أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهاء الدين محمد - لماذا تفشل الثورات؟!














المزيد.....

لماذا تفشل الثورات؟!


بهاء الدين محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 8 - 01:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كتاب رائع بعنوان "نحو ثورة في الفكر الديني"، يقول المرحوم د. محمد النويهي "أن صراع البقاء لا يحابي ولا يجامل. فالتاريخ المحايد في جريانه وفق قوانينه الموضوعية لا يصانع أمة ولا جنسا، ولا يقيم وزنا لماض مجيد في قراره أي الأمم أصلح للبقاء في الظروف الجديدة. وإنما ينظر في حاضرها وما هي عليه. لن نستصدر إذن من التاريخ قرارا في مصلحتنا لمجرد أننا عرب (مصريون) أو لمجرد أن لنا ماضياً مجيداً... والحقيقة الثانية هي أن مجرد كوننا علي حق لن ينفعنا. فالتاريخ ..« سجل للحقوق التي ضاعت» لأن أصحابها لم يتلمسوا الوسائل العملية الكفيلة بإحقاقها".

هذه الكلمات دارت في ذهني وأنا أكتب هذا المقال؛ لتوضيح لماذا تفشل الثورات. ببساطة الثورات تفشل عندما لا تحقق التغيير الجذري الشامل المطلوب، هذا التغيير لا يتم فقط بتغيير النظام السياسي والإقتصادي ولا بإصدار القوانين والعمل علي تنفيذها، التغيير الحقيقي والثورة الحقيقة هي ثورة فكرية يقوم بها مفكرو الشعب وعلماؤه وأدباؤه وشعراؤه وفنانوه وسياسيوه وطلابه وشبابه ونساءه ورجاله الذين يقومون«بتطهير الرواسب المتعفنة للنظام القديم»، ويقومون بثورة فكرية تهدف إلي تغيير المفاهيم التي في العقول والقيم التي في النفوس والقلوب والضمائر. الثورة الناجحة لابد أن يكون هدفها الإصلاح والتغيير الشامل والبناء الحضاري.

الثورة الفكرية هي تغيير المفاهيم والقيم من خلال قيام الثوار "بحركة إقناع عظيمة يقنعون بها الشعب بمختلف وسائل الإقناع التي يحسنونها، من تنوير علمي وجدل فكري وإنتاج أدبي وفني". لابد من تمحيص النظريات والقيم والعادات والمفاهيم والصور النمطية والأنماط السلوكية التي أكتسبت بالقدم جلالا وقداسة، "فينفون عنها ما يجدون أنه لم يعد صالحا للعهد الجديد، ويحلون محلها ما يؤمنون بأن العهد الجديد يستلزمه". بدون هذه الثورة الفكرة لا يكتسب الشعب الوعي الثوري الصحيح ولا يقتنع بلزوم التغيير، ويمانع هذا التغيير. ويقول الكاتب "فليست من ثورة في التاريخ تستطيع أن تنجح إن لم تنجح في إجتذاب الشعب إليها وإقناعه إقناعا عميقا بضرورتها له وحاجته إليها. ومهما يكن من حماسة القائمين بها ومن عزيمتهم وتصميمهم فمصيرهم المحتوم هو الإنهزام أمام جمود الشعب وعزوفه عن التغيير، بل هؤلاء الحكام الثوريون سيخضعون إن عاجلا أو آجلا لفتور الشعب وتخاذله.".

هذه الثورة الفكرية، التي أعتبرناها ضرورة لنجاح الثورات، لابد أن يواجهها مقاومة شديدة من معسكري «الدين» و«الأخلاق» و«الخصوصية» ومن حراس البوابات الفكرية!. فسوف يتهم الرأي الجديد بأنه «هادم للدين» أو «مفسد للأخلاق» أو «لا يتسق مع خصوصيتنا الثقافية».
إن الإنغلاق الثقافي والتشدد الديني قد يقف عقبة أمام تطور المجتمعات. ولكن لنا حجة بسيطة في الرد علي محاربة التقدم بأسم الحفاظ علي الدين والأخلاق والخصوصية، وهي أليس التخلف والتراجع وتهديد بقاء مجتمعنا المسلم هو أمر يخالف صحيح الدين ويناقضه علي طول الخط؟، أليس درء المفاسد مقدم علي جلب المصالح؟.
لابد إذن أن يأتي التغيير في إطار تكاملي يحافظ علي القيم الإيجابة للمجتمع وبدون إغراق في الخصوصية. إن أشد المجتمعات خصوصية وتجانس عرقي مثل اليابان وكوريا، أستطاعوا أن يسيروا في طريق التقدم ويستفيدوا من العولمة ويحققوا معجزات تقدم إقتصادي وإجتماعي وتنمية إنسانية ليس لها مثيل في مجتمعاتنا. فلا الخصوصية ولا الدين ضد التقدم، ولكن المشكلة في من يتحدثون بأسميهما ويخافون علي مكانتهم في المجتمع والمكاسب التي يحصلون عليها من الحديث بأسم الدين، يخافون من التقدم لانه سيؤدي إلي الإعتدال والوسطية، وسيجعل للجميع صوت مسموع، هم لا يريدون صوت أعلي من صوتهم، لذلك يخافون علي مكاسبهم أن تُهدد بأسم التقدم والبناء الحضاري، تماما كما كان يخشي سادة قريش من دعوة الإسلام التقدمية التحررية التي كانت ستهدد تجارتهم للدين الوثني وللرقيق !!.
العدل والحرية والتقدم والإيمان هي ما تريده الجماهير التي نزلت إلي الميادين وضحت بروحها من أجل هدم قلعة الفساد والإستبداد والتخلف، ولابد من الثورة الفكرية في القيم والمفاهيم من أجل إستكمال ونجاح ثورة يناير. العدل والحرية والتقدم ليسوا ضد الدين في شئ، ولا يمكن لتيار سياسي مهما كانت ليبراليته أن يحققهما منفرداً، العدالة هي القيمة المحورية العليا في الفكر السياسي الإسلامي، ومبادئ العدالة تختلف من مجال لآخر كما يؤكد «والتزر» في نظريته، ولذلك لابد من مشاركة كل جماعة للوصول إلي إتفاق عام حول المبادئ التي تحقق لها العدالة.

وبالإضافة للثورة الفكرية، لابد أن يكون هناك تغيير شامل، تغيير سلوكي من خلال توعية وقوانين، يؤدي في النهاية إلي غرس القيم الإيجابية فيحدث تغيير قيمي وحضاري. والتغيير الشامل والبناء الحضاري يقومان علي تغيير منهجي قائم علي تحديد المشكلات ودراسة البدائل المختلفة لحلها إنتهاء بإختيار الحلول المناسبة وتحويلها إلي إجراءات عملية مع تنفيذ ومتابعة الإصلاح. وهو تغيير جذري وشامل؛ لأن «التغيير الجزئي هو أشد أعداء التغيير»، التغيير الشامل لابد أن يكون في إطار تنوعي وتكاملي بحيث يساعد الإصلاح في مجال ما الإصلاحات في مجالات أخري.

إن هذا التغيير الشامل التكاملي الجذري المنهجي مفتاحه كلمتان الرؤية الإستراتيجية والقيادة السياسية، أو قيادة لها رؤية مستقبلة، قيادة قادرة علي الحلم وعلي تحقيق أحلامها بحشد قوي الشعب من خلال الوعي الثوري.



#بهاء_الدين_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع علي جبهة واحدة بدلاً من ثلاثة
- فن إخصاء المصريين
- يسألونك عن السلفية !
- دروس مستفادة من السياسة الخارجية التركية الجديدة(2)
- دروس مستفادة من السياسة الخارجية التركية الجديدة
- دور المجتمع المدني في التحول الديمقراطي
- لماذا لا نتقدم؟؟! (1) : -فكرة المسار الحرج-
- مقترحات من أجل مبادرة -القضاء على إعلام الفتنة الطائفية-
- النظام العام أولاً
- عرض نقدي لمقالة: -الجوهر الديمقراطي للإسلام- Islams Democrat ...
- مقترح بحثي : اثر العولمة علي حقوق الانسان
- مجتمع الاستيعاب
- -نظريتي X & Y لمكاجريجور-
- الإستقطاب والإختيار والتعيين في الحكومة الأمريكية: مع التطبي ...
- تحليل سياسي لفيلم: -فيلم المحاورون/المناقشون العظماء -The Gr ...
- الثورة والفن: (دراسة في المفاهيم والمقولات النظرية والأدبيات ...
- حجج في الرد علي المرجعية الدينية
- عرض نقدي لمقالة: -اليابان: نحو دور أكبر في النظام الدولي-
- القوات المسلحة الصينية
- وثيقة الدستور


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهاء الدين محمد - لماذا تفشل الثورات؟!