أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - ضياء الشكرجي.. ثوري بلا أقنعة















المزيد.....

ضياء الشكرجي.. ثوري بلا أقنعة


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 3432 - 2011 / 7 / 20 - 19:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قرأتُ، قبل قليل، في تمام الثالثة فجرا، إحدى روائع مقالات الكاتب الصديق، ضياء الشكرجي، على موقع جريدة (الجديدة) الالكتروني. أطلق فيها عنانه، بحماس جذاب، لروح وعناصر يومي 14 و15 تموز عام 1958 التي سماها (حدثا) مبعداً ما (حدث) فيهما عن لوغو الثورة وعن لوغو الانقلاب العسكري، بمحاولة تحليل مكثفة، ارتباطا مع (عقدة) مجزرة قصر الرحاب، التي قتل فيها الملك فيصل الثاني وولي العهد عبد الإله ووالدته نفيسة وابنتها الأميرة عابدية والطباخ التركي(يلماز) وأحد الخدم . قتل أيضا مرافق الملك ثابت يونس وجرحت الأميرة هيام ابنة أمير قبيلة ربيعة في الكوت زوجة عبد الإله مع الخادمة رازقية وجرح عدد من الضباط الثوار كل من النقيب عبد الحميد السراج والنقيب مصطفى عبد الله .
يوم الخميس الماضي 14 – 7 – 2011 انطلقت بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة والخمسين مظاهرة جماهيرية في بغداد نظمها التيار الديمقراطي لتشكيل (مسيرة تحية) بدأت من ساحة الفردوس للتجمع في ساحة التحرير. استخدم فيها منظموها شكلاً من أشكال التناغم السياسي بين ذلك اليوم الثوري المجيد وبين أيام الجمع الثورية المجيدة الجارية على نوتة المظاهرات الشبابية السلمية، التي بدايتها الشجاعة كانت في مظاهرة 25 يناير تحت صوت الشباب: (الشعب.. يريد.. الإصلاح والديمقراطية).
بسبب الوعي السياسي غير العادي الذي تمتاز به شخصية الكاتب النير ضياء الشكرجي، فقد شدد بمقالته على (قرار) أتخذه بعدم المشاركة بالمظاهرة، رغم أنه من العناصر اللامعة في التيار الديمقراطي ورغم كونه من المثقفين الذين لهم وجود أصيل دائم بتأييد شباب وشابات ساحة التحرير. لكنه كما وجدته في مقالته يعتبر (يوم التغيير الثوري) كان مصحوبا بفتح قفل الفلتان الأمني اللا إنساني داخل قصر الرحاب الملكي حيث وقوع المجزرة بــ"عقلية" القتل الجماعي والتمثيل ببعض الجثث، وسحلها في شوارع بغداد، بشكل مقرف ، أشارت الكثير من الأبحاث العراقية أن صانعها والمحرض عليها هو احد قادة الثورة (عبد السلام عارف ) وليست قوى الثورة ، أي ليس المتظاهرين في ساحتي الفردوس والتحرير بكل الاحوال. ليس من مسئولية التيار الديمقراطي العراقي الجديد منظم المظاهرة الاحتفالية المحبة لتغيير المجتمع العراقي وبنائه على أسس إنسانية – ديمقراطية، وهي الأسس المتطابقة تماما مع أفكار وأطروحات ضياء الشكرجي نفسه.
أقول، بداية، أن المجزرة الرحابية كانت لهباً قاتماً اخترق الثورة في ذلك اليوم . لا علاقة له بالناس الذين تظاهروا في شارع السعدون بين ساحتي الفردوس والتحرير وربما يكون أكثرية هؤلاء المتظاهرين من المحتجين أو غير الراضين عن مجزرة قصر الرحاب لكونهم أساسا من محبي المظاهرات السلمية والمنادين بالسلم الاجتماعي ومن الذين يتمسكون بالشكل المثالي للعدالة لمحاكمة الحكام والمسئولين الفاسدين عن كل إساءة لحقوق الإنسان العراقي.
أظن تمام الظن أن ضياء الشكرجي يملك روحا في (الصوفية السياسية) مدخلها الأساسي هو العقل الديمقراطي الذي وجدته مبشرا به لجعل وصول قارئه إليه أمرا سهلا وقد حرر هذا المدخل في اغلب كتاباته وممارساته التحليلية المعتمدة على حداثة الفكر وأساليب التطور الإنساني المتجددة في الحياة المعاصرة . استنادا لثقتي الكبيرة به ، بمخيلته المبدعة ، فأنني غير يائس من أن مظاهرة العام القادم بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين يمكنها أن تدفعه لتغيير موقفه من ثورة( يوم) 14 تموز ومن أهدافها النبيلة، التي لم تتحقق لا في شكل نظام الحكم ولا في العلوم والاقتصاد والفن، إذ سرعان ما واجهت الثورة من يومها الأول تأثيرات حاسمة عليها وعلى مسيرتها خلال حركة القوات الأمريكية والانكليزية في لبنان والأردن التي كانت إشعارا عسكريا استعماريا بمعاداة أهداف الثورة والعمل على إسقاطها المتحقق لاحقا في يوم 8 شباط 1963.
أعود الآن إلى الفكرة الصوفية النبيلة التي وجد السيد ضياء الشكرجي معنى جديدا لها ،باعتبار يوم 14 تموز ليس جديرا بالاحتفال، لأذكره بحقائق التطور الاجتماعي في كثير من بلدان العالم التي حدثت بداخلها ثورات حيث قامت الثورات جميعها وما زالت تقوم على عمليتين متلازمتين هما (القفز) و(الانزلاق) أي لا توجد ثورة بالتاريخ الإنساني كله فيها قفزات خالصة حسب من دون انزلاق . اعني أن الثورة الفرنسية كانت قفزة إنسانية كبرى رسخت لأول مرة مبادئ حقوق الإنسان لكنها لم تخلو من انزلاق مصحوب بدماء الأبرياء. كذا القول عن الثورة الأمريكية التي حررت العبيد وثورة مارتن لوثر وثورة أكتوبر الروسية العظمى، جميعها واجهت مسارا متنوعا في القفز والانزلاق ، بسبب توفر عوامل الحكمة والعقلانية في مواقف ثورية معينة في فترة معينة وبسبب فقدانها الحكمة والعقلانية في مواقف أخرى، في نفس الفترة أو في فترة لاحقة، لم تستطع هذه القيادة الثورية أو تلك من تجاوزها في هذه المرحلة أو تلك من مراحل مسيرتها.
حتى (الثورة العلمية) منذ نيوتن ودارون واينشتاين وغيرهم فيها قفزات ومزالق. حتى الثورات الطبية فيها قفزات ومزالق، حتى ثورة الاتصالات والانترنت والإعلام التي نعيشها في أيامنا ، فيها اتساع هائل ومذهل، لكن فيها (مزالق) غير محسوبة، كما نلاحظ في هذه الساعات بالذات انزلاق إمبراطورية الإعلامي روبرت مردوخ المناقض لحرية الفرد بالتصنت والتجسس عليه. بل حتى هناك من يقول أن استخدام الفيسبوك ، الاكتشاف العقلاني الفريد، لا يخلو من مزالق تجسسية رغم أن ثورة الشعبين المصري والتونسي قامتا بحضور الفيسبوك نفسه بيد الشباب الثائر. ملخص قولي أضعه أمام الصديق ضياء الشكرجي هو أن (مزالق الثورة والتغيير) يجب أن لا تجمد الثوريين والمغيرين في نقطة معينة أو في موقف معين، بل مواصلة العمل لتحويل (الثورة) إلى انجازات كي تقدم للجماهير الشعبية الثقة الكبيرة بالشروط الإنسانية في التغيير و الانتصار المأمولين.
ليسمح لي السيد الشكرجي بالقول أننا يجب أن نستيقظ من (رعب) صبيحة يوم 14 تموز 58 في نطاق قصر الرحاب، الذي خلقته الثورة لبعض قوى وقيادات النظام الملكي القديم . كما ينبغي أن نستيقظ من رعب أكثر بشاعة ساد الشعب العراقي كله وقواه الوطنية كلها في الفترة من 8 شباط 63 حتى نيسان 2003.. كما أرجو أن يسمح لي السيد الشكرجي بالقول حول ثورة استيقاظ التفاؤل البهيج في روحية الشعب العراقي وروحانيته بعد سقوط نظام الدكتاتورية منذ ثماني سنوات أن المنزلقات والانحرافات المصاحبة لها سجلت جرائم يندى لها الجبين هي في الكم والنوع اكبر بآلاف المرات مما حدث صبيحة يوم 14 تموز فهل يمكن للجرائم اليومية المرتكبة في شوارع بغداد كل يوم أن توقفنا عن المشاركة بمظاهرات الاحتجاج، أو العكس، أي بتوسيع المشاركة..؟
نعم أيها السيد الشكرجي لقد وقع في العراق تلهف شعبي للتغيير الثوري يوم 14 تموز كان بجانبه تلهف أخر لمجموعة عسكرية نحو (القفز) إلى السلطة مما اوجد فرصة لظهور لمحة (انزلاق) في ساعة حدوثها بإراقة الدماء في بوابة قصر الرحاب لم يكن غالبية الشعب العراقي والأحزاب الوطنية مهتمين إطلاقا بأن تكون الدماء وسيلة مصممة لسمات الثورة والتغيير في تلك اللحظة.
في ثورة 14 تموز حدثت (قفزة) تغيير كبرى وحدث (انزلاق) أيضا. أوافقه على رأيه. لكن لو نظر الصديق ضياء الشكرجي إلى شعارات المتظاهرين في الأسبوع الماضي لاستكشف أن داخل نفوس المتظاهرين موجود في أعماق نفسه. إنهما معا، المتظاهرون والمثقف ضياء، يبحثان عن نور جديد لهزيمة ظلام الوطن العراقي. يبحثان، معاً، في كل زاوية من زوايا الوطن، عن سبل جديدة تخلو من مزالق الماضي السياسي، بل حتى من مزالق الحاضر المائل، المليء بجرائم قتل المواد الدستورية والقانونية من قبل الكثير من رجال الدولة وأجهزتها.
السياسيون في عام 1958 هم بشر كغيرهم يدركون الصواب مرة والخطأ مرة ، وليس هناك في حركة أي بشر في كل الدنيا تتوفر في شروط حركاتهم أو في طبيعتهم العقلية مسارات بميزة واحدة هي الصائبة دائما. الصراع في حركة الخطأ والصواب هو الذي يميز الوجود الإنساني كله في حلبة الصراع بين الخير والشر. الوعي الإنساني هو الظاهرة الوحيدة التي يحتاجها الإنسان في مسيرته لزيادة الصواب فيها وتقليل مراتب الخطأ وإبعادها عنها.
إن شعبنا العراقي بحاجة دائمة مثل بقية شعوب العالم المتقدم إلى إعادة دراسة تجاربه ، إلى إعادة تشكيل نفسه ، إلى رفع مستوى وعيه ، إلى إخضاع مسيرته الاجتماعية لكل أنواع التطهير والى الاستغراق في التأمل بالمستقبل على ضوء ما نصحنا به أفلاطون من قديم الزمان.
من خلال جميع قراءاتي لما يكتبه ضياء الشكرجي أدركُ ، في كل مرة ، أن هذا الرجل الثوري يدهشني بقدرته على التغير وعلى التأثير والتأثر، مالكا القدرة على النفاذ إلى المستقبل، بنظرة هادئة، متقنة ، متغيرة. لذلك فأن لدي ثقة كبيرة انه سيكون ضمن قواسم التيار الديمقراطي في مظاهرة الذكرى الرابعة والخمسن لثورة 14 تموز عام 2012 ليس فقط أنموذجا في مقدمة المشاركين فيها، بل ناشرا متوافقا مع جوهرها لتغيير المجتمع العراقي بما يملكه هذا الرجل من عواطف إنسانية، ومن مثل ثورية تغييرية، ومن سمات مميزة لعصرنا وثقافتنا ، حيث الروح الثورية تتغير دائما لتصدم كل انزلاق عبر الوسائل الدايلكتيكية المنتجة للعقلانية وللرؤى المتجددة، مع ثقتي واعتقادي أن ضياء الشكرجي سيظل يعمل كبؤرة روحية نشيطة داخل هذه الأساليب لإنقاذ نبض جيل ثورة 14 تموز من لجة اليأس بتسريع نبض الولادة الثورية الجديدة بحرارة جيل الشباب الجديد في العراق الجديد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 20 تموز 2011




#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤتمر التاسع مظلة الديمقراطية فوق اليقين الشيوعي
- عن أفكارٍ في إناء ٍ مثقوبٍ لا تحترم الحقيقة ..
- نداء إلى قناة الشرقية لوقف عرض مسلسل الباشا ..!
- أخلاق الدكتاتور وأخلاق المجرم واحدة..
- أكبر سرقة مالية في التاريخ الأمريكي..
- حوار ديناصوري بين القائمة العراقية ودولة القانون..!
- هناء أدور في بلاد العجائب..!
- البلطجية اشتكوا من ساحة التحرير..!
- عادل عبد المهدي يتسلق أسوار الاحتجاج
- المثقف والتغيير و الديمقراطية الالكترونية
- لا تستغربوا من انتشار الخمور في كربلاء ..!
- احترامي للمحافظ..!
- تحررت بلادنا من مجتمع القرود يا تشارلس دارون..!
- بعد هروب الشقراء غالينا معمر القذافي يأكل الفسيخ..!
- أمراض تتفشى بالمزاد العلني
- يا حسرتاه .. أنظار الدولة تغيب عن الفنان فؤاد سالم
- الفساد المالي يبدأ من فوق كرسي الوزارة..!
- احتفال بمئوية الميلاد خارج مكان المولد..
- قرائن الفن الروائي خارج الزمان والمكان
- عن المادة الخامسة في مسودة قانون الأحزاب الجديد


المزيد.....




- بايدن لـCNN: ترامب لا يعترف بالديمقراطية ولن يتقبل الهزيمة ف ...
- البنتاغون: أمريكا ستبدأ بإرسال المساعدات لغزة عبر الرصيف الع ...
- البيت الأبيض: عملية عسكرية كبرى في رفح ستُقوي موقف -حماس- في ...
- رئيس الوزراء البولندي يعترف بوجود قوات تابعة للناتو في أوكرا ...
- إسرائيل تسحب وفدها من مفاوضات القاهرة لوقف النار مع حماس ومس ...
- بالفيديو.. -سرايا القدس- تستهدف جنودا من الجيش الإسرائيلي مت ...
- مشاركة النائب رشيد حموني في برنامج مع ” الرمضاني” مساء يوم ا ...
- -محض خيال-.. تركيا تنفي تخفيف الحظر التجاري مع إسرائيل
- RT تستطلع وضع المستشفى الكويتي برفح
- رئيس الوزراء: سلوفينيا ستعترف بالدولة الفلسطينية بحلول منتصف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - ضياء الشكرجي.. ثوري بلا أقنعة