ما العلاقة بين الآن الفيزيائية والآن التاريخية

محمد ماجد ديُوب

الحوار المتمدن-العدد: 3446 - 2011 / 8 / 3 - 21:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يقول الفليسوف الفرنسي الشهير هنري برغسون :أن اللحظة (الآن)هي التفاعل المستمر بين الماضي والمستقبل .
مما لاشك فيه أن الثورة في الفيزياء بلغت أوجها الراهن بإكتشاف النظرية التموجية (نظرية الكم )فكان أن أثبتت هذه النظرية أن كل شيء موجود هو شيء يتحرك والعكس أن كل شيء يتحرك هو شيء موجود فأضحى الوجود والحركة شيئين متلازمين وجوداً عضوياً لايمكن الحديث عن أحدهما بإهمال الآخر وكأنه لاوجود له .
الزمن وفق هذه النظرية يتحرك على شكل دفقات لامتناهية في الصغر في حالتنا الطبيعية إذ نحن على سطح كرة لها سرعة دوران محددة حول نفسها وسرعة أخرى لها في دورانها حول الشمس وسرعة أخرى هي سرعة دوران مجموعتنا الشمسية حول مركز المجرة يضاف إليها سرعة دوران المجرة حول مركز مفترض لدوران المجرات لم يحدد حتى الآن .مجموع هذه السرعات كلها جعل الساعة لدينا بمفهومها الحالي لدينا إذ أن السرعة النهائية للأرض محددة وبالتالي اللحظة الزمنية معروفة وفق التقسيم الستيني للساعة إن اللحظة الزمنية هذه (الآن)هي في واقع الأمر مقدار لامتناهي في الصغر بيحيث تبدو حركته وكأنها قفزات لمسافات لامتناهية في لصغر وقد اعتمدت السينما على على المعلوم فدرست العين ووجد أن الصورة يلزمها لتنطبع على شبكيتها ( العين) كمٌ زمني مقداره 1على 24 من الثانية فصنعوا كاميرات تلتقط الصور بسرعة 24 صورة في الثانية الواحدة .وعندما يدار الفيلم المصور بالسرعة ذاتها نرى الصور التتابعة بفواصل زمنية مقدار كل منها 1على 24 من الثانية تبدو للعين وكأنها حركة حقيقية .إذاً هذه هي اللحظة من وجهة نظر الفيزياء الكمومية .
الآن تاريخيا ً هو فعل حركة في الآن الفيزيائي .أي أن كل حركة (وجود مادي )هي فعل وعاؤه الزمن مسجل عيله سواء أقمنا بتصويره أم لا.إن عملية التصوير في واقع الأمر هي عملية تثبيت للآن الزمني بما يحتويه من فعل .فصورتك قبل عشرين عاماً هي عملية تثبيت لوضعك لوجودك قبل عشرين عاماً في آن ٍ ما محدد .
ما هو التاريخ ؟كلنا يعرف أن التاريخ هو سلسلة متواصلة من الأحداث في وعائها الزمني المرتبط بها إرتباطاً كما إرتباط الحركة والوجود بحيث لايمكن فصم عراهما عن بعض بحيث أن رباعية الوجود هي رباعية الزمكان نفسها .ولاعجب إذ رأينا أن الزمن (اللحظة ) (الآن ) يطابق في تمدده وتقلصه الكتلة فكلاهما يكبران حتى اللانهاية وكلاهما يصغران حتى اللانهاية وذلك وفقاً لسرعة تحرك القائس ( الإنسان) .
وهنا هل يمكن القول أن الثقب الأسود هو تعبير عن حالة تمدد زمني لانهائي بسبب الجاذبية الهائلة إضافة لكونه حالة تعبير عن حالة كتلة لانهائية ؟؟؟؟
لكن ما المقصود من كل ما تقدم ؟
كثير من الباحثين والكتاب والمفكرين في هذه الأيام يتقدم إلى قرائه أو متابعيه أو مريديه دراسات تتحدث الوضع الراهن والحديث عن المستقبل وكأن كلاً من الإثنين ينفصل انفصالاً قطعياً عن الماضي وبالتالي يسقطون من حسابهم جزءاً مهماً لابد من أخذه الإعتبار هو الحالة التاريخية المرتبطة إرتباطاً وثيقاً بالموضوع قيد الدراسة .
فمثلاً نتحدث كثيراً في هذه الأيام عن سبل نهضتنا التي لم نعثر عليها بعد وترانا مختلفين كثيراً حتى حد التناقض برؤيتنا للموضوع من حيث المبداً ثم يكون الأختلاف المرعب على رؤيتنا للحاضر وبالتالي نختلف إختلافاً جذرياً في رؤية الصورة التي يجب أن تكون لمستقبلنا,
وكما قلت في مقال لي على هذا الموقع وذلك من ردي على الأستاذ عبد القادر أنيس حول موضوع هل نتعرض لمؤامرة غربية ؟
وجدت من خلال قراءتي لكل الردود على موضوع الأستاذ أنيس وحتى من كاتب الموضوع نفسه إهمال متعمد للتاريخ في الدراسة وكأن الكل قد قام بعملية قطع
مع التاريخ وبالتالي تمت عملية تشويه مقصودة أو غير مقصودة للحظة الراهنة وبالتالي تم رسم صورة غير واقعية لما يمكن فعله أو كيف يجب أن يكون .
إن الماركسية بينت سيرورة التاريخ وكأنها حركة ذاتية مكتفية بشروطها الداخلية ولكن على ما أظن لو أخذت بالإعتبار كل الشروط الداخلية مضافاً إليها الشروط الخارجية المحتملة دون تحميل أي من الشروط الداخلية أو الخارجية العبء كله بل يجب أخذهما كلاهما بالأهمية ذاتها ...................
وهنا علينا أن نسأل هل ما يجري في العالم العربي حاليا ً يجري فقط وفقاً لسيرورته الذاتيه وكأن هذا العالم العربي جملة فيزيائة معزولة تماماًأم أن الواقع هو شيء آخر ؟؟؟؟
لابأس من التذكير ثانية بمقولة برغسون اللحظة هي التفاعل المستمر بين الماضي والمستقبل .
ودمتم لفجر ينتزع فيه العقل العربي حريته من مقدسات احتلته منذ فجر التاريخ ...

#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل