاجتماعية وما يوازيها من مقاومات مختلفة الألوان لاستبداد وفساد ارخى بجبروته العفن على فضاء البلد طوال 23 سنة .
لقد ابدع نظام بنعلي ،كباقي الدكتاتوريات في إيجاد سبل التركيع والاحتواء من قمع وتدجين وشراء للذمم كي يستفيد من الصمت المتواطيء ،وكانت أجساد المناضلين والمناضلات الأفذاذ تؤثت مخافر الشرطة و سجون الجمهورية لأتفه الأسباب
كما كانت أصداء الممانعات الشجاعة تخترق جدارات التسييج كي تتمطط عبر اسلاك الشبكة العنكبوتية وباقي وسائل الاتصال المدعمة للحرية كي تعلن عن " اشعة مقومات نضالية كامنة وراء سياجات النظام العاتية ومتاهبة للانبثاق المتوهج في كل لحظة .


إنها سيرورة متشعبة من النضالات والممناعات ....وركامات من الغضب والإحساس بالغبن امام احتكار مافيوزي للثروات والقرار السياسي يوازيه امتهان لكرامة اوسع الفئات
من خلال القمع والتجويع والوصاية السياسية المتعفنة ....
انبثق الشعاع من خلال إحراق "البوعزيزي" لنفسه احتجاجا على التهميش ،وكان التأهب
الشعبي ناضجا بما يكفي لاحتضان هذا اليأس الدرامي وتحويله إلى صراع ضد اسباب اليأس من اجل امل للجميع .
تلقفت التنظيمات المدنية هذه الاحتجاجات بما يكفي من المسؤولية واحتضنتها ودعمتها
واندمجت القوى الحية مع بعضها البعض ضد نظام مستبد لم ينجح إلا في التدجين والإفساد وها هي نجاحاته تتهاوى بسرعة البرق لتبرز ان ماكان مبنيا على باطل يظل هشا وينهار امام اول صرخة حق حقيقية .
شكرا لشعب تونس الخضراء ،شكرا لحفدة الشاعر الخالد "أبي القاسم الشابي " وهم يؤكدون للعالم من جديد :
"إذا الشعب يوما أراد الحياة ....فلا بد أن يستجيب القدر "
بيت شعر حماسي يستعمل صباح مساء لتأجيج روح الأمل في النفوس المضطهدة
وها هو شباب تونس واطر تونس وجيش تونس يخطون قصيدة النصر على الدكتاتورية والفساد ببهاء قل نظيره في الوطن العربي .
وسط هذا الزخم الاحتجاجي كان صوت المرأة مميزا سواء على مستوى القيادة او القاعدة .
تتميز المرأة التونسية بكونها أمينة عامة لحزب معارض وهذه شجاعة تحسب لها كما تحتل مناصب قيادية في العديد من الهيئات .
وتميزت المرأة التونسية خلال الاحتجاجات بإبداع صور نضالية بديعة جدا
حيث كتبت التلميذات لوحات الحرية بأجسادهن الجميلة واطلقن هتافاتهن الداعمة لمد التغيير المرغوب ودون ذلك عبر اليوتوب معلنات للملأ استحقاقهن للمساواة
كيف لا وهن حاضرات في السراء والضراء في مواجهة القنابل والقمع والتنكيل والتعذيب إسوة بنظرائهن الذكور.
إنها بهارات اللوحات الاحتجاجية الجديدة كما ينتجها الشارع المغاربي ولقد كانت البداية في المغرب الأقصى حيث أبدع الدكاترة المعطلون أشكالا من الاحتجاج أمام قبة البرلمان المغربي وعبر شوارع العاصمة الرباط منذ اكثر من عشرية من الزمن تتقدمهم الفتيات بشجاعة مميزة مستقبلات هراوات الأمن وتنكيلاتها ومتحملين كلهم تلك المعاناة اليومية طوال اليوم والشهور وربما السنين إلى أن يتم توظيفهم من طرف الدولة .
ولعل فكرة الحرق الجسدي للذات المحتجة كاسلوب نضالي اقصى تم تجريبه لأول مرة
مغربيا ،حيث عمدت مجموعة المعطلين إلى سكب النفط على اجسادها وسلسلوا انفسهم
كي لا يهربوا بعد قرع النار ومن محاولات تفريق الأمن لهم ...لكن يبدو ان الأوضاع تختلف
من بلد لآخر وسقف المطالب ايضا.
شخصيا لا اتفق مع هذا الأسلوب الدرامي في الاحتجاج ،وأعتبر أن الحق في الحياة فوق أي حق آخر وأن الانحدار نحو اليأس في شكله الأقصى لا يخلق أملا حقيقيا ...لذلك أناشد الشباب المعطل والمهمش في كل البلدان العربية كي لا يتبنون ما قام به "البوعزيزي" حتى وإن ألهم ثورة تونس ....إن استمراركم في حرق ذواتكم هو هزيمة وليس انتصارا ، وليس كل مرة تسلم الجرة ، فشروط الثورة تتحقق عبر تراكمات وعدة عناصر قد لا تكون حاضرة في كل البلدان .
ابحثوا عن أساليب نضالية أخرى قادرة على خلق الحدث والحياة الكريمة .
كما اناشد الهيئات المدنية والسياسية أن تتبنى قضايا الشباب الاجتماعية وتحميهم من اليأس والانتحار وتكون في مستوى آمال الشعوب التي أثبتت أنها قادرة على التحدي والممانعة .
أما الحكام العرب فليس هناك من مناشدة أبلغ مما حدث في تونس بنعلي الجبار بقوة أمن أثبت عن هشاشته .
أطلب لكم من الخالق الجبار أن ينقص عنكم حدة الجشع وتفكرون في جحافل المهمشين
والجوعى والمظلومين فثراوتكم المكدسة قد لا تنفعكم في توفير قبر آمن في أرض الله الواسعة التي تتنافسون على احتكار اجزاء منها هنا وهناك لاحتواء أجسادكم المترهلة والمتهالكة فوق كراسي حكم آثم في أغلبه .
اتقوا الله في انفسكم من غضب الشارع ،فالشعلة انطلقت وبإمكانكم تحويلها لشموع مضيئة لعتمات الفقر والظلم والاحتكار والتهميش الذي تتمسكون به كمرتكزات مشتركة بينكم جميعا .



جاء المبتدا فأين الخبر ؟
لم يحدث أبدا أن تم قلب نظام عربي بشكل سلمي ومن خلال المظاهرات والاحتجاجات فقط
كانت البداية من شعب متعلم وناضج ،أحسن استعمال التكنولوجيا الحديثة وقاوم الحصار والقمع والتدجين بطرق حضارية وراقية .

تحية إجلال و إكبار للشعب التونسي الشقيق الذي صنع أجمل حدث في مطلع السنة الجديدة
تحية إكبار لقادة الجيش الذي اختاروا مصلحة الوطن على استمرار الانبطاح لدكتاتور نبذه الشعب واختاروا العزة والكرامة لتونس عوض الاستمرار في خدمة اغراض ضيقة
لعصابة هي أشبه بالمافيا كما قالت عنها "وثائق ويكيليكس" وها هو الواقع يؤكد ما كتب
من خلال أعمال النهب والتخريب والرعب التي قامت بها أذيال النظام انتقاما من شعب
لم يقم إلا بالمطالبة بحقه في الكرامة والعيش بشرف في بلاده وبلاد أجداده .
ها هو المبتدا ينبثق من تونس ويبقى الخبر مبنيا للمجهول فيما تبقى من رقعة الضاد.


عائشة التاج /البيضاء ‏17‏/01‏/2011




.



#عائشة_التاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن والزمن ،ساكنان لا يلتقيان .
- محطات حاسمة في حياة إبراهام السرفاتي وعمران المالح .العشق ال ...
- رحيل أهرام من المفكرين العرب : فجيعة، رهبة ، وتأمل.
- هل يأفل نجم المفكرين من نوع نصر حامد أبو زيد ؟
- جنوح علية القوم والعدالة الموقوفة التنفيذ
- الكتابة فعل وجودي بامتياز
- تأملات في المرأة الحب والمساواة . بمناسبة عيد المراة لسنة 20 ...
- فحوصات طبية لفائدة موظفي وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة وا ...
- عندما تتحول الوطنية لسجل تجاري
- منظمة الصحة العالمية تحت نير مساءلة البرلمان الأوروبي
- خطر التشبيك العرقي داخل مؤسسات الدولة ، آل الفاسي الفهري نمو ...
- الدخلة وإعلان دم العذرية : احتفال هستيلاي بأمور جد حميمية
- صرح إعلامي مميز
- القيم ما بين الأصالة والمعاصرة
- هل ندرك بأن المحبة هي اسمنت العلاقات الإنسانية ؟
- التلوث السمعي في المدن الكبرى : الأخطار الكامنة
- التحرش الجنسي في الجامعات ،حدث عابر أم ظاهرة متفشية ؟
- انحطاط ثقافي ام ثقافة الانحطاط : العنف الرمزي عبر التلفزة ال ...
- الرياضة للجميع في نزهة ابن سيناء بالرباط المتعة والفائدة
- سياسة العبث وعبث الكائنات السياسوية


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائشة التاج - ثورة تونس ،هل هي بداية انفطارحبات العقد الصدئة ؟