أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين محمد - الثورة والفن: (دراسة في المفاهيم والمقولات النظرية والأدبيات السابقة)















المزيد.....



الثورة والفن: (دراسة في المفاهيم والمقولات النظرية والأدبيات السابقة)


بهاء الدين محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3409 - 2011 / 6 / 27 - 16:19
المحور: الادب والفن
    


الثورة والفن: (دراسة في المفاهيم والمقولات النظرية والأدبيات السابقة)



الثورة: مقدمة مفاهيمية
الثورة لغوياً مصدرها ثار وجمعها ثورات. ويمكن تعريفها بأنها تغيير جذري مفاجئ وجوهري وعنيف في الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية القائمة. وتعرفها أحد موسوعات المصطلحات السياسية بأنها "الثورة مصطلح يقصد به التحول الجذري في التكوينات الإجتماعية والسياسية والنظام العام وفي العلاقات والخبرات المتبادلة بين الناس، وقد يقصد به التغيير الدائري الذي يكشف عن أنماط جديدة، والثورة مصطلح يقصد به الآن مقاومة نظام الملكية ذاته، وليس مجرد التمرد والعصيان، وهناك الثورة الجماهيرية والثورة الشعبية والثورة الطبقية. "(1).
وتعرفها موسوعة أخري علي أنها"«تغيرات مفاجئة وجذرية، تتم في الظروف الإجتماعية والسياسية، أي عندما يتم تغيير حكم قائم –والنظام الاجتماعي والقانوني المصاحب له- بصورة فجائية، وأحياناً عنيفة بحكم آخر». أو«تغيرات ذات طابع جذري (راديكالي) غير سياسية، حتي وإن تمت هذه التغيرات ببطء ودون عنف (كما هو الحال عندما نقول ثورة علمية، ثورة فنية، ثورة ثقافية، فإن هذه التغيرات المعاصرة تستخدم لوصف تغيرات شاملة في مجالات متعددة من الحياة)».(2)
وتاريخ الثورات يؤكد انها تؤدي غالبا الي تغيير تاريخي مثلما حولت الثورة الفرنسية النظام الملكي الي نظام جمهوري، وكذلك فعلت ثورة يوليو 1952 في مصر. وتحدث الثورة غالبا في مجتمعات يسودها الإستبداد والفساد والظلم وتراجع او إنعدام حرية الأفراد.
من أهم التفسيرات الشائعة للثورات(3)
1- هناك تفسير متفائل يري ان الثورات السياسية والاجتماعية الكبري هي أحد أدوات التقدم «الحتمي» للبشرية نحو مجتمع تسوده الحرية والاستقلال الذاتي في الحكم والتناغم والمساواة.وهذا الاتجاه يربط بين الثورة والديمقراطية حيث ان إتجاه «الديمقراطية الليبرالية» في تفسير الثورات تعتبر أن الثورات لا تكون تقدمية إلا اذا كانت موجهة ضد الحكام المستبدين، وهادفة إلي إقامة مجتمع حر ديمقراطي.
2- أما التفسير «التشاؤمي» أصحاب هذا الإتجاه –من أصحاب الذهنية الإقطاعية/الملكية/ اللاهوتية/التقليدية- يرون أن الثورات ما هي إلا إنفجارات بربرية خارجة عن السيطرة، وإنفعالات جماهيرية مدمرة.
3- أما أصحاب التفسير السوسيولوجي يرون أن أي تغيير فجائي وعنيف، في نظام الحكم والمجتمع، يشكل «ثورة» طالما أن الحركة السياسية التي قامت بهذا التغيير كانت تتمتع بتأييد عريض من الشعب.
4- هناك تفسير حديث يعارض التفسيرات السابقة ويري ان الثورة شئ يتسم بالفجائية والتنافض، وينفجر فيه اللاشعور الجمعي لشعب من الشعوب، وبكل ما ينطوي عليه من عوامل تقدمية ورجعية. ويري هذا التفسير أن كل ما في الثورة فوضي.
وبصفة عامة ترتبط الأفكار الثورة بنظريات «المساواة الطبيعية» بين البشر، و«السيادة الشعبية» و«الحقوق الطبيعية» أو ترتبط بضرورات إقتصادية و «الصراع الطبقي» وفق النظرية الماركسية. ومن المعروف أن حتي الماركسية-اللينينية قد ربطت بين ثورة البروليتاريا و «ديمقراطية البروليتاريا» والتي يعتبرها لينين ديمقراطية أكثر مليون مرة من ديمقراطية البرجوازية التي يصفها بأنها «ديمقراطية زائفة» ولكن التطبيق العملي لأفكار لينين أدي إلي «الشمولية»، وكذلك جعلت ثورة 1952 من « إقامة حياة ديمقراطية سليمة» أحد مبادئها ولكنها فشلت في تحقيق حياة ديمقراطية حقيقية.
مراحل الثورة:
1- مرحلة الآمال الطوباوية الكبري التي يدعو فيها الثوريون إلي الكمال، وهي مرحلة لا تدوم طويلاً.
2- مرحلة الإنقسام بين معتدلين ومتطرفين، وتنتهي بهزيمة المعتدلين وصعود المتطرفين وتركيز السلطة بأيديهم، ومن ثم إستخدام العنف.
3- مرحلة بذل الجهود المضنية لتحقيق الأهداف الثورية.
4- فترة نقاهة تخف فيها الحماسة الثورية المفرطة وينتهي الحال الي تنصيب رجل قوي لا يزال به الحماسة الثوية.
5- هي فترة حكم هذا الرجل.
وتدريجيا تعود المشكلات القديمة للظهور.
يمكن الإشارة إلي بعض الثورات كأمثلة(1)
الثورة الإنجليزية 1688:جاءت هذه الثورة بعد سنوات من الحرب الأهلية، وأستبدلت سلطة أرستقراطية ملاك الأراضي بسلطة ملكية تحكم بالحق الإلهي. وعليه فإن هذه الثورة لم تكن لها علاقة بالديمقراطية ولكنها علي العكس كانت تؤسس للحكم المطلق.
الثورة الأمريكية 1783:وقد كانت ثورة تحرر وطني احلت الحكم الرئاسي الوطني المنتخب محل الحكم الإمبريالي الخارجي، وقد قامت بها البرجوازية الوطنية. وقد كانت هذه الثورة خطوة في سبيل وضع الدستور الامريكي الذي اسس للديمقراطية الامريكية.
الثورة الفرنسية 1789:وهي قد احلت النظام الجمهوري محل النظام الملكي الذي يحكم بالحق الإلهي، وتم فيها إقامة سلطة برجوازية ضد الأرستقراطية الإقطاعية المحلية. وكانت الثورة الفرنسية خطوة كبيرة نحو النظام الجمهوري ليس فقط في فرنسا بل في العالم وقد أسست للحرية التي كانت أحد شعارات الثورة.
الثورة الروسية 1917:وقد انهت حكم ملكي مطلق يستند الي الحق الإلهي، وأقامت سلطة «ديكتاتورية البروليتاريا» والمتمثلة في حزب ثوري طليعي واحد. وقد كانت ذات مرحلتين حيث كان هناك في البداية ثورة برجوازية ضد الإقطاع والنظام الملكي، ثم جاءت ثورة البروليتاريا ضد البرجوازية.
الثورة الصينية 1949:جاءت هذه الثورة علي مرحلتين: الأولي كانت الثورة الوطنية البرجوازية التي انهت النظام الإمبراطوري المستند إلي الحق الإلهي والقوي الإمبريالية الخارجية وأرستقراطية بيروقراطية محلية، أما المرحلة الثانية فقد كانت ثورة اشتراكية بقيادة حزب شيوعي ثوري طليعي للقضاء علي البرجوازية وإقامة نظام اشتراكي.
ورغم أن معظم إن لم يكن كافة الثورات تنادي بالحرية، إلا أن تعريف الحرية أختلف من ثورة لأخري ومن موقف لأخر في كل ثورة. فعلي سبيل المثال كانت الثورة الأمريكية قد نادت بالحرية والتحرر، ولكن معظم قادتها كانوا من ملاك العبيد ولم يخطر علي بالهم المناداة بالحرية أيضا لهؤلاء العبيد، بما يزعزع مقولتي الحرية والمساواة التي تنادي بها الثورات. فهذه الثورة البرجوازية كان هدفها القضاء علي الإستغلال البريطاني الإمبريالي الخارجي، لكي تقول الطبقة البرجوازية الأمريكية المحلية هي بالإستغلال؛ فالثورات البرجوازية يكون هدفها الأساسي هو التخلص من العقبات أمام التطور الرأسمالي والإجراءات المناهضة للرأسمالية دون أن تغير الطابع العام للمجتمع.
تطور الثورات البرجوازية-الديمقراطية:
"(1) الثورات البرجوازية- الديمقراطية في فترة النضال ضد الإقطاع، التي تمت بقيادة البرجوازية وأكدت سيطرتها الإقتصادية والسياسية (الثورة الفرنسية-1789.
(2)الثورات البرجوازية-الديمقراطية في الفترة الأولي من عصر الإمبريالية، والمرحلة الأولي من الأزمة العامة للرأسمالية. وفي هذا النوع من الثورات تتحالف الطبقة العاملة مع الفلاحين، وتقود الثورة التي تمهد الطريق للتعجيل بتطور الرأسمالية، وتخلق الظروف لتطور الثورة البرجوازية-الديمقراطية إلي ثورة إشتراكية.) ثورة روسيا فبراير 1917(
(3) الثورات البرجوازية-الديمقراطية في المستعمرات والبلاد التابعة خلال المرحلة الثالثة من الأزمة العامة للرأسمالية )الثورات في الديمقراطيات الشعبية(.
(4 الثورات البرجوازية- الديمقراطية في المستعمرات والبلاد التابعة خلال المرحلة الثالثة من الأزمة العامة للرأسمالية، والتي تعرف بالثورات الوطنية الديمقراطية، والثورات الناجحة من هذا النوع تقضي إلي إقامة ديمقراطيات وطنية مستقلة."(1)
أما الثورات الإشتراكية فهي تهدف إلي التحول الجذري من الرأسمالية إلي الإشتراكية، والسيطرة علي وسائل الإنتاج بالتسط والقهر لتغير علاقات الإنتاج القائمة علي الملكية الخاصة. كل ذلك من أجل القضاء علي إستغلال الإنسان للإنسان. والثورة بهذا المعني هي المهمة التاريخية للبروليتاريا


المقولات النظرية في:
العلاقة بين الفن والسياسة - والعلاقة بين الفن والثورة
يمكن في هذا السياق التعرض لبعض المقولات النظرية التي تحلل العلاقة بين الفن والسياسة/ الثورة:
أولاً نظرية الإنعكاس:
تستند نظرية الانعكاس على الفلسفة الواقعية المادية , ونعني بالواقع المادي علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج ( وهو ما نسميه بالبناء التحتي ) التي تُوّلِد وعياُ محدداً , هذا الوعي يضم الثقافة والفلسفة والقوانين والفكر والفن (وهو ما نسميه بالبناء الفوقي).وترى أن أي تغير في البناء التحتي يستتبع تغيراً في البناء الفوقي , أي : أن التغير في البناء الاقتصادي والاجتماعي يؤدي إلى تغير في شكل الوعي أول مجمل البناء الفوقي.
غير أن العلاقة بين البناءين علاقة جدلية بمعنى : أن الوعي أو البناء الفوقي يعود فيؤثر في البناء التحتي من خلال تثبيته أو تحريره أو تعديله أو تغييره .إذن فكل تغيير في علاقات الإنتاج أو في البناء الاقتصادي الاجتماعي يستتبع بالضرورة تغيرا في الأشكال الأدبية من حيث الموضوعات والأساليب والأهداف, وهذا يعني أن الأدب انعكاس للواقع الاجتماعي .
لكنه لا يعني في الوقت ذاته , أن الأدب مجرد تابع ومتلقٍ للظروف الخارجية ؛ لأنه ظاهرة متطورة , أي : تؤثر وتتأثر بالعلاقات الإجتماعيه .
وبما أن المجتمع ليس كُلاً متجانساً فإننا نلمس في المجتمع ثقافتين , ثقافة سائدة , وهي المُسَيطرة على المجتمع والثقافة الأخرى : الطبقة المسيطر عليها .فعلى هذا الأساس فإن للفن والأدب بعداً طبقياًََ اجتماعياً أي : أن هناك أعمال أدبية متمثلة في الواقع الاجتماعي وتدعو للتصالح معه , وأعمال أخرى تطمح إلى هدم العلاقات القائمة لبناء مجتمع أفضل , وبهذا يصبح للانعكاس أنواعا فهناك انعكاس طبيعي (مزيف) (مزيف للطبقة السائدة على المجتمع لتمجيدها وهي عكس الواقع , فقط ليسطرتها ). وانعكاس واقعي(صادق).وهذا يعني أن الانعكاس ليس آليا ولا متوازناً ولا بسيطاً , وإنما هو عملية متداخلة معقدة مركبه .وهذا يعني أيضا بأن الأعمال الأدبية لها صلة بالواقع لكنها ليست كلها واقعية .
نظرية الانعكاس "ارتبطت بالمعنى الحرفى لها بـ " لينين " حيث أكد أن إحساسنا وشعورنا ليس سوى صورة للعالم الخارجى وهذا القول يؤكد على أن الاعمال الفنية ـ بصفة عامة ـ ما هى إلا انعكاس للواقع وان الأدب ـ بصفة خاصة ـ مرآه تصور الواقع الاجتماعى فى تناقضه وتعقده ولذلك كان " تولستوى " عند " لينين " مرآة الثورة الروسية لعام 1917 حيث كان مرآة حقيقية لتلك الظروف المتناقضة التى أحاطت بنشاط الفلاحين التاريخى فى هذه الثورة .
ويرى ماركس Marx أن الإنسان كائن اجتماعى ينبع إبداعه من نشاطه العملى ويطرأ عليه التغير والتبدل بعمله على تغيير الطبيعة وتبديلها.
إن كلمات ماركس تحمل إشارة واضحة للدور الوظيفى للفن فى المجتمع ذلك الدور الذى يؤكده عالم الانثروبولوجيا الفرنسى " ليفى شتراوس" Levi Strauss فى عبارة لها مغزاها ودلالاتها العميقة حيث يقول :إن الزهرة التى تنمو فى البرارى دون أن يشعر بوجودها أحد لا تعنى شيئا على الإطلاق ولكنها تكتسب معنى محددا ، وتؤدى رسالة واضحة للجميع ، حين تصبح جزءا فى إكليل الزهور الذى يرسل فى تشييع الجنازات ، أو فى تكوين باقات الزهور التى ترسل للمشاركة فى الأفراح" (1) .
وبالقياس على الفنان نجد أن وجوده الفعال يتحدد بمدى تعايشه لواقعة الاجتماعى والمشاركة فى قضاياه بعرضها والدفاع عنها أو معارضتها من وجهة نظر حرة حريصة على قيام العدالة والمساواة والحرية بهدف الاصلاح والتغيير .
ولا شك أن الأدب كما يقرر رينيه ويليك " نظام اجتماعى يصطنع اللغة وسيطاً له ، واللغة إبداع اجتماعى وإذا كان الأدب يمثل الحياة فإن الحياة ذاتها حقيقة اجتماعية.والكاتب المسرحى حينما يصور لنا كائنا إنسانيا كاملا فهو لا يعيد تصوير الإنسان فقط بل يعيد تصوير المجتمع الذى ينتمى إليه هذا الإنسان . وهذا المجتمع ليس إلا ذرة من الكون ومن ثمة فالفن الذى خلق هذا الإنسان يعكس لنا الكون كله."
ويفسر "بول فاليرى" Paul valery العلاقة بين الفنان وبين الآخرين فيؤكد أن الفنان فى أثناء عملية الخلق الفنى يضع نصب عينيه الذين سيتوجه إليهم بعمله ومدى تأثيره فيهم فيقول : إن المبدع هو ذلك الشخص الذى بإمكانه أن يدع الآخرين يبدعون ، فالفنان والمتلقى يتشاركان بفاعلية وتتحدد قيمة العمل الفنى من خلال هذه العلاقة التبادلية بين كلا منهما . وفى المسرح إذا لم تكن هناك علاقة تفاعل بين خشبة المسرح والمشاهدين فإن المسرحية تموت أو تصبح رديئة أو لم يعد لها وجود على الإطلاق.
وبناءً على ذلك فإن الكاتب عندما يبدأ بالتفكير فى عمل فنى يبدأ بحساب التأثيرات الخارجية، فهو يهتم عن وعى أو غير وعى بالأشخاص الذين سيتأثرون بعمله ، ويكون لنفسه فكرة عن هؤلاء الذين يتجه إليهم كما يتصور من ناحية ثانية الوسائل التى يمكنه أن يحصل عليها لتحقيق هذا التأثير .
ويشير جان دوفينو jean duvignaud ( عالم اجتماع فى مجال المسرح ) إلى محور آخر من محاور العلاقة بين الأدب والمجتمع ،حث "يعتبر الدراما نوعاً من الميزان الثقافى الذى يسجل أزمة القيم والمعايير الأخلاقية لعصر معين ويظهر فضائح الخلاف مع الأخلاق الرسمية.
ولقد وجهت إلى نظرية الانعكاس بعض الانتقادات والاعتراضات من قبل النقاد والمشتغلين بالأدب حيث انتقد البعض مسمى " الانعكاس " رافضاً قصور دور المسرح على النقل الحرفى للواقع ، وهدمها البعض الآخر ليشيد محلها نظريات تمجد الدور الترفيهى للمسرح وتقصره على المتعة والتسلية .
فقد أكد " رايموند ويليامز" Raymond Williams على أن هناك مفهوماً أخر معدل لمفهوم " الانعكاس " وهو التوفيق أو " التوليف " الذى يدل اسمه على عملية فعالة وليس على تلك الآلية السكونية التى توحى بها كلمة انعكاس ، ويرتكز المفهوم الجديد على عاملى الفاعلية واللامباشرة ، حيث يقدم تصوراً متميزاً لموضوع العلاقة بين الأدب والمجتمع تجاوز مسألة انعكاس الواقع مباشرة فى الأدب مؤكدا على أن الواقع يمر بعملية "توفيق" تغير محتواه الأصلى أو على الأقل تغير صورته من خلال إسباغها لنسق خاص أو شكل خاص على هذا المحتوى الواقعى الخارجى ، إذ ينطوى التوفيق على نوع من التعبير غير المباشر الذى يتحور فى الواقع الاجتماعى من خلال أشكال متعددة من الإسقاط أو التقنيع وبذلك يمكن بعملية تحليل مناقضة استعادة صورة الواقع الاجتماعى الأصلية بعد نزع الأقنعة أو تعرية الإسقاطات.
“ويرى الباحث أن قصور دور الفن على إبراز النواحى الجمالية يقلل من فرص خلوده ، إذ أن الجمال ليس مطلق فكما يتغير مقياس الحياة بتغيير ظروفها يختلف الإحساس بالجمال من عصر إلى عصر وكذلك من طبقة إلى طبقة .
كما يرى أن قصور وظيفة الفن على المتعة والتسلية ، إنما هو دحض لقيمته وإغفال لدوره الفعال فى الارتقاء بمستوى الحياة الواقعية إلى المثالية ، فلو كان الفن هو ما يجلب المتعة فيمكننا الاعتراف بان الطعام الطيب وشم الروائح الذكية ومختلف الأحاسيس المادية الأخرى يمكن أن تعتبر فنوناً .(1)”
ثانياً: علم إجتماع المعرفة وعلم إجتماع الأدب:
ويتشابه هذا التفسير مع نظرية الإنعكاس ويسهم في فهم الجذور الإجتماعية والسياقية للفن وكيف انعكس الواقع الإجتماعي للثورة في الفن، وكيف يتنبأ الفن بالثورة.
يرتبط التفسير الاجتماعى للرواية أو الفن عامة بعلم اجتماع المعرفة الذى يعتبر علم اجتماع الأدب أحد فروعه ويرجع تأسيس علم اجتماع المعرفة إلى( ماركس) حينما طرح رؤيته الخاصة بعلاقة الأفكار بأدوات الإنتاج ومن أهم اهتمامات علم اجتماع الادب تحويل الفكرة الفردية الىمعرفة اجتماعية ويقوم بدراسة العملية الاجتماعية التى تؤدى الى ظهور كم من المعرفة يقبله العقل على انه واقع وهو هنا يدرس العلاقة بين المنتجات الفكرية(الفلسفات او الادب او الفن او النظريات العلمية )وبين الوقع الاجتماعى والتاريخى كما يهتم علم اجتماع الادب بما يسمى ادوات الانتاج الادبى مثل نشر الكتب والتكوين الاجتماعى لمؤلفيها وقرائها ومستويات التعليم والعوامل الاجتماعية التى تحدد الذوق ويتناول النصوص الادبية من منظور ما تحتويه هذه النصوص من موضوعات تهم المؤرخ الاجتماعى وكذلك دراسة الاجيال الادبية والقيم الاجتماعية للجماعة.
ويعمل هذا العلم على رد الابنية الفكرية فى نتاجها الفوقى/ الفكرى الى الاوضاع الاجتماعية التحتية بما يعنى ارتباط الفكر الادبى با دوات الانتاج الاجتماعية ففى السياسة والقانون والاخلاق ينعكس الوجود الاجتماعى بينما يعكس العلم والفلسفة والفن الحياة الاجتماعية والادب يعنى فى الغالب تشابك العلاقات الاجتماعية والافكار الاجتماعية وافكار الانسان وعالمه الداخلى مع الاطروحات الادبية للاديب ولكنه يصور لنا ذلك كله ممتزجا بالطبيعة وصور الحياة الاجتماعية.
ويتقاطع الشكل الادبى مع الشكل الاجتماعى للمعرفة فى الواقعة الادبية ولهذا يمكن الافتراض ان الشكل الروائى هو النقل الادبى للحياة اليومية فى المجتمع والرواية ذات البطل الاشكالى ترشدنا الى المجمتع الذى انتج العمل الادبى ونستطيع من خلال جماليات التشكيل الفنى للرواية ان نفهم واقع الاديب المعاش وان نكون اكثر التصاقا بهذا الواقع ونقبل ما فيه من قيم او نرفضها وان تنبأ بمستقبل هذا الواقع واول من اطلق اسم سوسيولوجيا الادب على هذا النوع هوالاديب الفرنسى( جى ميشو) فى كتابه( مدخل الى علم الادب) ثم حاول( جورج لوكاش) ان يعيد تفسير الادب من وجهة نظر الواقعية بتأكيد المضامين الاجتماعية مع قدر لا ينكر من الحس الرهيف والقيم الادبية وتبدأ نظريته من ان الادب صورة من الواقع وانه قد يكون اصدق من مرآة اذا صور متناقضات التطور الاجتماعى اى اذا اظهر الكاتب قدرته على النفاذ الى بنية المجتمع تجاه تطوره نحو المستقبل .
ثالثاً: نظرية الفن للفن:
مضمونها يتضح من أسمها حيث "هي نظرية للفن عموماً، وهي نظرية تجرد الفن من أي ملابسات فكرية أو فلسفية أو دينية (أيدلوجية)، وتنشد من الفنِّ الفنَّ فقط والجمال، ويطلق أصحاب النظرية على ذلك بأنه تخليص الأدب من النفعية والغائية.
ثم إن هذه النظرية شاعت في الأدب، إذ ترى أن الأدب يجب أن يتحرر من أي قيمة يمكن أن يحتويه الكلام إلا قيمة الجمال، وألا يُنظر فيه إلى معايير خلقية أو دينية أو قيم نفعية، "فمهمة الأدب نحت الجمال، ورسم الصور والأخيلة الباهرة، من أجل بعث المتعة والسرور في النفس، فليست مهمة الأدب أن يخدم الأخلاق، ولا أن يُسخَّر لقيم الخير أو المجتمع، إنه هدف في حد ذاته، ولا يُبحث له بالتالي عن أي هدف خُلقي أو غير خلقي، فحسبه بناء الجمال ليكون بمثابة واحة خضراء يُستظلُّ بها من عناء الحياة"(1).وينطلق الفكر الجمالي (الفن للفن) من منطلقات وأفكار هي:
1- الأدب فن مطلوب لذاته، وهو فن – كغيره من الفنون – مسوق لغرض الإمتاع وجلب التسلية، ولا وجه فيه للمنفعة والتهذيب، وهو إذ ذاك يستحق الدراسة لذاته لا لموضوعه.
2- استبعاد التعليم والتوجيه عن الشعر والفن عامة، والاهتمام بالشكل والتعبير الأدبي أكثر من الاهتمام بالمضامين الأدبية أو الفنية. أي أن المعايير التي يُحكم على النص من خلالها معايير شكلية دون معايير أخرى.
3- الاهتمام بالشكل في أي عمل أدبي: لفظاً وتركيباً وصورة وموسيقا وأسلوباً.. وغير ذلك من العناصر الشكلية التي تزيد نظراً لخصوصية كل فن أدبي.
4- إبراز النواحي الجمالية في الشكل الأدبي، ودراسة قيمة التعبيرية والشعورية، وبيان مدى قدرتها على نقل التجربة الفنية. ويرى دعاة هذا المذهب والمدافعون عنه أن مجرد إيقاظ الحس الجمالي في نفوس الناس يعني أداء دور اجتماعي مهم، لأنه متى أيقظ فيهم مثل هذا الحس فقد حملهم على نِشدان حياة أفضل وأسمى، وممن تحمس لهذا الرأي العقاد.
5-الاحتكام إلى الشكل وحده في بيان ما إذا كان النص المدروس أدباً أم لا.
6- تحطيم القديم وتدميره لبناء العالم الجديد الخالي من الضياع -حسب زعمهم-، والقديم في رأيهم هو كل ما ينطوي على العقائد والأخلاق والقيم.
7- يحقق الإنسان سعادته عن طريق الفن لا عن طريق العلم.
8- الأفكار في الأدب غير مهمة ولا يقينية.
9- إن الحياة تقليد للفن، وليس العكس، وهذا نقض لرؤية أفلاطون وأرسطو في المحاكاة.
ويرى أصحاب هذا المنهج أنه تحقيق للحرية يوم أن سُلبت في المناهج الأخرى بفعل الالتزام كما هو الحال مع الماركسية والأدب الإسلامي والوجودية وغيرها من المناهج الأدبية الملتزمة بفكر وأيدلوجية معينة."(1)

رابعاً: نظرية الفن للمجتمع:
وهي تتشابه في افتراضاتها مع نظريات الإنعكاس وعلم إجتماع الفن أو علم إجتماع الأدب كفروع لعلم إجتماع المعرفة . وهي تمثل النقيض لمقولة/ نظرية الفن للفن. وقد تم تناول هذا الجزء في المقدمة عن الفن.

تصنيف الكتابات حول العلاقة بين الفن والثورة

أولاً: أدبيات تدرس تأثير الثورة /السياسة علي الفن:
يمكن الإشارة في هذا الصدد إلي بعض الدراسات ومنها:
1- الباحث إبراهيم حجاج في دراسة له بعنوان " تأثير الثورة على كتاب المسرح المصرى فى الستينيات" يوضح أنه " يعود الفضل إلى ثورة 23يوليو فى السير بلمسرح المصرى إلى مرحلة من النضج والوعى بشكل لم يسبق له مثيل ، فقد تأثر المثقفون والمفكرون بالأفكار الاشتراكية التى تدعو الأدباء إلى أن يضعوا أنفسهم ومواهبهم فى خدمة المجتمع فقد أشاعت الثورة عند الكُتاب عنصر الالتزام بما أمدت به الجماهير العريضة من مفاهيم ثورية وأوضاع جديدة على المجتمع المصرى . وفى مقدمتها تقديس العمل من أجل المجموع لا الفرد ، "فمن الكتابات الموالية للثورة المتفاعلة مع توجهاتها كانت " الأيدى الناعمة " لتوفيق الحكيم تجسيداً للشعار الذى أطلقته الثورة على لسان قائدها " جمال عبد الناصر " حيث (العمل حق ، العمل واجب ، العمل شرف ).كما أسهم " ألفريد فرج " بمسرحيته " على جناح التبريزى وتبعه قفة " فى الترويج لفكرة التأميم ، والعدالة الاجتماعية.
" أما "سعد الدين وهبة " فقد كرس بدايات مسرحه لقضايا المجتمع والفساد السياسى والاجتماعى وآثاره السلبية على الطبقات الدنيا وخاصة فى الريف المصرى فكتب (المحروسة ـ كبرى الناموس ـ السبنسة ـ كفر البطيخ ) ، وانشغل فى المرحلة التالية على بداياته المسرحية بنقد تجربة الثورة فى مسرحياته ( المسامير ـ سكة السلامة ـ ياسلام سلم الحيطة بتتكلم )... ولقد حافظ " يوسف إدريس" فى كل أعماله على فكرة البحث عن حياة افضل تضمن للإنسان العدل والحرية . تلك الفكرة التى قامت عليها " جمهورية فرحات " والتى حلم فيها بجمهورية مثالية يوجد فيها عمل ورفاهية وعدل وحرية وبالتالى يستطيع الإنسان فيها أن يجد معنى لوجوده بعيدا عن الفقر والتفرقة الطبقية … (ويوضح في النهاية أن) أن للمسرح دوراً وظيفياً يتمثل فى أنه يعكس المشكلات الحياتية بصورة واضحة ودقيقة تكشف النقاب عن الواقع الاجتماعى وعن علاقة الإنسان بهذا الواقع . "(1).
2- في دراسة للباحث منير السعيداني بعنوان « في بعض رهانات علم اجتماع الفن »"يوضح "تعاظم الأثر الاجتماعي للفن في إطار الممارسات الثقافية التي تأتيها شرائح اجتماعية واسعة و متنوعة، وهو الأثر البادي للعيان على نسق الحياة الاجتماعية العامة عادات وتقاليد وأذواقا وميزانيات زمنية ومالية.... (و) يتعلق المستوى السياسي بمسألة السياسة الثقافية ورهاناتها بدءا من التصور وصولا إلى التنفيذ مرورا بالتشريع و التقعيد ووضع آليات المراقبة وأنظمة التحفيز. ومثلما أشرنا إلى ذلك فإن الممارسة السياسية الثقافية لا تفهم في إطارها الرسمي الضيق بل ينظر إليها من وجهة نظر علم الاجتماع على أنها شأنها شأن الحلبات السياسية الأخرى الموازية لها و المتداخلة معها ساحة لتنازع شرعية القيادة و النفوذ.... (و) تتعدد رهانات علم اجتماع الفن بين المعرفي و السياسي في معناه الإجرائي ومعناه الإناسي العام بما هو تدبر لأساليب الترقي بالحياة و معناه الثقافي بما هو بناء للهوية الحضارية. ويستجيب ما نقترحه لبعض ما يلح علينا من حاجة مزدوجة لدى خريجي علم الاجتماع من جهة وتتمثل في توسيع مجالات التشغيل واستثمار معارفهم ولدى مختلف الفاعلين في الحقل الفني والثقافي عامة من جهة ثانية وتتمثل في الرصد و المتابعة الواعيين لتحولات ذلك الحقل. ولا يمنع ما وقفنا عليه من تضارب استراتيجيات الفاعلين من اعتبار الاستجابة إلى هذه الحاجة في ازدواجها ضرورة ثقافية قصوى ذلك أن الوقوف على قناعات علم اجتماع الفن الأكثر بداهة كفيل بتنبيهنا إلى أن مآلات التغير الاجتماعي و خاصة في مكوناته الثقافية ورهاناته الماسة بمسائل الهوية الثقافية و الحضارية لا يمكن أن تظل في مهب غموض مجتمعي يريده بعض الفاعلين مؤسسا ومستداما."(1)
3- في الكتاب المحرر «سوسيولوجيا الفن»(2) يوضح الكتاب كيفية التفكير في الفن سوسيولوجيا والجدل حول الفن والفنان وعلاقة الفن بالمجتمع ومن ثم السياسة والثورة والتغيير الإجتماعي والسياسي . ومتي يغدو الفن فناً، حيث هناك ارتباط لصيق بين ظروف إنتاج العمل الفني وشروط إستقباله موضحا الشروط الإجتماعيةلإنتاج الفن ولإستقبال الفن. وفي دراسة أخري يتناول جسد الأنثي في الممارسة الجمالية النسائية بناء علي أفكار الحركة النسوية. بالإضافة إلي العديد من الدراسات الأخري المرتبطة بعلاقة الفن بالمجتمع والسياسة.
4- في كتاب «المسرح بين الفن والفكر»(3) توضح الكاتبة د. نهاد صليحة مصطلح المسرح السياسي، وفي هذا السياق تعرف السياسة بأوسع معانيها بإعتبارها المحيط الفكري والإجتماعي الذي يتم في إطاره الصراع الدرامي. وللتدليل علي ذلك توضح مثالاً هو مسرحية شكسبير ماكبث. حيث يصور شكسبير في هذه التراجيديا الدامية التفتت والتهرؤ الذي يصيب النفس البشرية عندما يخون الإنسان طبيعته الخيرة تحت ضغط الإغراء أو لمغنم عارض. وهو يبلور هذه الفكرة من خلال قصة إسكلندية قديمة تحت تحكي بأن قائدا قتل الملك الذي تربطه به وشائج القرابة والذي ينزل ضيفا في بيته، ويجزل له العطاء، وذلك بدافع الطمع في التاج، وبتحريض من زوجته. وبعد ان يحصل ماكبث في القصة الاسكتلندية علي التاج يحاول ان يؤمن مركزه عن طريق التخلص من معارضيه فيمعن في القتل والطغيان ، ويسود الظلم البلاد حتي يعود إبن الملك المقتول والوريث الشرعي إلي إسكتلندة، ويعزل هو ومعاونوه ماكبث الطاغية، ويستعيد ملك أبيه.


ثانياً: أدبيات تدرس تأثير الفن علي السياسة / الثورة:
1- في دراسة للباحثة "حنان مصطفي عبد الحليم بعنوان « الفن والسياسة في فلسفة هربرت ماركيوز»"(4)
ينطوي موضوع هذه الدراسة على إشكاليتين أساسيتين إحداهما تتعلق بطبيعة القضية نفسها التي يطرح ماركيوز عن علاقة الفن بالساسية، والأخرى تتعلق بأسلوب طرح ماركيوز نفسه لهذه القضية ومنهجه في البرهنة عليها، وهاتان الإشكاليتان يمكن صياغتهما في هذين التساؤلين: أولاً: هل يمكن "فهم البعد الجمالي" من خلال البعد السياسي كما رأى ماركوزه، أم أن البعد الجمالي يشكل مفهوماً له هويته الخاصة؟ وإذا كان ماركيوز يؤكد إستقلالية الشكل الجمالي، فكيف يمكن التوفيق بين هذا وتأكيده على إرتباط هذا الشكل المستقل بالواقع؟ ثانياً: هل يمكن أن تشكل آراء ماركيوز في الفن نظرية متجانسة ومتسقة، خاصة أن هذه الآراء من فلسفات متباينة، بل ومتناقضة أحياناً.
وبالعودة لخطة هذه الدراسة نجدها قد توزعت على خمسة فصول: الفصل الأول: وعنوانه "ماركيوز في سياق مدرسة فرانكفورت"، جاء يحاول عرض الأساس الذي تقوم عليه النظرية النقدية عند ماركيوز من خلال النظر إليه في سياق مدرسة فرانكفورت، مركزاً على المصادر التي استقى منها ماركيوز نظريته النقدية؛ ومدى إلتزامه وباقي زملائه من فلاسفة المدرسة بتطبيق نظريتهم النقدية، وكذلك نقدهم للمجتمع التقني والعقل الأداتي، ومفهوم صناعة الثقافة في المجتمعات الرأسمالية. الفصل الثاني: وعنوانه "إرهاصات نظرية ماركيوز الجمالية"، ويتناول هذا الفصل إهتمام ماركيوز المبكر بالجمال، والذي يتضح من خلال أطروحته التي قدمها عن "فنان الرواية الألماني"، والتي ظل يتأرجح خلالها بين تعاطفه مع الرومانتيكية الذاتية والواقعية الموضوعية، كما يعرض تحليله الخاص بالثقافة البرجوازية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وإعجابه الشديد بفكرتها المثالية عن فاعلية الروح الإنسانية، وكذلك إعجابه بفكرة الفن المضاد الذي يمثل رفضاً وخروجاً عن الواقع. الفصل الثالث: وعنوان "البعد الجمالي كبعد تحرري"، ويناقش هذا الفصل الجمال بوصفه تحرراً عند ماركوزه، وذلك من خلال إبراز العلاقة بين الخيال الحر والحساسية الجديدة وبين مفهوم التحرر، كما يناقش هذا الفصل الشكل الذي تستطيع من خلاله اللغة أن تمثل تعبيراً ثورياً عن الحساسية الجديدة، ويناقش أيضاً فكرة اللعب وعلاقتها بالفن والتكنولوجيا، وفكرة الفن كإشباع غريزي؛ على إعتبار أن هذه الأفكار تمثل مناطق حية يُسمح من خلالها للجمال أن يمارس فاعليته.
الفصل الرابع: وعنوانه "الفن بين التشيؤ والذاتية" ويعرض هذا الفصل نقد ماركيوز للنظرية الماركسية في الفن، خاصة في طابعها الأورثوذكسي، وإهتمامه في المقابل بالشكل الجمالي وذاتية الفن على إعتبار أنهما يمثلان اللغة الخاصة بالفن والتي تمكنه من كشف الواقع، ثم يعرض للنتيجة التي وصل إليها ماركيوز والمتمثلة في تزامن ثورية العقل وإرتباطها بثورة الفن؛ وذلك لأن الفن الحقيقي عنده هو الذي يمثل ثورة على الواقع. الفصل الخامس: وعنوانه "نقد النظرية الجمالية عند ماركوزه"، ويناقش هذا الفصل نظرية ماركيوز الجمالية من خلال وجهة نقدية، وذلك عن طريق طرح بعض الأسئلة ومحاولة الإجابة عنها مثل: هل هناك إتساق في نظرية ماركيوز الجمالية؟ وإلى أي مدى يظهر البعد اليوتوبي في نظريته؟ وأخيراً يطرح البحث تساؤلاً عن مدى إمكانية مواجهة نظرية ماركيوز الجمالية لمفهوم الفن في عصر العولمة. الخاتمة: وهي عبارة عن تقييم في نظرية ماركيوز الجمالية.


ثالثاً: أدبيات تناولت الثورة:
1- في كتابها «في الثورة»(1)توضح الكاتبة والفيلسوفة الأمريكية من أصل ألماني حنة أرنت المبادئ العامة لتفسير الثورات جميعاً، بدءاً من الأمثلة الكبري الأولي في أمريكا وفرنسا. مروراً بكيفية تطور نظرية الثورة وممارستها وصولاً، في النهاية، إلي توقعات التغيير في العلاقة بين الحرب والثورة، وما ينتج عن هذا التغيير علي صعيد العلاقات الدولية.
2- في آخر كتاب له بعنوان «الثورة الفرنسية»(2) يرصد ويحلل الكاتب والأديب الكبير د. «لويس عوض» مراحل الثورة الفرنسية التي تعتبر فترة تحولات سياسية واجتماعية كبرى في التاريخ السياسي والثقافي لفرنسا وأوروبا بوجه عام. ابتدأت الثورة سنة 1789 وانتهت تقريباً سنة 1799. عملت حكومات الثورة الفرنسية على إلغاء الملكية المطلقة، والامتيازات الإقطاعية للطبقة الارستقراطية، والنفوذ الديني الكاثوليكي. ومرت بعدة مراحل دامت عشر سنوات، ومرت عبر ثلاث مراحل أساسية:
المرحلة الأولى (يوليو 1789 - اغسطس 1792)، فترة الملكية الدستورية: تميزت هذه المرحلة بقيام ممثلي الهيئة الثالثة بتأسيس الجمعية الوطنية واحتلال سجن الباستيل، وإلغاء الحقوق الفيودالية، وإصدار بيان حقوق الإنسان ووضع أول دستور للبلاد. المرحلة الثانية (اغسطس 1792 - يوليو 1794)، فترة بداية النظام الجمهوري وتصاعد التيار الثوري حيث تم إعدام الملك وإقامة نظام جمهوري متشدد. المرحلة الثالثة، (يوليو 1794 – نوفمبر 1799)، فترة تراجع التيار الثوري وعودة البورجوازية المعتدلة التي سيطرت على الحكم ووضعت دستورا جديدا وتحالفت مع الجيش، كما شجعت الضابط نابليون بونابارت للقيام بانقلاب عسكري ووضع حدا للثورة وإقامة نظاما ديكتاتوريا توسعيا.
رابعاً: أدبيات تناولت الفن:
1- توضح جانيت وولف في دراستها « علم الجمالية وعلم اجتماع الفن»(1) مسألة القيمة الجمالية في تأثرها بعلم اجتماع الفن، وعدم اختزالها لصالح أي من الفروع المعرفية المتناظرة سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو إيديولوجية، حيث يعد النقد في مجال الفنون والآداب وتاريخهما ـ من وجهة نظر البعض ـ عملا أيديولوجيا.
وتوضح إن رفضها اختزال القيمة الجمالية إلى قيمة سياسية أو أخلاقية مثلا، يعتبر حالة دفاع عن خصوصية الفن، سواء باعتباره نوعا خاصا من التجربة الجمالية، أو ميزة خاصة كامنة في منتجات فنية بعينها.وتؤكد المؤلفة أكثر من مرة أن أطروحتها الأساسية في هذا الكتاب تنطلق من الحاجة إلى تخليص بعض المفاهيم الجمالية من الادعاءات الإمبريالية لمعظم التحليلات الاجتماعية الراديكالية للفن التي تعادل بين القيمة الجمالية والقيمة السياسية، وتخليصها أيضا من النسبية المطلقة والعجز الذي تؤدي إليه النزعة الذاتية العاكسة لذاتها في مجال التاريخ الاجتماعي والنقدي للفنون، وعلى ذلك تظل جماليات التلقي تمثل تناولا منحازا للتجربة الجمالية والتقييم الجمالي.وتؤكد المؤلفة أن خطابات ومؤسسات المجال الجمالي يجب أن تظل مستقلة عما هو اجتماعي. لذا تتناول بالنقد أعمال الكتاب الذين أضعفوا القيمة الجمالية، بوضعها ضمن قيم اجتماعية أو سياسية. وهي في نهاية كتابها ترى أنه لا تزال أعمال الفنانين والكتاب المنتمين للأقليات في الغرب تعاني من التهميش والتجاهل، حيث تعمل المقاييس الجمالية السائدة على استبعاد الأعمال النابعة من تقاليد ومبادئ مغايرة، لعدم أهليتها.
2- في كتاب «الوعي والفن»(2) يجيب الكاتب غيورغي غاتشف، علي أسئلة مثل كيف ظهر الفن في حياة الإنسان؟ وكيف أستطاع الوعي البشري أن يبتكر الصورة الفنية ويشكلها من خلال علاقته بالطبيعة؟ وما الذي طرأ علي الوعي البشري منذ كان كائن بيولوجي لا يمتاز من الطبيعة إلي أن تحقق له الإنفصال عن الطبيعة وسيطر عليها، وكون الجماعة التي اصبحت بدورها تكون عين الإنسان، وتشارك في صياغة روايته للعالم؟ وتنطلق الإجابة من تحليل الطبيعة والوعي والفن كثلاث مقولات تقابل أطراف الثلاثية الفلسفية الشهيرة: المادة والفكرة والفعل.

----------------------
حواشي

اسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي،"الموسوعة الميسرة للمصطلحات السياسية"،(الأسكندرية: مركز الإسكندرية للكتاب،2005) ص 140.
(2) عبد الوهاب الكيالي،"موسوعة السياسة"،المجلد الأول،(بيروت: دار الهدي،1985)ص 870.
(3) المرجع السابق، ص ص 870-872.

(1) المرجع السابق، ص ص 872-875.
(1) المرجع السابق،ص ص 873-874.
(1) ابراهيم حجاج، " نظرية الانعكاس ....ما لها وما عليها"، (الحوار المتمدن: العدد: 3141 - 2010 / 10 / 1). متاح علي الرابط أدناه:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=230510 , تاريخ الدخول: [6/4/2010 4:11 PM].
(1) المرجع السابق.
(1) وليد قصاب، "في الأدب الإسلامي"، (دبي: دار القلم، 1998).
(1) وائل بن يوسف العريني، "الفن للفن"، (الألوكة الأدبية واللغوية: 1/4/2007). متاح علي الرابط:
http://www.alukah.net/Literature_Language/0/497/ , تاريخ الدخول : [6/4/2010 7:46 PM].
(1) ابراهيم حجاج، " تأثير الثورة على كتاب المسرح المصرى فى الستينيات"، (الحوار المتمدن : العدد 3204 - 2010 / 12 / 3). متاح علي الرابط : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=236992 ، تاريخ الدخول: .[6/4/2010 4:34 PM]
(1) منير السعيداني، " في بعض رهانات علم اجتماع الفن"، (إجتماعيات: 22 أغسطس 2007). متاح علي الرابط أدناه:
http://mounsaid.maktoobblog.com/479672/%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%B9%D8%B6-%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86/ , تاريخ الدخول: [6/4/2010 7:15 PM].
(2) ديفيد إنجليز، جون هجسون (محرران)، "سوسيولوجيا الفن: طرق للرؤية"، ترجمة : ليلي الموسوي ، مراجعة: محمد الجوهري، (الكويت: عالم المعرفة 341، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2007).
(3) نهاد صليحة، "المسرح بين الفن والفكر" ، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986).
(4) حنان مصطفي عبد الحميد، " الفن والسياسة في فلسفة هربرت ماركيوز"، (بيروت: دار التنوير للطباعة والنشر، 2010).
(1) حنة أرنت،"في الثورة"، ترجمة : عطا عبد الوهاب ، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية/المنظمة العربية للترجمة، 2008 ).
(2) لويس عوض، "الثورة الفرنسية"، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1992).
(1) جانيت وولف، " علم الجمالية وعلم اجتماع الفن"، ترجمة : ماري تريز عبد المسيح، وخالد حسن، (القاهرة: المشروع القومي للترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، 2010)..
(2) غيورغي غاتشف، "الوعي والفن"، ترجمة: نوفل نيوف، مراجعة : سعد مصلوح، (لكويت: عالم المعرفة 146 ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1990).



#بهاء_الدين_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حجج في الرد علي المرجعية الدينية
- عرض نقدي لمقالة: -اليابان: نحو دور أكبر في النظام الدولي-
- القوات المسلحة الصينية
- وثيقة الدستور
- العزلة السي أتش-سلفية
- الديمقراطية والإيمان
- الثورة والديمقراطية


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين محمد - الثورة والفن: (دراسة في المفاهيم والمقولات النظرية والأدبيات السابقة)