النظام الانتخابي والشكل الفيدرالي للدولة(5)

الاء حامد

الحوار المتمدن-العدد: 3448 - 2011 / 8 / 5 - 14:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

لاشك إن فكرة الدولة الفيدرالية تستند إلى واقعين أساسين مهمين هما تعددية السلطة التنفيذية وثنائية المجالس التشريعية . ويترتب على ذلك وجود نوعان من الحكام وهما النوع الأول الحكام المحليون والنوع الثاني الحكام الفيدراليون .ولكل حاكم سلطته التنفيذية المستقلة يزاولها حسب ما اقر له الدستور بذلك. كما يوجد نوعان من المجالس فهنالك مجالس محلية وأخرى فيدرالية(1) ولكل مجلس له حق التشريع وفق ما تقتضيه المصلحة العامة والخاصة ضمن إطار الدستور أيضا. ولا يحق لأي مجلس تجاوز صلاحياته مهما كانت الظروف.

العراق في ضل دستور عام 2005 تبنى الشكل الفيدرالي للدولة حيث نصت المادة الأولى منه على ان جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة,نظام الحكم فيها جمهوري نيابي(برلماني) ديمقراطي ,وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق,بينما أكدت المادة (117) على إن هذا الدستور سوف يقر عند نفاذه إقليم كردستان وسلطاته القائمة إقليما اتحاديا.

وفق هذا النص الدستوري يكون جزء من العراق قد حصل على نوع من الاستقلالية على أسس قومية . لهذا من المناسب إن أتبنى سؤالا ملحا في غاية الأهمية طرحه الدكتور حيدر ادهم الطائي في ذات الموضوع فيما يتعلق بهذا النص وإمكانية تكوين إقليم او أكثر على أسس طائفية ؟(2)

عندما أريد ان ابحث في إجابة للسؤال الذي تبنيناه أعلاه لابد علينا من إعادة كتابة نص المادة (117) من الدستور العراقي التي نصت على انه ( يحق لكل محافظة او أكثر تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه ,يقدم بإحدى طريقتين:أولا.تقديم طلب من الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم. ثانيا:طلب من عشرة ناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم .

هذه المادة هي المعنية بمعالجة أسلوب تكون الأقاليم في الدولة العراقية وهي من خلال قراءة نصوصها تبدو أنها جعلت من طريقة تكوين أقاليم جديدة إضافة إلى إقليم كردستان عملية سهلة وغير معقدة لهذا ترى هنالك الكثير من الدعوات التي تبناها نواب من هنا وهناك لتكوين أقاليم وخاصة في الوسط والجنوب والشمال وأخرها ما دعا إليه السيد رئيس البرلمان العراقي السيد أسامة النجيفي في إنشاء إقليم على أساسا طائفي للسنة لشعورهم بالإحباط جراء التعامل التعسفي الذي يتعرضون له من قبل الحكومة المركزية بل انه ذهب إلى ابعد من ذلك وطالب في حال بقاء الأمور على حالها سيطالبون بالانفصال عن العراق .كذلك هنالك تبني لاستحداث محافظة مستقلة ذات طابع إقليمي مستقل لمسيحي العراق في سهل نينوى لاعتبارات أمنية بعد فاجعة سيدة النجاة في بغداد وما سبقتها من إحداث دموية تعرض لها المسيحيين في العراق.

عندما نجد ان اغلب التيارات التي تطالب بإنشاء أقاليم نبعت من خلفيات ودوافع مذهبية طائفية قومية أثنية ما عدا المسيحيين كما قلنا لدواعي أمنيه مع ان الإطار العام لمطلبهم كان طابعا دينيا أيضا .تشعر عند ذلك بماهية التقسيم والتجزئة سيتعرض لها العراق في القريب العاجل ضمن إطار هذا الدستور, لهذا تجد هذه الأصوات ضعيفة وغير مسموعة من قبل الشارع العراقي الرافض للانشقاق والمتمسك بالوحدة.

هنالك ملاحظة مهمة أيضا تتعلق بالشكل الفيدرالي للدولة لابد الوقوف فيها طويلا تتعلق بالصلاحيات الممنوحة للسلطات الفيدرالية والسلطات المحلية وقد تبناها الدستور العراقي المستفتى عليه عام 2005 في عدة مواد لوجود أكثر من طريقة لتعداد صلاحيات السلطات الفيدرالية حصرا, وهو ما جاء بالمادة 110 ثم ذكر عدة اختصاصات أخرى اعتبرها مشتركة بين السلطات الفدرالية وسلطات الأقاليم وهو ما جاء بالمادة 114 ثم جاءت المادة 115 تنص على ان (( كل مالم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية ويكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم , إما الصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم فتكون الأولية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم في حالة الخلاف بينهما ))

الخطورة تكمن في الشق الأخير من هذه المادة ففي التجارب الفيدرالية عندما يحصل خلاف بين قوانين فيدرالية وأخرى محلية تكون الغلبة للقوانين الفيدرالية وبهذا الحل يبرز طابع الدولة الفيدرالي, إما العكس وهو ما سار عليه مشروع الدستور العراقي فيكاد يخرج العراق عن الشكل الفيدرالي للدولة الى نوع قريب من الاتحاد الكونيفدرالي(3) تمت لكم كل الود



المصادر والإحالات
1.منذر شاوي القانون الدستوري ص250-
2.الدكتور حيدر ادهم الطائي في شؤون مشرقية العدد الأول 2008ص150
3.المصدر نفسه

#الاء_حامد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل