أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد صيدم - تطارده الملائكة ! (قصة قصيرة)














المزيد.....

تطارده الملائكة ! (قصة قصيرة)


زياد صيدم

الحوار المتمدن-العدد: 3440 - 2011 / 7 / 28 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


لم يكن ليفكر قبل هذه الليلة في حفل صديقه ، بأنه يكتنز في قلبه شيئا مختلفا تجاهها.. كان يفكر بأنه مجرد إعجاب أسوة برجال البلدة بتلك المرأة ممشوقة القوام ..مكتنزة الشفتين، تعلوهما عينان واسعتان لوزيتان.. تحيط بهما كحلة سوداء فتزيدهما جمالا وبهاء...
كان يشاهدها أحيانا في بعض المناسبات، أو يلمحها أحيانا أخرى في سوق البلدة.. كانت تختال في مشيتها بقوامها الفارع ..واليوم صادف أن لمحها سريعا في فرح احد الأصدقاء بينما كانت ترافق صبية خارج القاعة المخصصة للنساء لقضاء حاجتها.. وقد خلعت جلبابها لتظهر فستانها الذي اختارته بعناية تنم عن جمال في ذوقها وكياسة في رتابتها في اختيار الألوان جعلتها تبدو كملكة الحفل بلا منازع.. هكذا كان متيقنا في قرارة نفسه، قبل أن تتناقل ألسن الرجال همسات تسربت من داخل القاعة، مفادها بان العروس وأمها قد أصابهما دوار جراء الغيرة والحسد.. فقد حاول العريس خطبتها من قبل.. لكن النصيب حال دون إتمام الخطبة .. فحاول الرجال كتم قهقهاتهم دون جدوى ..فكان تأكيدا لما تبادر إلى ذهنه قبل قليل .
حين لمحها.. و أحمد يحس بدوار يعصف بكيانه.. فانتحى بنفسه بعيدا عن الحضور.. دون أن يلفت الأنظار والألسن الغارقة بالهمسات والقهقهات المخنوقة على استحياء.. من نوادر الأخبار الواردة تباعا من داخل قاعة النساء.. مكث في ركنه مبهورا بجسدها المكتنز، وتضاريسه الأنثوية الساحرة، التي طالما حاولت إخفائها بصعوبة بين طيات جلبابها الأسود الفضفاض.. لكن سحرها الملائكي قد فضحه ذاك الفستان الذي ساعده الحظ وحده دون سواه من أن يكتشف رشاقة وبديع ذاك القوام... هكذا وقع في قلبه ذاك الإحساس العجيب الغريب، كدوى انفجار مزق سكونه وهدوءه وأشعل ارتباكه ..بشعور اعتراه دوما حين كان يشاهدها ؟!
أسرع يحث الخطى عائدا إلى بيته قبل نهاية الحفل.. وفى عقله تتماوج الأفكار باضطراب لا يستطيع معها التقاط أي طرف منها ليرتب أفكاره من جديد.. مشاهد وصور وكلمات.. تنطلق في آن واحد حتى انه سمع صنين وصفير في أذنيه يزداد صخبهما شيئا فشيئا حتى افقده البوصلة في تحديد الاتجاهات.. فتاه عن طريق بيته ، ولم ينتبه إلا عندما ظهرت شواهد غريبة في طريق لم يعتد عليه من قبل.. فاستيقظ من صخب يدق أعماق عقله، ليعود أدراجه ثانية إلى بيته، فيدخله مسرعا ..يتجه فورا إلى أول مغسلة، فيغمس رأسه أسفل صنبور المياه ..يدعه ينهمر باردا حتى شعر باتزانه وهدوءه من جديد...
لم تكن أمه قد نامت بعد ..أحست بحركاته الغريبة ..تركته متكئا على كنبته المفضلة وقد أشعل التلفاز يقلب قنواته بعصبية ظاهرة.. تركته قليلا قبل أن تعود إليه، تحمل كأسين من عصير البرتقال المثلج ..فابتسم لها ورحب بها ..فمازحته كعادتها ..حاول أن يبادلها عبارات اعتاد عليها ..لكنه فشل في احتواء ارتباكه وحيرته وما عاناه هذه الليلة المتميزة في حياته.. والتي شقلبت معاييره رأسا على عقب.. هزت برأسها وهى تتفرس عينيه وحركاته التي ابتعدت عن سكونه المعتاد..فبادلته بسؤالها:
- هل تريد الزواج يا صغيري الشاب ؟
- الزواج...لا، ليس مسألة زواج يا أمي لكن !
- لكن ماذا يا ولدى ؟ فبعد عودتك قبل نهاية حفل صديقك الليلة وأنت مرتبكا.. فعيناك تكسوهما الحيرة والقلق وتبدو حزينا كأن شيئا ما قد اثر عليك ..أهي عدوى الزواج ؟ وهنا تطلق ضحكتها الهادئة ..حسنا فكرت يا ولدى .. فالعروس جاهزة عندي وأهلها يتمنون رضاك وكلمة موافقة منك.. كما أنها تلقى رضي والدك أيضا ..
- من تقصدين يا أمي ؟ هل أفصحت أكثر ؟
- إنها ابنة الشهيد مصطفى مثال الشرف والكرامة.. فقد بلغت سن السابعة عشرة ربيعا ..فحين استشهد والدها في الحرب.. كانت ما تزال على حضن أمها التي أنجبتها في سن مبكرة ومن ذاك الحين إلى اليوم لم تتزوج المسكينة ..بل ورفضت كل الرجال اللذين يتمنون نظرتها وإشارة منها بالموافقة..آخرهم كان ابن الحاج على أكبر تجار البلدة لقد حاول مرارا وتكرارا الزواج بها دون جدوى...
قطع حديثهما فجأة انقطاع التيار الكهربائي.. وانشغال والدته وسط الظلام في إشعال شمعة قريبة وضعتها في مكان معلوم لمثل هذه الحالات المعتادة...بعدها مباشرة استأذن احمد أمه على أن يستكملا حديثهما في الصباح حيث عطلة الجمعة.. وقد ألمح لها بموافقته المبدئية على فكرتها.. فكانت بمثابة الضوء الأخضر لها بالتحرك حسب العادات المتبعة في مثل هذه الأمور...
اقتنع احمد بان المخرج الوحيد مما هو فيه، أن يوافق على الزواج من تلك الشابة الحسناء.. فهي من أسرة كريمة ومناضلة .. وهكذا يضع حدا لعذابات عقله، وينهى دقات قلبه كلما زاره طيف تلك المرأة الملائكية التي أصابت قلبه بسهم قاتل..فقد حاول أن يقنع نفسه بأنه قد تخطى مرحلة المراهقة و أصبح رجلا.. فهو خريج كلية الحقوق، وموظفا مرموقا في المحكمة، ومرشحا قريبا ليصبح قاضيا.. فلا يعقل أن يقع في متاهات من هذا القبيل.. فكانت فكرة أمه قد جاءت في وقتها المناسب ..مما جعله يوافقها على الفور، حيث بدا الحديث كحبل نجاة له وخلاصه من معاناته التي اشتدت هذه الليلة، ولا يعرف تحديدا ما يخبئ له القدر...
في اليوم المتفق عليه للزيارة.. ذهب برفقة والديه وأحد أخواته المتزوجات إلى بيت العروس لشرب فنجان القهوة والذي تقدمه العروس بنفسها حسب العادات المتبعة.. استقبلهم خالها وعمها وزوجاتهما في صالون الضيافة مرحبين.. وعلى شفاههما ابتسامة فرح ورضي.. فالعريس على خلق ومن أسرة كريمة ...
لحظات حتى دخلت أمها؟ بقوامها الممشوق مبتسمة، مرحبة بهم .. كاشفة عن وجه ملائكي ترتسم عليه شفتين مكتنزتين.. تعلوهما عينان واسعتان لوزيتان .. تحيط بهما كحلة سوداء فتزيدهما جمالا وبهاء...
إلى اللقاء.



#زياد_صيدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثوار الناتو..ثوار آخر زمن.
- سيناريو متوقع للبيان رقم 10 للجيش المصري !!
- عجز (قصص.ق.ج)
- مذبحة الناتو لأسرة فلسطينية في طرابلس ليبيا.
- يرموك الأحزان (قصة قصيرة)
- حكايا شامية (ق.ق.ج)
- ليبيا دروع بشرية لحماية باب العزيزية.
- غُبر ومشانق. (ق.ق.ج)
- أطلقوا سراح الناشط الايطالي فتوريو أريجونى.
- مرايا في السرايا (قصص.ق.ج)
- تطبيق السيناريو المعكوس في ليبيا ؟.
- البرادعى وعمرو في سباق للهجن !
- تسونامى (ق. ق. ج)
- مسرح العرائس (قصص.ق.ج )
- المصالحة الفلسطينية بين الاستجداء والترقب !
- الأخ عمرو موسى انتبه المؤامرة .
- ليبيا في كلمة مندوب فنزويلا ؟
- فلسطين ما بحك جلدك غير ظفرك.
- ثلاثة ردود عاجلة على الفيتو الأمريكي الأخير ؟
- من انتفاضة إلى ثورة بيضاء فشكرا للجيش المصري.


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد صيدم - تطارده الملائكة ! (قصة قصيرة)